أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - ربيع سوريا الواعد















المزيد.....

ربيع سوريا الواعد


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1371 - 2005 / 11 / 7 - 08:42
المحور: حقوق الانسان
    


حفلت انباء العيد ,رغم سوداوية الأعياد هذه الأيام,بأنباء الإفراج عن 190 سجينا وموقوفا سياسيا من مختلف التيارات والأحزاب السياسية,والجماعات الدينية المحظورة في سوريا.وقد كان ولاشك لهذه العملية,وبعد طول ترقب وانتظار,وقع طيب في نفوس الأطفال المحرومين الصغار بلقاء آبائهم,والزوجات بلقاء أزواجهم,والأمهات بلقاء فلذات أكبادهم,وأما القلوب التي أدماها الترقب والوعد المستحيل فقد عشعش فيها السواد وترك قروحا في جدرانها المظلمة السوداء ,والسجناء أنفسهم ظفروا بعناق متأخر وحزين مع الحرية التي عزها عليهم ,وضن بها الرفاق الثوريون على الجميع. وقد كان لهذا الإفراج ردود فعل متباينة عبّر عنها الكثيرون,فمنهم من رحب بها واعتبرها جيدة,ومنهم من اعتبرها ناقصة,وآخرون قللوا من قيمتها كونها تكتيكية ,وأتت تحت ظرف وضع دولي ضاغط وضعت النظام في حال من الرغبة بالظهور بمظهر المتعاون والحمل الوديع الذي سيخرجه عن صورته النمطية التي كان يظهر بها خلال سنين طويلة من الاستهتار بالجميع دون استثناء. وهي محاولة يائسة,وربما أخيرة, لكسب ود الشارع السوري الذي غيّب عمدا وطويلا عن الواجهة في سورية.كما أنه قفزة غير موفقة للحصول على وثيقة حسن سلوك من "المختار" القابع في البيت الأبيض,بعد أن رفض مجلس الأمن في قراره الأخير منحه وثيقة "لاحكم عليه" جديدة , كي تؤهله الاستمرار في وظيفته الحالية.

السجن عقوبة للإصلاح وتهذيب للنفس في مفهومه الواسع بالنسبة للخارجين عن القانون والمجرمين الشذاذ,ولكنه هنا ,وفي هذه الحالة الغرائبية, هو محاولة لتحطيم النفس ,وقهر للإرادة ,وقتل وتيئيس من الحياة,وإعلان ,وعلى رؤوس الأشهاد ,للتوبة النصوح والغفران,والصيام عن حب الأوطان كما يأملها السجان.ولقد سادت ثقافة السجن لعقود خلت لم تفلح في جلب الأمان لأحد على الإطلاق لا للسجناء أو المواطنين أنفسهم,ولا للسجان.وأصبحت فيها الشعوب مجرد هياكل آدمية بدون إرادات يحركها من بعيد ويسيطر على سلوكها فوبيا الرعب والمخابرات,ويصبح الخوف سلوكا هرميا تصاعديا وتنازليا من القاعدة وحتى الرأس وبالعكس ,والكل يخاف من الكل,ولا أحد يقدر على النوم بهناء الآن أو يتمتع بأي نوع من الحياة.وتحولت الأجهزة إلى شبح يطارد الأبناء في كل مكان, ويشوه العلاقات الإنسانية ويزدهر من خلاله بزنس التقارير والإيقاع والمؤمرات,ويدور الجميع في حلقة مفرغة من التربص والترصد والتجسس ونقل الأخبار,وتلفيق الأكاذيب والأقوال. وأما الأوطان فأصبحت سجونا كبيرة تعج بالجلادين والسجناء,محكمة الإغلاق مفاتيحها كلها بيد ناطور يفرج عمن يشاء,ويعطي فيها الأمان لمن يشاء من العباد وتتقهقر فيها الأوضاع,وأما الحكومات وممثليها فتظهر بصورة نمطية عارية واحدة كما ظهرت بالبؤس السياسي, والفقر الديبلوماسي في مواجهة العالم كما حدث في مجزرة مجلس الأمن ,و تجاهد عبثا للخروج منها ,ومن عيون الناس ,وتحاول أن ترتدي ثوب الشرعية الفضفاض. ألا ساء مايحكمون ,وبئس تلك السياسات.

والشعوب ,والجماعات, والأمم مثل الأفراد تصاب بالرعب والخوف والإحباط ,وتسود لديها ثقافة الخضوع,واللامبالاة, والانصياع,وتفقد عذريتها الوطنية بعد أن تغتصب على قارعة الطرقات, وفي السجن الكبير وزنازين الظلام,ومطايا جاهزة للركب والقياد من أي "خيال".وكم كانت فتوحات الفاتحين سهلة لأمم ترزح تحت القهر والسجانين والحصار, وصارت تستجير منهم بالشيطان.ولعل الطريقة المثلى التي صارت فيها دول أوروبا الشرقية لقمة سائغة في الكماشة الأمريكية لهو دليل ناصع, ورد مفحم لعقود من ممارسات الاستبداد للرفاق ,حيث ذابت دفعة واحدة ,وكقالب للزبدة في يدي اليانكي الذي فهم كيف تدار الألعاب.ولم ينفع عندها تحريك وتفعيل رجولتها وفحولتها وحسها الوطني فقط في المناسبات الوطنية والقومية عندما تصبح كالعبيد الذين ينفذون أوامر من يشتريها من سوق النخاسة الدولية الآن, والتي تباع فيها الشعوب المسلوبة من هذا الطرف لذاك, ولا تهم عندها هوية الشاري أو البياع ,المهم أن السلعة جاهزة ومعروضة كنجمة الصبح على الأرصفة والطرقات ,ويتسايق "الشارون" ,وليس شارون فقط ,عندها لاستحواذ ما ملكت أيمانهم من الإيماء المكبلة بالأصفاد.

إنها أقسى الدروس لكم يا أولي الأمن ,وجنرالات الاستخبارات .ولن يستطيع وقتذاك ألف جهاز سيء السيط والممارسات من أن يعيد الأمور إلى نصابها,أو أن يعيد الروح للشعب, وإلى ذاك المسار الذي يشعره بكرامته ,وحبه للحياة.

فهل حرية السوريين هي على المحك وموضع لمساومات اللحظة الأخيرة ؟وهل أصبحت حرية الناس تجارة في ميزان السياسات ؟وهل هي آخر الأوراق المتبقية ليساوم بها للحصول على وثيقة الـ"لاحكم عليه" التي يٌجاهد من أجلها الآن ,ويٌوسط لذلك المعارف والخلان ؟بعد أن فقدت كل الأوراق ,وتدريجيا في لبنان,وفلسطين ,والعراق,بفضل عبقرية الديبلوماسيين الأفذاذ؟

والسؤال الذي يكتسح الشارع السوري من أقصاه إلى أقصاه,ويعزز تلك الأقاويل,والشائعات بأن النظام لن يغير جلده عن طيب خاطر,وسيبقى لآخر لحظة يحافظ – وبحنين قل نظيره-على تقاليد الاستبداد,وأن كل تلك الخطوات الخجولة ,وبـ"القطارة",تأتي تحت ضغط المجتمع الدولي ,ولم تعد تصدق المزاعم التي يطلقها السفراء في العواصم الكبرى من وقت لآخر لتحسين الصورة أمام الآخرين تحديدا, وليس السوريين . ما هو السر الكبير وراء استمرار اعتقال رموز ربيع دمشق؟ وهل يشكلون خطرا على أمن الدولة فعلا؟وهل هم الذين وضعوا الوطن في في فم العاصفة الدولية ؟ولماذا لا يشملهم العفو الذي طال غيرهم من المساجين؟أسئلة لايجد الشارع السوري لها تفسيرا أ, جواب.وتبقى تلك الخطوات الخجولة المتمنعة التي يقدمون عليها موضع شك ,وحذر,وارتياب,طالما أنها لم تتحول إلى تغيير جذري شامل يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي .

إنه ربيع سوريا الواعد الذي طال أمده وغيابه من قبل الجميع,ويحلم به الكبار والصغار,ولن يتحقق هذا الحلم السوري الجميل إلا بتبييض السجون ,وإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية سياسية.و بانتظار أن يثمر هذا براعما وردية تغمر الشارع السوري الرتيب,أملا بأن يعيد له ألقه عبر عقود من التدجين العبثي.وأما هذا العناد المستفحل في الحنين لممارسات عفا عليها الزمن ,فربما ينبئ بشيء واحد وهو دوام خريف سوريا ,الذي سيعقبه, ولا بد, شتاء عاصف قد يذهب بالجميع ,ودون استثناء.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟
- ديبلوماسية الكوارث
- كل عام وأنتم بلجنة للتحقيق
- الملاليس
- فليُسعدِ النَطْقُ إنْ لم تُسعدِ الحالُ
- إنهم يورطون الرؤساء
- سوريا العلمانية
- الغائب الأكبر
- دراويش الفضائيات
- علام يراهن السوريون
- السيناريو الأسوأ للسوريين
- مضادات الاكتئاب السورية
- خوارج السياسة,وكفار الأديان
- القصة الكاملة للرسائل شفهية
- إعلان قندهار
- تفكيك الحرس القديم
- أكثم نعيسة:تكريم يليق بالأبطال
- علماء النفس السوريون
- رسائل شفهية*
- تسييس الطبيعة


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - ربيع سوريا الواعد