أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - دبي الجميلة.... سلامتك!














المزيد.....

دبي الجميلة.... سلامتك!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5034 - 2016 / 1 / 4 - 07:52
المحور: المجتمع المدني
    



في الكوارث والنوازل لابد من المواساة والتعاطف وتقديم العزاءات، وربما إرسال المساعدات المادية والعينية للمنكوبين. لا محل لمفردة "الإشادة" في معجم "النوازل"، ولا معنى للإعجاب والتقدير في مصيبة أو فاجعة! الإشادة والنائبة ضدان لا يجتمعان، والإعجاب والفاجعة نقيضان Don’t mix، على قول خالد الذكر "محمد مرسي" الإخواني الشهير. فالكلمات والمفردات أُسرٌ وعائلات في معاجم مختلفة. معجم الحرب لا يتقاطع مع معجم الموسيقى، اللهم إلا في قصيدة مجنونة، ومعجم الإرهاب والبغض لا يجتمع مع معجم السلام والحب، كذلك لا يجتمع معجم الفخر والإعجاب والإشادة والفرح مع معجم الكوارث الذي يحفل بالضحايا والخسائر والدموع والدماء والجثامين والشهداء.
ولكن، وفقط، مع الدول المتحضرة التي تحترم الإنسان، وتقدّس حقّه في الحياة، وتحسب بدقة حسابات سلامته وأمنه، الدول التي "تخطط" ولا تسير بالقصور الذاتي، الدول التي جعلت من النظام والقانون عقيدةً ومبادئ لا تعرف التهاون ولا الفوضى، الدول التي شطبت من معجمها كلمات من قبيل: "معلش- عديها- يا عم مشيها ع البركة، قانون ايه يا عمي قول يا باسط ومتحبكهاش قوي كده! وغيرها من العبارات التي باتت تملأ نهار وليل من يستخفون بالإنسان ويستهينون بالحياة وبالنظام وبالقانون، في مثل تلك الدول، يختلف الحال تمام الاختلاف. فيجوز أن تتراسل المعاجم، ويجوز أن يجتمع نقيضان، لا يجتمعان إلا في قصيدة رعناء من مدرسة العبث.
بل هنا تكون القصيدةُ الحقيقية وينتظم الشِّعرُ المفطور على الجمال، فيجوز أن نُشيد بمدينة حدثت فيها فاجعة مروّعة. متى؟ حين تمرُّ الفاجعةُ دون خسائر بشرية على الإطلاق، رغم هول الحادثة واندلاع النيران في ناطحة سحاب شاهقة. وكيف حدث هذا؟ يكفي أن نقول اسم المدينة، لتُجيب عن هذه ال"كيف". إنها مدينة "دبي" الآسرة المنظمة المحترمة.
الفكرة ببساطة أن المهندس المعماري والمهندس المدني ومهندس الكهرباء وغيرهم من المهندسين الذين اضطلعوا بتصميم تلك البناية، حين جلسوا إلى طاولات التصميم، كانوا "يفكّرون" في الإنسان الذي سوف يرتاد تلك البناية. فكّروا في أمنه وسلامته ورخائه ورغده؛ فوضعوا معاملات السلامة ومعادلات تأمين الإنسان وحسابات استباق الأحداث نصب عيونهم وهم يصممون بنايتهم. وأن أجهزة الدولة وضعت قوانين صارمة تُجبر غرف العمليات في كافة الدوائر على سرعة التحرك الفوري حال حدوث مشكلة، صغيرة كانت أم كبيرة، لإنقاد هذا الكنز الثمين الذي يُسمى: "الإنسان".
الإنسان هو الكنز الأهم الذي تستثمر فيه تلك الدولُ التي تقدّمت وتطورت وانتهجت الحداثة والحضارة.
لهذا وجد الحريقُ الهائل، الذي اندلع ليلة رأس السنة في فندق "العنوان داون تاون" بمدينة دبي، وجد أمامه وحشين هائلين منعاه من أكل أجساد البشر. الوحش الأول هو جودة تصميم البناية على الأسس المعمارية السليمة ومعايير التأمين المحترمة المعروفة في الدول المتقدمة، والوحش الثاني كان الدولة بأجهزتها التي تحركت فورًا ودون إبطاء، فهزمت ألسنةَ اللهب القاسية التي لا تهدأ إلا بدموع الثكالى وصرخات الأطفال.
أدّت لجنةُ الأزمات والكوارث في مدينة دبي دورها المحترم في تنسيق الجهود بين الأجهزة الأمنية المختلفة من أجل احتواء تلك النازلة حتى تضمن تحجيم الأضرار الناجمة عنها في أضيق نطاق ممكن، وضمان أمن وسلامة الجمهور و "الإنسان" الذي يأتي دائمًا في مقدمة أولويات اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة. جاء التعاون المدهش بين كافة الجهات الممثلة في لجنة الأزمات والكوارث، والأداء المشرّف لرجال الدفاع المدني في التعامل مع الحريق مثل سيمفونية موسيقية منضبطة باهرة أسهمت في سرعة السيطرة على الحريق المروّع، حيث تم الدفع بأربعة فرق كاملة من سيارات الإطفاء عملت على منع انتشار الحريق وإخماد ألسنة اللهب التي امتدت بطول واجهة الفندق، وأكمل تلك السيمفونية الأمنية المحترمة التحركُ السريع لفرق الإسعاف التي هرعت إلى محيط الحريق بسيارات الإسعاف كاملة التجهيز التي قامت بتوفير الإسعافات الأولية للإصابات البسيطة جراء حالات التدافع في المكان الذي احتشد فيه الآلاف لمتابعة احتفالات مدينة دبي بالعام الجديد في دبي.
البنيةُ التحتية المعمارية المحترمة في فندق "العنوان" المحترق في دبي، والتحرك الجاد والسريع من إدارة الأزمات والكوارث في تلك الدولة المتحضرة، أسفرا عن "صفر" في الخسائر البشرية، وأسفرا عن مرور ليلة رأس السنة دون دموع ولا فقد ولا ثكل، ودون تعطيل لبهجات الاحتفالات المعروفة في دبي كل عام، كما أسفرا أيضًا عن مقارنة مُُرّة جرت في نفوسنا بين حال من شاءوا التحضر والمدنية والبناء، وبين مجتمعات تفني أعمارها في الهدم ومكافحة الحداثة وقتل المدنية ومطاردة المفكرين والأدباء.
إنها السيمفونية الدقيقة الجميلة التي نهجتها الإمارات العربية السبع منذ توحّدها ومولدها قبل اثنين وأربعين عامًا على يد الشيخ زايد رحمه الله، لا تني تثير دهشتنا وفخرنا بتلك الدولة العربية التي احترمت قيمة الإنسان، مهما كان جنسه أو هُويته أو عقيدته أو مرتبته الاجتماعية أو نوعه أو لونه؛ فاحترمها العالمُ وأحبّها الإنسانُ في كل بقاع الأرض. دبي الجميلة، سلامتك، وكل عام وأنت جميلة بهية تثيرين دهشتنا وفخرنا بك مدينةً عربية آسرة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسوأ صورة في 2015
- قُبلةُ حبيبي
- الموءودة
- كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
- مثل الزهور سرعان ما يذبل
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
- أسعد امرأة في العالم
- ضد مجهول ضد الإنسانية
- المرأة وخلط الدين بالسياسة
- حكاية الرجل الشرير
- في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة
- إنهم يكرهون المادة 53
- الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
- مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - دبي الجميلة.... سلامتك!