أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين العطواني - التوغل التركي في العراق وتداعياته غير المشروعة















المزيد.....

التوغل التركي في العراق وتداعياته غير المشروعة


عبد الحسين العطواني

الحوار المتمدن-العدد: 5016 - 2015 / 12 / 17 - 16:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن حجم التأثر الداخلي والإقليمي على هذا البلد ( العراق) يضعنا أمام حقيقة فاقت بمشاهدها السياسية والعملية الواقعية على التوقعات , فلا يخفى على الجميع أن أهمية العراق بدت للعالم من خلال الدور الذي يضطلع به في مكافحة الإرهاب المتمثل بزمر داعش الإرهابية , وقبلها تنظيم القاعدة , حيث وجد في جغرافية العراق وتركيبته الاجتماعية بيئة ملائمة لتحركاته وعملياته سواء تلك التي ينفذها في العراق من خلال احتلاله لبعض المدن , أو تلك التي يخطط لتنفيذها في الخارج وإظهار نيته لعمليات نوعية على مستوى العالم كالاعتداءات الإرهابية التي حدثت في فرنسا خلال شهر تشرين الثاني الماضي وراح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الفرنسيين الأبرياء, ومازال العراق يبذل جهدا كبيرا مع قوى التحالف الساندة لملاحقة هذه الزمر الإرهابية , أسفرت عن قتل أعداد كبيرة من قياداته وأفراده , لكن هذه الجهود لم تقابل من العالم بفعل ملموس, بل أن بعض الدول تعلن تأيدها لمكافحة الإرهاب في العلن , و تعمل لصالح الدواعش في الخفاء بكل ما يحتاجه من معدات عسكرية, ومبالغ مالية , ومساعدات لوجستية وتحريضات طائفية .
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن مفهوم الدولة يرتبط بمفهوم السيادة كما يرتبط بمفهوم الشرعية , والسيادة تعني القدرة الكاملة على فرض حماية الدولة على أراضيها , وكذلك وضع القرارات الأساسية الملزمة لجميع الإفراد وتنفيذها بغض النظر عن تعدد الكيانات والأحزاب السياسية , والدينية العصبوية وتوجهاتها في المجتمع , إلا أن التركيبة السياسية في العراق مازال بعضها يتنافى مع بناء الدولة وضوابطها , أي أن بناء الدولة يستلزم أن تتحول الولاءات الحزبية والطائفية إلى ولاءات وطنية عامة نحو الدولة المركزية التي يجب أن تشكل الإطار المرجعي والرمزي لكل مواطن , وان تعقلن أداء نشاطها ألانتماءي , إذ أن المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الدولة هو المواطنة , ووفقا لهذا المبدأ تؤسس أهم مقومات الدولة وأركانها , وذلك يتطلب وجود دولة مؤسسية بلوازمها الدستورية القانونية كضرورة موضوعية للعراقيين لإخراجهم من نفق الطائفية , ومن نفق الخلافات الجهوية والعصبوية إلى فضاء المواطنة ودولة القانون . فعلى سبيل المثال واجه التحالف الدولي في العراق في بداية الأمر بسخط شعبي بتحريض من بعض السياسيين بحجة تعرض المدنيين الأبرياء في المدن العراقية المحتلة من قبل داعش للقتل بالطائرات الأجنبية , أدى ذلك إلى ردود أفعال رسمية حددت بل وقفت فاعلية هذه الضربات, مما أضرت بالبلد كونها هيئة الحماية والأجواء المناسبة لزمر داعش الارهابية من توسيع سيطرته في المدن العراقية المحتلة وتأسيس قواعد عسكرية وحواضن اجتماعية لها , جعلت من بعض السياسيين , ودعاة المشيخة في هذه المدن التحرك بشكل شخصي نحو دول الجوار, وبعض الدول الأخرى بدواعي مالحق بهم من مظلومية وبأجندة طائفية , ومن ثم طلب المساعدة , ما أتاح المجال لهذه الدول التدخل في شؤون العراق الداخلية بحجج واهية تصب في مصلحة االارهاب ما يزال الشعب العراقي يدفع ثمنها, ومن بعض نتائجها توغل القوات التركية في الأراضي العراقية في معسكر ناحية بعشيقة (30) كم شمال شرق الموصل بقوات عسكرية وانتهاك سيادة العراق الذي من المفترض أن تتمتع بها الدولة على أرضها وشعبها , بما في ذلك حق الدولة دون غيرها من الدول الأخرى باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه مواطنيها وفقا للقوانين النافذة , وما سينتج من هذا التوغل من عمليات عسكرية أجنبية بفعاليات جلها تعدٍ وتفريط في السيادة الوطنية التي من المفترض أن تكون حكرا على الدولة وحدها .
وعلى الرغم من أن الاعتداء التركي كان نتاجا لازمة سياسية داخلية في شركاء البلد , إلا أن قرار التوغل لم يكن بمعزل عن تداعيات أزمة تناحرات سياسية ناتجة عن خلفية طائفية , ومواقف تركيا الداعمة للإرهاب , وبدأ الموقف التركي بالظهور عند هروب طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية السابق إلى تركيا , واحتضانها للهاشمي هو دلالة أن تركيا تدعم الإرهاب , كما أن قيامها بضرب الطائرة الروسية لدخولها الأجواء التركية وتداعياتها التي انعكست على العلاقات بين البلدين وإعلان روسيا السيطرة على الأجواء السورية من خلال منظومة الصواريخ أس 400 القادرة على رصد وتدمير الأهداف على بعد 400 كم الطائرات , والصواريخ البالستية , وصواريخ كروز, وقطع إمدادات النفط التي كان يقوم بتهريبها داعش إلى تركيا بأسعار زهيدة , حاول النظام التركي إيجاد منفذ أخر يؤمن فيه حماية لداعش خارج الأجواء السورية لتهريب النفط العراقي , لذلك اخترق الحدود العراقية متذرعا بحجج واهية سنبين بعضها لاحقا .
فعندما نذكر هذه الأحداث لانقصد هنا سير الحوادث , وإنما نقصد تفرعاتها الموضوعية العقلانية وغير العقلانية التي أنتجت هذه الأزمة وخصوصيتها وانعكاساتها على تاريخ العراق , وكيفية التعاطي معها , وكيف يجب التعامل معها وتحويلها من أداة وحضور يخدم إعادة الهيمنة الأجنبية , إلى قوة جبارة للحفاظ على الأرض والسيادة , والى وسيلة لقهر الطغاة والطامعين بخيرات العراق , ووحدة شعبه , فلم تعد السياسة جريمة , ولا الحزبية خيانة , ولاتعدد الطوائف ضعف , إلا أن في بلدنا العراق يحدث تطور خطير لصالح تشجيع الهيمنة الإقليمية , وحتى الوضع القائم بكل تشوهاته لن نستطيع الحفاظ عليه , حيث تموج الساحة بحركات ومجموعات سياسية ذات ارتباطات متعددة إقليميا, والأخطر فيها نزوعها نحو التأطير الخاص ضمن مرجعيتها مذهبيا ومناطقيا ما يجعل من وحدة العراق الأرض والإنسان أمرا محكوما فيه .
فالشراكة في الحكم بين المكونات هي ترتيب تنظيمي معين ضمن آلية عمل تتسم بالكفاءة والفاعلية بمواجهة التحديات وحل المشكلات أو البت فيها كونها تتعلق بمصير الشعب , وانجاز المشروعات المختلفة التي يتعذر انجازها من طرف واحد , ولاتكون الشراكة فاعلة إلا إذا أسست على الصدقية وتوفر لها قناعة مشتركة برؤى واستراتيجيات مشتركة وفقا لإطار تنظيمي وقانوني واضح يحدد أولويات العمل وتطابق وجهات النظر, والتزامات كل طرف تجاه الطرف الأخر في تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة , خاصة وان الشراكة السياسية تنشأ باعتبار أن الهدف السياسي هدفا محوريا , ثم تأتي بعد ذلك بقية الأهداف , فالبعد السياسي لهذه الشراكة ماهو إلا استجابة لطلبات الشعب بشان تشجيع الإصلاحات المرتبطة بترسيخ سيادة القانون , وصيانة سيادة البلد ومكتسباته .
ما نلاحظه جرى تفريغ السيادة من مضامينها السياسية والاجتماعية وعودة أسلوب التفكير والإرادة الشمولية التي أنتجها النظام السابق بسبب الخلاف بين الكتل السياسية , وانتهت بإجهاض المشروع الوطني للدولة , وإعادة تحالفها القائم على المرجعيات المذهبية الإقليمية , ووصلت تلك الخلافات المساومة على حساب سيادة الوطن من خلال تذبذب وعدم توحيد موقف القوى السياسية العراقية في موقفها إزاء التوغل التركي بسبب التوجهات المصلحية الأنانية الضيقة , في حين ترى تركيا على الرغم من الخلافات التي بيتها إلا إنها تتحرك كدولة .
تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من(3200 ) شركة تركية تعمل في العراق (1200 ) شركة منها تعمل ضمن إقليم كردستان في ( اربيل , ودهوك ) , والباقي في محافظات العراق الأخرى وفي كافة المجالات كالطاقة , والإسكان , والتجارة, أما حجم التبادل التجاري بين البلدين فيزبد على (20 ) مليار دولار سنويا , فضلا عن صادرات النفط العراقية عبر الخط العراقي – التركي الذي انشأ عام 1977 بطول 1048 كم ليصل إلى ميناء جيهان التركي ومن خلاله يتم تصدير نفط كركوك حاليا أي بنسبة 20% من صادرات العراق النفطية , ونسبة الفوائد التي تحصل عليها تركيا من خطوط النقل , كل هذه الموارد الاقتصادية وغيرها من الروابط المشتركة كالدين , والتاريخ , ومشتركات أخرى ثقافية , وقومية , وجيو- سياسية , ومائية, وسياحية التي يمكن أن تتجاوز الكثير من الخلاف بين البلدين , لكنها لم تجدِ نفعا, بل تمادى الجانب التركي على تجاهلها , وخرق جميع الأعراف والمواثيق الدولية , ومبادئ حسن الجوار وانتهك سيادة العراق وتوغل في أراضيه دون علم الحكومة المركزية , مع تخبط في تصريحات واهية لااساس لها من الصحة , بعضها يبرره لأغراض تدريب العراقيين لمحاربة داعش وبموافقات مسبقة مع الحكومة العراقية, والبعض الأخر تشير إلى إنها بطلب من محافظ الموصل المقال (اثيل النجيفي ), ومنها يعزو سبب توغل هذه القوات لإيجاد حالة من التوازن مع إيران , والانكى من ذلك تصريحات بعض الساسة العراقيين المؤيدة أصحاب الوطنيات المزيفة , وأبطال المناكفات في الفضائيات الملغومة الذين باعوا ضمائرهم وشرفهم لمن ساعد وسهل دخول زمر داعش الارهابية لتنتهك وتستبيح أعراض وحرمات أبناء جلدتهم بزعم (أن العراق منتهك السيادة منذ 2003 , وان هذه الضجة ضد تركيا بأنها دوافع طائفية ) .
ولكي نتجاوز هذه المرحلة العصيبة التي لم يمر بها العراق في تاريخه المعاصر , تتطلب إستراتيجية حازمة وفاعلة بتحشيد كافة القوى الرسمية والشعبية ضد جميع المصالح التركية , وان تكون هناك وحدة وطنية , وإرادة سياسية فاعلة تستطيع إن تتحمل تبعات مواجهة هذا النوع من الاعتداء في التوغل التركي وتداعياته غير المشروعة التي ستنعكس سلبا على نظامه , ومن عبد له الطريق .



#عبد_الحسين_العطواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام الحكم .. وأعداه المتخفون
- المسؤولية .. وادارة الخدمات
- سلم الرواتب الجديد والاصلاحات
- الحلف الرباعي بين روسيا وايران وسوريا والعراق
- هجرة العراقيين .. مخاطرها ومسبباتها
- مهام الجيش ..وحقوق افراده
- مشكلة أصحاب الشهادات العليا في مؤسسات الدولة
- دور الاعلام في مسيرة الاصلاح وتشكيل الرأي العام
- المادة النظرية المختارة لبحث السادة السياسيين
- الاصلاحات ومهمة نجاحها
- اطلقتها المرجعية الرشيدة ونلفذها العبادي
- تحسين المعدل يقلل من نسب تدني مستوبات الطلبة
- تحسين المعدل يقلل من نسب تدني مستويات الطلبة
- بلد المتاعب والصراعات
- نجاح ايراني..وتراجعي امريكي ..وخذلان واستياء اسرائيلي وسعودي
- ماتركت بدر لنا صديقا ولا لنا من خلقنا طريقا
- الحوثويون بين ضغط السلطة والهيمنة السعودية
- الاعلام الحربي
- التدخل الدولي وتداعياته
- ازمة الكهرباء


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين العطواني - التوغل التركي في العراق وتداعياته غير المشروعة