أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأخير















المزيد.....


نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأخير


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5016 - 2015 / 12 / 17 - 16:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


## الجزء السابع الأخير: (وقفات أخيرة مهمة في نقد العلمانية والعلمانيين):

"الوقفة الأولى":

في الأرض لون من البشر لا يعيش في هذه الحياة الا في ظلال قوة محلية أو خارجية يُألهها ويرضخ لها، فتراه خاشعا خاضعا لها، معجباً مزهوا بها، ينظر إليها بإجلال وإكبار، ويهرع يمجد كل رذيلة وكل موبقة وكل إثم وجريمة يقترفها من يمتلك تلك القوة، ولنا أبلغ المثل في مجاذيب هتلر وستالين وموسليني وماو ومجاذيب عبد الناصر وصدام والقذافي وحافظ الأسد وغيرهم من الطغاة عبر التاريخ، ولنا أبلغ المثل فيمن مسخ الله قلوبهم ونفوسهم قردة وخنازير من يهود وصهاينة المصريين والعرب الذين يمجدون ويألهون قوة إسرائيل الغاشمة الباطشة مهما ارتكبت من مجازر ومذابح، وكذلك قطعان من غلمان وجواري الغرب من المصريين والعرب الذين يظهرون للناس في ثوب كتاب وصحفيين وناشطين ومقدمي برامج وأدباء وخطباء ودعاة دينيين من الذين يمجدون ويألهون القوة الغربية للأمريكان والأوروبيين والروس، ومهما لحق بهؤلاء الطغاة من انكسار وذل وهزيمة وصغار ومهما تكشفت حماقاتهم وعماؤهم ورعونتهم إلا إن معبوديهم يفنون جل أعمارهم يزايدون في تبرير جرائمهم وتفسير خطاياهم والدفاع عن نزواتهم بل ويحولونها إلى حسنات ومنجزات وإشراقات وإبداعات لا يرقى لمثلها غيرهم من البشر، وكثير ما نشاهد قطعاناً من العلمانيين المصريين والعرب وكم يزهون وينتشون بخبث ومكر ولؤم وخطايا وجرائم من يمتلكون القوة من الطغاة داخليا وخارجيا ويعدون ذلك من نوابغ عبقرياتهم ودهائهم.

ومهما راوغ العلمانيون المصريون والعرب ومهما تسفسطوا ليجملوا وجه العلمانية القبيح فلن يفلحوا، فكل ما يحاول العلمانيون خداعنا به من رفعهم لشعارات العلم والتقدم والحضارة لا نلبث قليلا من الوقت حتى نكتشف حقيقة كونها محض تمويه وخداع وتضليل، فأما العلم الذي يتحدثون عنه فهو الاستسلام والخضوع للقوة والاستسلام والخضوع للقوي، مهما كان ذلك القوي، حتى ولو كان عنصريا مستبدا طاغيا مجرما سفاحا، ومهما كانت تلك القوة، حتى ولو كانت غاشمة باطشة متجبرة، وأما شعارات التقدم والحضارة والرقي التي يحدثنا عنها العلمانيون فلا تعني سوى سبيل عيش الفاسدين من أصحاب رؤوس الأموال والأثرياء والمترفين الذين يحتقرون من هم دونهم من الفقراء والمقهورين، فالعلمانية منذ انفصالها عن الله وهديه ورشاده يعمل معتنقوها على محو حقيقة "الله أكبر"، واستبدالها بوهم "الإنسان أكبر"، ولكن ليس كل "إنسان" وأي "إنسان"، كما يزعم العلمانيون المصريون والعرب، إنما الإنسان الذي يمتلك القوة الباطشة الغاشمة المسيطرة، الإنسان الذي يمتلك المال والثروة والترف المادي والرخاء الاقتصادي فحسب، وإذا أردنا التحديد والدقة قلنا: هم يمجدون الإنسان: "الغربي الأبيض" فحسب ولا أحدا سواه، مهما تجاوز وارتكب من جرائم وموبقات.

وبنظرة متأملة ناقدة لواقع كثير من العلمانيين المصريين والعرب في القرنين الماضيين سنكتشف أن جل هؤلاء لم يتواجدوا إلا حيث وجدت القوة الباطشة الغاشمة، سواء كانت قوة احتلال خارجي أو قوة احتلال داخلي تحكم الشعوب بالحديد والنار، يلعقون أحذيتهم ويناصرونهم ويبررون خطاياهم ويفسرون جرائمهم، تحت شعاراتهم الكاذبة الزائفة، وكذلك لم يتواجدوا إلا حيث وجد المال والأثرياء والشهوات والنزوات والمصالح المادية التي تلبي لهم احتياجاتهم الغريزية البهيمية المنحطة، بل إن كثيرا من العلمانيين في الشعوب الفقيرة الضعيفة المنهكة لا وظيفة لهم ولا عمل إلا إخضاع وتركيع الشعوب الفقيرة المنهكة لصالح الرجل "الغربي الأبيض" الذي يمتلك وحده القوة والمال والترف.

فمن القليل النادر أن تجد علمانيا مصريا أو عربيا أو علمانيا غير مصري أو غير عربي يدافع عن الفقراء والمطحونين والجوعى والمقهورين والمعذبين في الأرض، والأمثلة التي تبرهن على هذا وتؤكده أكثر من أن تحصى أو تعد، وعلى سبيل المثال لا الحصر ألم ننتبه قط حين يتعرض أحد النشطاء المصريين أو العرب من الذين يحملون أفكاراً غربية "علمانية، ليبرالية، شيوعية، يسارية، مثلية جنسية، إباحية جنسية" للقتل أو السجن أو الاعتقال أو المطاردة من قبل الأنظمة الحاكمة، ألم نلاحظ ساعتها مدى اهتمام الحكومات والهيئات والمنظمات والصحف والإعلام الغربي العلماني العنصري كيف يقيمون الدنيا ولا يقعدونها وكيف ينددون ويشجبون هذا ويستنكرونه؟، بينما لو قتلت أو سجنت أو سحلت الأنظمة العربية الاستبدادية المجرمة عشرات الآلاف من المواطنين العاديين الذين لا يحملون تلك الأفكار الغربية العلمانية العنصرية سعاتها نرى القوم صماً بكماً خرساً خاشعةً أصواتهم فلا نسمع لهم همسا، ولنا في مصر وسوريا وبورما وكوسوفو والبوسنة والهرسك والعراق وفلسطين وليبيا واليمن وتونس أبلغ المثل.

إن ديدن الغالبية العظمى من العلمانيين المصريين والعرب، مادام أحدهم يعيش في رغد من العيش وفي ترف مادي ورفاهية يمرح فيها ويرتع، ومادام أحدهم يعيش في ظل طاغية استبدادي عنصري مجرم يؤمِّن له شهواته وأهواءه ونزواته وعنصريته، فلا يعنيه بعدها الأرض ومن عليها وما عليها. لهذا فالعلمانية والعلمانيون في العالم لا يوجدون إلا حيث توجد القوة الغاشمة الباطشة المتجبرة، وحيث يوجد الترف والمال والثروة، لذا نرى العلمانيين لا يروجون لعلمانيتهم إلا بتحقير وازدراء معتقدات وثقافات وأفكار الشعوب الفقيرة المنهكة المستضعفة والنفح والإعلاء من ثقافة ومعتقدات وأفكار "الرجل الغربي الأبيض" الذي يمتلك القوة والمال، ولهذا فالعلمانية والعلمانيون في العالم الآن لا يفهمون ولا يعون ولا يرون ولا يسمعون ولا ينحازون إلا إلى لغة القوة، بل لا يحترمون ولا يهابون إلا الأقوياء، إذ القوة هي اللغة الوحيدة التي يحسبون لها ألف حساب، بل هي الصنم الذي يركع أمامه العلمانية والعلمانيون أذلاء خاسئين، أما الضعفاء وأشباه الرجال والمنهزمون والمستسلمون فلا مكان لهم في هذا العالم العلماني العنصري إلا تحت الأقدام.

ولكن هناك فارق كبير وبون شاسع بين قوة وقوة، بين قوة عنصرية نفعية لا تحمل في غاياتها أدنى معيار قيمي أو أخلاقي، تُسْتَخدم فحسب لتأمين المصالح الذاتية الأنانية لشعب ما أو أمة ما أو جماعة ما على حساب بقية الشعوب والأمم والجماعات الأخرى، فتطغي وتعيث في الأرض فسادا وظلما وبغيا، وقوة ثانية تذود عن وجودها وحياضها لردع أي عدو يحاول تهديد أمنها وكيانها أو التعدي على إرادتها وكينونتها أو سلب مقدراتها بغير حق.

" الوقفة الثانية":
على الأجيال الجديدة في الشعوب العربية والإسلامية أن تعي جيدا ما يلي:
إن حكومات العالم الغربي جميعها بلا استثناء ليست "جمعيات خيرية" ولا "ملاجئ أيتام" ولا "مستوصفات خيرية" ولا "لجان صدقات وزكوات"، إنما هي في الحقيقة عبارة عن نادٍ سياسي علماني مسيحي عنصري لا يعنيه من قريب ولا بعيد سوى مصالحه فحسب.
أما حكومات العالم العربي والإسلامي وأنظمتها الحاكمة فعبارة عن مندوبين عسكريين صنعتهم أجهزة المخابرات الغربية على عينها ومن ثم وضعهم الغرب العلماني المسيحي العنصري في سدة السلطة لمحاصرة الشعوب العربية والإسلامية وقمعها وإفقارها وإذلالها كي تتمكن من رعاية المصالح الغربية وحماية أمن إسرائيل في مقابل جلوسهم على كراسي الحكم، وياليت الأمر يتوقف عند اختيار الغرب لحكامنا وقادة جيوشنا فحسب، بل إن الأمر يمتد لأبعد من ذلك بكثير، فالقائمين على السفارات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والروسية في بلداننا العربية والإسلامية هم من يختارون لنا رؤساء الحكومات والوزراء والقيادات الشرطية والأمنية، بل ويختارون من يسمون بالنخب المثقفة من صحفيين وكتاب وأدباء وفنانين وشعراء وإعلاميين ونشطاء وقيادات معارضة كارتونية وسياسيين وحقوقيين، خاصة الملحدين منهم واللادينيين والنصارى واليساريين والعلمانيين، وخاصة من هم من مخلفات وبقايا "خراء" عبد الناصر من حثالة ومرتزقة الناصرية، ليتصدروا المشهد السياسي والصحفي والإعلامي والثقافي والفني والتعليمي والاقتصادي، وجميع من يسمون بالنخب المثقفة في مصر والعالم العربي يعرفون هذا كما يعرفون أبناءهم، ومن ينكر ذلك منهم فهو شخص مرتزق لا يحترم نفسه ولا وعيه ولا يحترم الناس ولا يقيم لوعيهم وزنا.
فما لم تع الشعوب العربية وخاصة الأجيال الجديدة هذه الحقيقة المطلقة وتضعها نصب أعينها، فكل محاولاتها للإصلاح والنهوض ببلدانهم ستعود مرة أخرى إلى الحلقة الجهنمية المفرغة والقفز في الفراغ، وستعود إلى فعل ذات الشيء الذي أثبت فشله مرات عديدة انتظارا لنتائج مختلفة.
فالغرب الصليبي العنصري يستقوي على الشعوب العربية والإسلامية بحكامهم وقادة جيوشهم الذين تربوا ونشأوا وتشكلت عقيدتهم وقناعاتهم على يد أجهزة المخابرات الغربية، التي جعلت منهم وحوشا ضارية وكلابا هائجة مسعورة على شعوبهم، بينما يتحولون في طرفة عين إلى "قطط سيامي" أليفة وديعة أمام الغرب وإسرائيل. "والأمثلة والنماذج التاريخية لا تعد ولا تحصى".
هي نفس الحلقة الجهنمية الملعونة الممتدة لقرنين ماضيين: الغرب الاستعماري قديما وحديثا هو من يختار لنا حكامنا وقادة جيوشنا، والشعوب كلما هبت لنيل حقوقها وكرامتها وإنسانيتها قام حكامنا وقادة جيوشنا بقتلنا وذبحنا بأسلحة يمدهم الغرب بها مجاناً تارة وبأموالنا تارة أخرى، لهذا نرى الغرب دائما ما يغض الطرف عنهم متعللا بمساندة الحكام وقادة الجيوش العربية والإسلامية في محاربة الإرهاب، وتكتفي المؤسسات الحقوقية والمدنية والدولية الغربية بالإعراب عن "القلق" و"الاستياء" و"خيبة الأمل"!!!.

" الوقفة الثالثة":

الوعي الصارم الجلي بأن العواطف والمشاعر والأحاسيس لا مكان لها في نيل الحقوق بين البشر:
"القلق" و"الاستياء" و"الحب" و"الكره" هي محض مشاعر بلهاء ساذجة لا قيمة لها في علاقات وتعاملات البشر، ومن يستدعيها ويرددها ويتداولها في تعاملاته مع الناس فهو إما ساذج أحمق أو هو يستخف بهم ويسخر منهم، ولا يصدقها ويركن إليها إلا السذج والبلهاء وعديمي الحيلة.
فانظر مثلا حين يرتكب حكامنا المجازر والطوام في حق شعوبهم، نرى العالم الغربي متمثلا في "الأمم المتحدة" و"أمريكا" و"الاتحاد الأوروبي" يسارعون في الإعراب عن "القلق" و"الاستياء" و"خيبة الأمل" وكما يعلم جميعنا أن "القلق والاستياء والإحباط وخيبة الأمل" كلها محض عواطف ومشاعر عمياء ساذجة لا قيمة لها على الإطلاق في تعاملات البشر، لأنها لا تحق حقا ولا تبطل باطلا ولا تشبع جائعا ولا تكسُ عريانا ولا تزجر ظالما ولا تنصف مظلوما، وخاصة في "عالمنا اليوم". لهذا نجد مثلا "جون كيري" وزير الخارجية الأمريكي معلقا على الحكم بإعدام أكثر من ستمائة شخص في مصر في جلسة واحدة بقوله: (إنه سيتم مناقشة الأحكام القضائية التى صدرت مؤخرًا فى مصر، حيث أن هناك "قلق" في البيت الأبيض من هذه الأحكام).
أما حين تتعرض المصالح الغربية للتهديد أو الخطر في أي مكان من العالم ينعقد "مجلس الأمن" على الفور وتتحرك "حاملات الطائرات" وتنطلق الجيوش العاتية في اتجاه مصدر الخطر أو التهديد. فالعالم الغربي من فرط استخفافه بنا وسخريته منا يتعاطف معنا بالشعور بـ "القلق والاستياء والإحباط وخيبة الأمل"، أي: بالعواطف والمشاعر والأحاسيس، لأن الغرب يعي تماماَ أنه لا وجود للعواطف والمشاعر والأحاسيس إلا في مداعبة الأطفال أو ملاطفة النساء في الفراش. (فانتبهوا يرحمكم الله)

" الوقفة الرابعة":

الوعي بحقيقية أدعياء المدنية والعلمانية والليبرالية ومروجي ودعاة الفكر والثقافة الغربية المصريين والعرب:
لا فرق عندي على الإطلاق بين أي مثقف أو كاتب أو إعلامي أو حزبي أو سياسي يدعي حمله للأفكار العلمانية والمدنية والليبرالية الغربية وبين كل الحكام الطغاة الذين حكموا بلداننا منذ قرنين، فهم وجهان لعملة واحدة، وجه غشوم ظلوم قبيح يحمل في يده الرصاصة والقنبلة ووجه يحمل الشعارات الغربية المزركشة بطلاء من المدنية والتقدم والحضارة.
وأدعياء العلمانية وأدعياء الليبرالية في مصر والعالم العربي والإسلامي ما هم إلا "نصارى" طائفيون عنصريون حاقدون أو هم شرذمة من منتسبي الإسلام الشهوانيين المتطفلين على الثقافة الغربية الذين لا يعرفون من العلمانية ولا الليبرالية ولا الثقافة الغربية إلا الهوس بتحرير المرأة والإباحية الجنسية والشذوذ الجنسي.

" الوقفة الخامسة":
ضرورة تعرف الأجيال الجديدة على حقيقة التاريخ السياسي والثقافي والعسكري الحديث للمنطقة العربية:
يا أيتها الأجيال الجديدة من الضروري جدا قراءة التاريخ الحديث لحكام وأنظمة العالم العربي منذ عهد "محمد علي باشا" وحتى يوم الناس هذا، فهذه الحقبة التاريخية تحديدا عليها تشويش وتعتيم كبيرين من قبل النخب العلمانية الفاسدة في العالم العربي والإسلامي، لأنها ستفضحهم وتفضح سلفهم وتخرج أضغانهم، ومن الضروري جدا قراءة تاريخ جيوش هذه الحقبة التاريخية وكيف تكونت هذه الجيوش ومن صنعها، اقرءوا تاريخ الحكام ومن أتى بهم إلى سدة السلطة وكيف جاءوا، اقرءوا تاريخ الفكر والثقافة والنخب والرموز السياسية والفكرية والثقافية حتى تعرفوا من هؤلاء الذين حولوا أوطاننا إلى مستنقعات وأوحال من التخلف والتبعية والتمزق والمرض والفقر والجهالة وانعدام الوعي وانتحار الأخلاق والقيم وسلخ هذه الشعوب من آدميتها.

"الوقفة السادسة":
(نزار قباني) نموذجا:
كثير منا في عالمنا العربي والإسلامي يغتر بمواقف أفراد من النخب العلمانية المصرية والعربية الفاسدة ويظن من خلال كتاباتهم ومقالاتهم وأشعارهم ورواياتهم بأنهم معارضون حقيقيون للأنظمة الطاغية المستبدة في بلداننا، ولعمرك ما هم بمعارضين حقيقيين وما هي بمعارضة حقيقية، إنما الأمر في حقيقته ما هو إلا محض خلاف وشجار كذلك الذي يحدث بين الزوجة اللعوب وزوجها اللئيم لتحصل منه على ما تريد، فحين يتجاهل الحاكم الطاغية أحد العلمانيين من المثقفين والكتاب والشعراء والأدباء أو يتغافل عنه عمدا أو سهوا ولا يلقي إليه ببعض فتات بقايا مائدته العامرة بما لذ وطاب من أموال ومناصب ونفوذ يهرع ذلك العلماني إلى التململ وادعاء المعارضة للفت انتباه الحاكم الطاغية اليه عله يقربه منه ويلقى اليه بعظمة سقطت من مائدته.
ولا تأتي معارضة العلمانيين المصريين والعرب الزائفة للأنظمة المستبدة في كشف حقيقة هذه الأنظمة وكشف الأدوار القذرة التي تلعبها هذه الأنظمة في محاصرة وقهر الشعوب لصالح القوى الغربية وإسرائيل في مقابل البقاء على كراسي الحكم، إنما تتركز معارضتهم وبشكل حصري في استعراض تفاصيل قوة الحاكم وبطشه وقهره للشعب وكأن الحاكم العربي الطاغية المجرم ولد حاكما طاغية بالفطرة، بل إن العلماني المصري والعربي يقوم بتحميل الشعوب وزر اعتلاء هؤلاء الحكام على كراسي الحكم، وكأن الشعوب هي التي اختارت هؤلاء الحكام بمحض إرادتها وعن رضا وقناعة، ثم يستدير العلماني المصري والعربي إلى النيل من ثقافة الشعوب ومعتقداتها وينهال عليها سبا وشتما وازدراء وتحقيرا، دون أن يجرؤ علماني واحد منهم على البوح بحقيقة هؤلاء الحكام وأنهم محض دمى وجنود مرتزقة قد جندهم الغرب ودججهم بالسلاح لمحاصرة الشعوب وقمعها لحماية مصالح سادتهم الغربيين وحماية أمن سادتهم في تل أبيب. ويفعل العلماني المصري والعربي ما يفعل من معارضة زائفة ويقوم بلصق كل البلايا وكل الخطايا بالشعوب وثقافتها ودينها لتبرئة الغرب العنصري من جرائمه وآثامه وعنصريته ضد شعوبنا، ومن ثم يغسل يد الغرب القذرة من دماء شعوبنا التي يسفكها أولئك الطواغيت بإيعاذ وإملاء ومساندة سياسية وعسكرية غربية.
وكثير من أشعار "نزار قباني" السياسية تمثل نموذجا فاقعا لهذه المعارضة الزائفة التي تستخف بعقول الناس وتستحمرهم كي يظنوا أن "نزار قباني" معارض كبير ومجاهد مغوار ضد الاستبداد والطغيان العربي، وفي المقابل لا يجرؤ "نزار قباني" ولا غيره على البوح بحقيقة الحكام العرب الطغاة وحقيقة علاقتهم القذرة بالغرب، ذلك الغرب الذي عاش "نزار قباني" جل عمره متطفلا عليه متسولا ثقافته راتعا في بحبوحته لاهثا بين أفخاذ نسائه وعاهراته.

أقدم للقارئ جزءاً من قصيدة نزار قبانى "السيرة الذاتية لسياف عربى" التي يحاول من خلالها استغفال الشعوب العربية واستحمارها وتصوير أن الحاكم العربي هو الذي جاء الى سدة السلطة بمحض إرادته وبناءً على رغبة الشعوب العربية واختيارها وبمحض ارادتها وليس بتوظيف الغرب وتجنيده وتسليحه وإمداده بأقذر آلات التعذيب التي صنعت في الغرب "الراقي المتحضر الديمقراطي العلماني الحر" وتحميل الشعوب أوزار وخطايا وجرائم هؤلاء الحاكم:

ياجماهير الشعوب العربية
صورونى
بوقارى وجلالى،
وعصاى العسكرية
صورونى..
عندما أصطاد وعلا أو غزالا
صورونى..
عندما أحملكم فوق أكتافى لدار الأبدية

أيها الناس:
أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون..
وأنا المسؤول عن كل رغيف تأكلون
وعن العشر الذى - من خلف ظهرى - تقرأون
فجهاز الأمن فى قصرى يوافينى
بأخبار العصافير .. وأخبار السنابل
ويوافينى بما يحدث فى بطن الحوامل
أيها الناس: أنا سجانكم
وأنا مسجونكم.. فلتعذرونى
إننى المنفى فى داخل قصرى
لا أرى شمسا، ولا نجما، ولا زهرة دفلى
منذ أن جئت الى السلطة طفلا
ورجال السيرك يلتفون حولى
واحد ينفخ ناياً..
واحد يضرب طبلا
واحد يمسح جوخاً
واحد يمسح نعلا..
منذ أن جئت الى السلطة طفلا..
لم يقل لى مستشار القصر "كلا"
لم يقل لى وزرائى أبدا لفظة "كلا"
لم يقل لى سفرائى أبدا فى الوجه "كلا"
لم تقل إحدى نسائى فى سرير الحب "كلا"
إنهم قد علمونى أن أرى نفسى إلها
وأرى الشعب من الشرفة رملا..
فاعذرونى إن تحولت لهولاكو جديد
أنا لم أقتل لوجه القتل يوما..
إنما أقتلكم .. كى أتسلى..

(نزار قباني)

فهل الحاكم العربي قد جاء إلى السلطة بمحض ارادته كما يزعم نزار قباني أم جيئ به؟
وهل الحاكم العربي يقتل شعبه كي يتسلى؟؟؟!!! أم يقتلهم في مقابل أن يبقى على كرسيه؟.
أليس هذا تضليلا وتجهيلا وتغييبا للشعوب؟؟.

(الوقفة الأخيرة):
أختم هذه الوقفات بمقولة للصحفي السوداني (فوزي بشرى) بتصرف:
(إن الشعوب أبقى وأقوى من الطغاة متى صح منها "الوعي" والعزم).


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السادس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الخامس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الرابع
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثالث
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الأول
- (مسيحيون أم نصارى)؟ حوار رمضاني مع الأستاذ (أسعد أسعد)
- نبضة قلب في حياة ميتة
- لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟
- (الإلحاد) هو الابن الشرعي للعقائد المسيحية
- (ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب
- الفرق بين الإنسان الواقعي والإنسان الافتراضي
- الفرق بين -حقائق الأشياء- و-زخرف الكلمات- و-عوالمنا الخاصة-:
- آخر الهوامش: هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 ي ...
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (26)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (25)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (24)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (23)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (22)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (21)


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأخير