أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الكاتب علي لفتة سعيد /خلق من الادب شخصية موازية لخلق ذاته الخاصة















المزيد.....

الكاتب علي لفتة سعيد /خلق من الادب شخصية موازية لخلق ذاته الخاصة


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5020 - 2015 / 12 / 21 - 21:04
المحور: الادب والفن
    


ان تكتب عن شخصية مهمة، تفتح على نفسك بابا من القلق المبرر كون اهمية الشخصية، تنتظر بين حالات من الاتزان وحالات من الانفعال، حيث احصى علماء النفس للشخصية مايقارب من خمسين تعريفا وهذه دلالة على تعقيد مفهوم الشخصية وعدم ادراكها الادراك الكامل، الا انه في الاعم الاشمل هي مجموع الخصائص الفردية والذاتية والجسمية والعقلية للفرد ونزعاته السلوكية والعاطفية والأخلاقية التي تميزه عن غيره تميزاً واضحاً، ومثلما قبول الذات ومحبتها ضروريان في تكوين شخصية ناضجة، كذلك علاقة الفرد مع الاخر ضرورية. فالصداقة والصدق والانفتاح على الاخر لابد منها لتكوين الشخصية، ولكن هذا الطريق لا يخلو من المخاطر والصعوبات. وان اعمق علاقة هي علاقة المحبة. وفيها يخرج الإنسان من أنانيته ويكشف ذاته بحقيقتها للاخر. ومن الضروري في تكوين شخصية مستقلة ان يحقق الفرد التوازن بين الاتكالية والاستقلالية، بين الانبساط والانكماش، أي ان يحقق التوازن بين الداخل والخارج في علاقاته. فإذن دون المحبة لا يمكن ان نحقق شخصية ناضجة، لان المحبة هي أساس الشخصية. والمحبة ليست فقط شعور، بل هي قرار والتزام وهي بلا شروط، وفيها يحس الانسان بقيمته وقيمة الاخر. وانا امام شخصية ادبية مبدعة ووطنية مخلصة وهو الاستاذ علي لفتة سعيدة، فالادب، كما نعرف يبتعد عن اللغة النفعية المعقلنة الى اللغة الاشارية المنفعلة المستفزة دوما، وحينما قررت ان اكتب وللمرة الرابعة عن شخصية المبدع الكبير سعيد، وجدت من المستحسن ان اتعرض الى ثلاث حالات من التلقي كما اشار لها الناقد عبدالله الغذامي في كتابه تشريح النص ص51 : الاولى الاقناع ذي التوصيل ورسالتها ذهنية عقلية غايتها الاقناع، اما الثانية فهي حالة الانفعال واعتمادها يكون على التعبير الوجداني ، وكما اشار الناقد الغذامي فان هذين الحالتين تقليديتان ازليتان .. ونشأت حالة ثالثة رافقت النصوص الادبية الحديثة، قال عنها الغذامي ص55 : (وهي حالة "الانفعال العقلي" انها حالة انفعال وهذا يضمن للنص شرط وجوده الجمالي، لكنه ليس انفعالا عاطفيا، انما هو انفعال عقلي، اي ان العقل يسعى لكي يستعير من العاطفة احدى صفاتها وهي "الانفعال"، انه نوع من الخلط بين الوظائف العضوية للانسان، فكما قامت الرمزية على تراسل الحواس، فان الشعر مثلا يقوم على تراسل الوظائف، انه نوع من تدجين العقل وترويضه ليكون "انسانيا" او هو ترقية للعاطفة وترفيع لها، لتكون انتظامية ومهذبة)، من هنا فان الكاتب سعيد سعى ان يكون حاضر الوعي، رغم انه يعيش لحظة الكتابة في قدحتها الاولى، فهو قاص عاش عوالم السرد وطاف في اجواء الواقع وتأثيراته، ولاسيما الحروب التي عاشها وشارك في جبهاتها القتالية واستثمر كل ابعادها عبر مسيرة قصصية طويلة، ثم عاش اجواء الرواية المترامية الاطراف بصراعها المستمر كونها قطعة حياتية لاتخلو من الخيال، ثم الشعر هذا التيه الاحتمالي والمشروع الغير مكتمل، ناهيك عن عمله الصحفي، وكل هذا عاش الوعي والقصدية طلبا في الجمال الروحي، فـ(الجمال هو الحق والحق هو الجمال ، لان الحق مثل الاخلاق يخدم الحياة داخل المجتمع ، ولكنه لوحده لايحقق الحياة ، والحقيقة ليست الاخلاق والحق وحدهما اللذان يساعدان على الحياة ، بل تشاركهما في ذلك كل القيم الاجتماعية الاخرى ، كالعدل والاخلاص والوفاء والانصاف والشرف والصدق والشجاعة والتضحية والفداء وحب المصلحة العامة وغيرها من القيم الاجتماعية الاخرى)ص29 الاقلام العدد 6 لسنة1989، وكانت رؤيته في ديوانه(أثر كفيّ) هذا حول (الوطن/الانثى)، كثنائية خلقت وجهة نظره حول معطيات الممارسة الايجابية في الحياة، فـ(الشخصية الانسانية بنى ومستويات شعورية وعقلية وعملية، خاضعة لتأثيرات قادمة من كل اتجاه : اجتماعية، اخلاقية، دينية، جسدية، ذاتية ... وهي بالتالي محكومة بعناصر وتأثيرات ليست جميعا ملكا شخصيا، وانما هي في جانبها الموضوعي، ملكي مثل ما هي ملك كل انسان، اذ لا فردية حقيقية بالفعل . هي اللاوعي الجمعي في حقيقة موضوعية الى حد بعيد. فالشخصية ـ اذن ـ هي تركيب ديناميكي لمجموع تلك التأثيرات والعناصر والعوامل، ولابد ان يكون لها بالتالي الحضور نفسه والمشاركة ذاتها في الادب كما في الفلسفة، كما في الانفعال الذي قد يقود الى الابداع الفني. هذا التركيب المعقد هو المادة الحية في الادب والفلسفة والاجتماع وغيرها .. هو النسيج المبدأي والاساسي في كافة العلوم الانسانية على تنوعها، ولبصمات الشخصية من الوضوح ما هو كاف لملاحظتها وتمييزها أنّى اتجهت وكيفما تشكلت)، وفي هذا الاتجاه خلق الكاتب سعيد من الادب شخصية موازية لخلق ذاته الخاصة في (ان الادب شخصية مسؤولة وواعية ويجب ان تبقى تلك المسؤولية واضحة وذلك الوعي ظاهرا في كل ما تقدمه لنا العملية الادبية من تجارب، مهما اختلفت اشكالها وتباينت اهدافها وتفاوتت بيئاتها، يجب ان تفوح منها "رائحة الانسان" عبقة تخلق من دمنا وخيالنا وفكرنا احساسا وجدانيا متوهجا منطلقا من واقع تلك الحقيقة التي نسميها "بالحياة الانسانية")ص23 اسفار في النقد، وبهذا فان الادب لايفشي ويكشف اسرار الحياة وخفاياها فقط ، انما يسلط عليها اضواء كاشفة منتقدا اياها (والنفس الانسانية هي المجال الاخصب للفنون والاداب والرؤية النفسية لدى الاديب تنبع اساسا من منطقتين ، الاول تجاربه الذاتية ، حيث يتعرض في حياته لانفعالات وعواطف ومواقف ومشاكل وتكون لديه ردود افعال خاصة به ، وتتكون لديه بعض المفاهيم والقناعات الشخصية ، ومن ثم يترجم ذلك كله في ادبه قصصا او شعرا او مسرحا ، اما المنطلق الثاني فهو ما يجري امامه من وقائع واحداث في خضم الحياة فيتابعه بوعي ويحاول ان يبحث عن الدوافع والمؤثرات والنتائج على وفق منهجه وتصوراته وقد يتناول ذلك موضوعية على قدر استعداده. والاديب بين هذا المنطلق وذاك يستلهم خبراته ومعتقداته ويخضع تفسيراته الخاصة التي تتعلق بواقع الاعراف والتقاليد لمؤثرات سياسية او اجتماعية او اقتصادية)، وما اريد قوله في ان الكاتب علي لفتة سعيد يسعى لتكوين ادب شخصية تتوازن مع ذاته التي تبحث عن حياة مثالية كلها جمال وحب .. ولغة الجمال ولغة الحب هي لغة كونية عابرة للحدود ، ومن هنا فان ادب الكاتب سعيد يكتسب تلك المسحة الانسانية الكونية التي تحاكي جميع الذوات المحترقة في مشاغل الادب والجمال .. اي انه يرفض التقوقه باحضان الماضي الى الافق الانساني في حضوره (وعجيب ذلك الانسان ، انه مخلوق لاتقف رغباته عند حد وهو لاينفك يسعى الى التسامي ويهفو الى الافضل والاحسن .. فهو لايقنع بادراك الاشياء ومعرفة الموجودات والاحداث المحيطة به ، بل يستشعر في الادراك ذاته لذة ويتذوق المعرفة خالصة عن كل ما يتعلق بها من اهداف عملية ، وهو لايكتفي بتذوق احساساته وانطباعاته عن الاشياء ، بل يضفي عليها من خياله ما يكسبها كمالا وجمالا تستجيب له نفسه بالرضا والسرور، وعندما تمتلأ نفسه بشعور البهجة يصف كل ما يرضى احساسه وخياله بالجمال)ص26 فلسفة الجمال، هذا هو كاتبنا المبدع علي لفتة سعيد ، تعجز الكلمات عن استيعاب ورؤيته الجمالية وقدرته على التعبير عن خلجاته الانسانية ...


مصادر البحث :

1 ـ كتاب (تشريح النص) عبدالله الغذامي / المركز الثقافي العربي الطبعة الثانية 2006م ص51 وص55

2 ـ الاقلام العدد 6 لسنة1989،ص29

3 ـ كتاب (أسفار في النقد والترجمة) د.عناد غزوان ـ دار الشؤون الثقافية العامة بغداد ط1 لسنة 2005م ص23

4 ـ كتاب (فلسفة الجمال) د.أميرة حلمي ـ مشروع النشر المشترك ـ دار الشؤون الثقافية العامة بغداد العراق ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ص26

5 ـ الكاتب الكبير علي لفتة سعيد



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتبة امينة عبدالله/تعيش حالة التداخل النصي والتداخل النفس ...
- الشاعر حبيب النايف/بين الرؤية المتحركة والموقف الثابت
- الشاعر احمد محمد رمضان / ين التغريب والترميز مضمونا والومضة ...
- اضواء الروح / في ديوان (موسيقى الصباح) أنموذجا
- الشاعرة خلود البدري في لوحات شعرية تثير الدهشة
- الكاتبة كاميﻻ-;- زيتون/وبناء الشخصية من خلال جغرافية ...
- الكاتبة لونا قصير عالمها عراقي عربي مفتوح النوافذ على العالم ...
- الشاعرة سيدة بن علي / ترفض القبح والعداوة وتقبل الجمال والحب
- الحضور لا الغياب/ قصيدة(الشاعر يتقدم) لصادق الطريحي أنموذجا
- الحوار وحسن الظن بالله وبياض النية/وقصيدة (حكيمة الغيم) للشا ...
- الشاعر علي الامارة/يرثي الناقد محمد الجزائري بالتذكير
- الشاعرة مها الصافي /تحرك الذائقة بحضور نثري شعري متميز/ديوان ...
- رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض
- (إلى عدنان طعمة ، المفجوع بابنه سجاد) ، قراءة في قصيدة الشاع ...
- الثلاثية الشعرية الحوارية/والعبور بالحلم من اسيا الى افريقيا
- خزعل الماجدي/كينونة شعرية مشرعة النوافذ !!
- الشاعرة اسماء القاسمي/وميلاد يقظة اليقين
- الشاعر صابر العبسي : يفترض ويرفض الافتراض
- جرأة الطروحات في كتاب ( اجندة نسوية) للناقدة عالية خليل
- معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الكاتب علي لفتة سعيد /خلق من الادب شخصية موازية لخلق ذاته الخاصة