أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الربيعي - وحشية لا تضاهى لمحتلي العراق















المزيد.....

وحشية لا تضاهى لمحتلي العراق


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5031 - 2016 / 1 / 1 - 00:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


Today’s news is always old news. The innocent get slaughtered and someone
.makes up excuses
أخبار اليوم دائما أخبار قديمة. والناس الابرياء يُذبحون والبعض يصنع الأعذار.
Charles Simic,“Portable Hell”, The New York Review of Books, 5 Aug 2014.1

لآلاف السنين، حاول المنظرون السياسيون والمؤرخون والفلاسفة ايجاد وتوفير مجموعة من المبادئ الأخلاقية لتقييم الحرب. من وقت ثيوسيديدز في كتاباته عن الحرب البيلوبونيزية في القرن الثامن قبل الميلاد، الى أوغسطين في القرن الخامس وتوماس الأكويني في القرن الثالث عشر, ونظرية الحرب العادلة لكانط، إلى القرن 20th وانبثاق ميثاق الأمم المتحدة لتحديد حقوق الإنسان وإنشاء المحاكم الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب, الى كتاب Michael Walzer’s Just and Unjust Wars, لم تتوقف لا الحروب اوالعمليات العسكرية ولا محاولات تبريرها بمزاعم كونها شرعية أو أخلاقية. وغالبا ما يٌبرر الموت والدمار بكون ان "القضية عادلة". على الرغم من أن الحرب لربما تبدأ بوضوح أخلاقي وقناعة راسخة (على الأقل في الامور المُعلنة، وإن لم تكن هي الواقع والحقيقة). ولكن قبل مرور وقت طويل, تصبح الأخلاق "ظرفية"، ويعتمد على سياق معين حيث تُقيم الحرب على ضوئه.

في عام 2003 بدأت الحرب ضد العراق بوضوح اخلاقي، على الأقل بالنسبة لدول الاحتلال: يجب محاربة الإرهاب، والشعب العراقي يجب ان يتحرر والديمقراطية وحقوق الإنسان يجب أن تسود. وبطبيعة الحال ان أسلحة الدمار الشامل التي ُزعم ان صدام امتلكها كان لا بد من العثور عليها وتدميرها قبل أن يتمكن هو من استخدامها (ناهيك عن أن الغزو سوف يوفر له سببا لاستخدامها). بعد فترة طويلة أصبح من الواضح أن أيا من تلك الأهداف الأخلاقية والسياسية لم يتحقق بتاتا، ويستمر العراقيون في العيش في رعب يومي، بما في ذلك أهوال جديدة بالكاد كان يمكن تخيلها قبل 12 عاما.

ولكن لم تكن اسباب الحرب وحدها كاذبة وغير اخلاقية, بل ان مجمل الاحتلال ومعاملة جيش المحتل للعراقيين تكشف بكل جلاء ان رسالة المحتل بتحرير العراق وسيادة الديمقراطية لم تعني في واقع الامر سوى استعبادا نيوكولونياليا للعراق واذلالا لشعبه ما بعده اذلال.

المحارب الاقدم فنسنت ايمانويل هو شاهد من اهلها. يقول ايمانويل انه "ساعد على خلق داعش". لقد شارك ايمانويل في حرب العراق وهو يتكلم بصراحة عن الفظائع والأنشطة الإجرامية التي هو ورفاقه الجنود الآخرين قد ارتكبوها في أثناء هذه الحرب, مؤكدا أنه كان يعرف أن احتلال العراق سيؤدي إلى "نكسة" في الشرق الأوسط.

اعتراف المحارب القديم فنسنت ايمانويل بالمسؤولية يأتي في سياق مقال يعرب فيه عن أمله في الإجابة على هذا السؤال الذي يُثار كثيرا "من أين اتت داعش؟"

"عندما كنت في العراق مع الكتيبة 1، مشاة البحرية 7TH، 2003- في عام 2005، لم أكن أعرف ما الذي ستكون عليه تداعيات الحرب، لكنني كنت أعرف أنه سيكون هناك اتتقاما". ويضيف "هذا الانتقام، والمعروف باسم النكسة، نشهده الآن في جميع أنحاء العالم (العراق، أفغانستان، اليمن، ليبيا، مصر، لبنان، سوريا، فرنسا، تونس، ولاية كاليفورنيا، وهلم جرا)، مع عدم وجود نهاية في الأفق."

يصف ايمانويل وحشية وبربرية المحاربين الامريكيين في معاملتهم للشعب العراقي كالتالي:
"رأيت زملائي من المحاربين يقتلون الأبرياء ويعذبون المدنيين الأبرياء ويدمرون الممتلكات ويشوهون جثث القتلى ويركلوناها باحذيتهم. كل ذلك جرى وسط جو هستبري عارم من الضحك الصاخب وتصوير الناس أثناء القيام بذلك". "بالنسبة لي كان الامر بسيط جدا. جلست هناك في العراق وسألت نفسي: "كيف سأتصرف؟ ما الذي اعتقد اني كنت سافعله لو كنت عراقيا؟"

يصف ايمانويل كيف انه وفصيلته حولوا بلاد ما بين النهرين او ميزوبيتومبيا على حد تعبيره الى بلد الازبال برمي القمامة من مركباتهم في الشوارع العامة, ورشقوا الاطفال بزجاجات المياه المعبأة بالبول، والصخور والحطام. ويتذكر القصص التي يرويها الجنود حول عمليات التعذيب التي أجريت على المعتقلين في مراكز الاحتجاز المؤقتة.

"أني أتذكر جيدا ما حدثني به رفاقي المحاربين عن لكم وصفع وركل المعتقلين . أتذكر حكايات التعذيب الجنسي وإجبار الرجال لأداء أفعال جنسية كل منهما على الآخر أثناء احتجازهم مع تسليط السكاكين على الخصيتين، وأحيانا يتم اغتصابهم تحت وابل من الضرب بالهراوات. "

يضيف ايمانويل:
"عتدما تفقدنا المنطقة الشاسعة من محافظة الانبار العراقية كنا نرمي القمامة من مركباتنا، وكنت اتذكر حينها كتب التاريخ ومحاضرات الجامعة عن ان العراق هو مهد الحضارة."

"كانت الحلوى ليست الاشياء الوحيدة التي رميناها للأطفال: تم ايضا رمي زجاجات المياه المليئة بالبول والصخور والحطام،. وكثيرا ما كنت أتساءل كم من اعضاء داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية يتذكرون هذه الأحداث؟"

"كان من دواعي سروري القبض على العراقيين خلال مداهمات ليلية، وربط أيديهم، ووضع رؤوسهم في اكياس قمامة سوداء ورميهم في الجزء الخلفي من عربات الهمفي والشاحنات, وزوجاتهم وأطفالهم لا يملكون غير النواح او السقوط مغشى عليهم على الارض. كان يتم احتجاز المعتقلين لأيام أو أسابيع وحتى أشهر في كل مرة. وبدون إخطار أسرهم أبدا. وعندما يتم الإفراج عنهم، نأخذهم إلى وسط الصحراء ونطلق سراحهم هناك ببعد عدة أميال عن منازلهم. بعد قطع قيودهم ورفع الاكياس السوداء عن رؤوسهم، فإن العديد من المحاربين يقومون باطلاق قذائف من AR-15S في الهواء أو الأرض من اجل تخويف الاسرى المفرج عنهم مؤخرا وسط ضحك المحاربين. ان معظم الُمفرج عنهم يسارع في الهروب وهو ينتحب بسبب محنته الطويلة في مرفق الاحتجاز، على أمل الحصول على مستوى معين من الحرية التي تنتظرهم في الخارج. ولكن من يهمُ هذا؟"

"بشكل مثير للدهشة، تبلغ القدرة على إذلال الشعب العراقي اوجها بعد اطلاق الرصاص والانفجارات حيث يقضى العديد من جنود المارينز أوقات فراغهم بالتقاط صور القتلى و تشويه جثثهم من أجل المتعة, أو بدس العصي في أجسادهم المنتفخة من اجل ضحك رخيص ومحاربة الضحر. لأن آي فون لم يكن متوفرا في ذلك الوقت، جاء العديد من قوات المارينز الى العراق مع الكاميرات الرقمية. هذه الكاميرات تحتوي على تاريخ غير معروف من الحرب في العراق، تاريخ الغرب الذي يريد أن ينساه العالم. هذا التاريخ وهذه الكاميرات تحتوي أيضا على لقطات من المجازر الوحشية والعديد غيرها من جرائم الحرب، والعراقيون لا ينسون ما حصل."

"يمكن أن يكون هذا حدث في ذروة فضيحة سجن أبو غريب في عام 2003، والذي اثار اهتمام الرأي العام عندما نشرت منظمة العفو الدولية تقاريرا عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجيش الأمريكي وشركائه في التحالف في مراكز الاحتجاز والسجون في العراق. وكان أحد السجناء السابقين في الولايات المتحدة الذي نجا أبو بكر البغدادي، الذي هو الآن زعيم الدولة الإسلامية."

قال ايمانويل انه بدأ بتثقيف نفسه بعدعودته الى موطنه من خلال التحدث إلى العائلة والأصدقاء والانخراط في العمل مع النشطاء المناهضين للحرب والمثقفين مثل هوارد زين، نعوم تشومسكي، وإيمي غودمان، وكذلك التعرف على أنشطة الجماعات مثل قدامى المحاربين من أجل السلام، قدامى المحاربين في العراق ضد الحرب، وقدامى المحاربين في فيتنام ضد الحرب. ساعده هذا في تأطير تجربته الشخصية.

"كنت أعرف ان ما أشاهده كان خاطئا, غير أخلاقي، ظالما، وغير قانوني". "كنت أعرف أننا سوف ندفع عواقب وخيمة في شكل داعش . كنت أعرف تلك الأمور ستحدث من خلال تأطير تجربتي الشخصية والتعرف على لا اخلاقيتها ولا شرعيتها."

ينظرايمانويل إلى الحرب على العراق باعتبارها جزءا من تاريخ طويل من العدوان الأمريكي الذي لم يكن فقط حول العراق وأفغانستان، أو حروب في فيتنام أو كوريا. انه يعود الى ممارسات الإبادة الجماعية المستخدمة ضد الهنود الحمر، والعبيد من الأميركيين الأفارقة، والناس في أمريكا الجنوبية واللاتينية.

"هناك الكثير مما أكتب، ليس فقط لأسباب سياسية، وليس فقط لتثقيف وتوعية الناس على نحو أفضل، ولكن أيضا لمساعدة نفسي والتآم جراحي."

الحرب والعنف والقسوة لا زالت هي السائدة في العراق. جميع المتورطين في ذلك يزعمون نوعا من التبرير الأخلاقي:
يجب أن يتحرر الناس
يجب قتل الإرهابيين
يجب استعادة النظام
يجب أن يموت معادو الإسلام
يجب أن تفرض الحكومة النظام
يجب فرض الاستقرار
يجب إزالة التهديد
ولكن ما هو فحوى التهديد الآن؟ يختلف محتوى التهديد وفقا لتفسيرات كل جانب: تهديد الحرية، تهديد الديمقراطية، تهديد القيم الإسلامية، تهديد البشرية, تهديد الإرهاب وخطر الإمبريالية الغربية، تهديد المتاجرين بالبشر، وتهديد الأصولية.

والحقيقة هي أن الخطر الذي يتهدد الحياة في العراق الآن نادرا ما كان أكبر عليه من قبل كما يتضح من واقع الموت. برغم كل الأسباب والمبررات التي بررت الحرب, او بالأحرى بسببها, ما نراه فعلا في العراق الآن هو فوضى أخلاقية , فضلا عن كونها فوضى مادية. وليس هنالك ادنى احترام لحياة الانسان و كرامتة حتى بحده الادنى.
----------
مصادر ذات صلة
1- ‘I Helped Create ISIS’: Iraq Vet Explains How the US ‘Killing Innocent People’ Made More Terrorists
iraq-war-vet-exposes-policy-causing-blowback-middle-east/#LZMuDgtAqxYJlyZM.99

2- I Helped Create ISIS
http://www.intifada-palestine.com/2015/12/i-helped-create-isis/

3- Just and Unjust Wars: A Moral Argument with Historical Illustrations, 2006
by Michael Walze
http://www.amazon.co.uk/Just-Unjust-Wars-Historical-Illustrations/dp/0465037070

4- Portable Hell
http://www.nybooks.com/daily/2014/08/05/portable-hell/



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكام واشنطن و لندن هم اساتذة في علم تحطيم العقل
- اوباما يبيع بلاده الى السعودية, فضلا عن دعم ارهابها
- استخدام ال CIA لبرنامج تطعيم زائف وتأثيراته المدمرة على الصح ...
- لماذا لا تنفذ داعش هجمات في إسرائيل؟
- الكشف عن وثيقة تكذّب تماما مزاعم بوش
- سياسة الولايات المتحدة وشركائها المتعمدة في دعم الارهاب وقيا ...
- -الحرب على الارهاب!- تجسيد لفاشية الرأسمالية المعاصرة
- تبرع زوكربيرج انتصار للبلوتوقراطية على الديموقراطية
- دعم اسرائيل لداعش
- -جمعة مباركة- تجسيد لمنطق الساحر وسلطة فوكو الناعمة
- رسالة علماء المسلمين في تفنيد ايديولوجية -الدولة الاسلامية-
- الحملة الثقافية لمقاطعة وعزل اسرائيل
- تجاهل فرنسا المتعمد لاشارات التحذير قبل هجمات باريس!
- الارهاب وقمع الحريات والشمولية كلها امور ملازمة للعولمة المت ...
- رعاية الولايات المتحدة للإرهاب في العراق و-الفوضى الخلاقة-
- هل العراق بحاجة الى حظر الاحزاب الدينية ام حظر المواقع الابا ...
- الاهمية الفائقة لاستحداث منصب وزير الصحة العقلية في العراق
- استخدام (موجات) اللاجئين كسلاح سياسي-اقتصادي
- افندية بغداد والعملية السياسية
- ما يجب على الحزب الشيوعي العراقي فعله لانقاذ نفسه؟


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طلال الربيعي - وحشية لا تضاهى لمحتلي العراق