أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - آفاق الاقتصاد العالمي والعربي في 2016















المزيد.....

آفاق الاقتصاد العالمي والعربي في 2016


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 5030 - 2015 / 12 / 31 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حسب آخر نشرة اقتصادية لصندوق النقد الدولي فإن القوي المحركة للاقتصاد العالمي فقدت الكثير من الزخم خلال عام 2015 مما دعا خبراء الصندوق إلى تقليل توقعاتهم لمعدلات النمو الاقتصادي لعام 2016 بشكل طفيف مقارنة بما ورد في التقرير السابق للصندوق في منتصف العام.
وسوف نعرض هنا وبشكل مختصر للأجواء الاقتصادية السائدة حاليا في القوى الاقتصادية الاساسية في العالم.

الولايات المتحدة الأمريكية:

بعد فترة تردد طويلة بدأت الولايات المتحدة في شهر ديسمبر 2015 في رفع أسعار الفائدة على الدولار وبالرغم من ان الزيادة لم تتجاوز ربع الواحد بالمائة إلا ان لها دلالات كبيرة حيث سيتبعها زيادة أخرى على الأرجح في مارس القادم ألا في حال تدهور معدلات النمو في الصين أكثر مما هي عليه الآن.

ومن الأهمية بمكان التذكر بأن هذه الزيادة تتواكب مع توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) إلى تقليص عمليات التيسير النقدي (Quantitative Easing) التي اتبعها البنك منذ عام 2008 لتحفيز الاقتصاد الأمريكي على النمو حيث طبقت هذه السياسة النقدية على ثلاث مراحل وصلت فيها كمية الدولارات التي يضخها البنك الى 85 مليار دولار شهرياً في المرحلة الثالثة، وهي نفس السياسة التي اتبعتها بريطانيا واليابان والآن البنك المركزي الأوروبي. وتقوم هذه السياسة باختصار على استغلال البنك المركزي لأحد صلاحياته وهي خلق نقود جديدة واستخدامها في شراء سندات رهون عقارية وسندات خزانة من المؤسسات المالية الأمريكية مما يؤدي إلى زيادة السيولة النقدية للأخيرة ومن ثم طرحها للمقترضين والمستثمرين لدفع الاقتصاد الأمريكي إلى الأمام وخلق فرص عمل جديدة وقد نجحت هذه السياسة التوسعية بالفعل في أمريكا وبريطانيا حيث ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي بهما كما سوف نوضح حالاً ، كما انخفضت معدلات البطالة بهما إلى 5 % فقط وهي نسبة أفضل بكثير من مثيلتها في مجموعة اليورو الأوروبية.

ومرة أخرى فإن توجه أمريكا الآن إلى رفع أسعار الفائدة وتخفيض معدلات التوسع النقدي يعني أن صناع القرار في أمريكا على ثقة بأن الاقتصاد الأمريكي بصحة جيدة ويتوقع أن يشهد معدل نمو يصل الى 2.8 % في عام 2016 وهي نسبة جيدة جداً في الاقتصاديات المتقدمة.

ولكن هذه التطورات النقدية الأمريكية لا تمثل أخباراً جيدة لبعض دول العالم حيث كانت التكتلات الاقتصادية الأخرى تستفيد من سياسات التوسع النقدي الأمريكي وانخفاض أسعار الفائدة إلى الصفر تقريباً وما تقوم به أمريكا الآن يعني زيادة معدلات خدمة ديون الدول النامية والصاعدة لأن معظم هذه الديون مقومة بالدولار ، أضف الى هذا أن رفع سعر الفائدة على الدولار يعني أن قيمة الدولار سوف ترتفع بالتبعية مقابل أسعار صرف عملات الدول الأخرى وهو يعني وجود مخاطر حقيقية في نزوح الكثير من الاستثمارات الأجنبية من الدول النامية إلى الولايات المتحدة أو استثمارها في أدوات الدين المقومة بالدولار الأمريكي. ونعتقد أن هذه التطورات هي أحد الأسباب التي دفعت بخبراء صندوق النقد الدولي الى تقليل توقعاتهم للنمو الاقتصادي العالمي في عام 2016 وهي باختصار أن السياسة النقدية الأمريكية الجديدة تأتي في توقيت سيء لباقي التكتلات الاقتصادية العالمية التي تعاني من انخفاض أسعار صادراتها وزيادة معدلات الديون الداخلية والخارجية ومعدلات خدمتها كنتيجة طبيعية لزيادة حجمها وزيادة أسعار الفائدة عليها.

ونحن نعتقد أن صندوق النقد سوف يقلل توقعاته مرة أخرى لمعدلات النمو العالمي مع بداية عام 2016 نتيجة لعدم اهتمام خبرائه كثيراً بعوامل الجغرافيا السياسية التي نراها تتجه من سيء إلى أسوء في الكثير من المناطق الحيوية في العالم.

الاقتصاديات الأسيوية الصاعدة:

بعد أن كانت هذه الدول قاطرة للنمو للاقتصاد العالمي لسنوات عديدة بعد الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في عام 2008 ، أصبحت تعاني منذ أكثر من عامين من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي نتيجة انهيار أسعار المواد الخام والسلع الأساسية التي تصدرها. وهي الآن تدور في حلقة مفرغة حيث كان لانخفاض أسعار النفط بشكل خاص آثار بالغة السوء على دخل روسيا ودول منظمة الأوبك وهو ما أدى إلى انخفاض طلبها على صادرات الصين مما دفع الأخيرة إلى تخفيض وارداتها من النفط والحديد وباقي المعادن والخامات وهو ما أدى إلى تباطؤ حركة التجارة العالمية.

ونتيجة انخفاض مردودات الاقتصاديات الصاعدة فإن معدلات ديونها الداخلية والخارجية في تزايد نتيجة حاجتها إلى تمويل العجز المالي لديها، كما بدأت الكثير منها مثل السعودية في استخدام احتياطاتها المالية لمواجهة احتياجاتها الداخلية وتمويل عملياتها العسكرية في اليمن ودعم بعض الحركات الإسلامية المناوئة لنظام الأسد في سوريا.

ومع استمرار انخفاض أسعار النفط والسلع الأساسية والمعادن واستمرار انخفاض معدلات النمو في منطقة اليورو والصين فإنه من غير المتوقع أن يشهد عام 2016 أي تطورات إيجابية كبيرة تصب في صالح الاقتصاديات النامية والصاعدة ولذلك يتوقع ألا تزيد معدلات النمو في هذه الدول بشكل ملحوظ عن معدلات عام 2015.

والجدير بالذكر هنا أن الصين تحاول جاهدة تغيير نموذجها في التنمية الاقتصادية بالتحول التدريجي من الاعتماد على الصادرات إلى سياسات مالية ونقدية تهدف إلى تحفيز الأسواق الداخلية وزيادة الطلب المحلي. ولذلك قامت مؤخرا بتخفيض أسعار الفائدة وتخفيض قيمة عملتها المحلية مرتين خلال عام 2015 كما قامت بالتخفيف من سياسية الابن الواحد لكل أسرة. وتتجه الان للإنفاق بمعدلات أكبر على التعليم والصحة ومكافحة التلوث البيئي وهي سياسات من شأنها أن تؤدي إلى استعادة الصين لمعدلات نموها القياسية التي دأبت على تسجيلها عبر العقود الماضية وأدت إلى انتشال الملايين من سكانها من هوة الفقر، كما أدت إلى زيادة حركة التجارة العالمية وارتفاع معدل نمو الاقتصاد العالمي.
كما أن معدلات النمو الاقتصادي في الهند في تحسن مستمر بل أنها أصبحت تفوق نظيرتها في الصين، أما باقي دول مجموعةBRICS والتي تضم بالإضافة الى الهند كل من روسيا والصين والبرازيل وجنوب افريقيا، وكلها دول تعاني من تباطؤ النمو الاقتصادي.

منطقة اليورو:

منذ أن بدأت دول هذه المنطقة في التخفيف من حدة السياسات التقشفية التي اتبعتها منذ الأزمة المالية العالمية ولجوء البنك المركزي الأوروبي إلى اتباع سياسات توسع نقدي قوية ابتداءاً من عام 2012 أسوة بكل من أمريكا وبريطانيا والأمور في تحسن طفيف، أضف إلى هذا أن انخفاض سعر صرف اليورو قد أسهم في انتعاش معدلات السياحة إلى أوروبا والصادرات الأوروبية إلى حد ما.

وبشكل عام فإن التوقعات إيجابية لمنطقة اليورو على المدى الطويل خاصة إذا ما نجحت في اخراج دول مثل اليونان واسبانيا من منطقة اليورو ونجحت في الإبقاء على اتفاقية شنجن التي أصبحت مهددة بفعل تنامي التيارات اليمينية المتطرفة التي تعادي حركة نزوح المهاجرين من منطقة الشرق الأوسط.

اليابان:

منذ عقود واليابان يعاني من حالة تباطؤ اقتصادي بسبب انخفاض صادراتها وضعف الطلب المحلي ولكن الأحوال بدأت تتحسن بشكل طفيف بعد أن قام البنك المركزي الياباني مؤخرا باتباع أجرأ سياسة للتوسع النقدي في العصر الحديث حيث يتجه البنك إلى مضاعفة حجم السيولة المتداولة خلال عامين فقط وذلك من خلال شراء سندات حكومية وأوعية استثمارات عقارية بشكل مكثف لتحفيز الأسواق اليابانية والقضاء على حالة التباطؤ المزمن.

وفيما يلي التوقعات العالمية لنسب النمو الاقتصادي لعام 2015 والموتوقعل لعام 2016 على الترتيب:

%
الولايات المتحدة 2.6 2.8
الصين 6.8 6.3
اليابان 0.6 1
اقتصادات أسيا 6.5 6.4
منطقة اليورو 1.5 1.6
الهند 7.3 7.5
بريطانيا 2.5 2.5


الدول العربية:

يتوقع صندوق النقد أن تصل نسبة النمو في المنطقة العربية لعام 2016 إلى حوالي 3.8%. ونحن نعتقد بأن هذا التوقع غير دقيق حيث تتجه المنطقة إلى المزيد من عدم الاستقرار في ظل الحروب الاهلية والحروب بالوكالة التي تدور فيها والتي لا يلوح في الأفق نهاية قريبة لها نتيجة تدخل دول عديدة بها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مثل
إيران وتركيا وإسرائيل والتحالف الذي تقوده السعودية بالإضافة إلى بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وقريبا الصين.

وإذا ما أضفنا إلى هذا الزيادة الملحوظة في النعرات الدينية والطائفية بين شعوب المنطقة والحركات الإسلامية المتطرفة كنتيجة طبيعية لنظم الحكم البالية التي لا تتوافق بأي حال مع ظروف العصر ومبادئ الحداثة والحكم الرشيد وحقوق الانسان، فإنه لا يمكن بداهة أن يزدهر الاقتصاد في مثل هذه الأجواء التي تحولت الأوطان فيها إلى سجون كبيرة للشعوب العربية مما أدى غياب أي دور إبداعي وحقيقي لها.

وحتى لو تحققت نسبة النمو التي يتوقعها الصندوق، فإن القلة المحظية والمقربة من الرئيس أو الأمير هي التي ستتمتع كالمعتاد بثمار عملية التنمية غير المتوازنة وسيبقى الإنسان العربي يعاني طالما أن حكامنا يرون أن الطريق لحل مشاكلنا هو تكميم الأفواه وبناء المزيد من المعتقلات والمساجد والقنوات الفضائية الدينية. المعتقلات لتغييب المعارضين وإسكاتهم، والمساجد والفضائيات الدينية حتى يمارس رجال الدين دورهم بفاعلية أكبر في إظلام العقول وتغييب الوعي وإعاشة الناس في حالة من التدين الكاذب يمارسون فيها حقهم القديم في التضرع إلى الله حتى يأتي الفرج من عنده.

والحالة العربية هي مثال عملي على الإغفال المزمن لخبراء صندوق النقد الدولي لعوامل الجغرافيا السياسية مما يضطرهم إلى تغيير توقعاتهم بشكل متكرر لمعدلات النمو الاقتصادي وهذا لا يعني بأي حال التشكيك في قدراتهم الفنية ولكن النواحي الفنية لا تكفي وحدها لاستنتاج توقعات دقيقة.


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الفلسفة والدين والاقتصاد
- رد على مقالات سناء بدري وسامي لبيب
- فتاوى مضحكة لصحة قلبك
- دراسة مختصرة لأزمة أوروبا واليورو
- مستقبل العلمانية والحداثة في الشرق الأوسط
- الرهانات الخطيرة للسيسي
- بحث في بعض المساوئ الخطيرة للرأسمالية
- رسائل قصيرة إلى أغنياء العرب
- هل لازلنا بحاجة للأديان؟
- السيسي وشيماء الصباغ
- محنة الإسلام مع الحداثة وحقوق الإنسان
- (2) هل تتحقق نبوءة ماركس للرأسمالية؟
- هل تتحقق نبوءة ماركس للرأسمالية؟
- خرافة العلم والإيمان في منظومة العقل الديني
- حوار حول مستقبل الشرق الأوسط والأقليات المختلفة بعد فشل الرب ...
- محنة الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر
- الاقتصاد المصري في عهد السيسي
- إلى أين تتجه مصر؟
- معضلة الفرعون القادم في مصر
- بحث مبسط في اللا مساواة والنمو الاقتصادي


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - آفاق الاقتصاد العالمي والعربي في 2016