أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة محمد وشاح - دفتر تعبير














المزيد.....

دفتر تعبير


فاطمة محمد وشاح

الحوار المتمدن-العدد: 5036 - 2016 / 1 / 6 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


دفتر تعبير ( كما يَلِجُ الجملُ في سمّ الخِياط )
نساء بدينات ثرثارات... وجه فتاة تسألني عن دفتر الإملاء، وأخرى تستأذنني أن تكون عريفة الصفّ... وصوت الجرس...
إنّه صباح ما حيث ترتدي الاستعارات الزيّ الموحّد وتنتظم في الصّفوف كأسنان المشط، تصغي إلى الإذاعة المدرسيّة، وتحيّي العلم...
ما أشبه اليوم بالأمس! نظام وطوابير كحدّ السّيق لا تحيد، لا ترحم إغفاءةً من أحد، ولا تأخيراً عن التّبجيل، ميكروفون مبحوح، ووجوه كسولة...
أبا حامد الغزاليّ، أيّها المسكين، كيف تتهافت الفلسفة على لائحة شارع يحمل اسمك؟
ههنا مدارس كثيرة لا تعرف الفلسفة، وأربابُ مالٍ وَرِبى، ومارّة كثيرون بسيّارات فارهة يريدون لأبنائهم مستقبلاً يَذرِف بلغة أجنبيّة ما لا يعرف من مبادئ الأجانب العلميّة، هنا لا يفيض من أدمغتهم إلّا الزّبد، فتذهب الدّنيا جُفاءً...
هل أحجّ في موسم العودة؟ هل "أُقيمُ الدّينَ في مالطا" ؟ هل مقالي لا يُناسبُ مقاماً بعد الآن؟ هل أرتحل؟
نُراقِبُ انكسارَ الدّهشة في ثقب هاوية، وانسيابًا مملًّا كجدول يتساقط في دخان قهوة أو مذاق سيجارة، لا غيم يتمشّى جنبًا إلى جنب مع عازف جوّال، فتتفتّق مثلًا زهرةً من شقّ في جدار وتتسلّق الرّيح، لا كُتُبَ تلقى في نهر قديم فيسودّ أو روما لتُحرَق، نيرون استقال واقتبس قائلا على لسان طمّليه "من المؤسف أن تمنح هذا الصّباح الجميل لربّ العمل" ، مرّ على الأنقاض في الطّريق وصنعَ خيمةً...
هنا الحدود حقيقة لا مجاز، ليست فكرةً خياليّةً في عقل طائر غضّ، هي جدر كجدران الحصار، ليست سورًا ليحمينا ولسنا أبناء عكّا.
هنا كلّ المقابر تصير حدائق لا لأنّ دم الشهيد يُزهرُ فلًّا، بل لأنّ الجميع صاروا سماداً، وما أكثر الموتى!
أبا حامد كُنتُ أغمِزُ لك كلّما مررت باسمك في طريقي إلى العمل، وأبتسم ساخرةً ولا أتعجّل، فلطالما كُنتُ في آخر الرّكب، وكُنتُ أعرفُ أنّني في كلّ يوم أخسر فكرةً على حساب الواقع، فما زالوا يحرقون كتبَ الفلسفة، وواقعنا كمستنقعٍ لا يُزهر فيه النّرجس، ولا تلتَمِعُ في قلبِهِ المرايا، كُنتُ أنتظرُ بجانب إشارة ضوئيّة في منطقة الشّميساني وصديقتي ذات الأقلام الحُمر تُسرّي عنّي، إنّنا الآن نُصحّح الأخطاء للأطفال، نحملُ كراريسَهم على ظهورنا ونعود بالعمل إلى البيت..
في دفتر التّعبير السّؤال المعهود الذي لا يشيخ، ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟
هم يريدون أن يصبحوا أطبّاء، أو مهندسين!! هكذا يريد الأهل، ولهذا يدفعون الأموال للمدرسة، ولي، لا كي أعلّم أطفالاً أنّ الدّنيا لغة، والأفكار فلسفة، والبشر شخوص في رواية لها بطل محوريّ هو (أنت)...
لأطفال اليوم وجه مُتجهّم بليد وأحلام متشابهة، لا يفكّرون بالسّرو ولا بالجبل، يعتادون طعم الجُدُر ويُمجّدون الحديد، لا تعلّمهم الرّيحُ الغناءَ ولا يعلّمهم النّخيلُ الصّمود، لا تثوّرهم زهرةٌ أو تحفّزهم سكاكر...
يال الدّمى الصّغيرة حين تمتصّ السّخافات وترضع تُرّهات، لا يعرفون رقص الزّنازن، ولا مناغاة السّماء.
في المكان الخطأ نُفتّش عن مصيرٍ ما كربّات بيوت بائسات ينتظرنَ سقوطَ القمر في فنجان قهوة، نُمارسُ نومًا كالسّفر، ونفسّرُ ارتباكاً واقعيّاً بأرجحة!
هل رأسي بلاد العجائب؟ أم هل الطّريق إلى العالم بحيرة؟ أما من فكرة تتزلّج من أعلى رأسي إلى طرف لساني، أقذفها ببرود على أنبياء أدعياء أو شياطين أغبياء؟ّ!
في العمل، حيث النّساء الثّرثارات يرتدين الكعب العالي، جميعهن يذكّرنني بأمّ العبد - شخصيّة المرأة النّمطيّة في مقالات طمّليه - هي أيضا أفروديت؛ تللك الآلهة اليونانيّة بنُسختها التي لا تحملُ رأساً...
لماذا اختاروا للجمال إلهةً لا إلهاً، وجعلوها جسدًا بلا رأس؟!!
هنّ لسن إلّا جسدا يُثرثر، أضعن العقل بينما كنّ يدرّسن منهاجاً كسولا عن التّفكير، وبينما كنّ يطبّقن نظامًا بقوانين فضفاضة متناقضة، والفارق بين ساعةٍ وأخرى ليس سوى صوت الجرس، الفارق بين طالب وآخر ليس سوى زيّ موحّد! سيرتهنّ المهنيّة ليست إلّا اجترارًا للنّظام التّعليميّ نفسه منذ نصف قرن وأكثر!!!
هناك أطفالٌ كهولٌ في الطّابور الصّباحيّ يحملون على ظهورهم سنيّ الهزيمة في كتاب تاريخ، وحسابات لا تثمر في كتاب الرّياضيّات، وتشريحاً لأموات في كتاب الأحياء، لغة خالدة في نصوص ميّتة في كتاب الّلغة العربيّة، وعلى ما في الكتب أن يدخلَ عقول الطّلبة كما يلج الجمل في سمّ الخياط، وعليّ أنا أن أدعوهم ليل نهارا... وسوف أدعو ثُبورا!



#فاطمة_محمد_وشاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراوغةٌ للعبور
- حيرة صوفيّ


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة محمد وشاح - دفتر تعبير