أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - كل شيء اصبح مصطنعا















المزيد.....

كل شيء اصبح مصطنعا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 5029 - 2015 / 12 / 30 - 22:48
المحور: كتابات ساخرة
    


حياتنا ليست كما يجب
كنا ونحن شباب صغار نهربُ من مُتع الحياة وكانت مُتع الحياة تلاحقنا, أما اليوم نحن نركض وراء مُتع الحياة وهي تهرب مني في كل زاوية وفي كل دكان.
كانت الحياة تقبلُ علينا وكنا نحن لا نلتفتُ لها.
اليوم الموضوع مختلف عن سابق عهده, كنا نمارس الحياة بكل شهوة واليوم كل شيء نمارسه نشعر أن فيه الكثير من التكلف.
حياتنا فيها الكثير من التكلف والاصطناع.
فنحن مثلا نضحك كثيرا ولكن ليس من القلب.
كنت قبل عشرين سنة حين اضحك تسمع صوت ضحكتي من الحارة المجاورة لحارتنا, وكنت دائم الضحك والبتسام وكنت اضحك على أي شيء حتى على رد السلام وكان اهلي يقولون لي: ليش إنت كل شيء بتضحك عليه بالرغم من إنه في اشياء نحن نبكي عليها أو نبكي منها وأنت تضحك عليها؟ كنت لا أجد جوابا غير أنني مقبلٌ على الحياة بقوة, اليوم أنا لا اضحك ويا دوب أبتسم ابتسامة خفيفة جدا يا دوب يسمعها من يضع أذنيه في فمي.
ضحكتنا لا تخرج من القلب.
كانت تخرج من القلب ومن اسفل البطن ومن تحت الحزام.
أنا اليوم أشاهد الناس وهم يضحكون في وجوه بعضهم البعض تكلفا واصطناعا.
يجاملون بعضهم البعض.
ضحكاتهم لا تخرج من القلب بل فقط من خلف الشفتين والنواجذ.
يصطنعون لك الضحكة اصطناعا, لكي يشعروك أنهم مسرورون بوجودك معهم أو بينهم وأنهم فرحوا جدا لأنك أنت فرحان.
وإذا أنت ما شعرت بالحزن تجد الناس يحزنون معك حزنا أيضا مثل الضحكة المصطنعة, كله عبارة عن مجاملات.
زمااان كان الجيران يبكون لبكائي وكنا نحزن لحزنهم أكثر منهم وإذا فرحوا بزواج إبنهم كنا نفرح معهم أكثر منهم.
يبكون معك ودموعهم مزيفة ويرتدون على وجوههم الأقنعة.
نضحك مع بعض لأننا نريد أن نؤدي واجبا اجتماعيا مفروض علينا, حين نجح ولدك بشهادة الثانوية جاء الناس إليك مهنئون وحين نجح أبناءهم ذهبت إليهم ليس لكي تفرح لفرحهم بل لكي تؤدي ما عليك من واجبات اجتماعية, ولكن ليس لكي تضحك معهم ضحكة نسمعها من الحارة المجاورة.
تمارس الجنس مع زوجتك ليس رغبة في الجنس أو اللذة ولكن لكي تؤدي واجبا اجتماعيا عليك أن تؤديه وأن تتقن أداءه, وكذلك الزوجات يتقدمن من أزواجهم للمعاشرة الجنسية ليس رغبة بالجنس أو رغبة بالحصول عليه وامتلاكه ولكن مجاملة للزوج لتأدية واجب اجتماعي على المرأة أن تؤديه لزوجها.
عليها تقديمه لزوجه مساء كل خميس أو في الأسبوع مرة أو مرتين على حسب البرنامج المتفق عليه ما بينهما.
حياتنا عبارة عن تقديم واجبات ليس أكثر.
لا توجد لدينا رغبة حقيقية بالفرح.
لا توجد لدينا رغبة حقيقية بالحزن.
لا توجد لدينا رغبة حقيقية لممارسة الجنس.
الحياة اليومية بالنسبة لنا عبارة عن روتين قاتل وممل, نأكل نشرب نمارس الجنس ونتبول وننام وفي اليوم التالي نفعل ما فعلناه في هذا اليوم دون أن نشعر أن في حياتنا لذة أو بأن لدينا رغبة عارمة بممارسة عواطفنا, فنحن مثلا حين نمارس الجنس نحن نمارس النكاح, نكاح البهائم, والحيوانات, نمارس غرائز, ولا نمارس عاطفة أو حنين أو رومنسية, حياتنا أصبحت مثل النهر الجاف مات فينا كل شيء, ماتت عواطفنا واشجاننا ومشاعرنا وعمّى قريب سيأتي الموت ليخطفنا ونرحل عن هذا الوجود بعد أن استنفذنا طاقتنا وأخذنا نصيبنا من كل شيء, وربما يأخذنا الموت ويرحل بنا دون أن نجد من يعرب عن أسفه لفقدنا.
قبل أكثر من 20 سنة كانت عندي رغبة في الحياة لأنه كان عندي أهداف وأحلام أريد أن أحققها, ولكن الأحلام صغر حجمها والأهداف تحطمت والنفس أصبحت مكسورة والقلب لم يعد نشيطا كسابق عهده لذلك ضحكتي اليوم ليست كضحكتي قبل عشرين عام, ودمعتي اليوم ليست كدمعتي قبل عشرين عام.
تراجعت صحتي بشكل ملحوظ.
ولم يعد دمي يفور كعلبة البيبسي, أصبح دمي متجمدا مثل اللبن.
زماااااان....زمااااان...كنت اشعر بالسخونة في جسدي حتى في أشد ايام البرد ولكن منذ عام تقريبا وأنا اشعر بالبرد حتى في أيام الصيف الحارة.
كنت زمااان إذا ذهبت إلى عرس لأقربائي أو جيراني أدبك بقوة وأحيانا أقود الدبكه وأقفز في الهواء وكأني رجل بهلوان....كنت إذا سمعت بأمسية شعرية اذهب لحضورها مهما ابتعدت عني بالمسافات...الآن الأمسية الشعرية على باب بيتي ولا اذهب إليها...الآن الأعراس اذهب إليها وإذا دبكت مع الشباب يا دوب أستطيع تحريك أرجلي إلا مجاملة وأنظر في وجوه الدبيكة وأعطيهم ابتسامة عريضة ولكنها لا تنبع من القلب بل كلها عبارة عن مجاملات وتقديم واجبات اجتماعية ليس أكثر ولا أقل, وإذا حضرت أمسية شعرية أنعس والشاعر يحترق قلبه ودمه وهو يخطب بلسان أطول من مقص الإسكافي...كنت أذا سمعت بندوة سياسية كنت اطير إليها طيرانا, الآن الندوات على الفضائيات منتشرة وكل دقيقة أستطيع حضور ندوة ولكن ليس لي رغبة بمشاهدة أي شيء.
ايام زمان حين ظهرت القنوات الفضائية اشتريت الستلايت ب1500 دينار أردني لكي أشاهد افلام الأكشن, أما الآن ثمن الستلايت صار 20 دينار وليس لي رغبة بمشاهدة أي فيلم أكشن.
حياتنا جافة مثل سقف الحلق الجاف الذي يعاني من ارتفاع السكر في الدم أو الاضطرابات النفسية.
زمااان كأذا سمعت بعزاء ميت عند اقربائي اذهب إليهم واشارك في كل شيء وأتحدث مع كل الناس وأخلق الحكي والسوالف من تحت أرجلي, الآن اذهب نصف ساعة أو ربع ساعة واجلس وحدي دون أن تكون عندي رغبة في الحديث مع احد حتى وإن استفزوني بأحاديثهم.
قبل 20 سنة كانت عندي رغبة بممارسة الجنس مع كافة النساء حتى مع طوب الأرض, الآن يا دوب أن يخطر على بالي حتى في الشهر مرة أو كل شهرين مرة.
مللنا من الكذب علينا.
مللنا من كثرة ما نصبوا علينا.
دمرونا عاطفيا وجنسيا.
قبل شهر قال لي صديقي على الموبايل: يا رجل كانت ليلة الأمس عندي رغبة شديدة بممارسة الجنس مع زوجتي, قلت له: أها وماذا بعد؟, قال: اقتربت منها وفي قلبي كلام كبير ومثير عاطفيا وقبل أن تتحرك شفتاي قالت لي: الولد بده صندل والبنت بدها دفاتر واقلام واليوم أجت فاتورة الكهربه وجستناني زي ما هو إنت عارف إمطوط إمفلس, والحليب خالص وما عندناش قهوه ولازم تدبر حالك, قال عندها شعرت وكأن احدٌ من الناس سكب على رأسي دلو ثلج أو ماء مثلج ليختبر قوة تحملي, فتراجعت ولبست ملابسي, فقالت: شو مالك!!, قلتلها: خلص إنطمي وإخرسي ونامي ولا من هون لشهرين رايحه تشوفي زقمي(وجهي).



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراسل القاضي
- اليوم عزمت الحكومه على الغداء
- الرجولة في خطر
- التخلص من الفقراء
- الناس احتاروا بي
- الدنيا مثل حبة الخيار
- أجمل الأيام!!
- قصة حقيقية حصلت معي في الأردن
- على قد ما بنحب بعض!
- من هم الذين يريدون تطبيق الشريعة الاسلامية؟
- الهوس بالموساد
- جائزة الإعلام السياسي في تشجيع ثقافة الاختلاف، من المنتدى ال ...
- زوج رومنسي
- ردود الزوجات على رسائل الأزواج
- كلام الليل يمحوه النهارُ.
- دولارات مسمومة
- الحمد لله على نعمة المسيح
- نعشق الموت والجنون
- الله يسعد يسوع اللي علم إنجلينا على المحبة
- تحقيق العدالة


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - كل شيء اصبح مصطنعا