أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكي - التجارة الألكترونية















المزيد.....



التجارة الألكترونية


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 02:20
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مقدمة
(1)
الموضوع الذي ننشغل به في بحثنا هو: "الحمايه القانونيه للعلاقات التجاريه الدوليه عبر الانترنت". وهو الأمر الذي يدفعنا الي اعلان قناعتنا بأنه مما لا ريب فيه ان شبكة المعلومات الدوليه (الانترنت) أمست جزء حاسما من حياتنا اليوميه الشخصيه والعمليه، نظرا لما وفرته من تطورات واختصار للوقت والجهد بشكل سريع وسهل. وعلي الرغم من ان ظهور الانترنت قبل اربعة عقود، الا ان الاستخدامات الحديثه والمتطوره بدأت حديثا نتيجة التطور والتوسع في استخدام الانترنت.
(2)
والمقرر نصاً وفقهاً وقضاءً أن القانون الواجب التطبيق هو القانون التجاري المصري. والقضاء المصري هو القضاء المختص بالنظر في المنازعة ذات الطابع المصري والفصل فيها ابتداءً وإنتهاءً. وتنتمي هذه القاعدة في الاختصاص القانوني والقضائي لمجموعة المبادىء القانونية العامة المعمول بها في الشرائع كافة، سواء كانت لاتينية أو جرمانية أو أنجلوسكسونية. لما تمثله من اعتبارات السيادة الوطنية.

ولكن، قد تتخذ هذه العلاقة التجارية بُعداً دولياً، فقد يكون طرفا التعاقد أو أحد الطرفين، شركة/ مؤسسة/ فرداً، أجنبياً، أو يكون محل تنفيذ العقد بلدٌ أجنبيٌ. هنا تتكفل قواعد القانون الدولي الخاص، في الشرائع كافة على الصعيد العالمي، ببيان كيفية حل التنازع الذي ربما يثور بين القوانين المختلفة. والمشرع الوطني هنا، وفقاً لاعتبارات التعاون الدولي، يأخذ في اعتباره الاتفاقات التي تبرم دولياً وتقوم دولته بالتوقيع عليها بحيث تصير، بموجب التصديق، جزءً لا يتجزء من أحكام القانون الداخلي.
(3)
وعلى الرغم من أن تلك هي القواعد العامة في العلاقات القانونية التجارية ذات العنصر الأجنبي، من جهة الاختصاص التشريعي والقضائي، إلا أن التطور المتسارع الذي لحق بتلك العلاقات على الصعيد العالمي، والتوسع الهائل في استخدام شبكة المعلومات الدولية المعروفة اختصاراً بـ (الإنترنت) في عقد الصفقات التجارية عبر حدود الدول، دفع العديد من المشرعين إلى التدخل في محاولة لتقنين موضوع هذه العلاقات محل التنظيم التشريعي والحماية القانونية. ليس بشكل منفرد كمشرع وطني مستقل، إنما أدي هذا التطور والتوسع في عقد الصفقات التجارية عبر الإنترنت إلى حرص المشرعين على مراعاة التشريعات المعمول بها في دول أخري، وفقاً لمعاهدة دولية أو اتفاق، منعاً للتناقض أو التعارض. كما أدي بالحكومات من باب أولى، إلى الدخول في مفاوضات دولية والانخراط في المعاهدات والاتفاقات التي تنظم وتحمي العلاقات التجارية عبر الحدود الدولية. الأمر الذي أدى على الصعيد العالمي إلى تبلور مجموعة من التشريعات ذات الانطباق المباشر على ما قد يثور من منازعات تتعلق بابرام أو انقضاء أو تنفيذ عقد ما يكون من خلال الإنترنت.
(4)
المشكلات القانونية في ضوء مراحل التجارة الالكترونية .
ان تحديد تحديات التجارة الالكترونية القانونية ، يستلزم تصور العملية من بدايتها وحتى نهايتها بشكل عام لا تفصيلي ، ومن ثم توجيه مؤشر البحث نحو استخلاص عناوين التحديات ، ومن ثم بيان محتوى التحدي وما تقرر من حلول مقارنة لمواجهته.
التجارة الالكترونية في صورتها العامة ، طلبات بضاعة او خدمات يكون فيها الطالب في مكان غير مكان المطلوب منه الخدمة او البضاعة ، وتتم الاجابة بشان توفر الخدمة او البضاعة على الخط ، وقد يكون الوضع - كما في المتاجر الافتراضية - ان تكون البضاعة او الخدمة معروضة على الخط يتبعها طلب الخدمة او طلب الشراء من الزبون المتصفح للموقع ، وعلى الخط ايضا ، وبالتالي يمثل الموقع المعلوماتي على الشبكة ، وسيلة العرض المحددة لمحل التعاقد وثمنه او بدله في حالة الخدمات على الخط (أي عبر شبكات المعلومات) . وتثير هذه المرحلة (السابقة على التعاقد فعليا) مشكلات وتحديات عديدة ، اولها ، توثق المستخدم او الزبون من حقيقة وجود الموقع او البضاعة او الخدمة . وثانيهما مشروعية ما يقدم في الموقع من حيث ملكية مواده ذات الطبيعة المعنوية ( مشكلات الملكية الفكرية ) . وثالثها تحديات حماية المستهلك من انشطة الاحتيال على الخط ومن المواقع الوهمية او المحتوى غير المشروع للخدمات والمنتجات المعروضة . ورابعها :- الضرائب المقررة على عائدات التجارة الالكترونية عبر الخط ، ومعايير حسابها ، ومدى اعتبارها قيدا مانعا وحادا من ازدهار التجارة الالكترونية . وهذه التحديات ايضا ترافق المراحل التالية من خط نشاط التجارة الالكترونية ، فالموثوقية وحماية المستهلك تحديان يسيران بتواز مع سائر مراحل انشطة التجارة الالكترونية .
المرحلة التالية تتمثل في ابرام العقد ، بحيث يتلاقى الايجاب والقبول على الخط ايضا ، ويتم ذلك بصور عديدة بحسب محتوى النشاط التجاري ووسائل التعاقد المقررة على الموقع ، اشهرها العقود الالكتروينة على الويب ، والتعاقدات بالمراسلات الالكترونية عبر البريد الالكتروني ، وبوجه عام ، تتلاقى ارادة المزود او المنتج او البائع مع ارادة الزبون ، ويبرم الاتفاق على الخط ، وهنا تظهر مشكلتين رئيستين :- اولهما توثق كل طرف من صفة وشخص ووجود الطرف الاخر ، بمعنى التوثق من سلامة صفة المتعاقد . وحيث ان من بين وسائل حل هذا التحدي ايجاد جهات محايدة تتوسط بين المتعاقدين (سلطات الشهادات الوسيطة) لجهة ضمان التوثق من وجود كل منهما وضمان ان المعلومات تتبادل بينهما حقيقية ، وتمارس عملها على الخط من خلال ارسال رسائل التأكيد او شهادات التوثيق لكل طرف تؤكد فيها صفة الطرف الاخر . وثانيهما :- حجية العقد الالكتروني او القوة القانونية الالزامية لوسيلة التعاقد ، وهذه يضمنها في التجارة التقليدية توقيع الشخص على العقد المكتبوب او على طلب البضاعة او نحوه او البينة الشخصية ( الشهادة ) في حالة العقود غير المكتوبة لمن شهد الوقائع المادية المتصلة بالتعاقد إن في مجلس العقد او فيما يتصل بانفاذ الاطراف للالتزامات بعد ابرام العقد ، فكيف يتم التوقيع في هذا الفرض ، وما مدى حجيته ان تم بوسائل الكترونية ، ومدى مقبوليته بينة في الاثبات ، وآليات تقديمه كبينة ان كان مجرد وثائق وملفات مخزنة في النظام ؟؟؟؟
ان بيئة التجارة الالكترونية توجد وسائل تتفق وطبيعتها ومن هنا وجدت وسيلة التوقيع الرقمي لتحقيق وظيفة التوقيع العادي على نحو ما سنوضح فيما ياتي .
والمرحلة الثالثة تتمثل في انفاذ المتعاقدين لالتزاماتهما ، البائع او مورد الخدمة الملزم بتسليم المبيع او تنفيذ الخدمة ، والزبون الملزم بالوفاء بالثمن ، ولكل التزام منهما تحد خاص به ، فالالتزام بالتسليم يثير مشكلات التخلف عن التسليم او تأخره او تسليم محل تتخلف فيه مواصفات الاتفاق ، وهي تحديات مشابهة لتلك الحاصلة في ميدان الانشطة التجارية التقليدية ، أما دفع البدل او الثمن ، فانه يثير اشكالية وسائل الدفع التقنية كالدفع بموجب بطاقات الائتمان ، او تزويد رقم البطاقة على الخط ، وهو تحد نشأ في بيئة التقنية ووليد لها ، اذ يثير اسلوب الدفع هذا مشكلة امن المعلومات المنقولة ، وشهادات الجهات التي تتوسط عملية الوفاء من الغير الخارج عن علاقة التعاقد اصلا ، الى جانب تحديات الانشطة الجرمية في ميدان اساءة استخدام بطاقات الائتمان وانشطة الاستيلاء على رقمها واعادة بناء البطاقة لغرض غير مشروع.
يضاف الى هذه التحديات ، تحديات يمكن وصفها بالتحديات العامة التي تتعلق بالنشاط ككل لا بمراحل تنفيذه كتحدي خصوصية العلاقة بين المتعاقدين وخصوصية المعلومات المتداولة بينهما (الفصل 2 من هذا القسم) وتحد حماية النشاط ككل من الانشطة الجرمية لمخترقي نظم الكمبيوتر والشبكات ، او ما يعرف عموما بجرائم الكمبيوتر ( الفصل 3 من هذا القسم) وتحدي مشكلات الاختصاص القضائي في نظر المنازعات التي تظهر بين اطراف العلاقة التعاقدية ، اذ في بيئة الانترنت ، تزول الحدود والفواصل الجغرافية ، وتزول معها الاختصاصات المكانية لجهات القضاء ، فاي قضاء يحكم المنازعة واي قانون يطبق عليها عند اختلاف جنسية المتعاقدين ، وهو الوضع الشائع في حقل التجارة الالكترونية ، وهو ما سنتناوله في الفصل 8 من هذا القسم .

(5)

ومن جانبنا فسوف نعمد إلى معالجة "الحماية القانونية للعلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت"، تأسيساً على ركيزتين: الأولي: وتنشغل بتحليل موقف المشرع المصري من العلاقات التجارية الدولية والتي تتم عبر الإنترنت. بحثاً في القواعد العامة للقانون المصري في مجموعه. أما الثانية: فتنشغل بمعالجة حزمة التشريعات والاتفاقات التي تبلورت على الصعيد العالمي بغية تنظيم وحماية العلاقات التجارية الدولية التي تتكون من خلال شبكة الإنترنت، كأحد وسائل العصر الحديث إبرام العقود وتنفيذ الصفقات التجارية عبر الحدود.
(6)
والانشغال بتحليل موقف المشرع المصري، يوجب في المقام الأول التعرف إلى تكييف العلاقة القانونية التجارية التي تتم عبر الإنترنت. فهل هي مجرد عملية بيع وشراء بسيطة؟ أم هي تعاقد بين غائبين؟ أم هي علاقة ذات طبيعة قانونية مختلفة عن العلاقات التجارية التقليدية؟ تتبدي أهمية التكييف هنا في أنه يعد الخطوة الفكرية الأولى والمحورية في التعرف إلى أيْ قانون واجب التطبيق، وأيْ قضاء صاحب الاختصاص الأصيل. ابتداءً من تكييف هذه العلاقة يمكننا التعرف، على سبيل المثال التطبيقي، إلى موقف المشرع المصري من إشكاليتين جوهريتين:
- إشكالية الغش التجاري والصناعي الذي يمكن أن يشوب أحد العلاقات التجارية التي تتم عبر الإنترنت.
- إشكالية العلامة التجارية وحمايتها من التقليد أو التزييف في العلاقات التجارية بين المتعاقدين عبر شبكة الإنترنت.
(7)
وحينما ننتقل لمعالجة حزمة التشريعات والاتفاقات التي تبلورت على الصعيد العالمي بغية تنظيم وحماية العلاقات التجارية الدولية التي تتكون من خلال شبكة الإنترنت، فسيكون من المتعين معالجة:
- مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية الذي وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي أو مشروع القانون الموحد للتجارة الالكترونية في 16/12/1996.
- اتفاق منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية.
- التجارة الالكترونية في ظل التشريعات التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي.
وبناء عليه سوف نقسم البحث إلى مقدمة، وفصلين، وخاتمة، على النحو التالي:













الفصل الأول :
موقف المشرع المصري من الحماية القانونية
للعلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت
المبحث الأول: الأساسيات
أولاً: تعريف وخصائص شبكة الإنترنت.
ثانياً: أهمية التجارة عبر الإنترنت.
ثالثاً: خصائص العلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت.

المبحث الثاني: إشكالية الغش التجاري في العلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت.
المطلب الأول: تعريف وخصائص الغش التجاري.
المطلب الثاني: أحكام المسئولية المدنية.
المطلب الثالث: أحكام المسئولية الجنائية.
المطلب الرابع: التنظيم التشريعي لمكافحة الغش التجاري.

المبحث الثالث: حماية العلامة التجارية عبر الإنترنت.
المطلب الأول: مفهوم العلامة التجارية.
المطلب الثاني: تنظيم وحماية العلامة التجارية.

الفصل الثاني :
الحماية القانونية للعلاقات التجارية
عبر الإنترنت على الصعيد الدولي
تمهيد:
المبحث الأول: مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية.
المبحث الثاني: اتفاق منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية.
المبحث الثالث: التجارة الالكترونية في ظل التشريعات التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي.
خاتمة:


الفصل الأول:
موقف المشرع المصري من الحماية القانونية
للعلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت
المبحث الأول: الأساسيات

أولاً: تعريف وخصائص شبكة الإنترنت.
تعد شبكة الإنترنت أحدث وسيلة إعلامية على الصعيد العالمي، وهي دولية الانتشار، سريعة التطور، "وكلمة إنترنت تعني لغوياً: ترابط بين الشبكات"، وبعبارة أخرى: شبكة الشبكات، حيث تتكون الإنترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب الآلي المترابطة والمتناثرة في أنحاء كثيرة من العالم. ويحكم ترابط تلك الأجهزة وتحادثها بروتوكول موحد يسمى بروتوكول تراسل الإنترنت(1). فهي إذاً عبارة عن مجموعة ضخمة جداً من شبكات الاتصال المرتبط بعضها ببعض، وتربط أجهزة الكمبيوتر عبر الخط الهاتفي، وعبر هذا الجهاز يستطيع المستخدم أن يرسل ما يشاء من معلومات، ويستقبل ما يريد. وقد دخلت الإنترنت جميع مجالات الحياة، فهناك مواقع خاصة للأخبار، وأخرى لشتى الأفكار، وهناك المواقع العلمية المتخصصة، والاقتصادية والاجتماعية والتجارية والمهنية والفكاهية والسياسية والدينية والإدارية.. مما جعل لها آثاراً واضحة في نظام الاتصال العالمي الجديد، حتى صارت الإنترنت أول منتدى عالمي، وأعظم وأكبر مكتبة عالمية.(2) ولأول مرة في التاريخ أصبح بمقدور أعداد لا حصر لها من البشر التواصل فيما بينهم بيسر وسهولة، مستخدمين الصوت والصورة بشكل حي ومباشر مهما بعد المكان، وبقليل من الكلفة المالية. وقد دخلت فيها القنوات الفضائية التلفزيونية، والصحف اليومية، والمجلات الدورية، وجُلّ وسائل الاتصال الأخرى، لذلك صارت جامعة لكل الوسائل تقريباً(3). وهذه الشبكة بالغة الأهمية والخطورة، لها القدرة الخارقة على اختزال المسافات وطي الزمن، ويزداد أعضاؤها يوماً بعد يوم، حتى نافست بأهميتها جميع وسائل الاتصال والإعلام الأخرى، لكنها تتميز عنها بعدة أوجه، أهمها أن الفرد العادي المشترك في الإنترنت يتساوى مع أضخم الشركات الإعلامية في نشر ما يريد، لا يمنعه مانع، ولا يراقبه رقيب.(4) ويمكننا القول ان التجارة الإلكترونية في تزايد مستمر مع انتشار الإنترنت. وأكدت دراسة حديثة على أن حجم التداول الإلكتروني بين الشركات كان 109 مليار دولار في عام 1999 ويتوقع أن ينموا إلى حجم 5,8 ترليون دولار في عام 2013، دراسات أخرى أشارت إلى أن حجم التجارة الإلكترونية يبلغ 19% من اقتصاد دول العالم الأول، كما توجد دراسات حديثة أكثر تفاؤلاً تتوقع أن تشكل التجارة الإلكترونية 30% من الاقتصاد العالمي بحلول 2013.(5) إجمالاً: يمكن حصر خصائص شبكة الانترنت في: قدرتها على اختصار الوقت، وانهاء بعد المسافات، واتمام العمليات من خلالها دون تكلفة تذكر، والتزايد المستمر لعدد مستخدميها، وأخيراً نذكر الحرية المطلقة لتداول المعلومات واتمام الصفقات على الصعيد العالمي التي تتم عبرها.
ثانياً: أهمية التجارة عبر الإنترنت
وفقاً للأرقام المعلنة(6)، فقد بلغ حجم التجارة الإلكترونية في العالم حوالي 6.8 تريليون دولار في عام 2008، وذلك وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وقد تضاعف الرقم ليصل إلى 12.8 تريليون دولار في نهاية عام 2013، وإن نحو 80% من حجم التجارة في العالم يتم في الولايات المتحدة الأمريكية، 15% في أوروبا الغربية، 5% في بقية دول العالم، معظمها أو نحو 4% منها يتم في اليابان. كما ويشكل حجم التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال حوالي 80% من حجم التجارة الإلكترونية في العالم. وتراوحت قيمة التجارة بين مؤسسات الأعمال في الاتحاد الأوروبي بين 185 مليار دولار و200 مليار دولار في عام 2009، كما أن التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال قد وصلت في أوروبا الوسطى والشرقية إلى حوالي 4 مليارات دولار في عام 2009. وقد نمت هذه التجارة بشكل متسارع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من حوالي 120 مليار دولار في عام 2004 إلى حوالي 600 مليار دولار بنهاية عام 2008. وفي أمريكا اللاتينية بلغت قيمة الصفقات التجارية بين مؤسسات الأعمال على الشبكة مباشرة 6.5 مليارات في عام 2008 وارتفعت لتصل إلى 12.5 مليار دولار في عام 2011.
إن نسبة مستخدمي الإنترنت الذين يشترون بواسطة الشبكة مباشرة كانت أعلى في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وشمال أوروبا الغربية خلال الفترة 2000-2001، إذ بلغت نسبت مستخدمي الشبكة بعمليات شراء على الشبكة مباشرة حوالي 38%، أما في المكسيك فقد بلغت النسبة أقل من 0.6%..
والتجارة عبر الإنترنت على هذا النحو هي كل نشاط تجاري يتم عن طريق الإنترنت أو هي أي نشاط تجاري يتم عن طريق استخدام الاتصالات وتقنية المعلومات كما أنها قد تضم بالإضافة لاستخدام الإنترنت الهاتف المحمول والهاتف الثابت والتلفزيون وغيرها من وسائل الاتصال الإلكتروني.
وقد صار من المسلم به أن التجارة الالكترونية على هذا النحو أصبحت تمثل موضوعاً فيما يعرف بـ الاقتصاد الرقمي؛ اذ يقوم الاقتصاد الرقمي على ركيزتين جوهريتين: التجارة الالكترونية. وتقنية المعلومات. حيث ان تقنية المعلومات هي التي أوجدت التجارة الالكترونية بوصفها تعتمد على الوسائل التقنية.
هذا وقد عرف جانب من الفقه التجارة الالكترونية بأنها عرض المشروع للسلع والخدمات على موقع للانترنت ليحصل على طلبات من الزبائن. وقد حاول جانب من الفقه تعريف التجارة الالكترونية بأنها (جميع المعاملات التي تتم عبر الانترنت حتى لو لم تتمتع بالصفة التجارية وان كانت في الغالب تتمتع بهذه الصفة من جانب السلعة او الخدمة على الاقل والذي غالبا ما يكون تاجراً)، والملاحظ على هذا التعريف، انه وضع تعريفا عاما للتجارة الالكترونية وجعلها ضمن نطاق المعاملات، اذ قسم التعريف المعاملات الى بيع سلع وخدمات سواء تمتعت بصفة تجارية ام لم تتمتع بهذه الصفة، الا انه استطرد بالقول ان الغالب ان تكون ذا صفةتجارية، وهذا ما يعني، ان التجارة الالكترونية تنتمي إلى طائفة الأعمال التجارية الا ان الاختلاف الواضح فيها يرجع الى خصوصية وسائل مباشرة هذه التجارة.(7)
وهناك رأي آخر يعطي للتجارة الدولية صورة من صور التعاقد عن بعد، أو التعاقد بين غائبين، والتي ادت الى وجود مشاكل عملية وقانونية تتعلق بفروع القانون المختلفة، ويرى هذا الرأي ان التعاقد عن طريق الانترنت بين غائبين يخضع للأحكام العامة في العقود، وإن اختلفت وسيلة التعاقد من التعاقد عن طريق المراسلة او التعاقد بطريق الاتصال بالتلفون، وصارت عن طريق البريد الالكتروني. الانترنت.
وعلى الرغم من ان التواجد المادي بين البائع والمشتري يخلق نوعاً من الأمان والاستقرار في العلاقة التعاقدية؛ اذ ان المعاينة النظرية قد تكفي بذاتها في عملية التعاقد، خلافا للتعاقد الذي يتم بدون وجود الاطراف، ومعاينة المادة محل البيع عن بعد وعدم وجود اطراف العلاقة البائع والمشتري والمادة في ذات المكان، الا ان التطور الحديث اوجد فرصة لهذا النوع من البيوع مما يعني ان التجارة الالكترونية هي ذات التجارة التقليدية مع الفارق الذي ذكرناه وهو الوسيلة. (8)
ولذلك يذهب البعض، ونؤيده، الى تعريف عقد التجارة الالكترونية بانه العقد الذي يتلاقى فيه الايجاب بالقبول على الشبكة الدولية المفتوحة للاتصال عن بعد بوسيلة مسموعة مرئية، بفضل التفاعل بين الموجب والقابل. ولكننا نزيد شرط أن تكون العلاقة التجارية ذاتها ذات صفة دولية.
فالواضح ان حركة التجارة الالكترونية في تزايد، وان التعاريف التي اشرنا اليها في ضوء ما جاء به الفقه هي تعاريف حاولت ان تضع صيغة تعريفية لايجاد تعريف جامع مانع شامل لموضوع التجارة الالكترونية، عليه، فان عبارة التجارة الالكترونية هي عبارة واسعة وعامة مع كونها عبارة شائعة الاستعمال في الوقت الحاضر، وينحصر هذا المفهوم بعدة عناصر ولكن تلك العناصر لها القدرة على الارتباط مع العديد من المجالات والقضايا المهمة في وقتنا الحاضر.
والواقع أن الأهمية التي اكتسبتها ظاهرة التجارة عبر الإنترنت أدت إلى لفت الأنظار إلى ايجابيات تلك الظاهرة وسلبياتها، فبالنسبة للجانب الإيجابي صار من الواضح ان التجارة الالكترونية تساعد على توافق انماط التجارة مع سمات هذا النظام الرأسمالي العالمي المعاصر؛ اذ مكّنت التجارة الالكترونية من خلق أنماط مستحدثة من وسائل ادارة النشاط التجاري، كالبيع عبر الانترنت والتجارة بين قطاعات الأعمال. كما تعد التجارة عبر الإنترنت خير دليل على انفتاح العالم وتحوله حقاً إلى قرية صغيرة، وهو ما انعكس على التطبيق الواضح والمباشر للاتفاقيات الدولية المنظمة لحرية التجارة الدولية بوجه عام. ولعل من أهم الجوانب الإيجابية أيضاً هو اختصار الوقت والجهد من خلال يسر وسهولة واتمام اعمال البيع والشراء، بما يخدم عملية التجارة ويسهل عملية الانتقال الى اطراف اخرى، كذلك انه يمكن ان تتم اكثر من عملية تجارية ضمن فترة زمنية محددة ولبضائع وخدمات متنوعة وهذه الفائدة سوف توفر الوقت والجهد على البائع والمستهلك (المشتري) مما يساعد على تحقيق ايجابية اختصار لأمور كثيرة في هذه الاعمال.
ولكن، التجارة الالكترونية لها أيضاً بعض العيوب والسلبيات، ويمكن تحديد أهم هذه السلبيات في التحايل والغش الذي قد يتعرض له المشتري أيا ما كانت طبيعته القانونية كتاجر أو مستهلك من قبل البعض، بوصفهم بائعين او مستهلكين للقيام باعمال الغش، كذلك قد يتعرض المستهلك الى جريمة ضعف او استغلال او جهل المتعامل في البيع الالكتروني او جرائم الاعتداء الواقع على التوقيع الالكتروني.
ولعل أهم ما تثيره ظاهرة التجارة الالكترونية هي مشاكل القانون الواجب التطبيق، في ظل غياب التشريعات الدولية والاتفاقيات التي تعالج مسألة التجارة الالكترونية خاصة وان مسألة التجارة الالكترونية ذات بعد اقتصادي دولي؛ إذ تتم عبر أقاليم عدة دول، وتثير اشكالية غياب النصوص القانونية المنظمة صراحة للتجارة الالكترونية إمكانية اللجوء في كثير من الأحوال إلى القواعد العامة في القانون الوطني في مجموعه، وهو ما ينطبق على الوضع في مصر، إذ في ظل غياب تشريع ينظم التجارة الالكترونية عادة ما يضطر القضاء إلى إعمال القواعد العامة في القانون المصري لمواجهة ما يعرض عليه من مسائل تتعلق بالتجارة الالكترونية وفي مقدمة هذه التشريعات القانون المدني والقانون التجاري وقانون الغش وقمع التدليس.
ثالثاً: أنواع وخصائص العلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت.
كي يمكن استخلاص أهم خصائص العلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت يتعين أولاً أن نتعرف إلى أنواع هذه العلاقات.
وسنجد ثمة تجارة تقوم بين عدة منشأت ألكترونية، إذ تقوم التجارة هنا بين وحدات الأعمال باستخدام شبكة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتقديم طلبات الشراء إلى مورديها وتسليم الفواتير، كما تقوم بإجراء عملية الدفع من خلال وسائل عدة مثل استخدام بوابات الدفع الإلكترونية. ويعتبر هذا الشكل من أكثر أنواع التجارة الإلكترونية شيوعاً ويطبق بين مؤسسات الأعمال داخل الدولة، أو مع مؤسسات الأعمال خارج الدولة، حيث يتم إجراء كافة المعاملات التجارية إلكترونياً بما في ذلك تبادل الوثائق إلكترونياً.
كما توجد على شبكة الإنترنت العالمية مواقع للتجارة الإلكترونية بين مؤسسة الأعمال والمستهلك(9) وتقوم هذه المواقع بتقديم جميع أنواع السلع والخدمات، كما تقوم هذه المواقع باستعراض كافة السلع والخدمات المتاحة وتنفذ إجراءات البيع والشراء، كما يتم استخدام بطاقات الائتمان من أجل إتمام عمليات البيع والشراء، حيث يعتبر استخدام بطاقات الائتمان في عملية الدفع أكثر شيوعاً واستخداماً بين المستهلك ومؤسسات الأعمال،
إضافة إلى إيجاد وسائل دفع إلكترونية أخرى ومطبقة بشكل واسع مثل الشيكات الإلكترونية ودفع النقد عند التسليم، أو أي طريقة أخرى يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين أصحاب العلاقة.
وتوجد أيضاً التجارة الإلكترونية بين مؤسسة الأعمال والحكومة، إذ تقوم الحكومة بعرض الإجراءات واللوازم والرسوم ونماذج المعاملات على شبكة الإنترنت بحيث تستطيع مؤسسات الأعمال أن تطلع عليها من خلال الوسائل الإلكترونية وأن تقوم بإجراء المعاملات إلكترونياً بدون التعامل مع مكاتب المؤسسات والدوائر الحكومية، وفي مصر قامت الحكومة بعمل ما يسمى الحكومة الإلكترونية لإتمام تلك المعاملات إلكترونياً. ويمكن أن نلحق التجارة الالكترونية بين المستهلك والحكومة بالتجارة الالكترونية بين مؤسسة الأعمال والحكومة، مثل عملية دفع الضرائب حيث تتم إلكترونياً بدون الحاجة لأن يقوم المستهلك بمراجعة الدوائر الحكومية الخاصة بذلك.
وعليه، يمكننا استخلاص أهم خصائص التجارة عبر الإنترنت في: أولاً: دولية النشاط إذ تتم العلاقة التجارية عبر إقليم أكثر من دولة. ونعتقد أن المقصود بالتجارة الدولية عبر الإنترنت هي التجارة العابرة للحدود القومية، وليست التجارة التي تتم داخل حدود الدولة الواحدة باستخدام الحاسب الآلي والشبكة الدولية ذاتها، إذ لن يكون هناك محل لإثارة تنازع من أي نوع قانوني أو قضائي، إنما تثور المشكلة حين تكون هذه التجارة عبر الدول من خلال الشبكة الدولية، وهو ما يستصحب البحث عن أي القوانين الواجبة الانطباق.
ثانياً: عدم استخدام الوثائق الورقية المتبادلة والمستخدمة في إجراء وتنفيذ المعاملات التجارية، فإن جميع عمليات التفاعل بين المتعاملين تتم إلكترونياً ولا يتم استخدام أي نوع من الأوراق. ولذلك يتم اعتماد الرسالة الإلكترونية كسند قانوني معترف به من قبل الطرفين عند حدوث أي خلاف قانوني بين المتعاملين.
ثالثاً: ومن الخصائص الجوهرية أيضاً أنه يمكن التعامل من خلال تطبيق التجارة الإلكترونية مع أكثر من طرف في نفس الوقت، وبذلك يستطيع كل طرف من إرسال الرسائل الإلكترونية لعدد كبير جداً من المستقبلين وفي نفس الوقت، ولا حاجة لإرسالها ثانية.
ولعل ذلك يؤكد على إن استخدام أنظمة الحاسبات المتوفرة في مؤسسات الأعمال بين الطرفين دون أن يكون هناك أي تدخل مباشر للقوى البشرية يساعد على إتمام العملية التجارية بأقل التكاليف وبكفاءة عالية. كما يمكن عبر شبكة الإنترنت أن يتم بيع وشراء السلع غير المادية مباشرة، وبهذا تكون التجارة الإلكترونية قد انفردت عن مثيلاتها من الوسائل التقليدية والمستخدمة في عملية البيع والشراء، ومثال ذلك التقارير والأبحاث والدراسات والصور.
وأخيراً، تبرز خصيصة عدم توفر تنسيق مشترك بين كافة الدول من أجل التنسيق وصدور قانون محدد لكل دولة مع الأخذ بعين الاعتبار قوانين الدول الأخرى، وهذا بدوره يعيق التطبيق الشامل للتجارة الإلكترونية. إذ عادة، كما ذكرنا، ما يلجأ القاضي الوطنى لتطبيق قانونه الداخلي للبحث عن القانون الواجب التطبيق على التجارة الالكترونية، وفي أحسن الأحوال يلجأ إلى قواعد القانون الدولي الخاص.
المبحث الثاني
إشكالية الغش التجاري في العلاقات التجارية الدولية عبر الإنترنت
المطلب الأول: تعريف وطرق الغش التجاري
أولاً: تعريف الغش:
الغش في اللغة(10): نقيض النُّصح، وهو مأخوذ من الغشش: المشرب الكدِر، وغشَّه يغشَّه غشًّا من باب قتل:لم يمحضه النُّصح، وأظهر له خلاف ما أضمره، وزين له غير المصلحة. والغشُّ: الغلُّ والحقد، ولبن مغشوش مخلوط بالماء، وغَشَّشَه تغشيشًا، مبالغة في الغِشِّ .
أما الغش في الاصطلاح(11) فيمكن تعريفه بأنه كل فعل عمدي إيجابي ينصب على سلعة مما يعينه القانون، ويكون مخالفاً للقواعد المقررة في التشريع، أو في أصول الصناعة، متى كان من شأنه أن ينال من خواصها أو فائدتها أو ثمنها، وبشرط عدم علم المتعامل الآخر به.
ثانياً:طرق الغش في التجارة الالكترونية(12)
قد يتنكر المحتال بشكل رجال أعمال ويحاول جمع معلومات شخصية مثل رقم البطاقة الشخصية/جواز السفر وتاريخ الميلاد من المستهدفين، من أجل استخدام تلك البيانات في تنفيذ جرائم معلوماتية!
أو الاحتيال عن طريق الانترنت بنقل البضائع من ملكية طرف إلى طرف بطريقة تسلسلية حتى تصل الى المجرم الذي قام بإستخدام بطاقة إئتمان وهمية دون علم الباقين!
أيضا قد يتم استخدام الشيكات المزورة لسداد قيمة السلع بحيث تكون قيمة الشيك أعلى بكثير من المبلغ المطلوب، وعند ذلك يطلب من البائع المساعدة في إعادة المبلغ الفائض لحساب خارجي تحت مظلة الحاجة الحرجة والظروف الحالية!
توجد أيضاً عملية احتيال يتم فيها تشجيع المستهلك على شراء السلع اوالخدمات عن طريق بوابة إلكترونية، ولكن لا يحصل المشتري على المشتريات!
كما يتم الغش أيضاً عن طريق الإحالة الى موقع منتحل على شبكة الانترنت كطرف ثالث يمثل وسيلة للدفع الإلكتروني، مدّعيا أنه سوف يتم شحن المشتريات الى المستهلك حالما يتم تحويل الأموال إلى البائع، و عادة ما يكون موقع بوابة الدفع مزوراً لنفس المحتال!
نوع آخر من الغش يقوم فيه المحتال بتقمص شخصية آخر عن طريق استخدام هوية شخص آخر أو بريده الإلكتروني أو عنوانه أو المعلومات التي تظهر عادة في أعلى الصفحة للحصول على معلومات حيوية مثل أرقام الحسابات المصرفية وأرقام بطاقات الائتمان وكلمات السر المرتبطة بها. وأخيراً يمكن أن يتم الغش من خلال
تشجيع الناس للمشاركة في مزاد على الانترنت، وعند رسو المزاد ودفع المال لمشتريات معينة ومحددة، ويقوم المحتال بشحن مشتريات مقلدة أو ذات جودة او مواصفات أقل!
المطلب الثاني: أحكام المسئولية المدنية
الفرضية هنا أن عقداً تجارياً تم (عبر شبكة الإنترنت) محله سلعة ما، ولكن حين قيام المشتري (تاجر) باستلام السلعة الواردة من البائع (التاجر) وجد بها عيباً جسيماً، ما كان ليقدم على هذا التعاقد إذ ما علم بوجوده. فالإشكالية هنا ما نوع المسئولية المنعقدة على عاتق البائع؟ ونحن هنا نفترض انتفاء قصد الغش من قبل البائع، إذ في حالة الغش سوف تنعقد أحكام المسئولية الجنائية وبالتبع أحكام المسئولية المدنية(13). نحن هنا فقط نفترض تقصيره في مراقبة التعبئة أو التغليف أو الحفظ مثلاً، ويكون من مسئوليته المنصوص عليها في العقد بذل العناية في نقل السلعة من محل الإنتاج إلى مكان النقل أياً ما كان نوعه: بري أو بحري أو جوي.
فمن المعروف أن المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية تدور كل واحدة منها وجوداً وعدماً بالنظر لوجود رابطة عقدية أو عدمها، فتترتب الأولى على عدم تنفيذ الإلتزام الناشئ عن العقد على الوجه المتفق عليه؛ أما المسئولية غير العقدية أو التقصيرية فهي تقوم على التزام قانوني مصدره نص القانون يقع على عاتق المسئول بتعويض المضرور دون علاقة عقدية بينهما بما في ذلك مثلا مسئولية قائد السيارة عن إصابة أحد المارة أو عن قتله، وكذلك مسئولية الجار عن تهدم المنزل المجاور أثناء ترميم منزله.
ولعل القدر المتفق عليه هو ان الفقه الحديث قد انتهى إلى أن العناصر الجوهرية في نوعي المسئولية واحدة إلا أنه يسلّم باختلافات عدة بينهما تتمثل في مدي او نطاق التعويض :التعويض في المسؤلية التقصيرية ابعد مدى وأوسع نطاقاً منه في المسؤلية العقدية ففي الأولي يلتزم المدين بتعويض الضرر المباشر, سواء كان متوقعاً او غير متوقع، بينما لا يشمل التعويض في المسؤلية العقدية سوي الضرر المتوقع عادة وقت ابرام العقد. وعليه، يكون البائع (في العقد المبرم عبر الإنترنت) مسئولاً مسئولية عقدية قبل المشتري، ما لم يكتنف البيع غشاً متعمداً. إذ في هذه الحالة سوف تنطبق أحكام قانون الغش وقمع التدليس بالقانون 48/1941 وتعديلاته. كما سنعالج في المطلب الثالث.
المطلب الثالث: أحكام المسئولية الجنائية
نظم المشرع المصري القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون رقم 48 لسنة 1941 و المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، بشأن قانون قمع الغش والتدليس. ولقد أورد المشرع في المادة الأولى من ذلك القانون كافة جرائم الغش التجاري على كافة البضائع بانواعها والعقوبة المقررة لتلك الجريمة فلقد نص فيها:
"يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة وبغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه ولاتجاوز عشرين ألف جنيه أو مايعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحداى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق فى أحد الأمور الآتية:
1- ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه.
2- حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها.
3- نوع البضاعة أو منشؤها أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا فى التعاقد.
4- عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أووزنها أو طاقتها أو عيارها 0
وتكون العقوبة الحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتجاوز خمس سنوات وبغرامة لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولاتجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر او بإحداى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها فى الفقرة السابقة أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أوقياسها أوكيلها أو فحصها غير صحيحة ".
ومن استقراء أحكام تلك المادة نجد أن المشرع قد حدد أركان جريمة الغش في ركنين اثنين وهما : الركن المادي ولقد قررت محكمة النقض المصرية ذلك فى أحكامها حيث ذهبت الى:"يكفي لتحقق الغش خلط الشي أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته و لكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها في صورة أحسن مما هى عليه ...".(14) كما قررت أيضاً فى أحكامها:"إن جريمة وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة، تقع وتتوافر أركانها و لو كانت السلعة التي يوضع البيان عليها غير مغشوشة، ويتوافر القصد الجنائي فيها بمجرد وضع البيان غير الحقيقي مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة ...".(15)
أما الركن المعنوى (القصد الجنائي) فمن المقرر أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان إستخلاصها سائغاً عن طريق إستقراء نصوص القانون و تفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن(16)، ولذلك قضت محكمة النقض:"جريمة خدع المشترى المنصوص عليها في القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع التدليس والغش هي جريمة عمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي وهو علم المتهم بالغش في الشي المتفق على بيعه و تعمده إدخال هذا الغش على المشترى. وإذن فلا يكفي لإدانة المتهم بهذه الجريمة أن يثبت الحكم أنه الملتزم بالتوريد بل لابد أن يقوم الدليل على أنه هو الذي إرتكب الغش أو أنه عالم به علماً واقعياً"(17)

بناء عليه، وعلى أساس من غياب التنظيم التشريعي الصريح للتجارة عبر الإنترنت، ربما باستثناء التوقيع الالكتروني(18)، وفي ضوء العرض السابق لأحكام المسئوليتين المدنية والجنائية، نخلص إلى أن اللجوء إلى
الغش في مجال العلاقات التجارية الدولية إنما يستدعي مباشرة انطباق القوانين المجرمة للغش، وفي مقدمتها قانون قمع الغش والتدليس. فإذ قام زيد بمراسلة بكر في فرنسا عن طريق البريد الالكتروني طالباً منه توريد عدد معين من وحدات اللبن المجفف كي يقوم هو بتوريدها بدوره إلى مجموعة من الفنادق التي سبق وأن تعاقد معها زيد في مصر، بموجب عقد توريد، ثم قام بكر بغش هذا اللبن وأرسله بالنقل البحري إلى زيد. فالجريمة هنا هي جريمة غش تجاري، تستصحب خضوع المسألة لأحكام القانون رقم 48 / 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 / 1994، بشأن قمع الغش والتدليس، كما يستصحب من جهة أخرى انطباق أحكام القانون المدني المنظمة لأحكام التعويض التي تترتب على اخلال أحد المتعاقدين بالالتزامات التي ترتبت على عاتقه بموجب نصوص العقد المبرم بين الأطراف المتعاقدة من خلال الإنترنت.
المطلب الرابع: التنظيم التشريعي لمكافحة الغش التجاري.
في ظل عدم وجود تشريع وطني صريح لحماية التجارة الدولية التي تتم عبر شبكة الإنترنت، كما ذكرنا، إذ على ما يبدو اكتفى المشرع المصري بوجود القواعد العامة التي يمكن أن يلجأ إليها القاضي حينما تثور أمامه واقعة تتعلق بالتجارة الالكترونية، تلك القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني باعتباره الشريعة العامة وبصفة خاصة باب القانون الدولي الخاص. وكذلك المنصوص عليها في القوانين الخاصة وفي مقدمتها القانون رقم 48/1941 بشأن قمع التدليس والغش.
ويتضح من استقراء نصوص القانون رقم 48 لسنة 1941 لسنة 1941 المعدل بالقوانين أرقام 83 لسنة 1948، والقانون رقم 153 لسنة 1949، والقانون رقم 522 لسنة 1955، والقانون رقم 80 لسنة 1961، والقانون رقم 106 لسنة 1980، والقانون رقم 281 لسنة 1994. أن المشرع(19) قد فطن إلى أن ظاهرة الغش ظاهرة تعكس وجها قبيحاً لسلوك بعض بني البشر، تقدم عليه قلة، فتعاني منه الكثرة، وتثرى منه فئة جشعة آثمة، لتدفع فئات شريفة كادحة ثمن ذلك الثراء السريع والربح الوفير، مالاً ودمعاً ودماً دون وازع من ضمير أو دين ولو كان ذلك على جثث الآخرين.(20)
ولم يكن المشرع إلا متصدياً بالردع اللازم لهذا السلوك الإجرامي وعاملاً على تطوير التشريع حتى يواجه به ما عساه أن يستجد من صور مستحدثة لهذا النشاط الآثم، أو ما عساه أن يحقق به مزيداً من الردع إذا وجد أن الظاهرة لم يجد معها ردعاً سابقاً، وعلى هذا النهج سار المشرع المصري في تطور معالجته لظاهرة الغش منذ عام 1883 وحتى الآن. فبعد أن كانت معالجته لهذه الظاهرة تقتصر على نص واحد في قانون العقوبات، ارتأى في عام 1941 أن يفرد للأمر قانوناً خاصاً؛ فأصدر القانون رقم 48 لسنة 1941 سعى لأن يحيط فيه بصور الغش الماثلة والمتوقعة آنذاك.
على أن استمرار هذه الظاهرة وتفاقمها في ظروف أخذت فيها البلاد بسياسة تحرير التجارة ورفع القيود من
طريقها تتطلب من المشرع أن يتدخل عدة مرات كي يعيد النظر في القانون، ولكي ينتهي إلى تشديد العقوبات، والتعامل مع الحالات التي تنجم عنها آثار خطيرة على صحة الإنسان أو الحيوان، وأخيراً قيامه باستحداث الأحكام الكفيلة بمعالجة الصور الإجرامية التي كشف عن ظهورها الواقع العملي، فكان تأثيم الإستيراد أو جلب أو إدخال البلاد مواد مغشوشة أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع العلم بذلك. وعلى ذلك فقد جرى تعديل المادة الأولى من القانون بتشديد العقوبة على جريمة خداع أو الشروع في خداع المتعاقد لتصبح الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين، ونفس التشديد باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو كيلها أو فحصها غير صحيحة ولو حصل ذلك قبل إجراء العمليات المذكورة بأن جعل الحد الأدنى لعقوبة الحبس سنة بعد أن كان ستة أشهر فقط، كما رفع حدي الغرامة إلى عشرة آلاف وثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر بدلاً من مائتي وألفي جنيه، وذلك كله بعد أن أضيفت المستندات كوسيلة من وسائل الخداع أو الشروع فيه.

ولعل الأمر الواجب الالتفات إليه هو أن المشرع لم يستعمل لفظ التدليس وإنما استعمل لفظ الخداع، وذلك رغبة منه في عدم الربط بين الخداع والتدليس الوارد في القانون المدني. ذلك أن التدليس المدني وفقاً لما ورد في المادة 125/1 من التقنين المدني تنص على "إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التى لجأ إليها أحد المتعاقدين أو نائب عنه من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد". ولكن في نطاق قانون الغش والتدليس لا تلزم طرق احتيالية بل كل المطلوب فيه هو أن تصدر من الجاني ولو أكذوبة واحدة على المتعاقد معه حول نوع البضاعة أو كميتها لتوافر فعل الخداع أو الشروع فيه بحسب الأحوال. وفي نفس الوقت حين يكفي في التدليس المدني مجرد كتمان"واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة"فإنه يلزم عنا صدور نشاط إيجابي، ولو بقول كاذب من الجاني، ومتى كان نطاقه هو نوع البضاعة(21) أوكميتها أو غير ذلك، فلا يكفي مجرد الكتمان. وعلى أساس من غياب التنظيم التشريعي الصريح للتجارة عبر الإنترنت، كما ذكرنا، فلا مفر من اللجوء إلى أحكام القانون الوطني، مثل قوانين الغش، في الكثير من الأحوال، وبصفة خاصة وأن الغش يعد مندرجاً في نموذج إجرامي يخضع لاحكام القوانين العقابية التي تعد لصيقة بسيادة الدولة. لا يمكن للقاضي أن يتنازل عن سيادة الدولة والإحالة إلى دولة أخرى أو تطبيق قانون آخر بشأن الجريمة طالما وقعت الجريمة في إقليمه الوطني.
المبحث الثالث:
حماية العلامة التجارية عبر الإنترنت
المطلب الأول: مفهوم العلامة التجارية

لعل استخدام العلامات التجارية المشهورة في اتمام النموذج الإجرامي المقرر لجريمة سلب المال من خلال التجارة الدولية عبر الإنترنت، يعد مركزياً في نطاق بحثنا، إذ في بعض الأحوال، وهي كثيرة، يلجأ الجاني إلى خداع المجني عليه، باستخدام علامة تجارية مزيفة لإيهام المجني عليه بجودة المنتج، أو بالسطو على حق استخدام العلامة التجارية واستخدمها دون علم مالكها في تنفيذ نموذج إجرامي. والواقع أنه في ظل حركة الاقتصاد الرأسمالي العالمي المعاصر صارت العلامة التجارية المشهورة محل احترام وتهافت من قبل المستهلكين على اقتناء السلع المنتجة في مصانع أو منشأت أصحاب تلك العلامات التجارية على الصعيد العالمي.
والعلامة التجارية، بوجه عام، هي كل ما يميز منتج معين سلعة كان أو خدمة عن غيره كالأسماء المتخذة شكلاً "مميزا"والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام والرسوم والرموز والنقوش البارزة أو مجموعة ألوان تتخذ شكلاً" مميزاً" وغيرها والعلامة التجارية تنقسم من حيث معرفة الجمهور بها إلى علامة عادية وعلامة مشهورة وهذه الأخيرة ظهرت نتيجة عولمة التجارة والتطور المذهل في وسائل الاتصال والدعاية والإعلان وهي تلعب دورا"متميزا"في الحياة الاقتصادية المعاصرة فإنها أول ما تثير انتباه المستهلك عندما توضع على المنتجات، لذلك فهي رمز يميز مصدر السلعة أو الخدمة، كما تعد وسيلة اتصال بين مالك العلامة ومستهلك البضاعة
واليوم يمكننا أن نرى المشروعات الاقتصادية تسعى في سبيل ترويج بضاعتها استعمال وسائل مغرية للجمهور تتمثل بعلامات مشهورة ومتميزة في ذاتها لكي تتمكن من خلالها استقطاب وجذب أكبر عدد ممكن من المستهلكين وتجعلهم يتعلقون بالمنتج وذلك من خلال وسائل الإعلان المتعددة كالإذاعة والتليفزيون والصحافة والمنشورات والملصقات التي توضع في الطرق العامة إذ غالباً ما ينظر المستهلك إلى العلامة التي تميز السلعة قبل أن يقرر شراءها، حيث إن العلامة تغني عن الفحص والبحث عن جودة المنتج لأن شهرة وسمعة العلامة تعني الجودة أو توافر الصفات التي يريدها المستهلك في المنتج وقد جرت العادة إلى إن السلعة التي لا تحمل علامة تجارية تكون رديئة الصنع
ونظرا للأهمية التي تتمتع بها العلامة التجارية المشهورة فقد حظيت بحماية خاصة تختلف عن غيرها من العلامات التجارية الأخرى، لذا فقد تعددت الاتفاقيات الدولية لحماية العلامة المشهورة ووضعت لها ضوابط ومعايير استرشادية للتعرف عليها وتمييزها عن العلامات العادية.
والعلامة التجارية المشهورة عبارة عن علامة تجارية عادية تخضع من حيث تعريفها وشروطها للأحكام العامة للعلامات التجارية(22)، إلا إنها أخذت تعرف في الأسواق وتثير انتباه العاملين في مجال الصناعة أو التجارة أو الخدمات لأنها توضع على منتجات ذات جودة عالية ومميزة مما جعلها تتمتع بشهرة عالمية وان هذه الشهرة تأتي نتيجة عدة عوامل منها، قدم استخدام العلامة، إذ أن استخدامها مدة طويلة على المنتجات أو الخدمات التي تميزها وذيوعها وكثرة توزيعها في الأسواق العالمية وكثرة الإعلان عنها وجودة الإنتاج وانتظام الخدمة وغيرها من ___________________
العوامل التي تجعل العلامة ذات شهرة عالمية، مثال ذلك) سوني) للأجهزة، و(مرسيدس) للسيارات، و(كوكاكولا) في مجال المشروبات الغازية، و(فيزا) في مجال بطاقات الدفع الالكتروني وغيرها.
والواقع أن أغلب التشريعات التي تناولت موضوع) العلامة التجارية المشهورة) لم تضع تعريفاً لها، سواء على مستوى القوانين الوطنية المقارنة أو الاتفاقيات الدولية، وإنما تركت الأمر لاجتهاد الفقه والقضاء، باستثناء القانون المصري الذي نص في المادة من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لعام 2002: "فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون، تعتبر علامات تجارية الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام والرسوم والرموز وعنوانات المحال والدمغات والأختام والتصاوير والنقوش البارزة وأية علامة أخرى أو أي مجموع منها إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم في تمييز منتجات عمل صناعي او استغلال زراعي او استغلال للغابات او لمستخرجات الأرض او أية بضاعة للدلالة على مصدر المنتجات او البضائع او نوعها او مرتبتها او ضمانها او طريقة تحضيرها او للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات". وسوف نعالج هذا النص لاحقاً.
كما يوجد تعريف المشرع الأردني الذي عرف العلامة التجارية في المادة الثانية من قانون العلامات التجارية رقم 27/2009، المعدل بأنها:" العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوز شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسبت شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمي" .وكذلك المشرع الإماراتي الذي عرفها في المادة الرابعة من قانون العلامات التجارية الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة رقم 8/٢-;-٠-;-٠-;-٢-;- المعدل بأنها:"العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوز حدود البلد الأصلي للعلامة إلى البلاد الأخرى"(23)
أما بالنسبة للفقه فقد عرف العلامة التجارية المشهورة بتعريفات مختلفة تكاد تكون أغلبها متطابقة من حيث المضمون والمعنى. فقد عرفها البعض بأنها: العلامة ذائعة الصيت أي المعروفة لدى قطاع واسع من الجمهور وتتمتع بمكانة مرموقة وسمعة طيبة(24) في حين عرفتها البعض الآخر"بأنها :العلامة التي تتمتع بمعرفة واسعة بين جمهور المستهلكين وبسمعة ودعاية على مستوى العالم ولها قيمة مالية عالية في السوق(25) كما عرفت أيضا بأنها:" العلامة التي فرضت ذاتها على الجمهور بازدياد الاستعمال والدعاية التي كانت محلاً لها".
أما على المستوى القضائي، فيمكننا أن نلاحظ ان محكمة استئناف باريس عرفتها في حكمها الصادر في 17/1/1999 بأنها:"العلامة المعروفة لدى عدد من الجمهور وتتمتع بسلطة جذب له، مستقلة عن المنتجات أو الخدمات التي تمثلها وتكون لها أهمية كبيرة لدى المستهلكين"(26)
المطلب الثاني: تنظيم وحماية العلامة التجارية.
وفقاً للمعايير العامة للعلامة التجارية المشهورة وفقاً لاجتماع الجمعية العامة لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية والجمعية العامة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية في 25 سبتمبر 1999بشأن الأحكام الخاصة بالعلامات التجارية المشهورة، يمكننا استخلاص مجموعة القواعد أو المعايير التي يمكن الاسترشاد بها لتحديد متى تعد العلامة التجارية مشهورة. وفي ضوء ذلك يمكننا تقسيم معايير شهرة العلامة التجارية إلى قسمين وهي معايير موضوعية، ومعايير شخصية .ثم نعقب ذلك بالتعرف على موقف المشرع المصري.
أولاً: المعايير الموضوعية
أشارت التوصية المشتركة التي صدرت بشأن العلامة التجارية المشهورة إلى عدة معايير موضوعية يمكن الاستناد إليها لتحديد شهرة العلامة وذلك في المادة الثانية التي نصت على: تراعي السلطة المختصة على وجه الخصوص المعلومات المقدمة إليها بشأن العوامل التي يستخلص منها إن العلامة معروفة جدا بما في ذلك المعلومات المتعلقة بما يلي على سبيل المثال لا الحصر وهي كالآتي:
أولاً: مدى شهرة أو معرفة العلامة في قطاع الجمهور المعني، ويمكن تحديد ذلك عن طريق الدراسات الاستقصائية للأنماط الاستهلاكية واستطلاع آراء المستهلكين وهذا يعرف بالمسح الشامل أي اخذ عينة من جمهور المستهلكين وتوجيه الأسئلة لهم عن مدى معرفتهم بعلامة تجارية معينة ودرجة معرفتهم بها.
ثانياً: مدة الانتفاع بالعلامة أو مدة استعمالها بأي وجه من الوجوه، ومدى ذلك الانتفاع أو الاستعمال ونطاقه الجغرافي، ويمكن تقدير شهرة العلامة وفقا" لهذا المعيار من خلال المبيعات من المنتجات أو الخدمات ومدى إسهام العلامة في سوق هذه المنتجات وطول فترة تواجد المنتج الذي تحمله العلامة في الأسواق التجارية. إضافة لذلك فان التوصية المشتركة أشارت في المادة الثالثة إلى عدم جواز اشتراط الانتفاع الفعلي بالعلامة في الدولة التي يراد فيها حمايتها باعتبارها علامة شائعة الشهرة، إذ يكفي أن تكون العلامة معروفة فيها نتيجة لحملات الدعاية والإعلان، مثال ذلك علامة) كوكا كولا) كانت معروفة في الاتحاد السوفيتي السابق من خلال الدعاية والإعلان بالرغم من عدم توافر المنتج في الأسواق السوفيتية(27)
ومع ذلك فقد يكون من المفيد، وفقاً لمعايير باريس، لإثبات معرفة الجمهور بتلك العلامة في دولة معينة تقديم ما يدل على استعمالها في دولة مجاورة أو في دولة تنطق باللغة أو اللغات ذاتها أو في دولة لها علاقات تجارية وثيقة بها أو دولة تمتد إليها وسائل الإعلام الخاصة بالدولة التي يراد فيها حماية العلامة كعلامة مشهورة ويدخل في عداد ذلك استعمالها على شبكة الانترنت
ثالثاً: مدة الدعاية والإعلان عن العلامة ومدى نجاح حملات الدعاية والإعلان ونطاقها الجغرافي وعرض السلع والخدمات التي تميزها العلامة في المعارض والأسواق الترويجية الوطنية والدولية. لذا فان طول المدة الزمنية لوجود العلامة في الأسواق يشكل عاملاً يدل على شهرة العلامة، فكلما زاد عمر العلامة في الأسواق زادت قدرتها على التميز واكتسبت شهرة.
رابعاً: عدد البلدان التي سجلت فيها العلامة أو قدمت إليها طلبات التسجيل ونطاقها الجغرافي والمدة الزمنية التي مضت على تسجيلها فقد يكون عدد تسجيلات العلامة في العالم ومدة تلك التسجيلات مؤشرا يسمح للبت في إمكانية اعتبار العلامة مشهورة.
ولا يشترط أن تكون العلامة مسجلة في كل البلدان باسم صاحب العلامة؛ فقد تكون مملوكة لعدة شركات مختلفة تعمل في بلدان متفرقة ولكنها تنتمي الى مجموعة واحدة أو تربطها صلات وثيقة أو علاقات مشاركة وتعاون. لذلك فأن تسجيل العلامة في أكثر من دولة يسبغ عليها نطاق الحماية في الدول التي سجلت فيها بغض النظر عن استعمال العلامة من عدمه.
خامساً: الحالات التي تم فيها إنفاذ الحقوق المتصلة بالعلامة، ولاسيما الحالات التي تم فيها تمييز العلامة كعلامة مشهورة من قبل الجهات المعنية، أي الحالات التي صدر فيها قرارات من السلطات المختصة تم الاعتراف فيها بأن العلامة مشهورة.
سادساً: قيمة العلامة في الأسواق التجارية أو الخدمية. حيث تقوم المؤسسات او الهيئات الدولية المتخصصة في مجال العلامات التجارية بتقدير القيمة السوقية للعلامة حسب معايير وأساليب متفق عليها فكلما كانت القيمة المالية للعلامة التجارية مرتفعة كان دليلاً على شهرتها أي كلما زادت شهرة العلامة وسمعتها زادت قيمتها المالية.
والجدير بالذكر أن هذه العوامل وردت على سبيل المثال لا الحصر أي هي مجرد عوامل استرشادية لتحديد مدى اعتبار علامة ما مشهورة، فإنها ليست عوامل حاسمة في هذا الشأن، حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية على أن العوامل المذكورة أعلاه وضعت لتسترشد بها السلطة المختصة عند البت فيما إذا كانت العلامة شائعة ويتوقف البت في كل حالة على الظروف الخاصة بتلك الحالة... على أن تراعي السلطة المختصة في تحديد ما إذا كانت العلامة شائعة الشهرة أية ظروف قد يستخلص منها ان العلامة معروفة جدا.
وهذا يعني ان محكمة الموضوع لها سلطة تقديرية في استخلاص مدى شهرة العلامة التجارية من واقع أدلة الإثبات التي تقدم إليها أثناء نظر النزاع مهتدية في ذلك بعدة معايير استرشادية أي لا تعد شروطا يجب أن تلتزم بها السلطة المختصة عند الفصل في مسألة ما إذا كانت العلامة مشهورة أم لا، فأن البت في هذه المسألة يتوقف على الظروف المحيطة بكل حالة على حدة، فأن قاضي الموضوع له مطلق الحرية في الأخذ بهذه العوامل جميعا أو بعضها أو عدم الأخذ بها وفقا لطبيعة النزاع المعروض.
ثانياً: المعايير الشخصية
المعيار الشخصي وهو الذي يتعلق بمدى معرفة العلامة لدى قطاع الجمهور المعني، وان الجمهور المعني يختلف تبعا لما توجه إليه السلعة أو الخدمة فإذا تقدم إلى المجتمع ككل فالجمهور المعني هو المجتمع بصورة عامة، أما إذا كانت تقدم إلى فئة أو طبقة معينة من المجتمع كالمتخصصين في مجال معين فالجمهور المعني هنا هو هذه الفئة من المتخصصين.
ويمكننا ملاحظة إن غالبية التشريعات، ومنها القانون المصري كما سنرى، كفلت حماية موسعة للعلامة التجارية المشهورة استثناء من مبدأ الإقليمية الذي يشترط لحمايتها أن تكون مسجلة في إقليم الدولة المطلوب منها الحماية. وان هذه الحماية الواسعة للعلامة المشهورة تلبي رغبة مالكي هذه العلامات الذين بذلوا الجهود والنفقات في سبيل تحقيق أكبر قدر ممكن من الشهرة لعلاماتهم التجارية من أجل زيادة مبيعات المنتجات التي تحمل هذه العلامة وبالتالي زيادة أرباح المشروع، لذا يكون من العدالة أن تتمتع العلامة المشهورة بهذه الحماية الواسعة لتحقيق مصلحة مالكها وكذلك مصلحة مستهلكي المنتجات التي تغطيها العلامة. إذ إن هذه الحماية تضمن لهم عدم الوقوع في الخلط أو اللبس حول مصدر المنتجات لأنه سوف تتوافر لديهم الثقة بأن هذه المنتجات من مصدرها الأصلي وغير مقلدة.
ثالثاً: القانون المصري

ی-;-ختلف القانون 82 لسنة 2002 المنظم لحمای-;-ة حقوق الملكی-;-ة الفكری-;-ة عن سائر القوانی-;-ن المنظمة لصور الملكی-;-ة الأخرى، فمحل الحق في ھذا القانون لا ی-;-قع على مال مادي سواء كان عقاراً أو منقول بل ی-;-قع على مال معنوي غی-;-ر ملموس لھا قی-;-مة مالی-;-ة، وی-;-سعى القانون لحمای-;-ة ھذا الحق من الجانبی-;-ن الجانب المعنوي والمتمثل في حق المؤلف أو المخترع في نسب الملكی-;-ة إلی-;-ھا والجانب المادى والمتمثل فى حقه فى الحصول على الكسب المادي من وراءه لی-;-تمكن من الأستمرار.
الفصل الثاني
الحماية القانونية للعلاقات التجارية
عبر الإنترنت على الصعيد الدولي
المبحث الأول: مشروع منظمة الأمم المتحدة لقانون التجارة الالكترونية.

أولاً: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
خصصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التابعة للأمم المتحدة جدول أعمالها في عام 1998 بشكل رئيسي للتجارة الالكترونية، منطلقة من إيمانها بأهمية المكانة التي صارت التجارة الالكترونية تحتلها، وعليه، عبرت المنظمة عن اتجاهها على أساس مؤداه ان التجارة الالكترونية تتطلب حلولاً دولية في مرحلة تنظيمها، لان الحلول المتباينة بين الدول على اختلاف قوانينها وشرائعها، لا تتفق مع الطبيعية العالمية لهذا النمط من الاعمال، ولأن التباين قد يقيم حدوداً لا تقبلها التجارة الالكترونية.
ويعد المؤتمر العالمي للتجارة الالكترونية الذي عقد في الفترة من 7-9 اكتوبر 1998 في مدينة أتاوا، من أبرز انشطة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في ميدان التجارة الالكترونية؛ حيث حضره نحو ألف مندوب يمثلون الدول الاعضاء في المنظمة وشارك عنها الوزراء وكبار المسؤولين عن التجارة والاقتصاد في هذه الدول وممثلو الاتحادات النوعية التجارية والصناعية، وممثلو مجموعات المستهلكين، والمنظمات غير الحكومية الاقتصادية والاجتماعية.
ناقش المؤتمر على مدى يومين مسائل بناء الثقة لدى الزبائن والمستخدمين، وتحديدا معايير وقواعد حماية الخصوصية والبيانات الشخصية المخزنة في النظم والمتبادلة بين شبكات المعلومات، ومسائل أمن المعلومات التجارية على الخط وسياسات التشفير لمعلومات وبيانات القطاعين الخاص والعام، ومسائل حماية المستهلك وتحديدا قواعد الاختصاص القضائي وحل المنازعات وحقوق الاعلان على الانترنت والحماية من الانشطة غير القانونية والزائفة، وتناول المؤتمر المسائل التي من شانها أن تجعل التجارة الالكترونية، عبر تنظيمها القانوني المحكم مشابهة تماما للتجارة التقليدية وما تكرس ضمنها من قواعد كفلت قبولها والثقة فيها.
كما تناول المؤتمر مسائل الدفع النقدي والتحويلات المالية عبر شبكات الاتصال والانترنت وحماية وسائل الدفع الالكتروني ومسائل العقود الالكترونية والتواقيع الالكترونية والسياسات الضريبية المتصلة بالتجارة الالكترونية ودور القطاعين العام والخاص في تنظيم اعمال التجارة اللاكترونية.
وقد توقف المشاركون في المؤتمر أمام المتطلبات التقنية للتجارة الالكترونية والخطط والاستراتيجيات اللازم اتباعها في ميدان صناعة التقنية والاتصال وضمان البنية التحتية الآمنة لهذه الانماط من الانشطة المستجدة وعرج المشاركون على مسائل تعظيم منافع التجارة الالكترونية وتجاوز مشكلاتها عبر الاستراتيجيات الوطنية الشاملة لحماية المعلومات وضمان سلامة وامن الانشطة التجارية، والتنظيم القانوني لمشكلات التسليم المادي للبضائع والتنفيذ المادي للخدمات غير التقينة.
وقد إنتهى المؤتمر إلى اقرار عدد من الآليات وتحديد مناطق الإهتمام القانوني الرئيسة، وشملت التوصيات تكليف المنظمة نفسها بوضع خطط العمل وتكليف المنظمات غير الحكومية والحكومية الدولية لاجراء الدراسات ووضع التصورات وذلك لجهة إنفاذ الإعلانات الصادرة عن المؤتمر بشأن حماية الخصوصية وامن الشبكات وحماية المستهلك والموثوقية في التجارة الالكترونية، واتباع السياسات الضريبية التي تمنع أية قيود أو اعباء على النشاط التجاري الالكتروني(28).
ثانياً: لجنة قانون التجارة الدولية (اليونسترال)
لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة، وتُعرف اختصاراً باسم (اليونسترال) هي وتضم في عضويتها غالبية دول العالم الممثلة لمختلف النظم والشرائع القانونية الرئيسة، (اللاتينية، والجرمانية، والأنجلوساكسونية، والإسلامية) وغرضها الرئيس نفي التناقض والتعارض بين القواعد القانونية الناظمة للتجارة الالكترونية وتحقيق وحدة القواعد المتبعة وطنياً في التعامل مع مسائل التجارة العالمية، وقد حققت اليونسترال العديد من الانجازات في هذا الميدان أبرزها ابرام عدد من الاتفاقيات الدولية أشهرها اتفاقية فينا للبيوع الدولية لعام 1980 والاتفاقيات الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي وغيرها .
وانطلاقاً من ادراك اليونسترال ان التجارة الالكترونية تفترق عن غيرها في حاجتها الى قواعد موحدة عالميا منذ البداية، فقد كانت اليونسترال الأكثر وعياً لأهمية توحيد القواعد القانونية الناظمة للتجارة الالكترونية، ويسجل لها الريادة في التعامل مع هذا الهدف؛ ففي عام 1996، واستناداً الى دراسات شاملة بدأ بعضها منذ عام 1985، لواقع الشرائع القانونية المختلفة ومواقفها من مسائل التعاقد عن بعد ومشكلات الاثبات في القوانين الوطنية، أطلقت اليونسترال القانون النموذجي للتجارة الالكترونية، وذلك بغية مساعدة الدول لتحديد المواد الواجب تضمينها لمثل هذا التشريع إلى جانب رغبتها وأملها أن يعتمد القانون النموذجي المذكور من سائر الدول لما سيحققه من انسجام وتوافق، خاصة ان مواضيع التجارة الالكترونية، وتحديداً الإجرائية منها ذات طبيعة دولية لا تتأثر في الغالب بالقواعد القانونية الوطنية المتباينة بين الدول.
وتحليل محتوى القانون النموذجي يظهر ان اليونسترال تسعى إلى ايجاد توازن بين التجارة التقليدية والتجارة الالكترونية وتحديداً فيما يتعلق بانشطة التحويل النقدي عبر الشبكات والتعاقد باستخدام وسائل التقينة، ويعالج القانون موضوع العقود وابرامها ومسائل التواقيع الالكترونية ومعايير الأمن والحماية اللازمة للبيانات الشخصية وغيرها من الموضوعات(29).
وحتى الآن، تم تبني هذا القانون بوضعه المقرر من اليونسترال من قبل سنغافورة وولاية الينوي في الولايات المتحدة الامريكية، واعتمدت غالبية قواعده حتى بشكل مطابق في الكثير من الحالات من قبل الدول التي سنت تشريعات متصلة بالتجارة الالكترونية كاسبانيا، والولايات المتحدة الامريكية، ومن بين الدول العربية فان مشروع قانون التجارة الأردني اعتمد بشكل أساسي على قانون اليونسترال النموذجي مع معالجات لعدد من الموضعات التي لم يعالجها القانون النموذجي، كما ان مشروع القانون اللبناني في حقل التوقيع الالكترونية إعتمد في أحكامه أيضا على عدد من احكام القانون النموذجي.
والواقع أن الحلول المتضمنة في القانون النموذجي تعد أيضا أساساً معتمداً لدى غالبية الدول التي وضعت استراتيجيات أو دراسات أو وثائق مرجعية أو أدلة إرشادية متصلة بالتجارة الالكترونية، كما هو شأن اليابان وكندا.
والجدير بالذكر ان قانون اليونسترال النموذجي لم يتعرض لعدد من مسائل التجارة الالكترونية لما تثيره من تناقضات بخصوص المعاير المتعين اعتمادها، كمسائل الاختصاص القضائي والملكية الفكرية وأمن التعامل التجاري الالكتروني وغيرها.
المبحث الثاني: اتفاق منظمة التجارة العالمية والتجارة الالكترونية.
حينما ضرب الركود الاقتصاد الرأسمالي العالمي في منتصف القرن الماضي هرع قادة العالم الرأسمالي آنذاك إلى مائدة المفاوضات، من أجل البحث عن صيغة للخروج من الأزمة، وكان أنسب الحلول هو العمل على فتح أسواق الأجزاء المتخلفة من النظام الرأسمالي المعاصر من أجل تصريف سلع وخدمات الأجزاء المتقدمة، وبناء عليه انعقد في هافانا مؤتمر دولي ضم ثلاثة وعشرين دولة، من أجل عقد اتفاقية عالمية تقيل الاقتصاد الرأسمالي من عثراته. بعد أن توقف الاقتصاد عن السير في زمن الأزمة(30)
وقد قامت هذه الاتفاقية على مبادئ تحرير التجارة وازالة القيود أمام حركة البضائع، واريد لهذه الاتفاقية والاطار التنظيمي لها ان يمثل الضلع الثالث للنظام التجاري العالمي الجديد الى جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير، وعلى مدى ثمانية جولات من المفاوضات تم تأسيس منظمة التجارة العالمية الوريث الجديد للاتفاقية القديمة، وذلك في 15 نيسان 1994 بموجب اتفاقية مراكش بالمغرب، وتتضمنت الإتفاقية العالمية ثلاث إتفاقيات رئيسية:
الإتفاقية الأولى: الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة (جات) وهي الاتفاقية المتعلقة بالتجارة في البضائع وتمثل اتفاقية الجات الأصلية مع تطوير لمبادئها العامة وتوسيع لنطاق المنتجات والبضائع موضوع ملاحقها التفصيلية.
الإتفاقية الثانية: الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات(جاتس) والتي جرى وضعها لمواجهة النشاط التجاري المستجد في ميدان خدمات النقل والخدمات المالية والاتصالات والخدمات التقنية والاستشارية وغيرها.
والإتفاقية الثالثة: إتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بالملكية الفكرية (تربس) والتي تتعلق بمسائل حقوق المؤلف والعلامات والأسرار التجارية وبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية والدوائر المتكاملة والمؤشرات الجغرافية والقواعد العامة المتصلة بالملكية الفكرية وعلاقتها بالتجارة العالمية.
أما بالنسبة للتجارة الالكترونية، فقد أصدرت منظمة التجارة العالمية في بداية عام 1998 الدراسة الخاصة حول التجارة الالكترونية ودور المنظمة في هذا الميدان وتناولت هذه الدراسة التي حملت عنوان: آليات التجارة الالكترونية، وما يتعلق بمباشرتها باستخدام الانترنت، وتوصلت الى اعتبار التجارة الالكترونية ضمن الانشطة التجارية التي تستوعبها وتطبق عليها الاتفاقية الدولية الخاصة بالتجارة في الخدمات.
وقد حددت المنظمة موقفها الرسمي من التجارة الالكترونية في مؤتمر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المنعقد في اتاوا في شهر اكتوبر 1998، فجاء على لسان مديرها العام في ذلك الوقت ان المنظمة لا تسعى لوضع قواعد جديدة خاصة بالتجارة الالكترونية، وانما تسعى لاستخدام التنظيم القانوني القائم والمحدد ضمن اتفاقية الجاتس الخاصة بالتجارة في واتفاقية التربس والاتفاق الخاص بخدمات الاتصال(31).
المبحث الثالث: التجارة الالكترونية في ظل التشريعات التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي.
ان الدور المميز الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي(31). ومجلس اوروبا في صياغة قواعد موحدة للدول الأوروبية يظهر بشكل رئيس في ميدان التشريعات التجارية والاقتصادية، ويمتاز هذه الدور بانه يمارس بالاستناد الى دراسات واسعة لجهات خبرة مميزة، وقد اطلقت كافة الدول منفردة وضمن النشاط الاقليمي لاوروبا استراتيجيات وخطط بشان التجارة الالكترونية تمهيدا لاصدار التشريعات القانونية المناسبة، وتنطلق دول اوروبا من الحاجة للعديد من التشريعات السابقة على التجارة الالكترونية لتغطية المسائل ذات العلاقة بأمن
المعلومات وتدفقها وحماية الخصوصية وحماية استخدام الكمبيوتر والشبكات.
وقد سنت في غالبية دول اوروبا قوانين حماية البيانات الخاصة، وقوانين تنظيم انتقال المعلومات داخليا وعبر الحدود وقواعد تنازع الاختصاص في ميدان الانشطة التقنية وقواعد حماية الملكية الفكرية في بيئة التقنية العالية وقواعد تنظيم الدفع الألكتروني عبر الشبكات، ولعل دول أوروبا تتقاطع مع النموذج القانوني الموحد للتجارة الالكترونية الموضوع من قبل اليونسترال، وتمثل التجربة الاوروبية نموذجا مميزاً للدراسة لجهة الإفادة من الدراسات العميقة التي تسبق وترافق اقرار أي قانون.
الواقع ان التجربة الأوروبية تتميز بوضع أدلة تشريعية إرشادية من قبل هيئات الإتحاد الأوروبي تتناول التحديات التي تظهر في الواقع الأوروبي وتسعى الى توحيد الحلول والتدابير المتخذة من الدول الاوروبية.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الاقتصادي لكارل ماركس
- من العلم (أي: الاقتصاد السياسي) إلى الفن التجريبي (أي: الاقت ...
- منهجية مقترحة
- القيمة النسبية
- الهروب من الوطن (4)
- الهروب من الوطن (3)
- الهروب من الوطن (2)
- الهروب من الوطن (1)
- التوزيع عند الكلاسيك وماركس
- النظرية العامة للتوزيع في الاقتصاد السياسي
- الخلاصة في المسألة السودانية
- الموجز في تاريخ الاقتصاد القياسي
- نقد الاقتصاد السياسي: مقدمة الطبعة الخامسة
- ما القيمة؟
- أقدم ديموقراطيه في التاريخ، للباحث محمد عبد الحق
- هيكل الصناعة العسكرية في إسرائيل، للباحث هاني محمد وصفي
- نماذج تجديد الإنتاج عند كارل ماركس، للباحثة سحر حنفي محمود
- الاقتصاد في العالم الشرقي القديم، للباحث محمد عبد الحق
- لماذا اتخذ ماركس من إنجلترا حقلاً للتحليل؟
- الشركات دولية النشاط، للباحث أحمد مجدي الشرقاوي


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد عادل زكي - التجارة الألكترونية