أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر محمد نزار إسلامبولي - رد على مقال أزمة القرءانيين ليوسف هريمة















المزيد.....



رد على مقال أزمة القرءانيين ليوسف هريمة


سامر محمد نزار إسلامبولي

الحوار المتمدن-العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 17:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رد إسلامبولي على مقال
(سامر إسلامبولي وأزمة القرآنيين )
تحية طيبة وبعد
قرأت مقال الأخ يوسف بوعي وتركيز من باب الحرص على النقد البناء ، وذلك كي أقوم بعملية التحديث لمنهجي وأفكاري ، فتفاجأت من سطحية المقال ، وطريقة تناوله للأفكار ، وتخبطه، وعدم قدرته على استيعاب الأفكار والتمييز بينها ، رغم أنه يتهم منهجي بالتناقض ، وأعدت قراءة المقال مرة ثانية لعلي أرى التناقض الذي اتهمني به ، فوجدت إساءة فهم وقصور ، وتعالي في التقويم ، والحكم على الآخرين وكأنه لجنة تحكيم أو إشراف على رسالة بحث أعدت لنيل الدكتوراة !. وظهر ذلك جلياً عندما اقتطع جملة من تعليق لي على تعليق أحد الأخوة ، وجعلها عمدة نقده وتقويمه ، واختار من المقالات مقال له وضع خاص ، موجه في أساسه لجمهور المسلمين ، ومن يعاني من هذه الإشكالات في الروايات الحديثية المتعلقة بحفظ النص القرآني وتواتره(تتابعه) ، وأهمل المقالات المتعلقة بالدراسات اللسانية مثل (نشأة اللسان العربي ) ومفهوم (الترادف والتضاد في اللسان) (ودلالة أصوات الأحرف العربية )، والمقالات المنهجية ، والمقالات المتعلقة بالأصول ،كل ذلك الكم من المقالات، التي تُعطيه فكرة مفصلة عن المنهج الذي أعتمده في البحث ، وأحاول أن أقربه للقراء ، ولكن تم تغييب هذه المقالات، وأبعدها عن الدراسة والتقويم !، فمن يريد أن يعرف منهج باحث ينبغي عليه أن يقرأ معظم ما كتب، أو أهم ما كتب ، فيخرج معه المنهج المعتمد ، ويتم استخدامه لفهم باقي الأبحاث بصورة واعية، أما صاحبنا فقد قرأ القصص والتعليقات، ومن المعلوم أن كتابة القصة لا تخضع لمنهج صارم ، فيمكن أن يتساهل الكاتب في طريقة تناوله للأفكار ، ويستخدم أسلوب ساخر غير موجه إلى القارئ ، وتهدف القصة تبسيط الأفكار ، وتسطيح أو تهزيل الأفكار التي يعتقد الكاتب خطأها من وجهة نظره .
وأقول لصديقي يوسف، قبل أن تقوم بتقويم فكر الآخرين ، كان ينبغي أن تُقَّوِم فكر المنهج الذي تنتمي إليه ، الذي لم يتشكل جَنينّياً بعد ، وفيه من الإشكالات ما يجعله من وجهة نظري مثل التيار التراثي السائد، ولكن على الطرف المضاد له تماماً ، وكان يمكن أن أقوم بعملية نقده ، ونقضه على غرار مقالك ، ولي تجربة صغيرة في ذلك آثرت على موجبها عدم الدخول في عملية الحوار والنقاش معكم لقناعتي بعدم جدواها ، وذلك لرفض الأمور البديهية ، ومطالبة الآخر بإعادة إثبات ما هو ثابت ، ورفض فكر الآخر دون برهان ، والنتائج منشورة في المنتدى ومعلومة للجميع .
وإن كنا نحن رفضنا قدسية الحديث ، وتمسكنا بالقرآن ، فأنتم في لسان الحال رفضتم قدسية القرآن ذاته، وأفرغتم محتواه ، وقمتم بتفصيل جديد لمحتوى القرآن أوصلكم لإنكار الصلاة الشعائرية، وما يترتب عليها من أحكام وشروط، وأنكرتم الصيام ، وأحللتم أكل لحم حيوان الخنزير ، وجعلتم الخنزرة صفة إن أصابت لحماً معيناً يتم تحريمه ، وجعلتم ضرب الخمار على الجيوب هو إزالة الأوساخ والروائح الكريهة من فتحات جسم الذكور والإناث،وقلتم الذكر ليس هو الذكر المعروف، وكذلك الأنثى ليست هي الأنثى المعروفة، والملائكة هي كواركات !.
إلى غير ذلك من الأحكام والمفاهيم الغريبة والعجيبة!، التي أقل ما يقال عنها أنها هراء.
صديقي يوسف !
تمنيت أن يُحالفك الحظ فتصيب في عملية نقدك لمنهجي ، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .
والآن سوف أتعرض لمدخل مقالك باختصار ، وأنتقل لنقد شبهاتك و إشكالياتك، لأُظهر لك التخبط والضياع، الذي وقعت فيه حضرتك، مع احترامي لك .
1- قام الأخ يوسف بالتفكير عني، وشق عن ما في نفسي فقال : ( يعتقد بأنه هو الأجدر والأهل بأن يكون التيار السائد في المنتدى ).
أنا لم أدخل إلى المنتدى لأجعل ما أعتقده من منهج وفكر صواب هو السائد والرائد في المنتدى ، ولم يخطر ذلك على ذهني قط ، وإنما دخلت مشاركاً في إبداء ما أراه صواباً ، ولإطلاع الآخرين عليه، لعلي أستفيد من مداخلاتهم وتعليقاتهم، وفي ذات الوقت أفيدهم، وأساهم في تحريك الحوار والدراسة.
2- وقال أيضاً عني: ( منطق التجاهل الذي يستعمله في الكثير من مقالاته عن طريق لغة استيعابية متعالية في الزمان والمكان عن الآخر ...- إلى قوله – بمنطق تبسيطي اختزالي تهكمي في الكثير من الأحيان عبر أسلوب قصصي يستهزئ من عقل القارئ ....)
- إن تبسيط واختزال الفكرة ، وتوصيلها بأسهل أسلوب ، هو مطلب للقارئ ، وأنا أهدف توصيل ذلك له توضيحاً وفهماً ، ولا أهدف عرض العضلات، وتعقيد المقال ، من خلال استخدام مصطلحات خاصة، أو أسلوب متعالي لا يفهمه إلا القلة ، وذلك إن كان هذا المقال المتعالي في أسلوبه يحتوي على شيء أصلاً .
- أما أسلوب القصص فليس هو للسخرية من القارئ أبداً ، إلا إن تماهى القارئ مع القصة، وأسقطها على نفسه،كما فعل بعضهم، فهذه مشكلته هو، وليس مشكلتي أنا، مع العلم أن هذه القصص قد كُتبت ونُشرت سابقاً في موقع شباب مصر، وذلك للمستوى الثقافي الموجود هناك، ونشرتها في المنتدى من باب المشاركة والطرفة، وكذلك معظم مقالاتي ، قد تم نشرها سابقاً في غير موقع المنتدى ، فهي لم تكتب للمنتدى بصورة مباشرة .
لذا ، لا يصح معرفة الكاتب، وتحليل منهجه، ودوافعه في مكان معين لم يتم الكتابة له حسب مواصفاته واهتماماته ، وخاصة أن القراءة والتقويم كانت قاصرة على القصص، وكان ينبغي على الأخ يوسف أن يترفع عن هذا الأسلوب، والنظر في محتوى ومضمون المقالات، التي تناولت الموضوع بصورة دراسية، مثل مقالاتي المتعلقة باللسان العربي ، ومقالاتي المنهجية مثل ( هل يمكن أن ندرس القرآن منفصلاً عن الواقع ) والأصولية مثل ( السنة غير الحديث ) وغيرها من المقالات .
3- اعتماده على مقال ( توثيق النص القرآني )
إن هذا المقال موجه بالدرجة الأولى لمن يتعامل مع التراث والنصوص ، فهو طريقة علاجية وتوليف بين النصوص التاريخية، للأخذ بيدهم ، والرقي بهم إلى مستوى التعامل مع القرآن مباشرة ، وهذا اقتضى استخدام أسلوب المجاراة في البحث والتفكير، واستخدام أدلة الآخرين للخروج بهم من الدائرة التي تقيدهم .
4- كل من يقرأ مقالاتي يُدرك تماماً دعوتي إلى التفريق بين الفهم الإنساني، والنص القرآني ، ومطالبتي بعدم التماهي مع النص القرآني ، فالنص متاح للجميع أن يبحروا فيه، وبه ، والنتيجة التي يصل إليها الإنسان ليست هي نهاية أو سقف معرفي للنص ، وبالتالي لا تُلزم أحداً ، ولا تأخذ صفة الحق، وما سواها باطل .
فأنا مع تعدد القراءات للنص القرآني ، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد في القراءات حسن وأحسن ، وصواب وخطأ ، فهذه صفات لابد منها للقراءات ، ولابد أن يستمر الحوار، وإبداء الرأي، وسماع الرأي الآخر، وهكذا دواليك تتراكم المعارف، أما اقتطاعه جملة من تعليقي على تعليق أحد الأخوة، الذي قال فيما معناه : ( أن منهجك وتناولك للأفكار كان بطريقة متناقضة مما أدى إلى اعتراض بعض الأخوة عليه ورفضه ) فقلت : ( لا يوجد إشكالية ولا تناقض في منهجي ....) في معرض الرد عليه ، ومن المعلوم أن الردود والتعليقات لا تخلو من انفعال ومبالغة ،كما هو مشاهد، لذا؛ لا يصح أخذ هذه الجملة والبناء عليها بأن صاحبها يعتقد أن منهجه له صفة الحق المطلق !، وما يصل إليه من أفكار أيضاً حق . أي تماهى مع القرآن وأخذ صفته من كونه لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه !.
صديقي يوسف
ما هكذا يتم تناول الأمور ودراستها ، وأنت تعلم أن الإنسان لا يخلو من أعجمية في أسلوب كلامه، مهما حاول أن يُقلص هذه الصفة، لأنها لازمة لمحدوديته المعرفية، والإدراكية، والعلمية، والحفظية .
لذا؛ ما بنيته على هذه المقولة خطأ من حيث الواقع ، ولا قيمة برهانية لسردك فيما بعد،نحو قولك: ( ستتحول هذه الأفكار والمناهج لتصبح مراداً ومقصوداً لله)
وبعد هذا العرض ذهبت حضرتك لسرد أفكار ليست هي محل رفض أو خلاف بيننا، وما تطالب به، نحن نطالب به ، وما تعتقد به تجاه القراءات النسبية للقرآن، كذلك نعتقده ، فكما أنت ترجو الحقيقة وتتلمسها ،كذلك نحن ، ونضم تصورنا إلى تصورك عندما تقول :
(فالعلاقة مع القرآن حسب تصوري لها، لن تتأسس من خلال تيار ، أو من خلال منهج بذاته مع ضرورة ذلك . وإنما العلاقة مع القرآن هي علاقة كل فرد منا في جدليته مع هذا الكتاب ، أخذاً وعطاءً ، وشكاً وإيماناً ، وظناً واطمئناناً، فالحق لن يُعرف إلا من خلال التجربة الواقعية لكل منا في تعاطيه مع عمق هذا الكتاب ، ولن تتحول اجتهادات الآخرين، أو مقارباتهم باسم القرآن، إلى حقائق وجودية أو نفسية يتم تأطيرنا من خلالها ).
أما صفة التجاهل لمجموعة من التعليقات والتساؤلات، التي تتوجه إلى مقالاتي، فحضرتك غالباً قد قرأتها ، وأنا لي الحرية التامة في أن أرد على التعليقات، أو أن لا أرد ، وهذا لاعتبارات عندي ، منها:
أ- التساؤل موجود جوابه في المقال ذاته .
ب- التساؤل سخرية وتهكم .
ت- التساؤل خروج عن الموضوع .
ث- التساؤل للتعجيز .
ج- التساؤل ليريح القارئ نفسه من البحث.
ح- التساؤل للإثارة .
خ- طلب التحدي .
د- التساؤل بصورة إلزام بالجواب .
ذ- التساؤل من باب الترف والإطلاع .
ر- التعالم و التحاذق .
ز- التعالي في السؤال .
س- إعادة وتكرار ما هو مذكور في المقال ولكن بأسلوب آخر .
ش- طرح قول وإلزامي به وأنا لم أقله أصلاً .
إلى غير ذلك من الأمور، التي يدركها الإنسان القارئ في حال تصفح مقالاتي والتعليقات عليها . مع العلم أني قد قمت بالتعليق على مجموعة كبيرة منها ، وأحياناً أعلق وأنا كاره لذلك !.
وتعليق الأخ ( معروف ) على مقالك ووصفه لي ( بالتناقض وعدم الفهم وغير ذلك ) أكبر شاهد على ما أقول ، وخاصة أنك قد رددت عليه محاولاً إرجاعه إلى جادة الصواب ، ونقاش الأفكار، لا الأشخاص . فأنا من طرفي أنزه نفسي عن الرد على أمثال هؤلاء .
ونوهت على ذلك في بضع تعليقات، وطلبت من الأخوة أن لا يسيئوا الظن بي، ولا يقوموا بتحليل شخصيتي ، وذكرت عذري السابق ، وأضفت له انشغالي في البحث والدراسة والكتابة في أكثر من موضع . لذا؛ لا أرد إلاّ على السؤال الذي أراه أهلاً للرد عليه ، مع تجاوزات في بعض الأحيان .
ولكل مقام مقال ، وليس لكل سؤال جواب حاضر ، والصمت يُعَّد في بعض الأحيان جواب.
انظر على سبيل المثال إلى أحدث التعليقات:
1- يقول الأخ شهاب ( كيف يقول بأن اللغة التي نزل بها القرآن هي لغة بأصواتها معروفة أزلياً ) أين قلت ذلك !؟ وكيف أرد على قول لم أقله !؟ بل وأنا مخالف له تماماً .
ويستنكر قولي إن ترتيب سور القرآن كان من الصحابة، ويعتقد إن تغيير أماكن السور تقديماً أو تأخيراً يؤثر على دراسة النص القرآني ، وأنا أقول له : إن قمنا بترتيب نص القرآن ابتداءً من السور القصيرة إلى الأطول فالأطول ، ماذا يضر النص القرآني !؟ وماذا يؤثر على دراسته !؟ ولقد ذكرت سابقاً إن النص القرآني له منهج خاص في دراسته يتميز عن كتب ومؤلفات الإنسان ، لذا ، لا يضره تقديم أو تأخير سوره . أما أن نرفض الفكرة لمجرد عدم استساغتنا لها، أو غرابتها دون برهان نعرضه ، فهذا ليس موقفاً علمياً أبداً . فإن لم تقتنع بهذا فاعرض ما عندك مدعوماً بالبرهان على دعواك !؟ أو فاصمت .
2- يقول الأخ معروف ( لماذا يا سامر يقبل عقلك المتناقضات ويستسيغها)!؟
ويقول ( هنا السبب يعود لقصور في العقل بلا أدنى شك )!!!
ويقول ( ومن عدم صلاح عمل الأخ سامر ابتداءً )!!
هل هذا تعليق يصدر من إنسان واعي ؟ حتى أقوم بالرد عليه ! وأتساءل أين رقابة المشرف ؟ وما موقفه من ذلك ؟ ألا تُعَّد تلك الجمل إهانات ؟!
3- انظر إلى قول حضرتك تعليقاً على تعليق أحد الأخوة على مقال لي :
( مداخلة توصيفية بامتياز لعوار هذا الفكر ) !
كيف أرد على هذا العوار منك!؟ ألا يُحتمل أنك لم تستطع فهم المنهج فقلت عنه ذلك ! والإنسان عدو لما يجهله !
هل علمت يا أخ يوسف لما أتجاهل معظم التعليقات ! وأريد أن أقول لك بصراحة إن مضمون مقالك هو من النوع الذي أهمله عادة، ولا أرد عليه ! ولو لم تفرده بمقال خاص لما رددت عليه ، ولكن خشيت أن يتأثر آخرون بالمقال فقررت أن أرد، وأظهر عوار نقدك ( كلمة عوار استعارة من تعليقك ) .
ونأتي الآن إلى الرد على الإشكاليات التي ذكرها أخونا يوسف .

1- الإسلامبولي وتناقض المنهج .
- قال : (حين يجعل القرآن السبيل الوحيد للمعرفة الإنسانية إذ فيه كل شيء)
أين يا أخ يوسف قلتُ : إنّ القرآن هو السبيل الوحيد للمعرفة !؟
لو تصفحت مقالاتي لرأيتَ أني كتبتُ مقالاً بعنوان ( هل نستطيع أن ندرس القرآن منفصلاً عن الواقع ) ، وفي مضمون مقالات أخرى ذكرت أيضاً أن القرآن هو مصدر تشريعي إلهي وحيد، ولكن ليس مصدراً معلوماتياً، أو معرفياً، وحيداً، وإنما هو من أهم المصادر المعلوماتية والمعرفية بجانب الواقع وما ينتج عنه من علوم ومعارف على صعيد الآفاق والأنفس .
فهل أنا أو أحد غيري قال : إن القرآن مصدر معرفي وحيد لعلوم النفس والمجتمع، ويحتوي على كل شيء مما يريده الإنسان !؟
- أما قولك : ( هذا التيار ردة فعل طبيعية ، على ما خلفته الرواية من أثر نابعة عن عمق انفعالي لا علمي في كثير من الأحيان ، خاصة في تعاملها الانتقائي مع الرواية فهي تنكر الرواية وعلم الحديث ، ومن جهة أخرى تتبناه حين يعجزها الأمر عن الإجابة على إشكالات حقيقية في بنية الفكر الديني عموماً ، سواء انتسب إلى الرواية الأثرية أو إلى القرآن....) .
ألا ترى يا أخ يوسف إن القسم الأول من التيار القرآني ، الذي تنتسب إليه حضرتك ينطبق عليه المقولة الأولى ( ردة فعل طبيعية ...انفعالية ) لو صح قولك، وإن لم يصح فكِلا القراءتين محاولتين لتجاوز الأزمة ، وتدشين منهج ثقافي جديد قائم على الوعي والعلم ، مع تقاطع في كثير من قواعده ومنطلقاته ، رغم تطرف الاتجاه الذي تنتمي إليه حضرتك !!.
- أما قولك ( إننا ننكر الرواية وعلم الحديث ومن جهة أخرى نتبناه حين نعجز عن الإجابة على إشكاليات حقيقية ....)
فهذا مطب فكري كنت أنوء بك أن تقع فيه ، لأننا نفرق بالتعامل مع الحديث النبوي على وجهين:
الأول : مصدراً تشريعياً إلهياً ، وهذا ننفيه عنه تماماً ، وبالتالي ننفي قدسيته .
الثاني : مصدراً تاريخياً مثله مثل أي نصوص أخرى ، يخضع لعلم التاريخ في التعامل معه .
فإن كانت المسألة أحكاماً شرعية إلهية ، فالمصدر الوحيد هو القرآن ، وإن كانت مسألة تاريخية فالحديث نص تاريخي ، يُعد من المصادر التاريخية بعد القرآن ، ونتعامل معه بحذر ضمن منهج علمي خاص في دراسة التاريخ .
فقولي : ( علم مصطلح الحديث كذبة وخدعة كبيرة ...) هو مما يتعلق بالحكم على متن الحديث صواباً أو خطأً، وتعلقه بالدين ،إضافة لجعلهم الحديث مصدراً تشريعياً إلهياً بجانب القرآن، ولم يتم استخدام هذا الفن في الأخبار التاريخية ، لنعده وسيلة من وسائل تقويم الأخبار والأحداث ، فقد انحصر بأخبار الدين وأحكامه ، فمن هذا الوجه كان كذبة وخدعة كبيرة لوجود المصدر الإلهي (القرآن ) التشريعي حاضراً .
لذا؛ لا نحتاج إلى مادة الحديث النبوي، أو غيره في عملية التشريع الإلهي أبداً، ولم نقع في أي تناقض قط بين المنهج والتطبيق، وكل سؤال شرعي ينبغي أن يكون جوابه في القرآن، أو منه، ولم نشذ عن هذه القاعدة قط .
أما مثال الصلاة الذي يأتي به أهل التراث لضرب منهجنا ، هو ذات المثال الذي أتيت به حضرتك ، رغم أنك قرآني كما ادعيت ، وجوابنا واحد لكليكُما، الصلاة قد شرعها الله في القرآن من حيث الحكم والشكل وعدد الصلوات وأوقاتها ومقومات الركعة ، ناهيك عن أنها سنة الأنبياء والرسل جميعاً ، إضافة لتتابع فعل الصلاة من النبي نفسه، المعني بالخطاب ابتداءً ، والأمر بإقامة الصلاة الشعائرية لا علاقة له بالتطور المعرفي . فالصلاة ثابتة في القرآن ، وثابتة في سنة الأنبياء والرسل ، وثابتة في سنة المصطفى محمد -;-. أما الأذكار والأدعية فهي اختيار نبوي، لك أن تلتزم به ( وهو الأولى ) ولك أن تختار غير ذلك من القرآن لفظاً أو تأويلاً للآيات .
فأين مادة الحديث النبوي التي نعتمد عليها في تشريع الصلاة أو كيفيتها !؟
وعندما قلتُ : ( عندما جعل المسلمون مادة الحديث النبوي وحياً ومصدراً تشريعياً أصيبوا بالتخلف والانحطاط ....)
ينبغي أن تنتبه يا أخ يوسف ! وتُفرق بين نفينا القدسية الإلهية عن مادة الحديث النبوي ، وبالتالي ليس مصدراً تشريعياً ، وكل من يجعله مصدراً إلهياً يقع في عملية الشرك التشريعي المنهجي ، ويُصاب بالتخلف والانحطاط ، ويُشرع للناس ما لم يشرعه الله ، ويفرض على المجتمعات اللاحقة فهم وتفاعل المجتمع الأول .
وتعاملنا مع الحديث النبوي وغيره كمعطى تاريخي ، وله حق في ذلك مثل سائر النصوص الأخرى . لذا ؛ أنا أستغرب منك كيف وقعت في هذا المطب !؟ انظر إلى خلطك بين هذه المفاهيم، التتابع، السنة، الحديث، المصدر التشريعي الإلهي، المصدر التاريخي .
أخ يوسف
إن مفهوم التواتر(التتابع) ليس من علوم الحديث ، وَوُضع فيه لتعلقه بالأحداث والحديث والأخبار .
فهو من القواعد العقلية، ويدخل تحت ما يُسمى قواعد العقل، فهو من المنطق، وليس من مصطلح الحديث ! .
والتتابع قاعدة منطقية عقلية إنسانية ليست خاصة لمجتمع دون آخر، ولقد عرفت التتابع بأنه : ممارسة مجتمع شاهد لحدث واستمرار تلك الممارسة دون انقطاع للمجتمع اللاحق مع توسع دائرة التتابع (ظاهرة اجتماعية ثقافية) يُحيل العقل عادة تواطئهم على الكذب لتعلق الأمر بالممارسة وليس بالرواية .
لذا، ليس للتتابع سنداً، ومجرد أن ينحصر بسند، انتفى عن الحدث صفة التتابع ، وينبغي الانتباه إلى أن التتابع يجب أن يتحقق في الحلقة الأولى المشاهدة للحدث والممارسة له، ويستمر ذلك دون انقطاع .
فقاعدة التتابع تندرج تحت القواعد العقلية المنطقية، وليس تحت مصطلح الحديث .
- أما قولك ( ومتى كانت الكثرة دليلاً موضوعياً على حقيقة أو بطلان شيء)!؟ فهذا القول غير واضح القصد منه . فإن كنت تقصد بكلمة ( الكثرة ) التتابع، وكلمة (حقيقة أو بطلان) كيفية حصول الحدث، وتفسيره ومعرفة أسبابه وسننه ، فلا شك أن الكثرة ليس برهاناً أبداً لمعرفة ذلك، وتخضع معرفة الكيف للدراسة والتفكير باستخدام أرقى الأدوات المعرفية الممكنة للباحث. وإن كنت تقصد بقولك ثبوت حصول الحدث، فلا شك أن قولك باطل، لأن التتابع يُفيد قطعاً الحصول والإثبات للخبر ضرورة عقلية منطقية .
لذا؛ ينبغي أن تُفرق بين مسألتين، وهما :
أ- التتابع المستمر يُفيد حصول الحدث قطعاً .
ب-التتابع لا يصلح لتفسير ومعرفة كيف حصل الحدث أو الحكم عليه .
ومثل ذلك، مثل رؤية كسوف الشمس ، فالحدث حصل في الواقع ، ويتم نقل ذلك الحدث بصورة متتابعة ،مما يؤدي إلى قطعية الحصول ، وإثبات الخبر لمن لم ير الحدث بعينه . أما مسألة تفسير كيف حصل الكسوف فهو رأي للناس لا قيمة له، ولو تتابع ، لأن البرهان على الكيف، هو العلم، وليس التصور أو التخمين ، فالرواية للحدث، غير تفسيره والحكم عليه.
هل علمت يا سيد يوسف لماذا نحتج بالتتابع في إثبات حصول حدث !؟
وهل علمت أن التتابع ليس من مصطلح الحديث لانتفاء وجود سند له يخضع للجرح والتعديل والدراسة !؟
وبالتالي لا يوجد أي تناقض أبداً في المنهج نظرياً وعملياً .
واعلم أن النص القرآني؛ نصاً متتابعاً إنسانياً لارتباطه بالواقع حينئذ مع استمرار التفاعل معه في كل مجتمع لاحق، لذا؛ هو فوق الشبهات والإشكاليات من حيث ثبوته متناً ، أما مسألة مضمونه، وتعلقه مع محله من الخطاب، فهو متروك لكل مجتمع أن يقوم بقراءته حسب أدواته المعرفية ضمن محور الثابت والمتغير ( السيرورة والصيرورة )، فتستمر سيرورة القرآن نصاً ، وصيرورة فهمه دراسة وقراءة ، وتتراكم القراءات ويتم المُكث للقراءة النافعة .
سامر إسلامبولي ولعبة السنة والحديث .
صديقي يوسف المحترم .
إن اختلاف المبنى يؤدي إلى اختلاف المعنى ضرورة ، وأي زيادة في المبنى هي زيادة في المعنى . والنص القرآني كونه النص الوحيد الذي يمثل استخدام اللسان العربي بصورته الأصيلة العلمية، فقد حافظ على هذه القواعد، ومنه نستمد قواعد اللسان العربي.
فدلالة كلمة ( سنة ) في القرآن ، غير دلالة كلمة ( حديث ).
- {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الأحزاب62 .
- { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء 87 ، راجع مقالي ( السنة غير الحديث ).
وبناء على ذلك التفريق قمنا بدراسة سنة النبي ، وحديث النبي، وقلنا : إن سنة النبي هي منهج عقلاني مرتبط بمعطيات الواقع، يستخدمها في عملية علاجه للأحداث، وينبثق منها الأحاديث النبوية.
لذا؛ قلتُ: إن سنة النبي انبثقت من القرآن، أي تَعلّم النبي المنهج من فحوى النصوص القرآنية ، وهذا المنهج هو الذي أطلق الله عليه اسم ( الحكمة ) في أحد استخداماته للكلمة في النص القرآني، وهذه الحكمة غير مرتبطة بزمان أو مكان. لذا؛ كانت متاحة للأنبياء السابقين وغيرهم من الحكماء{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } البقرة(269)، (وكان خُلُق النبي متمثلاً بالقرآن ) منهجاً وسلوكاً.
فنحن مأمورون بالالتزام بالحكمة ( المنهج ) الموجود في القرآن ذاته، وفي سيرة النبي العظيم ، أما أحاديثه فهي تفاعل النبي مع معطيات واقعه لعلاج مشاكله وتنظيم حياته .
هل ظهر لك الفرق بين مفهوم السنة ، ومفهوم الحديث؟ .
- سنة النبي: نتيجة تفاعل النبي مع القرآن منهجاً ومقصداً فحصل على الحكمة.
- حديث النبي: انبثق من استخدام السنة ( الحكمة )، فهو أقوال وتعليقات مرتبطة بالزمكان .
وهذا لا علاقة له بمفهوم سنة الرسول .
- سنة الرسول : هي الطريقة العملية لإسقاط الأمر الإلهي الذي له صورة ثابتة في القرآن على أرض الواقع، وتمثل ذلك بإقامة الصلاة والحج فقط، وليس تشريعها ، لأنها مشرعة في القرآن أصلاً .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ }المائدة6، وقال النبي: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
فعندما نزل الأمر بأداء الصلاة ، نزل معها تفصيلها في النص القرآني، وإلا كان الأمر بالأداء مجرداً عبثاً، فتلازم الأمر الإلهي مع صورة تطبيق النبي للصلاة ، وتم نقل ذلك تتابعاً من خلال عملية الرؤية للنبي والاقتداء به .
لذا؛ الإتيان بمثل أداء الصلاة على حاجة القرآن للحديث، أو أنه مصدراً تشريعياً باطل أصلاً، لأن الصلاة أتت في القرآن، وطبقها الرسول النبي ، وإن قالوا : لا يَستغني القرآن عن سنة الرسول النبي، فهذا كلام قاصر ومغالطة ! لأن الأصل لا يحتاج للفرع ، والكل لا يتأثر بغياب الجزء، فالقرآن أصل وكلٌّ ، وسنة الرسول النبي فرع وجزء ، ولولا نص القرآن لما وُجدت سنة الرسول النبي من أساسها، فهي محتاجة له ومتعلقة به ، فنحن تأكدنا من بعد التأكد المتتابع لهيئة الصلاة وممارستها الاجتماعية ، من صواب هيئة الصلاة في القرآن ذاته، فزاد الأمر نوراً على نور، فكانت سنة الرسول النبي ترجمة عملية للصلاة في القرآن ، وإتباع لسنة الرسل الأنبياء. وانتبه لعدم وجود حديث للرسول النبي لأن حديثه هو حديث الله نفسه الذي يوحى إليه.
وأتابع تخبطك وضياعك ، وعدم قدرتك على جمع نقاط المنهج وتوليفها مع بعضها.
لقد ذكرت حضرتك ، عني : ( ما يعتبره مادة تاريخية لا قداسة لها بفعل تاريخيتها ، ستصبح مادة مقدسة تؤسس للمعرفة وتؤصل لمواضيعه المختلفة )!.
أخي يوسف ! أعيد وأكرر، ينبغي أن تنتبه للفرق بين المقولتين، وهما :
1- مادة الحديث النبوي ليست مصدراً إلهياً ، وبالتالي ليست هي مقدسة ، ولا يصح الاستدلال بها على الأحكام الشرعية ، ولامانع من الأخذ بها في مجال الطقوس التعبدية التي ثبت حكمها بالقرءان للاختيار وليس للالزام.
2- مادة الحديث النبوي : مادة تاريخية نتعامل معها في الأمور المتعلقة بالأحداث، وفق منهج تاريخي علمي يخضع لمعطيات الواقع المعني بالحدث ، ويخضع للكليات الثابتة ، وما يوجب العقل حصوله أو امتناعه ضرورة .
فإتيانك بمثل ( توثيق النص القرآني في الزمن المدني ) لتحليله ومعرفة المنهج، خطأ يا سيد يوسف! لأن مسألة تتابع النص القرآني مسألة محسومة علمياً عند الكفار به قبل المؤمنين به، وكحد أدنى ثبوت صوابه إلى النبي محمد ، ومسألة الإيمان بمصدريته الربانية لا علاقة لها بمسألة التتابع له ، فكل المجتمعات اللاحقة مَعنية بالتفاعل معه، والحكم عليه حسب أرضيتهم المعرفية، مثلهم مثل المجتمع الذي زامن نزول النص القرآني، فالجميع أمام النص القرآني سواء، لا يهم مسألة التتابع، ولا عامل الزمن في قضية الإيمان بمصدريته الربانية ، وكل مجتمع استطاع أن يحقق درجة الإيمان به حسب أدواته المعرفية ومتطلباته . فلا أدري لماذا لم تعرف هذا الفرق بين التتابع والإيمان ، والسنة والحديث ، ورفضنا للحديث أن يكون مصدراً شرعياً ، وتعاملنا معه كمادة تاريخية وفق الثوابت والكليات وقواعد العقل!؟
فالأخبار التي سردتُها عن عملية جمع النص القرآني في العهد المدني، إنما هي طريقة علاجية لمن يتعامل مع النصوص التاريخية ويقدسها وليست هي في مجال التشريع الإلهي، وتستطيع أن تحذفها كلها من البحث القرآني ، ولا يتأثر مفهوم تتابع النص القرآني أبداً .
لذا؛ سردك للألفاظ لا قيمة برهانية لها ، فهي خبط عشواء ، وتخيلات خاصة بك، ابتداءً من افتراضك ، خلق خصم لي حتى أظهر فكري أو قوته .
واعلم يا أخ يوسف إن هذا المقال موجود ومطبوع قبل أن يكتب الجابري مقالاته على الانترنيت ، وقبل طباعتها كُتُباً . وهو فصل من كتابي ( ظاهرة النص القرآني تاريخ ومعاصرة ، رد على كتاب النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة للدكتور طيب تيزيني ) صدر عام / 2002 / ولكن رأيت مقالات الجابري تدور في ذات الدائرة ، فأخذت هذا الفصل وغيره من الفصول المتعلقة بالبحث القرآني، ونشرتها على الانترنيت ، وذلك للرد على هذه الشبهات القديمة، ووضع حد لها ، فمن يستغل النصوص الظنية التاريخية لبناء مفهوم، لابد أن تجاريه، وخاصة إن كانت لهذه النصوص بنية ثقافية تحتية في الأمة ، والأخذ بيده نحو البحث العلمي والارتقاء به إلى مستوى التعامل المباشر مع النص القرآني. لذا؛ ضمنت كتابي بحثاً بعنوان ( توثيق النص القرآني من التاريخية إلى الواقعية ) وقصدت به، أن النص القرآني أخذ حقه كاملاً في التوثيق التاريخي تتابعاً إلى النبي محمد ، وجاء الوقت إلى الانتقال إلى التوثيق العلمي والمعرفي من خلال الواقع لإثبات مصداقية القرآن، ونسبته إلى الله، مع عدم توقف القراءات وتعددها له، لأن هذا من طبيعة النص القرآني، فقمت بتوجيه المقال في بدايته للجابري ، ويمكن أن أوجهه إلى كل من يقول بقوله.
لذا ، اعلم يا أخ يوسف !إن مادة التاريخ شيء موجود وثابت ، ولو تطرق إليها التحريف والتزوير ، فمهمتك كباحث أن تميز الصواب من الخطأ ، وهذا ما قمت به من استخدام لتلك الروايات ، فهي بحد ذاتها لا تصلح برهاناً لشيء لانتفاء ثبوتها قطعاً ، ولكن تصلح عندما تضع للوحة إطاراً، وتُثبت الكليات ، وتستحضر قواعد العقل المنطقية ، التي منها مفهوم التتابع ، مع استحضار ما يُحيله العقل أو يمنعه، أو يوجبه حسب معطيات الواقع الذي ينتمي إليه الحدث ، وتحمل هذه الروايات الجزئية وتضعها في مكانها من اللوحة ، فإن انسجمت مع أخواتها في المنظومة ، فذلك بحد ذاته برهان على صوابها ، وإن لم تنسجم مع أجزائها من اللوحة ،كان ذلك برهاناً على كذبها، وعدم انتسابها إلى هذه اللوحة.
فعندما تُدرك المفهوم بصورة كلية، تستطيع أن تتنبأ بالجزء منه قبل وروده إليك، فإن ورد إليك، سرعان ما تضعه في مكانه المناسب .
مثلاً : إن الخبر التاريخي الذي ذكرته من قيام النبي بوضع الآية في مكان كذا من سورة كذا ، ثابت عقلاً وواقعاً دون ورود الخبر ذاته من خلال ثبوت أن النص القرآني لم تنزل سوره الطويلة دفعة واحدة ، وإنما نزلت على دفعات، وهذا يقتضي من الرسول أن يقوم بتعليم الكاتب مكان وضع هذه الآيات في أي سورة وبعد أي آية، وغير ذلك من الأخبار، فكلها ثابتة عقلاً قبل النقل .
فسرد هذه الأخبار النقلية إنما هو لعبّاد الإسناد أولاً ، ولمن يستغل هذه الأخبار في إثارة الإشكاليات ، مع عدم قداستها ونفي صفة البرهان عنها ، مع إمكانية الاستغناء عنها تماماً للباحث الموضوعي .
لذا؛ لا قيمة برهانية لقولك : ( فليسمح لي أخي سامر أن أقول ، بأن ليس هناك أي بوادر تأسيس فعلي لتيار بمنهجية رصينة وموضوعية في أبعادها .....) واعلم يا أخ يوسف أن التيار وُلِد ثقافياً، وهو قائم في عملية تأسيس قواعده ومنطلقاته وثوابته مثل أي منهج ثقافي جديد ، وقد قطع شوطاً في ذلك وبدأ ينتشر في وسط المثقفين ، وصار له أعلام كبار، من مختلف البلدان، رغم اختلاف رؤاهم الجزئية ، فهي تعدد رؤى وقراءات ضمن الإطار العام للنص القرآني وكلياته، وقواعد العقل والمنطق، التي تصب في النهاية في بحيرة واحدة، وقانون النفع، كفيل في أن يَركم ويُهمش ويُقلص الخطأ والضار.
{ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد(17).
واسمح لي يا أخ يوسف أن أقول لك بمحبة وصدق، أنه لم يحالفك الصواب والدقة في استخراج المنهج من مقالاتي المتعددة ، ووقعتَ في تخبط، وقصور في فهم الأفكار، وربطها مع بعضها ، واعلم أني لم أدَّع أن ما أعرضه هو مشروعاً إنسانياً كبيراً كما ذكرت حضرتك . ولكن لا أنفي تطلعي إلى عرض مشروع إنساني يتقبله الإنسان في مشارق الأرض ومغاربها . ولا أدعي أنني وصلت إلى الحق المطلق فيما كتبت ، ولكن أعتقد بصواب ما كتبت، حتى يثبت العكس ، متمثلاً بقول العلماء ( قولي صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ).
ونهاية أقول :
شكراً يا أخ يوسف على نقدك الموضوعي غير المشخصن ، وعلى أدبك الجم في الحوار، وأعتذر منك إن استخدمت بعض الألفاظ في المقال التي قد تراها مزعجة ، ولكن التفاعل مع الموضوع قد يدفع الكاتب إلى بعض الاستخدامات.
ولا تغتر بمتابعة بعض الأخوة لك في مقالك ! فهم ليس أكثر من مصفقين ومهللين.
واسمح لي أن أستعير كلمتك لأنهي كلامي :
( القصد أكبر من تعالم فاضح، أو تسفيه لفكر آخر ، ولكن العجلة لن تدور إلا بجهودنا متكاملين نقداً، وتصويباً، وبناءً ).
https://www.facebook.com/groups/170302883083402/



#سامر_محمد_نزار_إسلامبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لبعض مقالات د . وفاء سلطان


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر محمد نزار إسلامبولي - رد على مقال أزمة القرءانيين ليوسف هريمة