أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (3)














المزيد.....

رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (3)


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان مشروعي الديني للتجديد يتضمن النظر في أصول وثوابت المذهب نفسه، وليس مجرد النظر في تعاليم البنا أو مراجعة سلوكيات ومبادئ الجماعة.

فمثلا عندما يقولون أن الله ينزل من السماء السابعة إلى السماء الدنيا كل ليلة ويدعو البشر للتوبة والاستغفار كنت أقول..أليس هذا تقريراً بالحركة؟..أليس هذا تقرير بالمكانية؟..أليس هذا مضمون عقائد المجسمة؟..وهل نزول الله كل ليلة عند العرب فقط أم في أمريكا اللاتينية؟..فالمعلوم أن ليل العرب نهار اللاتين والعكس، فمعنى أن الله ينزل كل ليلة للسماء الدنيا -مع عدم غروب الشمس عن كوكب الأـرض- يعني أن الله في حال انتقال دائم أو أنه قابع في السماء الدنيا للأبد..فلما القول أنه يتحرك..ومن أين؟؟!

ليس هذا فقط كانوا يسقون لنا عقائد السلفية الوهابية في التشبيه بالخالق كقولهم أن الله يجلس فوق العرش والكرسي ضمن إطار حلقات التفسير الأسبوعية بعد صلاة المغرب، رغم أن هذه الأشياء من صفات البشر ولا يجوز نسبها لله، وعند الاطلاع على رأي الفرق في ذلك أعجبني رأي الأشاعرة والإمامية الذين قالوا بالتفويض والتأويل، وعند البحث في رأي الفرق البائدة -كالمعتزلة -وقفت على تأصيل شرعي وفلسفي محكم من رؤوسهم كالقاضي عبدالجبار، وكذلك حدث توافق بين رأي القاضي وبين تأصيلات الفخر الدين الرازي في تفسيره الكبير..رغم أن الرازي لم يكن معتزليا إلا أن مساحة التوافق بينه وبين القاضي عبدالجبار في أمور كثيرة ملحوظة بشكل واضح.

كذلك في فصلهم التوحيد ما بين توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية، والإقرار بإيمان المشركين على عهد النبي بتوحيد الربوبية وكفرهم بنوع واحد وهو الألوهية..كانوا يقولون أن الربوبية تعني الإيمان بأن الله رب الأرباب ..هو الخالق المتفرد والأول والآخر..وفي ذلك لم يكن يختلف كفار قريش مع المسلمين، لكن في الإيمان بألوهية الله اختلفوا..فقال المشركون أن هبل ومناة واللات والعزى آلهة، وقال المسلمون هؤلاء أصنام لا تضر ولا تنفع.

هذه العقيدة رغم منطقيتها في بعض الجوانب إلا أن لوازمها على الأخ تعني انخراطه في تكفير كل من حوله من باب كفر الناس بتوحيد الألوهية وتشبيههم بكفار قريش، فالصوفية مثلا يؤمنون أن الله رب، ولكن يتخذون البدوي والجيلاني والرفاعي آلهة يستغيثون بهم وقت الضيق، وبذلك تشابه الصوفية مع مشركي مكة..نفس الحال مع الشيعة حين كانوا يستغيثون بالحسين والأئمة الإثنى عشر في صلواتهم وأدعيتهم..وعليه سينطبق عليهم ما انطبق على الصوفية..!

كانت رؤية دينية غفلت عن أن هذا التقسيم لم يحدث من النبي ولا صحابته ولا من التابعين..بل أقره ابن تيمية وتوسع فيه ابن عبدالوهاب، وعن طريقه تم تكفير كل سكان شبه الجزيرة العربية والشام ومصر والعراق، وشرعوا في محاربتهم بدعوى الشرك..فعلى أي أساس كانوا يدعون انتسابهم للسنة حرفيا وقد فعلوا ما لم يجزه السلف في مدوناتهم أو المأثور عنهم؟

ثم ما حال قول يوسف لأصحاب السجن حين قال.."أأرباب متفرقون أم الله الواحد القهار"..؟..هذا يعني أن معنى الرب الوارد في طبيعة التقسيم غير صحيح، فالأرباب على لسان يوسف تعني الآلهة المتعددة وليس الرب الواحد..وهو معنى يتكرر كثيراً في القرآن بحيث يتم استخدام الرب بمعنى الإله والعكس..فقد أخطأوا بشدة في هذا التقسيم..وقلت مع منطقيته أن وقعه على العقل (حَسَن) لكن حين مقاربته مع الشرع نجده يتضاد كلياً مع القرآن..وكذلك لما يلزمه من التكفير والتوسع فيه..حتى أن من قال ذلك شهد بإيمان أبي جهل وأبي لهب ربوبيا..في حين يشهد بكفر بعض المسلمين ألوهيا..وهذا مدخل مهم للتكفير وتحريف الدين حدث مع السلفيين وتوسعوا فيه حتى ضل الأكثرون منهم..وبما أن هذه العقائد الضالة كنت تدرس في الإخوان كان العضو الإخواني معها سلفياً بالمعنى الحرفي الأيدلوجي..بحيث لن يبحث عن إيمان أحد بل سيبحث عن كُفرهم..هذا لو جاز له البحث من الأصل..

إن التطرف في تصور معنى التوحيد جعل شغلهم الشاغل هو البحث في عقائد الناس، وقد شاع في الإخوان هذا الإسم، حتى عندما كنت أحاور البعض منهم في بعض المنتديات كان البعض يلقب نفسه بابن التوحيد وفارس التوحيد ، وشاعت كتب بعض القيادات والرموز الروحية على شاكلة.."ما هو التوحيد وكيف اهتديت للتوحيد".. في سلوك متطرف جعل من الأخ مشروع تكفيري يرى الناس بمنطق الإيمان والكفر وليس بمنطق العدل والظلم..أو الخطأ والصواب..

ما حدث من غلو في تصور معنى التوحيد هو نتيجة طبيعية لصعود القُطبيين في الجماعة، فسيد قطب هو من توسع في هذا التقسيم المنسوب لابن تيمية وابن عبدالوهاب، وهو من توسع في الانشغال بالتوحيد ومصادرة حق الناس في الإيمان بناءً على قناعاتهم الشخصية وليست قناعات قُطب الوصائية، وقد ذكرت في كتابي .."مدينة الإخوان"..كيف كان المُحاضر الإخواني –مستشار وزير الصناعة-يدرس لنا هذه الأفكار الضالة وكيف رددت عليه في الجلسة وما حدث بعدها من عقاب تنظيمي وحرمان من الجلسات الشهرية المسماه بالكتائب..

للإنصاف لم يكن الكثير من الإخوان-وقتها-منشغلون بالتكفير بل كانوا ضد الفكرة أصلا..بل وضد طرحها للمناقشة كونها أمور مرفوضة في التنظيم، وأذكر كلما ارتفعت معدلات الغضب من الآخر وأصبحوا على وشك تكفيره يجري تذكيرهم بكتاب .."دعاه لاقضاه"..للمرشد السابق حسن الهضيبي، في سلوك متوارث من زمن حرب الجماعة الفكرية مع تنظيم شكري مصطفى في الستينات والسبعينات المعروف إعلاميا بجماعة التكفير والهجرة..

لكنني أؤمن بأن غرق السفينة يبدأ بجرام ماء، والسير في طريق المجهول يبدأ بخطوة..فما كان يدرس لنا من ثقافة ومنع من الاطلاع ليس له إلا نتيجة واحدة وهي الغرق في وحل التكفير والتورط في مستنقع مجهول للإخوان كجماعة، وضرر كبير سيحدث للأفراد تنتهي معها كل بادرة أمل في إصلاحهم ولو لأنفسهم..

وإلى اللقاء في الجزء الرابع من الرحلة



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (2)
- رحلتي من الإخوان إلى العلمانية
- ياعزيزي كلنا دواعش (2)
- ياعزيزي كلنا دواعش
- الفرق بين رجل الدين ورجل الأعمال..
- ذات الصواري..معركة الانتصار الزائف
- كيف نفهم حقيقة الأديان؟
- في رحاب فقه المقاصد..رؤية نقدية (2)
- في رحاب فقه المقاصد..رؤية نقدية
- دلالات مجزرة تدافع مِنى
- لماذا التساهل في التكفير؟
- قتلى الإمارات ليسوا شهداء يافاطمة..
- جريمة العالم في سوريا
- طعن علماء السنة في الإمام أبي حنيفة
- الوطنية وعلاقتها بالإرهاب
- صراع الضباع في عدن
- الدعارة الطائفية وفساد رجال الدين..
- بعد أربعة أشهر من العدوان السعودي على اليمن
- وفاة عمر الشريف وهيولي أرسطو
- تعالوا بنا نجرح مشاعر المسلمين..!


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (3)