أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رعد سليم - ذكريات مع شاكر السماوي!














المزيد.....

ذكريات مع شاكر السماوي!


رعد سليم

الحوار المتمدن-العدد: 5026 - 2015 / 12 / 27 - 21:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قبل حوالي عشرين سنة، كنت جالسا في زاوية في احد المقاهي الصغيرة في مدينة غوتنبرغ السويدية وكنت مشغولا بقرأة جريدة الحزب الشيوعى العمالي العراقي "ضد الحصار". حين رفعت وجهي الى الامام شاهدت رجل انيق ذو شعر ابيض ووجهه تملئه الأبتسامة، كان قبالي ويبتسم لي. وانا رددت عليه بابتسامة وحييته بحركة من رأسي، رد علي وقال "أهلا وسهلا" تفضل لنشرب القهوة معا.. انا شاكر السماوي من العراق، رددت عليه بحفاوة وقلت أنا من العراق ايضا. قال لي انا بالأسم من العراق لان نصف حياتي عشتها غريبا في بلدان اخرى.. بدأنا بالحديث، ومثل كل نقاش وتعارف دخلنا في نقاش سياسي مباشر.. سئلني: من انتم؟ وقال: هل انتم ضد الحصار على العراق؟ هنا قاطعته وقلت له: الحصار ليس على العراق والصحيح هو الحصار على الجماهير في العراق.. سئلني: هل انتم ضد نظام صدام؟ أجبته: نعم بالتاكيد، والحصار ليس له اي علاقة بنظام صدام، رد علي: جميل جميل، ممتاز، احب كلامك، لقد وجدت شخص عراقي اخر يفكر مثلي، بهذه كلمات رد علي. بعد ساعتين من النقاش والاسئلة قلت له هذا مكاني، انا أتواجد في كل اسبوع مرتين في هذه الكافتريا، أتشرف ان التقي بك مرة ثانية. ومن تلك الحظة تعرفت على انسان مثقف ومحبوب وهو شاكرالسماوي.
بعدها كنا نلتقي أكثر من مرة شهريا في تلك الكافتريا، وفي أحد اللقاءات اعطاني نسخ من كتبه واعماله، وكتب بعض الاسطر على الصفحات الاولى وبخط يده "الصديق الودود.. اهدي الى شخصكم الطيب هذه الترانيم الروحية والعقلية، مستلهمة من تاريخ اختيار الوقوف المدمى مع الانسان الذي ينبغي ان ينتصر بانسانيته لانافيته، مهما عمر الخراب وتأسنت الهزائم وعسس العذاب، دمتم للطيبة والمواقف البناءة، مع حقيقة محبتي وراسخ اعتزازي"..
ان شاكر السماوي كان انسان بسيط في تعامله، لكنه كان انسانا صارما في مواقفه وبعيدا جدا عن المساومة على مواقفه. كان انسانا مثقفا وناقدا مسرحيا وشاعرا كبيرا. عندما نتحاور كان حديا ولا يجامل احد. مواقفه في السياسة والادب والنقد كانت حدية بدرجة كبيرة. انجز مابين الأعوام ١-;-٩-;-٥-;-٦-;- - ١-;-٩-;-٨-;-٠-;- ثمانية دواوين من الشعر الشعبي، وكتب الكثير من النصوص المسرحية، والعديد من المقالات في الجرائد. ان شاكر السماوي كانت انسانا يكره الراسمالية والاستعمار ويعتبر نفسه انسان يساري ويحب الحركات اليسارية في العالم باجمله. وكتب احد دواوينه الشعرية باسم (نعم انا يساري).
ان شاكر السماوي لم يكن شاعرا او اديبا أو مثقفا او ناقد مسرحي فقط، وانما كانت مناضلا سياسيا. منذ مطلع خمسينات القرن الماضي، بدا نضاله في الحزب الشيوعي العراقي، وثم في الحزب الشيوعي العراقي - القيادة المركزية. وفي منتصف السبعينات سافر السماوي الى خارج العراق بقرار من حزبه، وكان هو شخصيا غير راض على قرار السفر واعتبره قرارا انهزاميا ويصب في صالح الفاشية. بعدها بفترة استقال من الحزب الشيوعي العراقي. ان السماوي دخل السجن وفي المعتقل منع عنه كل شيء حتى قصاصات الورق وأقلام الرصاص والزيارات والاختلاط بالمعتقلين، حيث وضع لما يزيد على السنتين في الاعتقال الانفرادي.
المواقف السياسية لدى شاكر السماوي كانت تتجاوز افكار اليسار العربي القديم، كانت مواقفه ثورية واكثر راديكالية من تلك الافكار، موقفه من الحرب الامريكية على العراق وموقفه من الحصار الاقتصادي كان سليما، وكان من اولئك الاشخاص الذين وقفوا ضد الحرب والحصار على الجماهير في العراق. قال السماوي "لقد خطط الامبرياليون والصهاينة -وبمباركة العملاء العرب- ذلك لتوجيه ضربة عسكرية قاصمة لوطننا العراق في اقتصاده ومؤسسته العسكرية بالذات، بهدف نسف وقطع جسور واحتمالات تطوره العلمي والاقتصادي والتكنولوجي ودحرجته الي مهاوي التخلف والمراوحة والتبعية، قبل ان يتمكن من التقاط انفاسه بعد حرب ثمانية اعوام وتضميد جراحه اقتصاديا واجتماعيا، سيما انهم لاحظوا ان قيادة الحكم في العراق اتجهت صوب التراجع والمراجعة لحصلية هذا الخراب العميق الذي خلقته وخلفته سنوات ربع قرن من الديكتاتورية البشعة و"..... ويقول "امريكا انهم لن يكونوا اعداء للديكتاتورية في اي مكان الا بقدر ما تشكل هذه الديكتاتورية خطورة على وجودهم ومصالحهم". "شاكر السماوي -اللاديموقراطية عربيا- اراء ومواقف وتجارب".
في احد لقائتي معه قال لي اتمنى ان ارجع الي بلدي في يوم من الايام، لكن مع الاسف لا استطيع في الوقت الحاضر. وبعد سقوط النظام البعثي ألتقيته وقلت له "يا استاذ، سقط النظام هل ترجع الى العراق؟" قال "أفضل ان أموت هنا في بلد الغربة، على أن اسافر الى بلد محتل من الاستعمار ويحكمه الخونة والعملاء الأسلاميين".. واضاف "وان احتلال العراق من قبل امريكا واستلام السلطة من قبل الرجعين يصب باتجاه الخراب والتقسيم، ويحول منطقة الشرق الاوسط الي كانتونات صغيرة وضعيفة كي لاتبقى هناك دولة عربية بأمكانها مواجهة اسرائيل والصهيونية". واستمر في كلامه، وقال لي "هل سألت نفسك يوما لماذا لدي صداقة حميمة معك؟ لاني اعرفك جيدا انت انسان شيوعي نضيف، وانت وحزبك كنتم ضد الحصار على الشعب العراقي وضد الحرب الأمريكية على العراق، والان انتم ضد الاحتلال، انتم أصحاب حزب لديه موافق انسانية ووطنية".
ان شاكر السماوي كان انسان مناضلا وشريفا ومخلصا وعنيدا مع افكاره ومواقفه. كتبه، دواوينه، مقالاته، دليلا ملحا وواضحا لقدرة وثقافة وامكانية هذه الانسان. سيبقي مكانه خاليا في الحركة الادبية والثقافة الثورية العراقية. وستبقي لصورته ولذاكرته مكانة خاصة في قلبي. المجد والخلود لهذه الانسان المناضل.



#رعد_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابادة جماعية، لكن من قبل اوربا!
- الدين قتل للانسان!!
- الاول من ايار، يوم التحدي!
- التغيير، بين الارادة والضرورة!
- فيلم الميدان ورسالة ثورة يناير!
- وفاة شارون!
- ازدواجية المالكي في التعامل مع الارهاب!
- اكره هذه الثورة-!!
- تاريخ مانديلا من زواية أخرى!
- طرد العمال الأجانب في السعودية، عمل فاشي
- أنطفى ا‌حد اشعة الشيوعية الذهبية!
- مصطلح -الشهيد- لا يناسب الشيوعيين!!
- لا لشذرات فكر الخميني
- في ذکری الرفاق نذير عمر وعمر محمد فرج
- المالكي، هل انت صادق مع نفسك؟
- حقوق الاطفال تحت نير النظام الحالي!
- عقوبة الاعدام هی الاسم الحكومی لكلمة القتل!
- رسالة الي مدينة الناصرية الحمراء!
- حقوق الانسان، لاتوجد في اجندة حكومة المالكي
- نداء الى الناشطين السياسين والكتاب الاحرار في الحوار المتمدن


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رعد سليم - ذكريات مع شاكر السماوي!