أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - استقالة محسن مرزوق : صناعة التحولات و كسر النموذج المقفل لحزب نداء تونس














المزيد.....

استقالة محسن مرزوق : صناعة التحولات و كسر النموذج المقفل لحزب نداء تونس


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 5013 - 2015 / 12 / 14 - 16:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأوصاف البروتوكولية لطريقة التخاطب التي انتهجها السيد محسن مرزوق لتقديم استقالته من الأمانة العامة لنداء تونس بدت في منتهى الإتقان. فقد كشف ، في سياق تنوع أنماط الاجتهادات التي تبحث عن أطار موحّد للحزب ، عن حلقة تبرز المعادلة الحسابية لبنية الحزب. ففي اللحظة نفسها التي يفسّخ فيها صلاحيته كأمين عام يخلق عودة متملّكة يجرى التقاطها في أفق تأخذ فيه المرأة شكل القوة الترابطية للحزب.
يجب الاعتراف بأن استقبال الصورة يقف وراءها ، إذا جاز التعبير، مدلول كسر العلاقة القديمة التي أنبنى عليها نداء تونس ؛ ونعني بذلك تقويض كلي لكاريزما السيد الباجي قايد السبسي مقابل تثبيت نهائي يحضر قصديا في الخطاب بذات شفافة تنكر ما يمكن اعتباره تورطا لمبادرة رئيس الجمهورية. إننا نتحدث عن صورة مختبئة تطلق من أعماقها شروط جديدة بدونها لا يكون حزب نداء تونس ممكنا . فهي تذكّر بأن لجنة الثلاثة عشر هي إعلان عن حلّ مؤسسات الحزب . هذا الانتقال الخطير في مقترح رئيس الجمهورية يجرّد الحزب من مؤسساته بأسلوب غير ديمقراطي . إنه عبارة عن انقلاب إلى الضد. بمعنى إن الحل المقترح يتحدد من الخارج . إنه يعادل الفكرة التي ترى أن الحزب لا يضمن تماسكه إلا بمقتضى المكانة الكونية لزعيم الحزب وهو تمشي يناقض رهان المأسسة .
لا شك أن استقالة السيد محسن مرزوق من الأمانة العامة و تسليمها إلى السيد محمد الناصر تقدّم صاحب الاستقالة كذات لها عقيدة للعمل تستند إلى حقيقة تفترض مسبقا التذكير بهياكل الحزب التي فكّكها رئيس الجمهورية من خلال المقترح الذي قدّمه.إنها عبارة عن التزام بالأصول التكوينية المعلنة لما يسمى بمشروع نداء.
لنعد الآن إلى المشهد الذي اختلط بالخطاب و محتوياته البصرية حيث تتجلّى المرأة في إيماءة صامتة تنتزع مسبقا من الصورة . إن الموقف التصنيفي المحمول في الخطاب مسكون بعقلية تقضي بتنظيم كيان الحزب على فاعلية المرأة كقدرة على التخطيط و التعبئة.
و إذا أردنا أن ندرك ما تشتمل عليه الأهداف التي أنتجها سياق الظهور الإعلامي لزفّ خبر الاستقالة ، فيمكننا أن نجملها في ثلاث مستويات أساسية:
ـــ إن المرأة عيّنة نموذجية للفكر الإيجابي لأمين عام حداثي لا يتّخذ قراراته المصيرية إلا بتشريك فعلي و حقيقي للمرأة.
ــــ إن الأمين العام للحزب لا يقبل نسف هياكل و مؤسسات الحزب في الوقت الذي يقبل باستقالته الشخصية و العودة إلى المستوى القاعدي للحزب. و هي لغة مشذّبة تعتبر المؤسسات معيارا للتقييم بدل الهجوم عليها و تمزيق مشروعيتها.
ـــ إن استبدال هياكل الحزب باللجنة المقترحة هو شكل يهيئ للسطو على المسار الديمقراطي بدوافع ذاتية و تطلعات فردية لأبوّة لا تعترف بمظاهر التحديث حيث يتمركز القرار عند الأب الذي يتصرف كيفما يشاء في تربية أبنائه القصّر.
انطلاقا من هذا المنظور نلمح بعدا إيديولوجيا ذو نزعة هجومية أخذ في التبلور. وهو مرتبط بمصادر الثقل في تكوينية الحزب الذي يتوالد من تمثيلية المرأة. إن الخطاب خطوة أولى في طريق لإعلان الحرب كوضعية جديدة و كرد فعل ضد مبادرة السيد الباجي قائد السبسي . فإذا كان طريق مؤسس الحزب يقوم على تهميش هياكل الحزب فإن طريق الأمين العام يقوم على تمتين شعار: لك الحق أن تفكّر كما تشاء لكن صحة موقفك يتوقف عند احترامك لهياكل الحزب.
تلك كانت رسالة السيد محسن مرزوق الدعائية و التي موضعت السيد الباجي قايد السبسي خصما لكل مسار ديمقراطي مرتقب. إن لجنة الثلاثة عشر يمكن أن تكون ذات مردود إيجابي و لكن يتسرّب منها ، وفق هذا التقدير ، إيديولوجيا تحمل في أحشائها منطق الأبوة الذي يتعارض مع مبدأ المأسسة . وهي بذلك تخلق المشاكل أكثر مما تفلح في استنباط الحلول.
نعم هناك دعوة جهرية لإشعال فتيل الحرب من داخل الحزب و ليس بالانسحاب منه ، حرب مطبوعة بمغازلة سامية للمرأة التي تقيس الأشياء ببواطنها. فهي من أوصلت نداء تونس إلى سدة الحكم. فوراء الرمز كمّ و ماهية و وراء العرض رواية تبحث عن توازن منشود لقيادات تستلهم اتجاهها من انتصارات أحرزتها المرأة التونسية كدعامة لكل ثورة حالمة.
من السهل أن نلحظ التنافر القائم بين قيادات نداء تونس و لكن لا زلنا لم نعرف بعد من يستطيع أن يموت لأجل الحزب. إن استقالة محسن مرزوق هي التعبير الرمزي للفداء الذي يتعارض مع وعي مشوّه ينبني على التوريث. لذلك ليس من الغريب أن تفرز معارك المستقبل تبرير وضع امتيازي لكتلة اليسار التي تجاوزت شرطها التجميلي أثناء تأسيس نداء تونس لتتحول إلى إرادة ذاتية و ميكانزم سلطة تنصّب متاريسها لتهشّم سلطة ظرفية لم يعد ينتفع منها الحزب. إن الجواب الشافي حول عند من ستتمركز السلطة ؟ و لصالح من؟ يتوقّف على من يوجّه و يموّل الصراع في الداخل و في الخارج.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمال القحط
- معقولية خطاب غير خلاّق
- رسالة مفتوحة إلى فخامة رئيس الجمهورية التونسية
- القمع الفتّاك للفكر
- صرخة في مشهد
- ناخب فطن يبوح بأسرار عميقة
- صراعات مكشوفة
- عقاب مكرور
- تقادمية حالة حرب
- في مكان ما خارج حزب ما
- فقدان الاتجاه أم واقع سياسي جديد في تونس؟
- تونس ما بعد أزمة النداء
- أحزاب تونسية مفخّمة و مفتولة العضلات، تهوي و تنال دفنا جميلا
- النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ
- في أروقة النداء: تهجير اليسار أم قصف الحكومة؟
- هل نتجه إلى فراغ سياسي في تونس؟
- مصالحة أم مضاجعة لثورة الكرامة في تونس؟
- تمثلات نقابية و سياسية رابضة في قلب الهوية
- أي مستقبل نريد؟
- اليمن و الكذب المقصود


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - استقالة محسن مرزوق : صناعة التحولات و كسر النموذج المقفل لحزب نداء تونس