أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - توالى انتصارات جيش محمد (4)















المزيد.....

توالى انتصارات جيش محمد (4)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 14:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


توالى انتصارات جيش محمد (4)
طلعت رضوان
لم تتوقف هجمات جيش محمد على قوافل تــُـجار مكة ، فانهزم القرشيون . كما أنّ اليهود أصبحتْ حياتهم مُـهـدّدة بعد توالى ضرب قبائلهم ، قبيلة بعد الأخرى : بنى قينقاع وبنى النضير. فأدركتْ القبائل الأخرى أنّ الدور لابد أنْ يأتى عليها ، بعد أنْ عاشوا وسط الوضع الفعلى مئات السنين آمنين فى بيوتهم ، مُــنعزلين خلف حصونهم ، وإنْ هوجموا يومًـا ، فقد ظلوا بين التراجع والتقدم أحياءً يُـحافظون على أجيالهم جيلا وراء جيل ، أما أنْ يُـطرح أمر استئصال شأفتهم تمامًـا وبشكل عملى ، فهذا لم يكونوا يتوقعونه ، حتى باغتهم محمد وهو يُـحاصرهم ويـُـجوّعهم ويقطع نخيلهم ويحرق زراعاتهم ويستولى على بيوتهم وأرضهم وأرزاقهم (د. عبد الهادى عبد الرحمن – جذور القوة الإسلامية – ص 143)
ترتب على ذلك أنْ انتهى فصل (وجادلهم بالتى هى أحسن) وبدأ فصل (صهيل الخيل وصليل السيوف) وذلك لم يكن غريبـًـا على القبائل العربية ، بحكم حالة الجدب والطبيعة القاسية حولهم . كما أنّ (الجدل) قد يـُـغيـّـر أفكار شخص أو مجموعة قليلة من الأفراد ، لكن تغيير مجاميع بشرية كبيرة من السكان ، وخاصة فى أمر عقائدها التى عاشت بها آلاف السنين ، وهى تــُـقاوم الخوف والمجهول حولها ، فإنه يحتاج نوعـًـا آخر من الأسلحة الأكثر فعالية ولاسيما أنّ ذلك العصر لم يكن عصر إعلام واسع ووسائل الاتصال كانت بدائية. وبالجدل والحوار والحجة كان يمكن أنْ يقتنع من لهم مصلحة ، ولكنهم لن يزيدوا عن (نواة) يمكن أنْ ينخرها السوس ، ويمكن أنْ تنبت شجرة.. وقد تعلــّـم محمد ذلك طوال عشر سنوات أو أكثر، وهو يدعو لدعوته فى مكة وما حولها ، و(نواته) كما هى لم تنبت ، ولو لم يتح له التاريخ والظروف الموضوعية من حوله ، وتصميمه على اعتلاء هذا التاريخ بامتلاك تلك (النواة) لوسائل قوتها ، لما سمع أحد عن (الإسلام) إلاّ كإحدى حوادث التاريخ ذات الأهمية الثانوية.. وهذا ما فهمه (المسلمون) فيما بعد وهم يتخطون حدود جزيرة العرب شمالا وشرقــًـا وغربًا ، وهم يُسيطرون على مجاميع سكانية وبشرية ضخمة ، ويحكمون شعوبًا.. ولم تكن طريقة العرب هذه جديدة عن ماضيهم الذى بدأ بإخضاع العرب أنفسهم على يد محمد ، ذلك الخضوع الذى كان أصعب من مواجهة أكبر امبراطوريتيْن فى ذاك الوقت (الرومانية والفارسية) فكان إخضاع كل قبيلة عربية كأنه يخضع (دولة) لأنّ لكل قبيلة عرفها السائد منذ مئات السنين ، وتلك القبائل لم تتعوّد الخضوع ل (شيخ) قبيلة من خارج قبيلتها أو أى غريب عنها حتى ولو كان من العرب مثلهم . بينما كانت البلاد الخاضعة لسلطة الروم أو الفرس ، قد تعوّدتْ على الاستسلام لعدة قرون ، لذلك فإنّ الغزو العربى لتلك البلاد المحتلة من الروم أو الفرس ، لم يكن جديدًا عليها ، وتعاملتْ معه من منظور (محتل جديد يجلس مكان المحتل القديم)
كانت معركة محمد الأولى هى (تصفية) أى تمرد يأتيه من القبائل العربية ، وأدرك أنه لن يتمكن من تحقيق الغزوات العربية (خارج الجزيرة العربية) قبل السيطرة على العرب وإخضاعهم لسلطته. وهذا ما أدركه عندما تجمّـعتْ قريش وبنو كنانة وتهامة وكذلك غطفان ومن تبعهم من أهالى نجد ، كذلك خرج اليهود بأعدادهم القليلة من بنى وائل وبنى النضير. خرجت كل تلك القبائل لمواجهة محمد الذى ضرب (الخندق) على المدينة بناءً على رأى (سلمان الفارسى) الذى نصح بحفره فى الجهة الشمالية من المدينة لأنها مكشوفة وذلك فى المنطقة المُـمتدة من (الحرة الشرقية) إلى (الحرة الغربية) أما (جبل سلع) فقد اعتمد محمد عليه لحماية (المسلمين) من الخلف وخصـّـص لكل عشرة من أتباعه حفر أربعين ذراعـًـا وخطه لهم حتى لا يعدلوا عنه... إلخ أما لماذا لم يخرج محمد من المدينة للقاء ذلك الحشد الكبير، والذى قيل أنه تجاوز العشرة آلاف رجل وقيل أربعة وعشرين ألفــًـا ، بينما أقصى تعبئة فى جيش محمد لم تتجاوز ثلاثة آلاف رجل ، فماذا يفعل محمد أمام عشرة آلاف أو أكثر؟ والحرب هذه المرة لم تكن حربـًـا انتقامية بقدر ما كانت (حرب تصفية) اجتمعتْ لها القبائل بآخر ما تملك ، فإما أنْ تكون أو لا تكون ، كما فهمها محمد بنفسه بعد انتهاء الحصار حيث قال لأتباعه : لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم (ابن سعد فى الطبقات الكبرى – ص 204، وسيرة ابن كثير- ج2- ص 221)
تعلــّـم محمد الدرس من هزيمة (أحد) وتأكــّـد أنّ المدينة فيها الحماية بجانب امداده هو وأتباعه بالمواد الغذائية ، كما أدرك أنه باحتمائه خلف الجبال والحصون سيضمن الأمان ، وأنّ حربه لن تكون رجلا لرجل وسيفـًا لسيف وإنما ستــُـشاركه فى الحرب البيوت والأشجار والمياه والأحجار والأنعام والموارد ، وحتى الأطفال والنساء عند الضرورة، وسوف يُـشاركه المُــنافق والمُــتردّد و(الوثنى) لأنّ حرمة بلده وبيته وداره وأهله تــُـنتهك بواسطة جيش غريب عنه ، وهو ما يمكن تسميته بلغة العصر الحديث (إثارة النخوة الوطنية) كما أنّ أهالى يثرب يعرفون مدينتهم شبرًا شبرًا وشجرة شجرة ، وكل هذه العوامل تفوق أكثر من عشرة آلاف رجل ينامون فى العراء ويُـهاجمهم برد قارس ، بعيدين عن بيوتهم ومياههم وأهلهم ومواردهم ومصالحهم المـُـباشرة . وفى العراء لابد وأنْ ينفد مخزونهم التموينى يومًـا وراء يوم ، وهو جيش ضخم جدًا بمقاييس ذاك الزمن ، ناهيك عن الأنعام والخيل ومتطلبات احتياجاتها من الماء والطعام ، كما أنّ ذلك التجمع كان خليطــًـا من القبائل التى تتفاوت مصالحها وتنافضاتها مع (الهيئة المحمدية) فأهداف جيش قريش لم تكن هى أهداف غطفان أو كنانة أو تهامة أو اليهود ، ولكل غايته من هذا الحصار، ولكن المصلحة الأساسية للجميع هى التخلص من محمد وأتباعه لتهدأ الحالة فى جزيرة العرب وتستقر الأمور على ما كانت عليه (د. هبد الهادى عبد الرحمن فى كتابه جذور القوة الإسلامية – من ص 144- 147)
مرّتْ الأيام صعبة على الفريقيْن (جيش محمد وجيش قريش) أى على الذين فرضوا الحصار، وعلى الذين وقعوا فى (مصيدة الحصار) فالطبيعة الصحراوية قاسية والبيوت بعيدة وقوافل الإمداد تحتاج مسيرة طويلة.. وكان عبور الخندق صعبـًـا لدرجة أنّ الفرسان الذين حاولوا اقتحامه عند نقطة ضعيفة فيه قالوا : والله إنّ هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها .
يئستْ قريش وحلفاؤها من اقتحام الخندق بعد أنْ رفض بنو قريظة أنْ يفتحوا لهم حصونهم أو أنْ يتحالفوا معهم فماتت إبلهم وخيولهم من الجوع والبرد... فقال أبوسفيان : ارتحلوا فإنى مـُـرتحل.. وبهذا الإعلان (الإنسحاب) تحقق النصر لجيش محمد ، وهو انتصار شاركتْ فيه الطبيعة مع خطة (حفر الخندق) لمحاصرة جيش قريش... وعندما تأكــّـد محمد من رحيل جيش قريش ، نزل بجيشه ولكن دون أنْ يضع السلاح ، بل مضى من فوره إلى بنى قريظة ، حتى عندما حانت صلاة العصر قال لأتباعه : الصلاة فى بنى قريظة. فما سبب هذا التعجيل ؟ تحكى كتب السيرة رواية تقول أنّ سبب ذلك يرجع إلى أنّ (جبريل) نزل على محمد على هيئة (دحية الكلبى) وقال له : لا ترتح . عجـّـل ببنى قريظة (سيرة ابن كثير- ج 3- ص 223) ودحية الكلبى كان تاجرًا له أصدقاء فى بلاد الشام ويعرف اللغة البيزنطية وخطب محمد أخته لكنها هلكتْ فى (الجاهلية) وحكاية (جبريل) ونزوله على محمد ، عقــّـب عليها د. عبد الهادى قائلا ((لكننا نعتقد أنّ محمدًا أحسّ بقوة – ربما لأول مرة – بخطورة وجودهم على أرض يثرب ، مما كان يحمل ثغرة واسعة لخططه ، ربما كانت تستطيع أنْ تــُـدمره تمامًـا لو استجاب بنو قريظة ل (الوثنيين) من قريش والعرب . ورغم أنّ بنى قريظة لم ينقضوا حلفهم ولم يساعدوا (الأحزاب) توقعًـا ليوم كهذا (وليس حبًـا فى محمد أو دعوته) إلاّ أنهم دخلوا فى مفاوضات مع قريش وأتباعها ، فإنْ فازتْ قريش كان لها ، وإنْ فاز محمد ، فهى لم تخنه ولم تفتح حصونها ل (عدوه) مما يعطيها مبررًا فى البقاء آمنة فى يثرب.. لكن محمدًا لم يكن ينتظر ليتكرّر الأمر، ولم يكن ينتظر أيضًـا أنْ تتغيّـر موازين القوى والحسابات التى قد يُـخطئها ، فتأتى الريح بما لا تشتهى السفن ، ولا زال جيش مكة لم يصلها بعد ، وقد علــّـمته (هزيمة أحد) أهمية الخدعة بعد أنْ سقط فيها ، فربما يعودون لينقضوا عليه.. فليفرغ إذن منهم على وجه السرعة.. ولتكن المدينة كاملة تحت يده وقبضته من الآن.. دون خطورة أو خوف من خيانة قد تحدث.. لقد حاصرهم النبى وأمر أصحابه أنْ (يستروه) بالتروس الجلدية وقال لبنى قريظة ((يا إخوة القردة والخنازير)) فردوا عليه ((يا أبا القاسم.. لم تكن فحـّـاشـًـا)) (سيرة ابن كثير- ج3- ص 223)
وكان من رأى د. عبد الهادى ((لكنه (أى محمد) لم يكن الآن لا يعتبر بتلك الشكليات الأخلاقية ، بقدر ما تحكمه قوانين الحرب والسياسة ، فليكونوا قردة وخنازير ، أو لا يكونوا على الإطلاق ، فقد قضى عليهم بعد بضع عشرة ليلة من الحصار، فلم يبق منهم رجل وبقيتْ نساؤهم سبايا وأطفالهم عبيدًا ، وخمّـس النساء والأطفال والأرزاق ، ثم وزّع الباقى على (المُــقاتلين) فكان للفارس ثلاثة أسهم : سهمان للحصان وسهم لراكبه. وكان للراجل سهم واحد . وكانت خيل (المسلمين) يومئذ قد وصلتْ ستــًـا وثلاثين ، وهنا اتضحتْ أهمية الخيل فى المعركة ، ولأول مرة ينال الفرس سهميْن من الغنيمة. كما أنّ النبى باع من السبايا إلى نجد واشترى بالثمن خيولا وسلاحـًـا واختار لنفسه (ريحانة بنت عمرو بن خنافة) ولكنها لم تدخل الإسلام ، فظلــّـتْ على العبودية وعاشتْ مع محمد على أنها (جارية) إلى أنْ مات ، وقيل إنها أسلمتْ بعد ذلك لكنها ظلــّـتْ على العبودية.
وذكر البعض أنّ عدد بنى قريظة كانوا أربعمائة وقال آخرون تسعمائة ، فأخذ محمد رجالهم إلى سوق بالمدينة وحفر بها خنادق ووضعهم على حافتها ودقّ أعناقهم ، وكان فيهم زعيم بنى النضير (حيى بن أخطب) وكان قد دخل حصونهم أثناء الحصار، فقال لمحمد ((أما والله ما لمتُ نفسى فى عداوتك.. ولكن من يخزه الله يخذله)) ثم قال للناس ((أيها الناس.. إنه لا بأس بأمر الله.. كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بنى إسرائيل)) ثم جلس فضـُـربتْ عنقه (سيرة ابن كثير- ج 3 – ص 223) وكان تعقيب د. عبد الهادى ((وهكذا جاء حصار (الأحزاب) بعكس النتائج التى كان يحلم بها أعداء محمد ، جاء بسيطرة تامة على مُـقدرات يثرب ، ونموًا هائلا فى (القوة الإسلامية) ولم يملك المترددون والمنافقون إلا أنْ يتبعوا جيش محمد وهم يرون نجاحه ، فوزًا بعد آخر، ويرون ذلك الرعب الذى كان يشع من عيون اليهود وهم يُـهشمون تهشيمًـا ، بل إنّ ذلك الرعب قد انتشر فى كل أنحاء الحجاز، فاهتزتْ له القبائل وذعرتْ منه النفوس)) (ص154) وأضاف ((كان محمد يُـحارب معركة انتصار، ولذلك كان عليه أنْ لا يتردّد لحظة واحدة ، وأحلامه قد تطاولتْ إلى عرش كسرى وقيصر، ولابد أنْ يخضع القبائل التى لم تتعوّد على الخضوع ، وهو يُـوجـّـه أنظارها بعيدًا عن مواطىء قدمها.. ولم يتوقف محمد عند هذا الحد ، بل عرف أسلوب الاغتيالات الفردية أيضًـا ، فقد أمر بقتل كعب بن الأشرف لأنه هجا (المسلمين) ونساءهم فى شعره ، وكان ذلك قبل (أحد) أما بعد وقعة الخندق ، فقد أرسل (محمد) ناسًا من الأنصار فقتلوا أبا رافع سلام بن أبى الحقيق اليهودى وهو نائم ليلا بقصره فى خيبر. وكان تاجرًا مشهورًا وذكر البعض أنّ له دورًا فى (تحزيب الأحزاب) ضد محمد (صحيح البخارى- ج2- ص214، 215) ثم حاول (محمد) قبل ذلك اغتيال أبى سفيان بن حرب فى مكة لكن المحاولة لم تنجح . وعندما سمع النبى أنّ (خالد بن سفيان بن بذيح الهذلى) يجمع الناس ليهاجم يثرب ، وأد محمد تلك المحاولة فى مهدها ، حيث أرسل رجلا قيل إنه جعفر بن الزبير فقتله. كما استفاد محمد – أيضًـا – من أسلوب (المُـصاهرة) فى صراعه مع قريش ، وقد فعل ذلك بزواجه من (أم حبيبة بنت أبى سفيان) بعد أنْ مات زوجها (عبد الله بن جحش) الذى سبق له أنْ دخل فى دين المسيحية وهو بالحبشة.
كما عرف محمد أسلوب المُـفاوضة والخدعة مثلما حدث فى حصار الخندق والتحالفات والمعارك السابقة واللاحقة. وكان يبحث عن حلف قبلى يُـهيىء له مواجهة أحلاف قريش ، فإنْ لم يجد حلفـًـا كهذا فإنه على الأقل يستطيع تحييد قبائل العرب فى صراعه مع مكة لينقض عليها فيما بعد عندما يكون قادرًا على ذلك ، وأعطته تصفية اليهود داخل المدينة قوة متنامية هيّـأت له الفرصة لأنْ يبحث عن هذا الحلف ، وقد نفــّـذه فعلا بالحلف مع خزاعة رغم أغلبيتها (الوثنية) ليُـفاجىء مكة بعد ذلك بدخول الحديبية. وقبل ذلك لم تتوقف سرايا (المسلمين) وغاراتهم بعد الخندق ، فهذه (غزوة بنى لحيان) تنتقم لأصحاب (الرجيع) وأصحابه الذين أسرتهم مكة وقتلتهم.. وكان محمد يرد بقوة على غارات القبائل العربية ، ليُـثبتْ دائمًـا أنه قوى وقادر على الرد ، فلا يفلتْ الأمر من يديه ولا يذهب الناس عنه ، فها هو يعود ذات مرة إلى يثرب حتى يجد (عيينه بن حصن الفزارى) قد أغار على لقاحة بالغابة فى خيل من غطفان فقتلوا رجلا من بنى غفار.. فجمع محمد الخيل والرجال وسار حتى نزل بالجبل وتلاحق به الناس فأقام عليه يومـًـا وليلة. وقال له أحد رجاله لو سرحتنى فى مائة رجل لاستنقذتُ بقية السرح وأخذت بأعناق القوم.... وبالفعل قتل بعضهم وولى الآخرون هاربين.
وسار محمد فى مسيرة (التصفية) ففاجأ بنى المصطلق بينما أنعامهم تسقى على الماء . فأمر عمر بن الخطاب أنْ يُـنادى ((قولوا لا إله إلا الله.. تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم)) وكان تعقيب د. عبد الهادى ((وبالطبع لم يكن هذا وقت دعوة أو حتى استجابة ، وهم مُـطمئون إلى سقى دوابهم ثم يجدون السيوف تحاصرهم وتأمرهم بقول (لا إله إلا الله) وفوق ذلك فلهم دينهم وعقائدهم المُـتمكنة من قلوبهم ويدافعون عنها إنْ اقتضى الأمر. وهكذا قتلوا منهم عشرة وأسروا غيرهم . ولم يُـقتل من (المسلمين) سوى رجل واحد . فالمفاجأة فعلتْ فعلها . وقد قال أبو سعيد ((خرجنا مع رسول الله فى غزوة بنى المصطلق فأصبنا سبيًـا من سبى العرب فاشتهينا النساء واشتدتْ علينا العزوبة.. وأحببنا العزل وقلنا نعزل.. فسألنا الرسول عن ذلك . فقال : ((ما عليكم ألاّ تفعلوا.. ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا كائنة)) (صحيح مسلم) أى أنه أباح لهم مضاجعة النساء المسبيات ، وكان من نصيبه (جويرة بنت الحارث بن أبى ضرار)
وأخرج البخارى ومسلم أنّ قومًـا قد أتوا المدينة وأعلنوا إسلامهم.. ثم قالوا إنــّـا أناس أهل ضرع ولم نكن أهل ريف.. فاستوخمنا المدينة.. وطلبوا الخروج لأنّ جوّها لا يناسبهم ، فأمر لهم الرسول بذود ذى قطيع من الإبل بين الثلاث إلى العشر وراعٍ ، ليشربوا فقط من ألبانها وبولها.. فلما خرجوا وكانوا بناحية (الحرة) قتلوا الراعى وأخذوا الإبل ، فبعث محمد فى طلبهم وطاردهم حتى أمسكهم ثم قطع أيديهم وأرجلهم وفقأ أعينهم وتركهم فى (الحرة) ينزفون حتى ماتوا وهم كذلك (سيرة ابن كثير- ج3 – ص 340 وأخرجه البخارى ومسلم والبيهقى) وكان تعقيب د. عبد الهادى ((كان محمد يقتل عندما بجب أنْ يقتل ، ويذبح عندما يكون الذبح ضرورة ، ويقطع الأيدى والأرجل ويفقأ العيون عندما يقتضى العقاب ذلك ويغنم دائمًـا ويهاجم عندما يكون العدو ضعيفــًـا.... وتحوّلتْ القبائل إلى موقف الدفاع (بعد أنْ قوى جيش محمد) ولا تعرف متى ينقض محمد عليها ، لأنه كان يُـحارب فى كل زمان ومكان.. ولم تفكــّـر القبائل إلاّ كيف تحمى نفسها قبل أنْ تفكــّـر: هل هذا الرجل على حق أم على باطل ؟ واستفاد الجيش المحمدى من تلك العزلة الجغرافية والتاريخية لينقض ويغنم ثم يعود سالمًا ، ليعاود الضربة تلو الضربة ، كحروب العصابات (اضرب واهرب) حتى أتتْ لحظة (اضرب واحتل ليوم أو يوميْن أو أسبوع أو أسبوعيْن) ثم تتراكم مُـحصلة تلك الضربات ، فتتحكم رايته نفسيًـا وتمسك بالقلوب الفزعة ، وتهابها الطرق ليلا ونهارًا ، ولم يبق أمامه إلاّ أنْ يُـكمل تلك السيطرة بالهجوم النهائى وامتلاك السلطة السياسية ، وهذا ما فعله باختيار الحديبية ، والذى لم يكن إلا تتويجـًـا لست سنوات من الحروب المتواصلة ، ثم انتهى بمُـداهمة مكة وانتزاع السيادة النهائية على كل القبائل العربية)) (من ص 156- 159)
واعتقد أنّ تلك السيطرة على (كل) القبائل العربية ، كانت (الدرس) الذى أقنع العرب بأهمية (القوة المسلحة) التى ستكون ركيزتهم السياسية عندما خرجوا من الجزيرة العربية لغزو شعوب فارس والشام والعراق والمغرب ومصر، وهى الغزوات التى أخذتْ ذلك المُـسمى غير العلمى (الفتوحات الإسلامية) بينما وصفها العلمى (الغزوات العربية) كما كتب كل من يحترمون لغة العلم.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تثبيت أركان الدعوة المحمدية (3)
- كيف انتصرت الدعوة المحمدية ؟ (2)
- كيف انتشر الإسلام ؟
- الآخرة فى أساطير الشعوب والديانة العبرية
- جذور الصراع بين الرعاة والزراع
- الولع بالدمار فى الأساطير وفى الديانة العبرية
- جذور أسطورة الطوفان
- التكوين الكنعانى والتكوين التوراتى
- الأساطير بين الأديان وانتاج الشعوب
- الديانة العبرية والموقف من مصر
- المخابرات الأمريكية وصناعة الإسلاميين
- زهران وخميس والبقرى
- المتعلمون المصريون والهوس بالأصولية الإسلامية
- الفنون والثقافة القومية لا الأديان
- قراءة فى أحاديث البخارى المتنوعة
- نبى الإسلام المميز فى البخارى
- المُطلق فى أحاديث البخارى
- أسباب النزول فى صحيح البخارى (7)
- البداوة فى صحيح البخارى (6)
- الميتافيزيقا فى صحيح البخارى (5)


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - توالى انتصارات جيش محمد (4)