أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - من أجل مشروع حضاري لمستقبل آمن














المزيد.....

من أجل مشروع حضاري لمستقبل آمن


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5034 - 2016 / 1 / 4 - 00:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إن الانتصار على الرأسمالية، من خلال مشروع حضاري لمستقبل آمن، إنما يبدأ من فهم قانون حركة الرأسمال وتكونه الاجتماعي عبر حركة تاريخ الإنسانية بأسرها، وليس تاريخ أحد أجزائها، رفضاً لوثنية الفكر؛ بقصد تجاوز الرأسمال، كظاهرة تاريخية، إلى عالم رحيم. رحيب. عالم لا يقود فيه المخبولون العميان... عالم يطلق النداء الَّذي يستنهض الإنسانية من سباتها السحيق... النداء الَّذي يرفض إبادة الإنسان بزعم بقاء الإنسان... النداء الذى يمنع الإنسانية من الانتحار والدفن فى مقبرة جماعية حفرتها طليعة الانحطاط.
إنه النداء الذى يستمد قوته من علوم بابل وأشور وأساطير سومر وأكد... إنه النداء الذي يصدر عن إيمان المصريين القدماء وحكمة فارس... إنه النداء الَّذي ينبع من عالمية الفن الأفريقي الذي يعبر بدقة حين يكون نحتاً عن قوة سامية تكسبنا النشوة، وحين يكون رقصاً، كرقص شيفا على سفوح الهيمالايا، عن طقس شعائري يمسك بمعنى الحياة ويوجد لها المعنى... إنه النداء الذى يطلق صرخته مدوية، دوي مدرسة تشان البوذية التي توحي للإنسانية بحتمية التأمل والتحرر من كل رغبة وكل مفهوم كي تتمكن من تجاوز اختلاط المجتمع التقليدي والاندماج في الطبيعة كي تكتشف أن الكل واحد... حينما يسود صمت ضوء القمر... إنه النداء الَّذي يبدأ الحكمة ابتداءً من حكمة الصين الجدلية بين اليانج والين المنطوي على تصور معقد وبسيط للمد والجزر، للفعل ورد الفعل، داخل جملة وحيدة فريدة من الظواهر، إنها الحكمة الناهضة على رجحان الموجة على الجزيء... إنه النداء الذى يعلو شاهقاً، علو رب الثلوج فى هند الفيدا والأوبانيشادا:" إننا نتضرع إليك يا براهما كما ترفع الشمس إليك صلاتها كل صباح". ألا تلهب تلك الكلمات مشاعر الإنسان نحو الإيمان... نحو الخلاص. إنها أناشيد الفيدا. تلك الأنشودة الدينية المكتملة التى مجدت اتحاد الله مع الكل ما يقرب من ألف عام قبل أي روحانية أخرى:" تعددت أسماؤه الحسنى، ولكنه واحد أحد". كتب طاغور:"إن أسمى هدف وذروة اكتمال الإنسانية، هو تلك الحالة التى نحققها بتقربنا مع الكل، حينما نمتزج بكل شىء عبر الوحدة مع الله". وفى القرن الرابع قبل الميلاد كتب تشوانج تسو معرباً عن رسالة الطاوية:" كل الأحياء وأنا فى الأصل واحد... كل الكائنات واحد فى الكل الهائل. واحد مع الكل".
إنه النداء الذي يستمد ملحميته من تلك الملاحم الخالدة من منطق العطار، ومقدمة ابن خلدون، وإمتاع التوحيدي، ورسائل إخوان الصفا، وفتوحات ابن عربي، وملوك الفردوسي، وهياكل السهروردي، وقصبة الرومي، وياسمين الشيرازى الذي كتب:" إن الخير الأسمى الذى تشرئب نحوه كائنات هذا العالم يظهر للجميع في إمارات المحب والمحبوب، ففى حب المحب والمحبوب القوة نفسها التى تجذب الإنسان إلى الحقيقة الإلهية، الحقيقة العليا. إن حب الجمال يتيح تأمل الوجود السرمدى".
إنه النداء الذى يستمد جلاله من جلال أحرف الكتاب. ويستمد أخلاقه من تعاليم روح الله وكلمته. يسوع المسيح. ذلك النبي الذي من ناصرة الجليل.
إنه النداء المتواصل مع رسل الله كي يقولوا بالفناء فى الواحد... إنه النداء الذي ينفتح لتقبل كل شىء.
لقد صار قلبى قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب دينى وإيمانى
لقد حان الوقت أن ندرك وأن نعيش رؤية توحيدية للتاريخ الذى كان إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد فيه لحظات تنبيه واستيقاظ. بين المسيحية الأصلية، المسيحية التي كانت قبل إضفاء الهيلينستية عليها ورومنتها فى مجمع نيقيا، وبين عصرنا لم يكن سوى القمع ضد الهرطقات ومنافسات الأكليروس، والحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، والتفسير من داخل النص؛ إحكاماً لقبضة لاهوت السيطرة. وكان هناك أيضاً القرآن والثقافة الإسلامية العظيمة التى أنارت الدنيا طيلة عصور أوروبا المظلمة، ولم تزل تنيره بنور نبوى أدركه يواكيم دي فلورى، والقديس فرنسوا الأسوزى، والمعلم إيكارت، والقديس يوحنا الصليبى، ويوحنا السلمى، والراهب بيير. هكذا كتب أسقف كوز:" إن ما ستجدونه ليس إيماناً آخر بل إيماناً واحداً وحيداً مفترضاً فى كل مكان... فليس ثمة سوى دين واحد وعبادة واحدة. إنهما مفترضان فى تنوع الطقوس... لقد أرسلت يا رب أنبياء لكل الشعوب؛ ذلك أنه ما من مخلوق يستطيع أن يفهم معنى لنهائيتك...". وهكذا كتب الشاعر ألكسندر بوب:
ولو أن الأرض فقدت توازنها وطاشت بعيداً عن مدارها
ولو أن الملائكة الحاكمة قذفت بها بعيداً عن أفلاكها
ولو أن كل وجود إنهار وتحطم على كل وجود
وكل عالم إنهار وتحطم على كل عالم
فسوف نرى أركان السماء توميء إلى مركزها
والطبيعة ترتجف أمام عرش الله
إنه النداء الذى يعيد التواصل مع بغداد والكوفة وقرطبة. الإسكندرية وطيبة وعيلام. بخارى وسمرقند وخراسان... إنه النداء الذي يتواصل مع جابر، وابن رشد، وابن سينا، وابن طفيل، والخوارزمى، والمسعودى، ومالك، والرازى، وابن مسكويه، والطبرى، وابن الفارض، وابن حزم... إنه النداء الذى يستمد إنسانيته من عبقرية ريكاردو ومالتس، ومنهجية ماركس، وموسوعية آدم سميث... إنه النداء الذي يقول بخلق الفكرة... إنه النداء الطامح لمعرفة سر وجوده من خلال عجزه أمام معنى محدودية الألوان والألحان والأفكار ومفردات اللغة... إنه النداء الذى يعلمنا معنى كوننا نصنع الحياة من حولنا ولا نملكها، ومن ثم يجنبنا اللهث خلف السراب... إنه النداء الذي يذكرنا دوماً بأننا ننتفع بقدرة لا نملكها. ولذا فإنه يرفض وثنية الفكر نقشاً مقدساً على قبر الإنسان... إنه النداء الذى ينبهنا بأننا نحاصر بأشياء هي نتاج عملنا، لكنها تخرج عن حدود سيطرتنا؛ من أجل ذلك فهو النداء الذي يراجع لنا موقفنا من قضية وجودنا. فلنطمح إلى أكثر من الوجود. فلنطمح إلى أكثر من الوجود.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهجية التخطيط والاستثمار
- تجديد الإنتاج البسيط عند كينيه وماركس
- القيمة في اللغة
- العمل المنتج
- النشاط الاقتصادي في مصر القديمة
- التجارة الألكترونية
- الفكر الاقتصادي لكارل ماركس
- من العلم (أي: الاقتصاد السياسي) إلى الفن التجريبي (أي: الاقت ...
- منهجية مقترحة
- القيمة النسبية
- الهروب من الوطن (4)
- الهروب من الوطن (3)
- الهروب من الوطن (2)
- الهروب من الوطن (1)
- التوزيع عند الكلاسيك وماركس
- النظرية العامة للتوزيع في الاقتصاد السياسي
- الخلاصة في المسألة السودانية
- الموجز في تاريخ الاقتصاد القياسي
- نقد الاقتصاد السياسي: مقدمة الطبعة الخامسة
- ما القيمة؟


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - من أجل مشروع حضاري لمستقبل آمن