|
أجواء قراقوشية في جامعة القناة
مصطفى مجدي الجمال
الحوار المتمدن-العدد: 5013 - 2015 / 12 / 14 - 16:54
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
ذهب صحفي شاب إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية ما في جامعة السويس، فاعتذر عن عدم تلبية طلب الصحفي الشاب، وأشار إلى منشور معلق على الحائط..
المنشور موجه إلى الأساتذة والمدرسين والمعيدين .. وهو مصوغ بلغة أوامرية صارمة.. وممهور بتوقيع الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة ممدوح غراب. ولم يفت الصحفي النابه أن يصور المنشور الذي أرسل إليّ نسخة منه.
خلاصة المنشور بتاريخ 17 نوفمبر 2015.. أي منذ ثلاثة أسابيع: ((( يتم التنبيه على السادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة نحو عدم إصدار أو نشر أي مقالات أو موضوعات أو الظهور بأي من وسائل الإعلام إلا بعد الموافقة المسبقة من رئيس الجامعة وسوف يطبق القانون في حالة مخالفة ذلك)))
هذا يجعلنا نستعيد أجواء الفيلم السينمائي الساخر "قراقوش" إنتاج الأربعينيات..
وربما من حقنا أن نتساءل عما إذا كان هذا الحظر يسري على وسائل الاتصال الاجتماعي أيضًا أم لا.. وقد فهم الصحفي الشاب أن التفسير السائد في الجامعة الآن يشمل كل التدوين الإلكتروني.
المهم بحثت في المنشور عن الأساس القانوني لهذا الأمر العجيب المتعسف.. فوجدته يشير إلى قانون تنظيم الجامعات الصادر عام 1972. فرجاء من القانونيين وأعضاء حركة استقلال الجامعات (المعروفة بـ 9 ملرس) إفادتنا بمدى قانونية أمر من هذا النوع.
أتمنى لو يبادر رئيس الجامعة بأن ينفي صحة المنشور، أو يبادر بإلغائه و"يادار ما دخلك شر!!" فالرجوع إلى الحق فضيلة الفضائل..
الأغرب من منشور الدكتور غراب هو سكوت أساتذة الجامعة الموقرين عن أمر أقل ما يقال عنه إنه مهين ويشعرنا بأننا مازلنا في عصر الشمولية والاتحاد القومي في الخمسينيات..
وإذا كان من يجلسون على مقعد السلطة، كبرت أم صغرت مقاعدهم، يستبيحون لأنفسهم أوامر من هذا النوع، المعادي للروح الجامعية في الصميم، ويجب أن يلتزم بها أساتذة كبار حتى لا يتعرضوا لـ "مجالس التأديب".. فما بالنا بموقف الإدارة الجامعية من حقوق التعبير لدى الطلاب..
بالطبع مثل هذه الأوامر ربما تكون مفهومة في المؤسسات الانضباطية مثل القوات المسلحة أو الشرطة أو الاستخبارات أو الخارجية بل حتى التموين.. وأيضًا فيما يتعلق بإفشاء أسرار العمل.. لكننا أمام أعلى مستوى علمي في البلاد.. وأحب أن أذكر الدكتور غراب أننا نعيش عصر المعلومات والاتصال، وأيضًا في أعقاب ثورتين!!
جاء منشور غراب مخالف تمامًا للدستور، ولا يمكن التهاون مع أمر يشبه أوامر السادة الإقطاعيين للأقنان في عهد غابر عرفته مصر.. ناهيك عن كونه يخالف الأعراف في المؤسسات التعليمية العليا، ولن أقول يخالف الذوق السليم أيضًا.
كما أن السيد غراب يرهن التصريح لأي أستاذ بالكتابة أو الظهور في الإعلام بموافقته هو شخصيًا، فجعل من نفسه المرجع الأعلى والوحيد لتقرير من يظهر في الإعلام أو يكتب في أي وسيلة.. وكذلك الموافقة- بالطبع- على ما يمكن أن يقال، وغير المسموح بأن يقال..
فهل يمكن أن نتوقع بحثًا علميًا وإنتاجًا للمعرفة من أساتذة يوافقون أو يرضخون لأوامر قراقوشية كتلك..
إن نظار المدارس الابتدائية لا يستطيعون إصدار قرار كهذا للمعلمين في مدارسهم.
الطريف أنني بحثت في الشبكة الدولية للمعلومات، فوجدت أن اتهامًا سابقًا قد وجهه البعض لرئيس الجامعة بالانتماء لجماعة الإخوان.. فإن صح الاتهام هل يمكن أن نقول إن لديه ميولاً معادية للحريات.. أم أن محاولته نفي الاتهام هي ما تجعله يبالغ في اتخاذ إجراءات يظن أنها تعجب السلطة الحالية.. كما أن احتكار رئيس الجامعة لنفسه حق منح ومنع الظهور في الإعلام، يكاد يختصر المؤسسة الجامعية في شخصه.. وهو استنساخ هزلي للشمولية التي أسماها توفيق الحكيم "أيديولوجية الكل في واحد"!
أما الأمر الأطرف على الإطلاق فهو أن بحثي في الإنترنت قد جعلني أكتشف أن الدكتور المذكور نفسه مدمن على الإعلام ويكثر من الأحاديث والظهور فيه حتى لا يمر يوم دون تواتر خبر عنه !!!
#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطوط عريضة لتقدير الموقف في مصر
-
كيف توقعت مستقبل الثورة في فنزويلا
-
هل جنت على نفسها داعش
-
حوار مع دوير
-
أوهام ومخاطر
-
ثلاث أزمات وجودية
-
المنظمات الحقوقية.. للداخل أم الخارج؟
-
سؤال اليوم: ثورة أم إصلاح
-
تكنولوجيا تدمير الأحزاب اليسارية من الداخل
-
انزلاقات السيسي
-
ملاحقة الثوار.. هدية ثمينة للإرهاب
-
عندما نامت أمي
-
أعزائي الثوار.. احذروا الجرّاي
-
جرثومة اسمها النمو الذاتي
-
الحزب الثوري بين الفندقة والحندقة
-
عرفت عبد الغفار شكر
-
يا يساريي مصر اتحدوا
-
رؤوف عباس وخطى مشاها سريعا
-
ثوار الجزيرة
-
لا وطنية بدون العداء لأمريكا وأتباعها
المزيد.....
-
مدير الموساد يغادر الدوحة بعد مشاركته بمحادثات وقف إطلاق الن
...
-
تناول هذه الخضار النيئة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالأمراض
...
-
شاهد.. البسمة ترتسم على محيا زعيم كوريا الشمالية بعد عملية إ
...
-
بيسكوف: محاولات -الناتو- توسيع نفوذه في القوقاز لن تفيد المن
...
-
دراسة: -حلقة النار- تحت مضيق جبل طارق قد تبتلع المحيط الأطلس
...
-
-ستورمي-.. وثائقي يروي قصة -العلاقة المزعومة- بين ترامب ونجم
...
-
الخارجية القطرية: أي هجوم على رفح سيؤثر سلبا على التوصل إلى
...
-
خبير فرنسي: ماكرون يقود فرنسا إلى حرب مع موسكو
-
الجيش الإسرائيلي يكشف عن مناطق عملياته العسكرية في قطاع غزة
...
-
بكين تدعو واشنطن لاتخاذ إجراءات جدية لنزع السلاح النووي بدلا
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|