أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت الغانم - أشرف فياض.. من انتقاد ثقافة النفط إلى حكم الإعدام















المزيد.....

أشرف فياض.. من انتقاد ثقافة النفط إلى حكم الإعدام


رأفت الغانم

الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 00:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اعتقلت السلطات السعودية الشاعر والفنان التشكيلي الفلسطيني أشرف فياض، ومنذ اعتقاله على خلفية ديوانه" التعليمات بالداخل" كما أشيع وقضيته في غياهب النسيان، باستثناء بعض التنديد الشحيح من الوسط الثقافي والحقوقي، قبل أن تعود القضية للواجهة بعد صدور قرار من القضاء السعودي بإعدام فياض.
وفي حين أن القضية بدأت عند هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جراء شكوى تقدم بها أحدهم بحق فياض لأن شَعره" بفتح الشين" طويل! حيث احتجز وأخلي سبيله في اليوم التالي، قبل أن يعاد للسجن بسلطة محاكم التفتيش الوهابية للتفتيش في ديوانه، ما أبعد فكرة اعتقال فياض عن السلطة السياسية، وإلا فهل يعقل أن تصدر السلطة السعودية هكذا قرار وهي تملك صحف النخبة العربية التي يكتب بها كتاب ومفكري العلمانية ونقاد الفكر الديني التقليدي، وهي صاحبة القناة العربية الأشهر في حربها ضد الأصولية عموماً والأردوغانية منها -لا يعني هذا الثناء على وسائل الإعلام الأخرى-.

وانطلاقا من الفكرة التي راجت كسبب لاعتقال الشاعر والحكم عليه بالإعدام؛ أتساءل ألا توجد شخصيات في السعودية تثير غضب التيار الإسلامي وتدفعه لرفع دعوى قضائية؟ وللإجابة على هذا السؤال سأتناول بعض الحوادث التي استفزت التيار الديني وما أسفر عنها، ولا أقصد هنا التحريض ضد هذه الحالات، إنما استعراضها لمقارنتها بقضية فياض، لأن كاتب هذه السطور يؤمن بحرية الكتابة والتعبير عن الرأي واعتناق الأفكار التي يرى صاحبها أنها الأنسب، ويدافع عن ذلك.

خرج حسن فرحان المالكي على قناة وصال وكفّر معاوية بن أبي سفيان، وهو الذي انتقد الوهابية كثيرا ودافع عن الشيعة، بكل ما يسببه هذا الموضوع من حساسية لدى التيار الديني التقليدي، والتي دفعت شيوخ دين لتأليف كتب ترد عليه، ورد في ستة عناوين منها اسمه مباشرة مثل كتاب" الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي ".
حتى وصل به الأمر للتنديد بحكم الإعدام الذي صدر بحق نمر النمر الداعية الشيعي الذي حرض على التظاهر في السعودية، الأمر الذي يحمل انتقاد مباشر للسلطة السياسية التي تقف وراء الاعتقال، فاعتقل ولكن ليس طويلا حيث أفرج عنه بعفو بعد شهرين، هذا ومن المعلوم أن الحساسية من المذاهب تفوق الحساسية من الشعر، منذ صفين مروراً بالمعتزلة وصولاً لعاصفة الحزم.

أيضاً من الكتاب السعوديين الذين استفزوا التيار الديني" كما زعموا بحق ديوان فياض" مقال كتب في العام 2003 بعنوان" الوطن أهم من ابن تيمية" في صحيفة الوطن السعودية، ما دفع المفتي للاتصال بالملك في ذات الليلة شاكيا له ما نشر من تطاول بحق إمام السلفية، ليمنع الكاتب من الكتابة ويقال جمال خاشقجي من منصب رئيس تحرير الصحيفة في اليوم التالي، لكن ليس طويلاً حيث عاد خاشقجي لرئاسة التحرير وكاتب المقال للكتابة، قبل أن يقال خاشقجي مرة أخرى في العام 2010 على خلفية مقال آخر يهاجم الهيئة، والسؤال هنا أين المحاكم التي طالت فياض عن خاشقجي وكُتّاب الوطن؟ وأُذَكِر أني أتساءل ولا أحرض ضد أحد.

يعيش تركي الحمد مؤلف رواية الكراديب الصادرة عام 1998 في السعودية، وهي الراوية التي وردت بها العبارة التي يحفظها كل السلفيين ويعادونها، والتي جاءت على لسان سجين شيوعي يحاور بطل الرواية البعثي هشام العابر" فالله والشيطان واحد هنا، وكلاهما وجهان لعملة واحدة" والتي دفعت صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء والشيخ حمود الشعيبي لتكفيره، لكن أحداً لم يرفع دعوى على الحمد! ولم يسجن!
قبل أن يغرد على تويتر" جاء رسولنا الكريم ليصحح عقيدة إبراهيم الخليل، وجاء زمن نحتاج فيه إلى من يصحح عقيدة محمد بن عبدالله" الأمر الذي أثار غضب التيار الديني لكنه لم يتوجه للمحكمة كالعادة لأنها لن تفيده بحكم التجربة، واتجه بدلاً من ذلك إلى وزارة الداخلية كما جاء على العديد من المواقع الالكترونية، ليسجن الحمد كمحاولة لإرضاء هذا التيار، ويخرج لاحقاً بعفو بعد خمسة أشهر!

قال إبراهيم البليهي على قناة العربية في برنامج إضاءات" بدأ عهد الانحطاط في الإسلام مع وصول المتوكل إلى السلطة" ومن هو المتوكل؟ الخليفة الذي ناصر أحمد بن حنبل وتبنى دعوته، بكل ما تثيره الفكرة من استفزاز للتيار الديني التقليدي، فما الذي حدث؟ لا شيء، سوى تعيين البليهي لاحقاً كنائب لرئيس مجلس الشورى!!


أما فياض فلا عفو ملكي التفت إليه بالرغم من أن التيار الإسلامي أو ما يسمى في السعودية" الصحوي" لم يسمع بديوانه -ربما فقط بعد إثارة القضية- ما ينفي وجود حساسية مسبقة لديهم من ديوان الشاعر الذي صدر منذ سبع سنوات؛ وهو الشعر بكل ما يحمله من مرونة، فمتى كان الشعر متصادما مع الدين، أولم يجيزوا للشاعر ما لا يجوز لغيره؟ وكم من شيخ ردد من منبره أشعاراً للمتنبي وشوقي، وهل ضر شعرهما بالنساء والخمر بشعرهما؟ وهل ضرت رسالة الغفران لأبي العلاء المعري بشعره؟
أوليس الشعر ديوان العرب الذي خبؤوا به كل المحرمات التي لم يستطع أي خطاب مكتوب أو مسموع حملها، ولنعيد طرح السؤال من جديد، وبصيغة أكثر استفزازية، هل أعدمت داعش شاعراً؟ ألا يوجد مئات الشعراء الذين لو فتشت في شعرهم لوجدت ما يخالف عقيدتها، وكم من شاعر نبطي في السعودية تعوذ بالتبغ؟ وآخر حرك السماء بأصبعه؟
فما الذي فعله فياض لتصمت السلطة السياسية عن اعتقاله؟ وإصدار حكم قضائي بإعدامه؟ وهي محاكم ليست متمردة على القرار السياسي، وهي -أي السلطة السياسية- وإن اصطدمت مع القضاء مراراً بسبب اعتقاله لشخصيات عبرت عن رأيها، إلا أنها كانت قادرة على إخراجهم من السجن بعفو ملكي، كما حدث للصحفيتين والمصور اللذين صوروا شاب سعودي لبرنامج أحمر بالخط العريض على قناة LBC في القضية التي عرفت بالسعودية" المجاهر بالمعصية" حيث حكم القضاء على المصور والصحفيتين بالسجن والجلد، قبل أن يصدر العاهل السعودي عفواً ملكياً عنهما، ولتجنب المزيد من الإحراج أمام العالم، صدر أمر ملكي مؤرخ بتاريخ 7/11/1430هـ، ورقم (14947/ب) يقضي" بعدم نظر محاكم القضاء في أي من القضايا ذات الطابع الإعلامي أو الثقافي" ويلزم القرار بتحويلها إلى وزارة الثقافة والإعلام لتخصصها، فلماذا لم تحال قضية أشرف فياض لوزارة الثقافة والإعلام للنظر في القضية كجهة متخصصة بهكذا قضايا؟ كما حدث مع العديد قبله؟

وبعيداً عن ذلك قريباً من ديوان فياض" التعليمات بالداخل"، والذي أهداني منه الشاعر نسخة في العام 2008 بمقهى الأمم شرق مدينة الرياض، حيث قرأته سابقاً وبعد إثارة القضية لم أتذكر منه سوى مفردات النفط ومشتقاته، لأنه لم يلفت نظري في حينه أن الشاعر اقترب من فكرة الله بالنقد، وبعد إعادة قراءة الديوان تذكرت ما قرأته سابقاً، وتأكدت من وجهة نظري التي احتفظت بها الذاكرة، حين وجدت في الصفحة الأولى من الديوان، مفردات: الدهان والإسفلت والقمامة والهواء الملوث بالكربون.
وفي الصفحة 25 قرأت (اعلم عافاك الله بأن النفط قد انتشر وذاع استعماله، والنفط.. كما قيل بأن فيه منافع للناس) وهنا تناص مع القرآن الكريم، تكرر في العديد من صفحات الديوان، ربما يكون هذا التناص السبب في إغضاب القاضي، لكن هل يعقل أن القضاء الحنبلي في السعودية لا يعلم أن العز بن عبد السلام الحنبلي أجاز التناص مع القرآن مستدلاً بالأحاديث النبوية التي تناصت معه، وبأن المالكية فقط قامت بتحريمه.
أولا يعلم القاضي أن أبا بكر الصديق قال" وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" وبأن الشاعر ابن الرومي قال (لقد أنزلتُ حاجاتي " بوادٍ غير ذي زرع " )
أما ما تعرض له الديوان من أحاديث نبوية كما جاء في الصفحة 143 (قيل أن الناس كأسنان المشط لكنهم ليسوا كذلك.. سأحلق رأسي على كل حال كي لا أضطر للمقارنة). فلو فكر القاضي قليلاً سيجدها عبارة تؤكد الآية التي تقول( هو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ).
وهنا ألا يحق لنا السؤال: من أي كلية شرعية تخرج القاضي؟
أيضاً سيتفق القارئ معي أن ورود عبارة النفط في" التعليمات بالداخل" لأربعة عشر مرة في معرض الذم لا تعني التطاول على الله، لكنها بالتأكيد تنتقد علاقات إنتاج تتربع على عرشها سلطة سياسية.

أخيراً الشاعر ككاتب هذه السطور، غير سعودي عاش في السعودية، ينتقد البيئة التي تحيط به كأي إنسان على وجه الأرض، فهو ممن طالبوا بالإفراج عني عندما كنت معتقلاً، حيث قام بالتوقيع على بيان يدين السلطات السعودية ويطالبها بإطلاق سراحي، وهو يعلم جيداً أني اعتقلت لأني وقعت على بيان، كما جاء في البيان الذي وقع عليه، ما يعني أنه غير عابيء بالسلطة السياسية، لكنه عابيء دون أدنى شك بالإسلام، كما جاء في تقرير نشر في صحيفة الوطن*، وبأن الشاعر فياض كان سبباً في إسلام الفنان التشكيلي البريطاني ستيفن الكساندر، ومصور كندي آخر، وذلك بعد أن ناقشوه حول الإسلام!
فهل هناك من يسيء إلى الإسلام أكثر من إصدار حكم بإعدام شاعر انتقد النفط؟

* صحيفة الوطن/ الإثنين 21 ديسمبر 2015 " إسلام أجنبيين على يد فياض"



#رأفت_الغانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسون إجابة مختلفة لشباب ينتمي للطائفة العلوية!
- دومانيات
- العرفان السياسي ونظرية المؤامرة
- انتعاشات العالم العربي صورة مغايرة من باريس
- بيت الصحفيين: نموذج لدعم حرية الصحافة
- سلامة كيلة: المعارضة السورية تعبر عن سياسات النظام ومصر على ...
- الوهابية ديانة سماوية رابعة
- العالم سجن وهابي
- انتصار حماس المحير


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت الغانم - أشرف فياض.. من انتقاد ثقافة النفط إلى حكم الإعدام