|
التحالف الإسلامي مع الإرهاب
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5018 - 2015 / 12 / 19 - 02:34
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
حينما نتحدث عن الإرهاب فإنما نُشير إلى معناه الفعلي في المفهوم الحركي ، وسوف لا نبتعد هنا كثيراً عندما نقول : إن الإرهاب الجديد مرتبط أسماً ومسمى بالتنظيمات الإسلامية ، فهي من تتبناه وتحدد له مفهومه المتداول اليوم ، وأعني بذلك معناه المُمارس ولسنا هنا بُمدعين بل واصفين واقع حال ، وعلينا جميعاً تقع المسؤولية في أن نُسمي الأشياء بمسمياته من غير تأويل أو تحوير ، ذلك لأن القضية تتعلق بهذه الفضائع التي يقوم بها مسلمون ضد الإنسانية تحت بند الدعوة إلى الله والإسلام ، ومادمنا نتحدث عن ذلك ، فلابأس أن نشير إلى هذا الفكر الذي أنتج لنا هذا اللون من الإسلام العنيف والمتطرف ، أعني بذلك تلك المدارس التي تغذي هذا النوع من الإسلام المقيت ، ولا نغالي عندما نقول : إن التاريخ الإسلامي مليءٌ بهذا الإسلام الفض . فمنذ - حروب دافعي الضرائب - والتي تُسمى تجوزاً - حروب الردة - ، مروراً بعصر النكسة في عهد عثمان وتراخيه البيّن في تطبيق النظم والقوانين وسطوة عشيرتة على مقاليد السلطة ، إلى مقتل الإمام علي في محرابه ضمن المؤامرة المعروفة ، وإستشهاد الإمام الحسن ثم مجزرة وقعة كربلاء ، ثم توالياً بحكم بني أمية العصبوي وحكم بني العباس بما فيه من غطرسة وغرور ، إلى التردي مع حكم المماليك والولاة والعثمانيين سلاطين السوء ، وإلى يومنا هذا في منظمات التخلف الأخواني ومنظمات القتل من القاعدة والدواعش وأخواتهن النكرات ، يغص تاريخنا الإسلامي بهذا العنف وهذا القتل والإرهاب ، ومن يدعي غير ذلك فهو واهم أو حالم أو قليل خبرة وقراءة . وأن يتحالف ذوي الشأن من قادة بعض الدول ضد الإرهاب ، أمرمرغوب في ذاته لكنه لا يدل على حُسن نوايا ، طالما إن هناك من بينه من يمد اليد فيه للإرهابيين في سوريا والعراق ، وطالما هناك من مدارس تنفث السُم في عقول الشباب وتُغذيهم كراهية وبغضاً . نعم إن من يُريد محاربة الإرهاب عليه أولاً تجديد الخطاب الإسلامي ليكون معاصراً ومبتعداً عن الزوايا والأقبية أو الدوران في فلك الفعل ورده ، فالإرهاب ليس كلمة وحسب ، بل هو مجموعة عناصر مترابطة ومتكاملة بعضها مع البعض الأخر ، ولكي نقضي عليه يلزمنا تفتييت تلك العناصر من خلال مايلي : ، 1 - فمحاربة الإرهاب يلزمها محاربة الفكر الذي يُنتجه ، إن كان تاريخي أو معاصر ، وهذا يتطلب تعطيل المدارس التي تغذي هذه النزعة وتغذي الكراهية والحقد ، ومحاولة إكراه الناس على إتخاذ فكر واحد ودين واحد ورأي واحد . 2 - وحتى يكون لمحاربة الإرهاب مفهوم ومعنى ، يجب تجفيف منابعه ومصادره ومحاسبة من يمده بالوجود والدوام ، وهؤلاء الممولين معروفين للجميع ، وفي ذلك لا تجب المخاتلة ولا الخداع أو التظاهر بحُسن النوايا ، فثمة أخطار على الواقع وعلى المستقبل ، وفي ذلك لا تُقبل القسمة . 3 - كما لا يجب إعتماد رأي الغير فيما يخص مستقبل الشرق ، وهنا تجب المُصارحة في تبني الخيار العلماني للدول المتحالفة ضد الإرهاب الإسلامي ، وفي ذلك ترطيب للأجواء وفك لعُقدة التنافر الحاصل بين الطوائف . ونحن لا نمانع ان يكون المسلمين متحالفين فيما بينهم لعمل الخير ، بل إننا معهم في التعاون لما ينفع الشعوب ويحقق لهم السعادة والرخاء ، ولكننا نُمانع حين يكون ذلك الفعل إستجابة وقتية أو نتيجة لضغوط خارجية ورغبات ، والحال نحن أحوج ما يكون لوقف نزيف الدم بين أبناء الوطن الواحد ، وإذا إستطالت شرارة الإرهاب فلأننا سمحنا له في أوطاننا أن يأكل الأخضر واليابس ، ثم أنتظرنا لكي نندب الحظ العاثر ، ولكي يكون التحالف منطقياً ومقبولاً ومؤيداً من قبلنا ، لا بد أن تُدعى إليه إيران والعراق وسوريا ولبنان فهم أقطاب لا يصح العمل من دونهم حتى لو أجتمعت الدنيا على عداوتهم ، وذلك لأنهم يعيشونه منذ زمن طويل ، وأقولها بصراحة : إن حل المشكلات مع بعضنا البعض كفيل بمحاربة الإرهاب والقضاء عليه ، أما التخبي وراء الطعون والتقاذف بالطوب والحجر بالفعل ، والكلام عن محاربة الإرهاب في الإعلام ، فهو تغييب ومد للعنف والتباغض ، وهذا ما نخافه من دعوات لم تدرس بشكل موضوعي تام ، ويبقى التحالف من حيث هو مطلوباً لذاته في ذاته ، إذا كان نابعاً عن قناعة يشترك فيها الجميع ، وإرادة لا تُقسم بين البلاد والطوائف والأماكن ، وحينها سنكون معه بكل تأكيد وسنخص دولنا وشعوبنا بأن تندفع معه وإليه في هذا الإتجاه ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة في اليوم الوطني لدولة الإمارات
-
توضيحات
-
ما بين تركيا وداعش !!
-
برقية شجب وإستنكار
-
من يصنع الإرهاب ؟
-
لمن نكتب ؟
-
عن القضية السورية
-
لماذا نؤيد روسيا وإيران ؟
-
لتحيا روسيا
-
تضامناً مع ثورة الإصلاح في العراق
-
قراءة هادئة في تطورات القضية السورية
-
الأحزاب الدينية وفقدان الضمير
-
بيان صادر عن الدائرة الثقافية والإعلام المركزي في الحزب اللي
...
-
الليبرالية الديمقراطية هي المنقذ الوحيد للعراق
-
الشرف
-
كنت هناك
-
ما بين - المليشيا والحشد - من الإختلاف في اللفظ وفي المعنى
-
مبدأ - أذهبوا فأنتم الطلقاء -
-
أضغاث أحلام بعض الإيرانيين
-
وهذا ردي على هرطقات الأزهر
المزيد.....
-
الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت
...
-
مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من
...
-
الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم
...
-
السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد
...
-
إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك
...
-
محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح
...
-
تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم
...
-
طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|