أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم القبطي - القضية القبطية(2): مزيد من الأمل .. و اقتراح حلول سياسية















المزيد.....


القضية القبطية(2): مزيد من الأمل .. و اقتراح حلول سياسية


ابراهيم القبطي

الحوار المتمدن-العدد: 1371 - 2005 / 11 / 7 - 04:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استكمالا للمقال الأول بعنوان "القضية القبطية: أسباب الأمل" في عدد 1362 بالحوار المتمدن
لاحظت أن الكثير من الاقباط يعرضون المشاكل دون الحلول ، و يبكون على الأحوال دون محاولة تغييرها ، و هذا من خواص الثقافة الشرقية عموما . فهذا يرصد الواقع السياسي و يترحم على أيام زمان ، و ذلك يؤكد أن على مدى الاضطهاد الواقع على الأقباط و قسوته ، و لكن التفكير في الحلول ينزلق من الذاكرة القبطية ، فقررت أن أبدا التفكير في الحلول لعلها تكون البداية لطرح المزيد من الحلول ، و لعل الظروف قد صارت مواتية لمزيد من النضج السياسي في الشارع القبطي ، و مزيد من الفصل بين الكنيسة و الحركة السياسية القبطية . فهذا الفصل هو الضمان الوحيد لحرية الحركة السياسية و الدينية معا ، و مساحة أكبر من التفكير بلا قيود من أجل الهدف المشترك : الانسان القبطي.
قبل الكتابة قررت أن أترك العنان لخيال جامح ، و اسمح بالطرق على المحظورات ، و أترك لعقلي مساحة من الجنون المقنن و المبني على أسس تاريخية و سياسية ، و أطرح كل الخيارات السياسية المتاحة . أن أكسر حاجز الخوف و أكتب كما أفكر ، أو أفكر بصوت مقروء . و كانت المحصلة ثلاث خيارات سياسية ، لا ازعم أنها كل الحلول ، و لكنها البداية، فكل من الحلول له مميزات ، و أيضا له الثمن الذي يجب أن يدفع.
****
الإختيار الأول: الاصلاح السياسي الداخلى لمصر بما يضمن المزيد من حقوق للأقليات و منها الأقباط.

و هذا هو الطريق الذي ينتهجه معظم الحركات القبطية في الخارج ، و هو الطريق الطويل الذي قد يستغرق عقودا من الكفاح السلمي ، و تحريك الرأي العام العالمي ، من أجل تحويل اتجاهات الحكومة المصرية من الوهابية الاسلامية ، إلي العلمانية و الاصلاح السياسي.
ولكن على الاقباط دفع الثمن على المدى الطويل في مزيد من المعاناة ، و مزيد من القهر الاجتماعي ، و لابد من التوقع أن الحكومات الاسلامية أو الديكتاتورية بما فيها حكومة مبارك قادرة على التسويف . و قادرة على تحقيق اصلاحات ظاهرية خالية من المضمون ، فعندما وعد الرئيس "أنور السادات" البابا شنودة بالسماح ببناء 50 كنيسة كل عام في أوائل السبعينيات ، كان وعدا أجوفا ، واجه الكثير من العراقيل البيروقراطية و التنفيذية ، و انتهى ببناء (أو ترميم) حوالي 50 كنيسة في عشرة أعوام ، هي فترة حكم الرئيس الراحل المؤمن . وهذه سمة مميزة للثقافة الاسلامية عموما ، فالقدرة على خلق الظواهر الجوفاء التي حمل الألفاظ الطنانة بلا معنى تصل إلى درجة العبقرية ، وهذا من أسباب فشل كل الايدولوجيات السياسية في مصر منذ الحكم الاسلامي ، بين خلافة أو ملكية أو جمهورية ، ديمقراطية الحزب الواحد أو تعددية الاحزاب بلا فاعلية ، ديكتاتورية عبد الناصر ، أو حكم السادات الممذوج بالصبغة الدينية . النهاية واحدة ، حكم الفرد بلا معارضة حقيقية ، كما حكم محمد رسول الاسلام و كما حكم خلفائه من بعده. و لعل الماضي القريب خير دليل على هذا عندما ضغطت الولايات المتحدة على مبارك و تم تعديل الدستور ليسمح بتعددية في مرشحي الرئاسة بدلا من نظام الاستفتاء ، فكانت النتيجة تعديلا ظاهريا بشروط تعجيزية تبعد تماما عن الشفافية و الحرية.
ومن العراقيل الاخرى التي تواجه هذا الحل أيضا، هو أن اضطهاد الاقباط مزمن ، يملأ الحياة اليومية ، هو ليس اضطهاد حكومي بقدر ما هو اضطهاد حكومي شعبي مشترك ، فعامة المسلمين يساهمون في هذا الاضطهاد ، وهنا من الممكن أن يفرض القانون دون أن يلمس أرض التنفيذ ، لأن القيادات المحلية الصغيرة ، و في بعد عن الرقابة القانونية قادرة على التحايل و عدم تنفيذ القانون .
فأين الأمل ؟
يمكن لهذا الحل أن يؤتي بثماره إذا نجحت القيادات القبطية في الخارج بإيجاد ممثليين سياسيين لها في الداخل من الاقباط ، على أن تكون الاتصالات بين الداخل و الخارج قوية و ممولة ماديا و مدعمة بحصانة و دعم خارجي قوي . وهنا يأتي دور التوعية السياسية لأقباط المهجر بأن يحركوا التبرعات المادية نحو القضية السياسية بدلا من أن تصب كلها في الاتجاه الديني.
من خلال القيادات السياسية القبطية الداخلية يمكن بناء منظمات قبطية قوية تراقب الاصلاح السياسي و حقوق أقباط الداخل ، و تنقل الانتهاكات إلي الرأي العالمي ، و ترفع العبء السياسي عن كاهل القيادات القبطية الدينية لتتفرغ للحياة الروحية . فلا يمكن أن ينجح أقباط المهجر في اصلاح القضية القبطية بالريموت كنترول دون قوى قبطية داخلية ، و هذا ما تفتقده المنظمات القبطية حاليا.
****
الاختيار الثاني: الانفصال بدولة قبطية مستقلة (أو المواجهة الكاملة)

وهذا الحل أكثر تطرفا و راديكالية من الحل الاول ، و يقابل بالكثير من الرفض بين القيادات القبطية الخارجية ، أو القيادات الكنسية الداخلية . القيادات الكنسية من الممكن تفسير رفضها بالخوف من الأغلبية المسلمة ، و بأفكارها السلامية المبنية على الانجيل ، و التي ترفض الحلول النضالية ذات الطابع العسكري . اما القيادات القبطية الخارجية فترفضها بدافع الخوف ، بالتحديد الخوف من مسئولية مثل هذا الأقتراح على الأهل و الأقارب من الأقباط في مصر ، وعدم القدرة على تحمل مسئولية انهار الدماء التي سوف تسيل. و كذلك عدم وجود تركيز جغرافي للأقباط في أماكن معينة ، و الذي يجعل الاستقلال السياسي صعبا ، و لكنه ليس مستحيلا.
لماذا هذا الحل؟
هذا الحل هو نوع من الحلول الجراحية التي ينتج عنها الكثير من الدماء ، و لكن النتيجة هي فصل الورم عن الجسم ، و من المؤكد أن هذا الحل لا يمكن أن يكون الأول في قائمة الحلول ، و لكنه في نفس الوقت لا يمكن ازالته من على مائدة الحلول المطروحة ، فالحل الأول (العلاجي و الترقيعي) و الاكثر قربا من قلوب الغالبية القبطية قد لا ينتهي إلى أي نتيجة ، وتتحول القضية القبطية إلى قضية ميتة من جديد.
من الجانب الآخر متطلبات هذا الحل قاسية ، تتطلب حمل السلاح من أقباط مسالمين ، ، و تتطلب دفع ثمن من آلاف الأرواح القبطية ، و تتطلب ايمان سياسي بالقضية القبطية بعيدا عن التأثير الديني ، و لكن القارئ للتاريخ القبطي سيجد عشرات الحالات من الثورات المسلحة القبطية ، والتي نجح فيها الاقباط في الصمود ، و لكن الظروف الاجتماعية و الدينية لم تسمح لهم باستكمال المسيرة. ولعل آخرها قصة كفاح "المعلم ابراهيم" و الذي كون فيلق قبطي من الآف الاقباط في أثناء الاحتلال الفرنسي لمصر (1798-1801م) ، و كان يطالب نابليون بتخليص الاقباط من الحكم الاسلامي العثماني و المملوكي ، و عندما فشلت الحملة الفرنسية أضطر للرحيل معها خوفا من رد الفعل الاسلامي الشعبي ، و مازال قصته معتم عليها في كتب التاريخ الرسمية خوفا من "الفتنة" ، أو هو الخوف من قيام حركة مسلحة قبطية تستلهم التاريخ. ومثال آخر في قضية السودان ، فهذا هو ما فعله "جون جارانج" في قيادته للتمرد في الجنوب السوداني ، و إن اختلفت حالة الأقباط في بعض النقاط ، منها الطبيعة الجغرافية لأرض جنوب السودان (و التي تسمح بحرب عصابات) و ليس كأرض مصر المبسوطة ، ومنها أيضا أن شعب الجنوب لم يخضع للشمال إلا حديثا ، و لم يعتاد العبودية للمحتل الاسلامي لفترات طويلة كما فعل الأقباط.
و لكن الثمن لابد من أن يدفع إذا فشلت الحلول الدبلوماسية ، و هذا أفضل من تأجيل دفع ثمن الحرية للأجيال القادمة .. فلن تسامحنا الأجيال القادمة كما سامحنا نحن الأجداد. و لقد تعلمت من التاريخ أن الموت من أجل الحرية أفضل من ذبح النعاج الذي يحدث يوميا للأقباط و يتركنا تحت رحمة الغوغائية في أحداث مثل الاسكندرية أو الكشح أو غيرها..
ومع ذلك فالرافض لهذا الحل يمكنه أن يفكر في الاقتراح الثالث.
****
الاختيار الثالث: التهجير الجماعي للأقباط خارج مصر (أو الهروب الكامل)

و هو حل سيرفضه الغالبية الساحقة من الأقباط رفضا قاطعا ، و قد يتهمني البعض بالجنون ، و لكن القليل من الجنون المبرر قد يكون مطلوبا أحيانا ، و نحن نطرح كل الحلول المتاحة كأفكار لمزيد من الرؤية الواضحة.
هذا الحل قد ينال استحسانا من عوام المسلمين في مصر ، فهم يريدونها اسلامية ، و نحن سنتركها لهم كما يريدون ، و لكنني أتوقع أن القيادات السياسية المصرية لن تقبل هذا الحل ، ليس لأنهم اقل اسلاما ، بل لأنهم أكثر فهما للواقع السياسي. فإن تهجير الاقباط خارج مصر سيترك الحكومة المصرية بلا كبش فداء امام الجماعات الاسلامية ، و بلا غطاء سياسي أما الدول الغربية و العالم الحر ، و بالتالي سوف تكون بداية النهاية لأي علمانية في مصر ، حتى و ان كانت مزيفة. فدائما ما تحاول الحكومة استغلال ورقة الضغط على الاقباط لاثبات اسلامها أمام الجماعات الاسلامية ، و تستغل نفس الورقة أمام الغرب وتؤكد أنه لا يمكن فتح باب الديمقراطية على مصراعيه و إلا وصلت الجماعات الاسلامية إلى الحكم و ضاعت الاقليات ( ومنهم الاقباط). و بخروج الأقباط ستضطر الحكومة للدخول مكشوفة في اللعبة السياسية ، و سوف تكون أيامها معدودة . و إذا انهارت الحكومة المصرية و في غياب الاقباط ستتحول مصر إلى افغانستان جديدة ، و ستتولى الجماعات الاسلامية مسئولية تدمير نفسها بنفسها. و أيضا لن تسمح الحكومة المصرية بهذا الحل لأسباب اقتصادية يمكن تلخيصها بأنه من المؤكد أن هجرة الاقباط الجماعية سوف تحدث صدمة هائلة في الاقتصاد المصري ، حيث أن 40% من القطاع الخاص في يد الأقباط.
لماذا التفكير في هذا الحل؟
و الجواب أن هذا الحل مثله مثل الأختيار الثاني ، حل من الحلول الجراحية القاسية الأقل دموية ، و التي يمكن اللجوء لها في حالة فشل الحل الأول ، و عدم القدرة على الدخول في مواجهة عسكرية كما يقترح الحل الثاني. و هو محاولة لفصل الفريسة عن الصياد ، و ايقاف النزيف المعنوي و المادي و الروحي للأقباط من المحتل الاسلامي ، و محاولة لبدء مرحلة من الأمل في نفوس الأقباط من الشباب ، الذين يشعرون بالحصار الاجتماعي و المادي و الديني داخل مصر، ولا يجدون فرصة للهروب و البدء من جديد . ففي ظروف الحرب على الارهاب أقفلت العديد من الدول الغربية أبوابها في وجوه الشباب من دول العالم الاسلامي ، دون تمييز بين الجاني و الضحية ، بين الشباب المسلم المؤمن و المفجر لنفسه أمثال محمد عطا ، و الشباب القبطي المقهور في وطنه دون أمل في الهروب إلى مساحة أكبر من الحرية. فهو حل من أجل الشباب و المستقبل ...
هل من الممكن أن يتم هذا على أرض الواقع؟
و الاجابة نعم ... إذا نجح الاقباط في المهجر في الحصول على دعم شعبي و حكومي من الدول الغربية لتسهيل حصول الاقباط على تأشيرات الدخول إلى هذه الدول . مع تسهيل الحصول على لجوء ديني أو سياسي في هذه الدول . و إذا كان الغرب قد نجح في تهجير ملايين اليهود إلى أرض الموعد ، فلماذا لا يمكن أن يتحقق نفس السيناريو مع الأقباط.
ماذا يمكن أن يدفع بالغرب لتبني هذه القضية ؟
و الاجابة هي من أجل تغيير التوزيع الديموغرافي للدول الاوروبية . بمعنى أن الحركات الاسلامية بدأت تجد لها مستقرا بين الدول الأوربية ، و هذا صار مصدر قلق قوي لصناع القرار في الدول الغربية هناك بسبب الهجرت المتزايدة من المسلمين إلى هذه الدول بحثا عن المال و النساء في أغلب الأحيان (ثقافة اسلامية استهلاكية) ، و لعل أوضح حالة هي الدولة الفرنسية و التي انتشرت فيها الحركات الاسلامية و منها صارت تهدد سلامة أوروبا كلها . كل هذا كان بسبب السماح بما يسمى بالهجرة العشوائية ، و بدلا من ذلك يمكن اقناع الدول الغربية بالهجرة الانتقائية ، و بأن تهجير الاقباط هو محاولة لأستعادة التوازن و عدم تغيير الثقافة الأوروبية ذات الأصول المسيحية ، بثقافة بربرية ذات أصول بدوية قد تحيل الحضارة الغربية كلها إلى رماد . و الكثير من الحركات اليمينية الأوروبية و الأمريكية سوف تؤيد هذه الفكرة.
ولا ينبغي أيضا تجاهل الدافع الاقتصادي ، فالاقباط بما يملكونه من ثروة ، و عقلية اقتصادية سوف يكونون اضافة حقيقية للأقتصاد الأوروبي (ثقافة انتاجية) الذي يعانى من الكساد و البطالة و اعانات البطالة.
المواطن القبطي أم الأرض القبطية؟
و هذا السؤال واجب الطرح في هذا الحل التهجيري ، فنحن أحفاد الفراعنة ، و نحن ابناء مصر الأصليين ، كيف نترك أرضنا للمستعمر الاسلامي ، و الاجابة تكمن في الاختيار بين المواطن القبطي أو الأرض القبطية ، و علينا أن نختار إذا طرح هذا الحل، و كلا الاختيارين صعب . فإما أن نبقي عبيدا في أرض أجدادنا و التي تنازلنا عنها تدريحيا للمحتل العربي المغتصب ، أو نبقى أحرار في أرض غريبة ، و نحتفظ بتراثنا القبطي في أرض الشتات كما فعل اليهود من قبل ، على أمل بالعودة في يوم من الأيام.
****
كما قلت من قبل هذه الحلول الثلاثة لا تمثل كل الحلول ، فمن الممكن أن يقترح البعض حلول هجينه من الحلول السابقة ، او أن يتفتق ذهن البعض عن حلول أخرى ، و لكن من وسط هذه الحلول الثلاثة التي ذكرتها ، يكتسب الأول -العلاجي الغير جراحي- الشعبية القوية بين جموع أقباط الداخل و الخارج ، العلمانيين و القيادات الدينية ، و يفضل الجميع الضغط على الحكومة من أجل الاصلاح ، بدل من الحلول الجراحية كاقتراح الدولة القبطية ، أو التهجير الجماعي ، و مع ذلك تستمر الحلول الأخرى مطروحة على الساحة ، و يفكر فيها الكثير من الأقباط بطريقة هامسة ، دون أن يجرؤ على البوح بها أحد . الحل الاول حل سلمي تعايشي يفترض حسن النية في الغالبية المسلمة و مزيد من الوعي بحقوق الانسان ، اما الحلول الثاني و الثالث ، فهما من الحلول الفصلية ، و التي تعزل الجاني عن المجنى عليه في حالة فشل التعايش السلمي.
و الحقيقة أنني لست من مؤيدي أحد الحلول عن الآخر ، أنا مجرد راصد للأحداث ، و باحث عن الحلول ، أما الاختيار فهو دور الاقباط كلهم ، وفي عرضي هذا حاولت أن أرصد الحلول دون أبداء ميول ، و في النهاية فالقرار للأقباط ، و ليس لقبطي واحد ، و لكن ترك باب الحلول مفتوحا بعد الاختيار من أساسيات نجاح القضية القبطية. فالتعايش السلمي و الديمقراطي في الحل الأول هو أكثر الحلول مثالية ، و لكن الناظر إلى التيارات الشعبية الاسلامية الحالية لا يستطيع إلا أن يتساءل ، هل من الممكن أن يتعايش المسلم مع أي أقلية أخرى من الكفار و الزنادقة على أساس المواطنة ؟ التاريخ الاسلامي يجيب بلا ، و الواقع المعاصر يجيب بلا ، و لكن لابد من المحاولة ، فالحلول الجراحية دائما ما تكون الملجأ الأخير.
****
دور الحكومات الغربية و العالم الحر:

و من الجدير بالذكر أن هذه الحلول الثلاثة تتضمن دورا للحكومات الاجنبية الغربية سواء في الضغط على الحكومة المصرية (الحل الأول) ، أو مساعدة الحركات القبطية المسلحة (الحل الثاني)، أو فتح أبواب الهجرة للأقباط (الحل الثالث) ، فكيف ننال العطف العالمي و التأييد الدولي من أجل قضيتنا العادلة؟ قضية شعب مسحوق لمدة 14 قرن دون أن يجرؤ على فتح فاه للشكوى إلا حديثا. الحقيقة أنه لابد من الاستفادة من التجربة اليهودية و التي تتضمن ثلاثة محاور أساسية، اعلامي و سياسي و مالي.
المحور الاعلامي (للتأثير على رجل الشارع الغربي):
لكي يسمع العالم عنا ، كان ينبغي عقد المؤتمرات و إلقاء المزيد من الضوء على ما يحدث داخل أسوار مصر للعالم الخارجي ، و هذا هو ما فعله "عدلي أبادير" ، وما سوف يفعله في الكثير من المؤتمرات القادمة ، و لكن هذه المؤتمرات لا تكفي ، فالآلة الاعلامية القبطية هزيلة ، ينقصها التمويل ، و الوصول إلى رجل الشارع الأوروبي و الأمريكي شبه معدوم ، وهنا يأتي دور أقباط المهجر ، و مرة أخرى لا تكفي المظاهرات أمام البيت الأبيض ، أو أمام مبنى الامم المتحدة ، لابد من انشاء شبكة من الاعلام القبطي القوي داخل المؤسسات الغربية ، شبكة من القنوات الفضائية التي تخاطب الشعوب الأوروبية بلغاتها الأصلية ، و تنقل الفكر القبطي إلى الساحة العالمية ، و أيضا شبكة من دور النشر تتولى ترجمة الكتابات القبطية إلى العالم ، و أيضا ترجمة الكتب الاسلامية المعتم عليها إلى الشارع الغربي ، و المثل واضح في القضية اليهودية ، فمن خلال الأفلام و الكتب و الاعلام و التغلل إلى داخل المؤسسات الاعلامية الغربية ، لا يوجد أمريكي أو أوروبي لم يسمع عن الهلوكوست ، و لكن كم منهم سمع عن ملايين الاقباط الذين استشهدوا ومازالوا يستشهدون على حقبات مختلفة من التاريخ الاسلامي ، ومن التاريخ ينبغي أن نتعلم ، لا ينبغي أن نضع البيض كله في سلة واحدة ، و لا ينبغي أن نركز على الولايات المتحدة و نتجاهل اوروبا ، أو العكس ، بل لنفتح قلوبنا للعالم كله ، لا ينبغي أن نموت في صمت ، بل لنجعل موتنا و موت أجدادنا شهادة للعالم .
المحور السياسي (للتأثير على رجل السياسة الغربي):
و من ناحية أخرى لابد من الوصول إلى صناع القرار في الحكومات الغربية ، كما فعل الناشط مايكل منير بانضمامه إلى الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ، و لابد من تكوين لوبي قبطي قوي ، يعرف كيف يلعب دورا أساسيا في الانتخابات الأمريكية أو الأوروبية ، لابد لهذا اللوبي ، أن يشعر الحكومات الغربية بأن وجود أقلية قبطية في قلب العالم العربي و الاسلامي لازم ومهم للمصالح الغربية عامة و الأمريكية خاصة ، و أن وجود الأقباط في مصر لازم و هام للتوازن السياسي في المنطقة.
المحور المالي (للصرف على هذه الأنشطة):
و هنا يتحدد مدى نجاح الجهود المبذولة للقضية القبطية ، فأي قضية لا يريد شعبها في اعطاء الاموال من أجلها هي قضية ميتة . و مرة أخرى يظهر أمامنا المثل اليهودي واضحا ، فقد كان من أهم عوامل نجاح اليهود في احياء قضيتهم ، هو رغبتهم الصادقة في تحويل أموالهم من أجل القضية اليهودية ، وفي هذا يفتقر الأقباط. فمعظم الجالية القبطية في المهجر لا تفكر إلا في مصالح شخصية و عائلية دون التفكير و لو لثانية واحدة من التبرع بالأموال من أجل أقباط الوطن المسحوقيين . وهذا يجب أن يتغير ، لأن الصرف على القضية القبطية هو الضمان الوحيد لسلامة الأقباط في هذا الوقت الحرج الذي أخرجت فيه الحكومة المصرية مئات الأخوان المسلمين من السجون ، و سمحت لهم بالدخول بحرية في الانتخابات البرلمانية ، و المؤشرات تدل على بدء عصر جديد من اللعب بالنار كما فعل السادات ، و كأن مبارك لم يتعلم الدرس ، و حتى يتعلم الدرس لابد من الأقباط أن يدفعوا مزيدا من الثمن ، و هذا يشمل أهالى أقباط المهجر و عائلاتهم المحاصرة في أرض الكنانة. فمن يهرب من المسئولية سوف يدفع الثمن في أهله و أقربائه ، و من يظن أنه قد هرب إلى الخارج فلا ضرر و لا ضرار ، سوف يدرك بعد فوات الآوان أن كل فرصة أضاعها في أنانية و ذاتية ، كانت فرصة حقيقية لإنقاذ ذويه من مخالب الشيطان الاسلامي.
****
أخيرا أستطيع أن أؤكد أن الحلول السياسية المقترحة وحدها قد لا تكفي من أجل الهدف المنشود ، وهنا يأتي دور الحلول الدينية ، فالنهضة الروحية للشعب القبطي و العودة القوية للتبشير بالمسيح تمثل أقوى عوامل التحول لصالح القضية القبطية. و كما قلت سابقا أن المسيح قادر على تغيير شعوب .
الاسلام دين و دولة ، و لا يمكن التحاور معه سياسيا فقط ، و لكن دينيا أيضا ، ففضح الأصول الدموية للاسلام ، و فضح الأوهام المزيفة للعدالة و السلام في المنظومة الاسلامية ، و فضح فظائع الاسلام و المذابح التي ارتكبها في حقوق الشعوب المحتلة ، و طمسه لمعالم الحضارات القديمة من بابلية و كلدانية و فرعونية و هندية و فارسية ، و قيامه على أنقاضها ، كل هذا لابد و أن يعلن ، و لابد أن نفتح القبو لتخرج الخفافيش ...
لابد أن يدرك المسلمون أن أجدادهم دخلوا الاسلام تحت تهديد السيف أو عدم القدرة على دفع الجزية ، لابد أن يدركوا أنهم و أجدادهم وقعوا ضحايا هذا الدين الشيطاني.
و هذا هو ما سنناقشه في المقال القادم .. حول القضية القبطية و الحلول الدينية و مزيد من الأمل.



#ابراهيم_القبطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -عبد الكريم نبيل- .. قلب كبير في زمن إله الذباب و شريعة إله ...
- القضية القبطية :أسباب الأمل بين القمص زكريا بطرس و الاستاذ ع ...
- من أبطال الإسلام و الحرب:خالد بن الوليد .. و الكونت دراكولا ...
- لماذا نرفض الديمقراطية للاسلاميين و الأحزاب الاسلامية (في ال ...
- ثقافة الموت في الاسلام: تسونامي .. كاترينا .. ريتا .. و زلزا ...
- الاحتلال الاسلامي للعالم القديم و الغزو الغربي لمجتمعات الشر ...
- تاريخ الإلحاد: تكملة العصر الاسلامي الوسيط-4
- تاريخ الإلحاد: العصر الإسلامي الوسيط-3
- تاريخ الإلحاد-العصر الإسلامي الأول -2
- مصطفي بكري .. و الوسواس الخناس -اسرائيل في صدور الناس
- تاريخ الإلحاد: مدخل للدراسة و التحليل -1
- قل لي من تعبد ... أقول لك من يحكم -أنظمة الحكم في العالم الا ...
- اسطورة القرآن-مشكلة الوحي في الاسلام
- عن القمص زكريا بطرس.. و التناقد الداخلي للإسلام - في الرد عل ...


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم القبطي - القضية القبطية(2): مزيد من الأمل .. و اقتراح حلول سياسية