أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة سيدة بن علي / ترفض القبح والعداوة وتقبل الجمال والحب















المزيد.....

الشاعرة سيدة بن علي / ترفض القبح والعداوة وتقبل الجمال والحب


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5015 - 2015 / 12 / 16 - 19:27
المحور: الادب والفن
    


دراستي هذه لنصوص شعرية ، قائمة على الاحتجاج والثورة والرفض ضمها ديوان (مجموعة امراة من نسل النّساء) للشاعرة سيدة بن علي ، احتوت على "31" نصا شعريا ، وكلما تمعنت بالقراءة ، وجدت ان النص لايكون نصا إبداعيا إلا من خلال المشاركة التواصلية الفعالة بين الأركان الثلاثة المؤلف والنص و القارئ. ويدل هذا على أن النص الإبداعي يتكون من عنصرين أساسيين النص الذي قوامه المعنى، وهو يشكل أيضا تجربة الكاتب الواقعية والخيالية، والقارئ الذي يتقبل آثار النص، سواء أكانت إيجابية أم سلبية في شكل استجابات معينة لا تخلو من الترميز البالغ، وهذا يجعل النص يرتكز على الملفوظ اللغوي والتأثير الشعوري في القارئ على شكل ردود تجاه محمولات النص.ومنهجية القراءة وفقا لهذه النظرية تسير باتجاهين: من النص إلى القارئ ومن القارئ إلى النص،وبهذا فإن ما يقوله النص أو قائله من معان ومضامين ليس هو المهم وإنما ما يتركه من آثار شعورية وفنية وجمالية وعناصر تكتب الخلود للنص لدى القارئ. ولانستثني حضور المؤلف كما اسلفنا من خلال النص .. يقول جاك لاكان : (لابد من ربط البناء الفني بالبناء النفسي للأديب ، ثم بالبناء الاجتماعي)، ومن هنا نقلت لنا الشاعرة سيدة بن علي صور احتجاجاتها على محمولات شعرية تفاوتت في القوة والضعف والحضور .. يقول ادونيس : (من هنا كان الشعر اعمق انهماكات الانسان واكثرها اصالة ، لانه اكثرها براءة وفطرية والتصاقا بدخائل النفس . ومن هنا كان الشعر وسيلة حوار اولي بين الانا والاخر ، ووسيلة ايصال اولي ، فهو لانغراسه في اعماق الانسان ، فعال وملزم ، انه حميّا تسري في الانسان وتسري ، من ثم عبر سلوكه ومواقفه وافكاره ومشاعره في الحياة والواقع).. تقول الشاعرة سيدة عبر تساؤلات منفعلة تحمل بين ثناياها ثورة :

(فأيّ نحيب سيطهّرنا....
وعروق دمنا مفتوحة..
عبثا.?!
من سيخرس اصوات الموت
من?
من سيقول لزحف الجراد الاسود ...توقف!
من?
هذا الماضي يرتدي درعه....
يتوضّأ من ماء شراييننا....
يملأ ملاعقنا بالدّم....
أبكم هو حديث الحبّ فيك ...يا وطني)

فكانت تساؤلاتها وجودية، لأن (الشعر والوجود، يشكلان بؤرة رؤيوية تأويلية تعددية تدرك الكينونة بوصفها انفتاحا للموجود، ولذا فما فتئ هيدغر باعتباره باحثا أصيلا في العلاقة التواشجية بين الشعر والوجود، يؤكد "على أن الإنسان لا يستطيع معرفة ما لا يمكن حسابه، أي أن يصونه في حقيقته، إلا انطلاقا من مساءلة خلاقة وقوية تستمد من فضيلة تأمل أصيل، فهذا الأخير يحمل إنسان المستقبل إلى مكانه بين الإثنين: الوجود والموجود، حيث يكون من طبيعة الوجود، والحالة هذه، أن يظل غريبا في قلب الموجود، وهذا المكان هو الكينونة هنا أو الوجود في العالم (الدارين) باعتباره مجالا لانفتاح دنيا الوجود ولانسجامه واحتجابه في آن معا".)، فكانت تساؤلات سيدة بن علي ، تساؤلات وجودية على محك الواقع العربي المنحدر نحو اللافهم واللاادراك .. وضمن سياقات الحال الراهن ، تحاول هنا الشاعرة الرفض والثورة واعلان الحب والتسامح الوطني ، وكونها شاعرة لاتمتلك غير الكلمة الشعرية سلاحا لها ، لهذا تبقى في اللاممكن والاحتمال .. ومن هنا كان احتجاج الشاعرة بقولها :

(ربّاه قد أغمضوا أعينهم ...وقالوا
حتى الرّب لن يخلصكم!
تعب القلب من الّذين...
يسكرون ويتذابحون....
أمّاه !
من اين يأتي ملح الدمع?!
فهذا الشتاء يتغلغل في..
والقلب استحال جليدا احمر....)

فهي تبحث عن الخلاص في ساحات الدم والذبح .. وتحيلنا الى التاريخ الكاذب القائم على الذبح .. صارخة : (أمّاه !/من اين يأتي ملح الدمع?!/فهذا الشتاء يتغلغل فيوالقلب استحال جليدا احمر....)، وكانت تسكت عن الكثير من الكلام وتستعيض عنه بالفراغات ، وتكثر من ترديد اللون الاحمر دلالة على مشاركتها الوجدانية الرافضة ، ولذا فإن الرمزيين قد اهتموا بنوع آخر من هذه المشاركة الوجدانية ما بين الكاتب والقارئ تقوم على نقل حالات نفسية من الكاتب إلى القارئ وهو الإيحاء ومن هذه الكلمات الموحية مثلا : "الضوء الخافت ، الشمس المرة المذاق ، الضوء الباكي، السكون المقمر، القمر الشرس، الألوان الهاربة، كما اهتموا بالألوان. من ذلك أن "رامبو" قد جعل لكل لون معنى: اللون الأحمر يرمز إلى الحركة والحياة الصاخبة والقتال والثورة والغضب والأعاصير .والأخضر يرمز إلى السكون والطبيعة والانطلاق وفكرة المستحيل والخلاص من عالم المادة. والأزرق يرمز إلى العالم الذي لا يعرف الحدود وفيه انطلاق إلى ما وراء المادة الكونية . والأصفر لون المرض والشعور بالحزن والضيق والتبرم بالحياة. والأبيض يمثل الطهر المثالي وهدوء السكينة ويرمز إلى الفراغ والجمود. واللون البنفسجي لون الرؤى الصوفية. لقد انبثقت الرمزية عن نظرية "المثل" لدى أفلاطون، وهي نظرية تقوم على إنكار الحقائق الملموسة، وتعبر النظرية عن حقائق مثالية، يحاول الشاعر محاكاتها عبر اللغة المغايرة .. ونحن اذ نقارن بين هذه الاراء ، لابراز رؤية الشاعرة من خلالها ديوانها هذا .. والملاحظ ان رؤيتها تقوم على الرفض والاحتجاج لمرارة الواقع العربي الذي اخذ يعج بالعنف والارهاب نتيجة تبني الافكار التكفيرية ومباديء رفض الاخر .. وتناصت الشاعرة في قصيدة (فينوس)، واستثمرت معالم الحكاية باسلوبية الشكوى ، فـ(ليس التناص عملية شكلية تتأسس على التواصل الشكلي بين النصوص وإنما يعني التناص الفاعل تمازجا وتشابكا وتلاحما بين النصوص التي تقيض للقارئ فرصة معاينة النصوص معاينة قائمة على إثارة وعيه وإدراكه واستنفار معرفته وخبرته في النص الوافد وما طرأ عليه من تحولات في تغيير دلالاته عندما يدخل في نسيج النص الجديد ويصبح جزءا لا يتجزأ منه ، فالنص المستقبل ممكن أن يُحور ويبدل ويغير في النص الوافد وذلك وفق ما تقتضيه رؤية المبدع.)، تقول سيدة :

(فينوس خبّريني .....عن لونك الرّملي
عن ذراعك المقطوعة...
عن خطوط الصّيف
وشقوق الزّمن في خاصرتك
وعلى الشّفاه
وحيدة أنا مثلك خرساء ....
في سرّي أجترّ اغنيات الحب ....
أسترق النّظر الى الأضواء ....

أسالك فأجيبيني ....
احكيلي عن عشقك لأدونيس
كيف أدمى قلبك
والدّمع من عينيك أجراه
علّميني يا ربّة العنفوان
كيف أحتمي من سحائب الدخان ...
كيف أتصالح مع اللّيل.. واعانق الجدران ...
فينوس حدثيني...
هل كان عرشك ..
رملا على ضفاف المياه ...
هل كان وهما ما رأيته وما اراه ...
علّميني...
كيف أتناسخ مع الزّهر..
كيف يكون الحبّ على الأرض
دون محاكم ...دون مشانق... )

وهكذا تستمر في ثورتها ضد القبح وبحثها عن الجمال والحب في الحياة، وذلك من خلال تساؤلها : (كيف يكون الحبّ على الأرض /دون محاكم ...دون مشانق... )، وهذه دعوة تصالحية مع الاخر لبناء شخصية مثالية متزنة مع الذات ومع الاخر فـ( قبول الذات ومحبتها ضروريان في تكوين شخصية ناضجة، كذلك علاقة الفرد مع الاخر ضرورية. فالصداقة والصدق والانفتاح على الاخر لابد منهم لتكوين الشخصية، ولكن هذا الطريق لا يخلو من المخاطر والصعوبات. وان اعمق علاقة هي علاقة المحبة. وفيها يخرج الإنسان من أنانيته ويكشف ذاته بحقيقتها للاخر. ومن الضروري في تكوين شخصية مستقلة ان يحقق الفرد التوازن بين الاتكالية والاستقلالية، بين الانبساط والانكماش، أي ان يحقق التوازن بين الداخل والخارج في علاقاته.)، فهي دعوة للبناء ضد دعوات الهدم ولا سيما ما يخص الذات والشخصية وما يتحلى به الانسان من ضمير حي لايعترف الا بالجمال والحب والحوار .. وهكذ يبقى (النص الشعري الحديث حوار دائم ودينامي مع الاشياء، حوار ثر مبني على ديالتيك خاص، مشحون بقيم اصيلة تتسم بالتشابك والعمق والتعقيد، يقوم بمهمة تشكيل النسيج الداخلي عن طريق ربط الاجزاء المتوازية والمتقاطعة والمتضادة في النص الشعري، وينعدم في هذا الحوار ذلك التواطؤ التقليدي القائم بين عالم القصيدة ومساحة الفاعلية الذهنية المستقبلة عند المتلقي، والمعتمدة على خاصية الاشباع المحايد لمراكز الانتظار والتوقع فيه، لذلك فهي تصدم ذوق المتلقي التقليدي بما لاينتظر ، بمعنى ان المتلقي سيفقد فيها لذة تعود عليها، وتأسس نمط ذوقه على اساسها، لذلك فانه سوف يحتاج على هذا الاساس نوعا من تطبيع العلاقات مع عوالم النص الشعري الحديث،الذي ينهض بذوق المتلقي ويرتفع به الى مناطق جمالية طرية وطريفة ومباغتة، تضج بسحر غير قابل للنفاد فيكبر وعيه نحو استثمار قدرات العقل على نحو اكبروافضل واكثر جذبا ومتعة. على هذا الاساس يخرج النشاط الشعري من اطار اشباع الحاجة، فليس هو تمرينا جماليا مجردا، انما هو فعل خلاّق خصب، يلد قدرة لامتناهية على الابداع والخلق واستمرارية الانجاز) هذا ما قاله الاستاذ الدكتور محمد صابر عبيد .. ومن هنا كانت منطلقات الشاعرة سيدة بن علي في ديوانها (مجموعة امراة من نسل النّساء ) بكافة نصوصه التي احتواها الديوان .. لتبقى هذه النصوص محل نقاش وجدل لدى الدارسين ..



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحضور لا الغياب/ قصيدة(الشاعر يتقدم) لصادق الطريحي أنموذجا
- الحوار وحسن الظن بالله وبياض النية/وقصيدة (حكيمة الغيم) للشا ...
- الشاعر علي الامارة/يرثي الناقد محمد الجزائري بالتذكير
- الشاعرة مها الصافي /تحرك الذائقة بحضور نثري شعري متميز/ديوان ...
- رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض
- (إلى عدنان طعمة ، المفجوع بابنه سجاد) ، قراءة في قصيدة الشاع ...
- الثلاثية الشعرية الحوارية/والعبور بالحلم من اسيا الى افريقيا
- خزعل الماجدي/كينونة شعرية مشرعة النوافذ !!
- الشاعرة اسماء القاسمي/وميلاد يقظة اليقين
- الشاعر صابر العبسي : يفترض ويرفض الافتراض
- جرأة الطروحات في كتاب ( اجندة نسوية) للناقدة عالية خليل
- معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا
- الشاعرة سيدة بن علي تحاول احتواء غربة المكان بتأمل اصيل
- مخاض الحيرة ورسالة الحب في ديوان (كوميديا الذهول)
- لتجليات الجسدية والايروتيكية وتمظهرات الغياب والحضور في الشع ...
- الاستثمار والتحول في رؤى الشاعر نمر سعدي
- حنان بديع بين الهجوم ضد الاستلاب والبحث عن الجمال
- الفن ولذة الحياة عند حيدر عبد الله الشطري
- وجيهة عبد الرحمن تصعد مع المطر وتنزل مع الحب
- ديوان (ألم المسيح ردائي ..) وانساقه الثلاث


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة سيدة بن علي / ترفض القبح والعداوة وتقبل الجمال والحب