أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم















المزيد.....

هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماكاد الشيخ الوقور ينتهى من درسه فى رواق المجلس حتى عاجله واحد من المتحذلقين يسأل: يامولانا، هل يجوز دخول الحمام بالموبايل المخزن عليه القرأن؟ الشيخ: نعم يجوز، ودار الحوار التالى، السائل: يا شيخ القرأن الكريم مخزن فيه، الشيخ: لا بأس أليس محفوظاً في شريحة الذاكرة؟ السائل: نعم يامولانا، بس ده القرأن، الشيخ متأففاً: وهل أنت من حفظة القرآن؟ السائل: أحفظ خمسة أجزاء كاملة، الشيخ: خلاص لما تيجي تدخل الحمام إبقى سيب دماغك برة. ولأنه لجوج لزج، فقد أضاف: يامولانا وهل يجوز أكل لحم البطريق؟ وعاجله الشيخ الذكى بلباقة وسرعة بديهة: إذا لقيته أو أمكنك إصطياده فكله، وفى تنطع يحسد عليه إستأذنه فى سؤال أخير: ياشيخنا لو أنا بأصلي في غابة و طلع عليا أسد هل أكمل صلاتى أم أقطعها؟ وجاءت إجابة الشيخ قاطعة مهذبة وموحية: لو إستطعت أن تظل محافظاً على وضوئك حال مهاجمة الأسد لك، فأكمل الصلاة. بالطبع الشيخ يعرف بالضرورة أن مقاصد الشرع خمس، هى أن يحافظ للمسلم على حياته ودينه وعقله وعرضه وماله، وأنه ليس مطلوباً من أحد أن يعرض حياته للخطر من أجل أداء فرض، رخص لنا فيه سبحانه وتعالى الجمع والقصر والقضاء، وأن الدين يسر لاعسر، هذا مالم يقله الشيخ الذكى، الذى لم يغب عن إدراكه منذ اللحظة الأولى، أن صاحبنا لايسأل حتى يفهم أو يتعلم، إنما هو يفتئت على الدين فى محاولة للتثاقف وإدعاد المعرفة، وأنه يفترض قضايا تخاصم الواقع وليست محلاً لخلاف فكرى يحوز أولوية تؤرق الناس وتحيط بالمجتمع، إذ ماضرورة أن أحمل معى الموبايل إلى الحمام أو أتركه، هذا إذا ماتوجب علينا أن يكون لكل منا موبايل من الأصل، ناهيك أن يكون هذا شرطاً من شروط الإيمان أو الأركان الخمس للإسلام، ثم هل إعتاد الناس الإختلاف إلى الغابة كل حين؟ وماهى ضرورة الذهاب المتواتر للغابة، فى مثل حياتنا العصرية التى يندر فيها وجود الغابات أو يتحتم الولوج إلى أحراشها والتعرض للمفترسات فيها؟ وهل تحول البطريق إلى واحد من الأكلات المعروضة علينا فى الأسواق؟ أو التى يعز وجود بدائل لها. هذه تساؤلات تتبادر إلى الذهن بمجرد النظر فى نوع أسئلة الرجل، ولعلها تشى بأنه يحاول التقعر والتنطع وإفتراض مايصعب إفتراض وقوعه واحتماله. وهذا السيد المتنطع يقترب بسلوكه المستهجن هذا ممن أضاعوا وقتنا فى فقه دخول الحمام والخروج منه، والطقوس المقترحة بشأنه، وهو كمن تنطع من قبل فى تراثنا فراح يسأل عن حكم من حمل قربة من الفساء على ظهره؟ وهل ينقض هذا وضوءه؟ إنها محاولة لإجتراح المستحيل واللامعقول نثقل به تراثنا الفكرى المرهق من مثل هذه الترهات والإفتراضات اللامنطقية، وكأننا نبحث فى لزوم مالايلزم، نعقد الدين ونحرج الفتوى ونفترض مالانعتاده فى حياتنا، فنتكلم عن رضاع الكبير ونكاح الوداع ومفاخذة الصغيرة والتشافى بشرب بول الرسول. هل هذا معقول، وهل أضحى من ضرورات حياتنا المعاصرة؟ أم هو نوع من التنطع دون مقتضى ولا مسوغ من عقل أو دين أو ضرورة؟. ولعله كذلك، ومالم يكن الشيخ المسئول بأعلم وأحكم وأعقل من السائل، ماجاءت إجاباته بهذا القدر الذكى اللماح الذى يحمل من التقريع والسخرية والاستهجان أكثر مما يحمل من جدية، ولعل الشيخ قد أكتشف بشخصه النابه عدم موضوعية السائل ومحاولات تقعره رغم جهله وفضاء عقله وسخف قوله ولاموضوعية سؤاله وضيق أفقه.
شئ من هذا، أو لنقل ربما كل هذا يتبادر إلى ذهنى كلما أوقعنى حظ عاثر فى متابعة أمر مما يطرح على شاشات قنواتنا الفضائية فيما أسموه " التوك شوز" ولعله "التوك شوك" بما ينضح بالغباء والجهل ومحدودية المعرفة وضيق أفق بعض الإعلاميين الجدد، ومايرشح من أفكارهم السطحية البليده حين يتعهدونا بالنعيق والزعيق والصراخ فى وجوهنا، بحجة أنهم يعلمون الشعب ويثقفون الناس ويدرسون لنا شئون السياسة وقضايا الوطن، وشروط المواطنة، وكيف علينا أن نتحول إلى قطيع من السائرين نياماً خلف شعاراتهم المدرسية الباهتة وأفكارهم العبيطة. ولا أغالى إذا ماقلت أن على كثيرين منهم أن يستكملوا تعليمهم، ولا أقول ثقافتهم، فهم أبعد مايكونوا عن الفكر والثقافة والمعرفة، ويالغرابة مانحن فيه بسبب هؤلاء المسطحين الجهلاء، لا لغة سليمة، ولادراية بأمر مايتحدثون فيه، ولاجهد مبذول فى الإعداد ولا التنفيذ، اللهم إلا الجهد الضائع فى الصراخ والزعيق.
إنه لأمر مؤلم أن يعطى إعلامنا وفضائياتنا الفرصة لمن يحتاجون إكمال تعليمهم ليكونوا أساتذة يدرسون للناس مالاعلم ولاقبل لهم به، أقصد الإعلاميين لا الناس. لقد زاد الأمر عن حده، ولعله إنقلب بالفعل إلى ضده. ولعل شجاعة المواجهة تقتضينا القول بأن أزمة الإعلام التى تفاقمت فى بلادنا تزامنت مع دخول الصحفيون إلى عالم الفضائيات، فاحتكروا الصحافة وهووا بمستواها واحتكروا الفضائيات وأهانوا بجهلهم العلم والفكر والسياسة، ولا أستثنى منهم إلا قليلاً ممن رحم ربى ممن هم مؤهلون للكلام والإضافة، أما الغالبية المفلسة من صحفيى الفضائيات فهم خير عنوان على أزمة الإعلام فى بلادنا وعلى مانعانيه من تخلف وتغييب وعى، أضافوا إليه نفعية مقيتة وشللية مسيطرة فصاروا تايكونات كما "الكومبرادور" يصادرون الشاشات والجرائد والمواقع الإلكترونية والبوابات الإخبارية ويتحكمون فى نافذة الناس على الخبر والرأى والثقافة والحقيقة، ويعملون لصالح رؤوس الأموال المحمولة جواً كما شرحنا فى مقالات سابقة. زاد الطين بلة إحتكار الإعلانات من جانب بعض المشبوهين الذين يفرضون رؤاهم وشروطهم على أصحاب القنوات، وهى فى مجملها ضد صالح الوطن وضد مصالح الشعب الذين يعملون على تغييب وعيه وتسطيح أفكاره ببرامج التفاهات والمسابقات العبيطة وبرامج مذيعات "البورنو" اللبنانى، ويفرضون مذيعين على شاكلة صاحبنا اللجوج اللزج المتحذلق بلا تبعة أو مبرر، الذى راح "يفتكس" ويتنطع على الشيخ بالأسئلة فى لزوم مالايلزم، ومذيعات بعينهن من أنصاف المؤهلين وفنانات الصف العاشر والراقصات، وكأنها مؤامرة على عقل الشعب ووعيه، تزرع قيم السلب والجهل والاستسهال والعبط فى أذهان الشبان والمراهقين وتفرض الوصاية على شعب أجهده غباء الإعلام، وتؤسس للتخلف والتفاهة لتجعلها عنواناً للإعلام المصرى، فتتصدر شاشاته وسهراته برامج الفضائح والجن والعفاريت والمتحولين جنسياً والمثليين والإغتصاب والتشهير، وبرامج الخيانة الزوجية وتسويغ متابعة الشباب لأفلام البورنو، ومسابقات الغناء والرقص، بينما تغيب عنها أى برامج هادفة للإعلام والتثقيف والسياسة وصياغة الوعى، ومالم ننتبه نكون على أعتاب كارثة تحيق بنا، فهذا إعلام يؤخر ولايقدم، يثير البؤس والشفقة ويلطخ وجه الوطن.
وأحسب أنه واجب الوقت على الدولة والبرلمان للإسراع بإصدار القوانين المنظمة للإعلان والتنبه لإحتكارات شركات الإعلان المشبوهة والتصدى لمهازل نحن فى غنى عنها. وأن توضع الضوابط لحمايتنا جميعاً صغاراً وشباناً وكباراً من أولئك الذين عليهم مغادرة الشاشات ليركزوا فى إكمال تعليمهم. هذا أو الكارثة، وقانا الله وإياكم وحفظ منها ماتبقى لنا من عقل وفكر وبعض وعى.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيزوفرينيا الحرب على داعش: لعل السيسى لا يستجيب لعبدالمنعم س ...
- كارثة إختيار الأقل كفاءة
- أزمة حقيقية أم تمثيلية محكمة؟ من يلعب بالنواب والحكومة؟
- مصر والسعودية والمشهد الدولى المرتبك
- من أنشودة مالك بن نبى إلى حملة أولاند : ياجنرال لست فى الميد ...
- باريس: موهبة النور ومحنة الظلام
- هواة فى مواقع السلطة
- الكاتب المأزوم والأفكار -العميطة-
- روسيا تحت قصف البروباجندا الأمريكية
- فلا تكونوا شوكة فى خاصرة الوطن
- السيسى والسفر عبر الزمن
- الإتحاف والإنباء عن الحكومة والوزراء- السيسى فى اجتماع الجمع ...
- البرادعى يقود الهوسبتاليين الجدد وينعق من جديد
- نخبتنا العاجزة: الدولة لاتصنع السياسة
- التفكير: فريضتنا السياسية الغائبة
- لا أخلاقية السياسة الأمريكية
- إشكاليات الثقافة والإدراك فى العلاقات المصرية الأمريكية
- فى كامب ديفيد .. الشيطان يعظ ويصلح الساعات
- عن الحمقى والمغفلين
- إستهداف ملكة الحد الأوسط: مصر يصعب أن تكون تابعاً


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم