أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جلال خشيب - فجوة النخب الفكرية بين جيلين.. علّة في الأنفس ودواء في قوة الكلمات.















المزيد.....

فجوة النخب الفكرية بين جيلين.. علّة في الأنفس ودواء في قوة الكلمات.


جلال خشيب

الحوار المتمدن-العدد: 5013 - 2015 / 12 / 14 - 05:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


فجوة النخب الفكرية بين جيلين.. علّة في الأنفس ودواء في قوة الكلمات.
جلال خشيب.
باحث وكاتب جزائري بكلية العلاقات الدولية جامعة الجزائر3 وبمعهد دراسات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بجامعة مرمرة، إسطنبول.
14/12/2015.

تشرفنا اليوم بحضور المنتدى الفكري الأول المنعقد باسطنبول بين 11 و13 ديسمبر بحضور تمثيل نخبوي لحوالي 20 مركز بحثي عربي وبدعوة من رئيس إحدى المراكز البحثية الشبابية الواعدة طور التكوين الدكتور زايد المليكي والذّي ننتظر من مشروعه البحثي الكثير بإذن الله.. فشكرٌ خالص موجّه للقائمين على هذه الفعالية العلمية ولمن وضع الثقة فينا لتقديم ورقة بحثية في هذا المنتدى حالت للأسف الظروف بيننا وبين تقديمها، مع ذلك فقد كان التمثيل الجزائري حاضرا بقوة بورقة بحثية رصينة للأستاذة آمال وشنان من كلية العلاقات الدولية شهد الكل بتألقها وتميزها بين الجميع.. ناقش المنتدى في يومه الأخير قضية الشباب في منطقتنا العربية، أولوياتهم البحثية-الأكاديمية، مشاكلهم المتباينة، التحديات التّي تواجههم، الحلول التّي ينبغي أن تُبلور لأجلهم وغيرها من القضايا المهمة ذات الصلة، بعدما شهد اليومين السابقين نقاشات أخرى على أصعدة سياسية وأكاديمية متباينة بين ممثلي كل هذه المراكز البحثية غايتها النهائية تشبيك الجهود المعرفية والأكاديمية للمساهمة في النهوض بالأمة قدر الإمكان...
كانت أجمل صدفة (وما هي عندنا بالصدفة وإنّما تدبير من الله لأمر يعلمه هو) هي التقاءنا أخيرا ولأول مرة بالدكتور عصام عبد الشافي الباحث المصري في العلاقات الدولية والأستاذ المحاضر بجامعة سكاريا بتركيا والقائم أيضا على كثير من المشاريع الأكاديمية الهادفة وذلك بعد صداقة فكرية طويلة جمعتنا على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.. موقف لن ننساه ما حيينا استقبلنا فيه الدكتور بأحضان قوية اشعرتنا بالخجل أمام هذه القامة الكبيرة في علمها وتواضعها الجم.. شخصية متواضعة جدا حاسمة في ذات الوقت إلى أبعد الحدود، لا تعرف التملق ولا المحاباة إذا تعلق الأمر بحق.. شرف كبير أن تجد كتاباتنا المتواضعة اهتماما من قِبل الدكتور عصام عبد الشافي وأمثاله وشرف أكبر لنا حينما تصنع هذه الكتابات لشخصنا مكانة علمية في حضرت أمثال هؤلاء ممّن يقدرون قيمة ومجهود البحث العلمي الجدّي من الشباب، فليكن في ذلك إذن عبرة لم يريد أن يعتبر خاصة ممّن يصرّون إلى الآن على تهميش واستصغار عقول الشباب..
بالطبع لم تمر الجلسة دون أن ندلي بشيء ولم نكن نتركها لتمر بسلام دون إثارة إشكال ما "يعكر صفو الجلسة".. أعتقد أنّي وضعت يدي على جرح بليغ بجرأة زائدة سكبتُ فيها (عن وعي لا عن حماسة شباب) شيئا من الملح عليه ليتألم المريض بشدّة فيشير إلى الطبيب مُلّحا لمكان العلّة بصراحة دون مجاملة ولا محاباة.. إشكالية الفجوة السحيقة بين أجيال النخب عندنا، بين جيل تقليدي من شيوخ الحكمة وجيل جديد من شباب عربي يتدفق طموحا يتطلع به لغد حر مستقل.. فجوة عميقة تزيد من عمقها أمراض نفسية لنخب عليلة تلقّت عدوى مقيتة من أنظمة الحكم.. فإذا كانت أنظمتنا السياسية تحتكر منذ عقود مديدة شرعية السلطة فإنّ كثيرا من هذه النخب التقليدية تحتكر بدورها شرعية الفكرة، ولا تريد أن توّرث للأجيال القادمة راية النضال.. نُخبٌ تمارس إلى الآن على شبابنا الصاعد سلطة أبوية استعلائية أشدّ وطأة من أبوية أنظمة الحكم، دوائر مغلقة، عصابات فكر في قصور عاجية محرّمة أبوابها على فئة الشباب، نُخبٌ هرمة تجتهد في تقزيم عقولٍ صاعدة ستعانق برؤاها وإبداعاتها يوما ما سقف السماء.. للأسف كانت هناك نماذج من هذه النخب بين الحضور استعملت خطابا أبويا بائسا يصف هذا الشباب الطموح بأوصاف مقيتة فتسمّيه مرة بالمسكين و"الغلابا" ومرة بالعاهات الفكرية وما شابه، بل وتجتهد في الاستخفاف بالقدرات المعرفية للشباب تحت حجج الحكمة والتروي والواقعية والابتعاد عن الخيال.. وكأنّنا كنّا نتوسم رزقا من سماء هذه الآلهة الجديدة التّي أعلن زراديشتي "حكيم الجبل"* الكفر بها منذ أعوام مديدة لينطق على لساني مُرغما في هذه الجلسة فيمطرهم رعودا وصواعق.. صفّق الأحرار على الملء لكلماته ودعمها النبهاء في تعقيباتهم بينما نعتها (في حديث جانبي بعد انتهاء الجلسة) أحد الممارسين لهذا الخصي الفكري والمشيخة المعرفية بقلة الأدب فكان نعته هذا وسام شرف لزراديشتي المتمرد. لم نكن الوحيدين الذّين عبّرنا عن استياءنا للاستخفاف الذّي تمارسه هذه الديناصورات التّي تأبى الانقراض فقد كان من الحضور باحثة مصرية شابة كان تدخلها أكثر هدوءا منّا بكثير مع ذلك وُصف تدخلها إلى جانبي بقلة الأدب.. للأسف نفوس عليلة لا تُدرك أنّ التجاوز لوحده يصنع الإبداع حينما نتجاوز بشجاعة لا تعرف التملق تلك الأنماط الفكرية السائدة بدماء جديدة لا تعترف بحدود الكون.. أنصفتنا كلمة الدكتور عصام عبد الشافي حينما أعلن وقوفه إلى صفنا متحدثا عن العلل التّي تعاني منها مجتمعاتنا اذ حصر أهمها في أمثال هذه النخب ليضيف أنّ شباب اليوم هم الفئة الصحيّة الوحيدة المتبقية في مجتمع مليء بالأمراض.. أختم بعبارة نيتشوية عبّرنا فيها أمام الحضور عن كفرنا بمثل هذه الأنماط منذ زمن ونزيدها وضوحا هنا ليقرأها مجدّدا من ركز على انفعالي وتجاهل فحوى كلماتي: " ...فإذا كانت أنظمتنا السياسية تحتكر منذ عقود مديدة شرعية السلطة فإنّ كثيرا من هذه النخب القديمة تحتكر بدورها شرعية الفكرة، ولا تريد أن توّرث للأجيال القادمة راية الحكمة و النضال.. لا نقبل أبدا بمثل هذه المشيخة الفكرية ولا نتسول من أحدكم شيئا حتّى نوصف بالمساكين لأنّنا شباب يؤمن بقوة الفكرة وإنّ الفكرة لعمري قبسٌ من رَوح الله.. لسنا بزهرة جميلة تُجهّز لتؤدي عرضا أنثويا على بستان فسيح تُداس بعد انتهاءه بأحذية الحاضرين.. نحن عبوة ديناميت.. تذكروا هذا جيدا، عبوة متأهبة بين أيديكم فإمّا أن تُفجروها اليوم باهتمامكم إبداعا وإنّما ستنفجر في مجتمعاتنا غدا عنفا و إرهابا."
...
*زراديشتي حكيم الجبل: شخصية فكرية من نسج خيالي على طريقة الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه أوقع بها قسما من كتاباتي الخاصة.



#جلال_خشيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تْشَانَكالا درسٌ من التاريخ.. أما آن لنا أن نستنشق عبق النصر ...
- مسيرة الحرية وعاصمة النفاق... أما آن لهذه الإنسانية أن تستيق ...
- عن الخلافة الراشدة أتحدث.. حوار مع صديقٍ غيبيِّ
- العدوان الصهيوني على غزة.. تفسيراتٌ أربعُ محتملة.
- فلسطين الجريحة.. إلى كل ذي قلم حر، كيف تكون النُصرة؟
- الدولة والمجتمع المدني، حدود التأثير والتأثّر / الانتفاضات ا ...
- هل ستكون الجزائر إحدى مناطق الارتكاز في إستراتيجية التالاسوك ...
- النظر إلى الماضي بغضب .. بوتين مُحاصرٌ بالتاريخ .
- صدام التيّارات .. جوزيف ناي في مواجهة فريد زكريا : هل صارت أ ...
- هل يُعتبر الواقعيون كذئاب وحيدة ؟ ليندساي هاندلي في مواجهة س ...
- القوة الدولية
- إدوارد هاليت كار في مواجهة المثالية : وتحتدم المعركة
- الفرق بين الواقعيين واللبيراليين .
- عيد المرأة .. فلسفتي .
- صعود الصين و الثورة المعرفية الجديدة .
- صاموئيل هنثنغتون وحروب خط الصدع .
- الجزائر في مهّب التحوّلات الدولية والإقليمية .. ما الذي يمكن ...
- النظرية و الممارسة في العلاقات الدولية : بعض من التصورات الش ...
- تراجيديا المغرب العربي الجديد و الحلف المقدس الجديد .
- النقد الإحيائي و إعادة بعث مفهوم الخِلافة .. مجرد فكرة :


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جلال خشيب - فجوة النخب الفكرية بين جيلين.. علّة في الأنفس ودواء في قوة الكلمات.