أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أبو الحسن سلام - حيرة الممثل وتعدد مناهج أداء المونودراما التعاقبية















المزيد.....



حيرة الممثل وتعدد مناهج أداء المونودراما التعاقبية


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 22:46
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    




أولا: عروض المونودراما التعاقبية(Monodrama)
مقدمة المبحث :
أولا: حول الدراما التعاقبية :
هي مونودراما الحدث الواحد ، المتباين فيما بين استعادته مرتين أو على جزئين ، الجزء الأول من خلال أحد أطراف الصراع ، والجزء الثاني يدّخر للطرف الثاني من الحدث ، وهذا اللون من المونودراما يوازن بين عرضين لحدث درامي واحد من خلال طرفي الصراع ؛ ليترك للمتلقى حق تقدير ما يعرض عليه ، ومن ثمّ يضعه أمام الصورتين المستعادتين من ىخلال رؤيتين متناقضتين ؛ تزعم كل منها أنها تعرض حقيقة ما حدث . وبهذه التقنية في عرض الحدث يضع المؤلف جمهور المتلقين موضع الحكم ، وهو ما يعني استدعاء المؤلف لوعي المتلقي ؛ عزلا أو فصلا لمشاعره عن الميل أو التعاطف مع أحد الطرفين . وهنا يتماس هدف هذا اللون من الكتابة المونودرامية مع أسس نظرية التغريب الملحمي عند بريخت ، التي تقدم الوعي بالحدث على الإندماج فيه ؛ وهو ما يعني تهميش البعد الشعوري في بنيته الدرامية – تأليفا- وفي بنية - أدائه وعرضه مسرحيا - .
ثانيا: حول تقنيات التمثيل المونودرامي :
ما بين أداء مواقف كوميدية ومواقف تراجيدية أو مواقف اجتماعية بالطبع ، كما تختلف ما بين التمثيل في المسرحي الدرامي ( الكوميدي والتراجيدي) عنها في التمثيل في مسرحية موسيقية أو عند التمثيل في مسرح الطفال سواء كان التمثيل للأطفال أو مع الأطفال . كذلك يختلف تقنيات التمثيل في مسرحية One man show عن كل التقنيات السابقة ، حيث يقوم البناء الدرامي في المونودراما على عاتق شخصية واحدة ، تحمل على عاتقها استرجاع عدد من المواقف السابقة بينها وآخرين ، مما يلزم الممثل بتنويع تقنيات أدائه تبعا للأصوات وللمواقف التي يسترجعها عبر ذاكرته ، وهي مواقف قصيرة بالطكبع ، وغالبا ما تكون مقاطع أو صور متشظية أو متناثرة تعود إليها الشخصية ، تحنانا لموقفة من الماضي أو لشخصية غائبة اشتبكت معه فيما مضي من الزمن ، وعاوده الحنين إليها .
أهمية البحث :
يتعرض البحث يتناول طبيعة أسلوب التعبير التمثيلي عن مثل تلك المواقف في هذا اللون من المونودراما ، وصعوبة تحليل تقنيات الأداء التمثيلي المركب الذي يكون على الممثل أو الممثلة عبء التخلص الأدائي ما بين مراحل التعدد الصوتي والحركي للأصوات المسرحية التي تستعيدها ذاكرته عبر لمحات أو ومضات الحنين ، وقوفا على تقنية التخلص الأداء التمثيلي في تنقله بين المواقف والأصوات الدرامية المستعادة مرتين ، إحداها على لسان طرف من أطراف الحدث ، والثانية على لسان الطرف الآخر المعارض .
هدف البحث :
توسيع مجال البحث في فنون التمثيل ، بالتوجه نحو دراسة المداخلات الأادئية في مهارات الممثل الواحد One man show ، حيث غابت دراسة ظاهرة تمثيل المونودراما عن الكتابة البحثية المنهجية ، قياسا على الدراسات الكثيرة والمتكررة حول المنهج السيكولوجي في التمثيل الشائع في أداء ممثلينا .
إشكالية البحث :
الإشكالية في قلة عروض المونودراما في مسرحنا ، وقلة الكتابات النظرية والنقدية التي تعرض لهذا اللون الدرامي من ناحية ، وندرة الممثلين المؤهلين للقيام بتمثيل هذا اللون المركب ، الذي يجمع بين تقنيات عدد من مناهج التمثيل ( المنهج للنفسي والمعايشة بتجسيد صفات الشخصية الداخلية والخارجية ، ومنهج تمثيل الصفات الخارجية والآلية الحركية والاعتماد على بعض المقطاع المرتجلة ، ومنهج التغريب بتشخيص أو تصوير الصفة الاجتماعية للطبقية الاجتماعية للصوت المسترجع في بنية الحدث الدرامي ، وهو ما يحتاج إلى مهارة عالية في حرفية الممثل ، مما يستلزم وجود ممثل لديه لياقة عالية في فنون الأداء التمثيلي المتعدد المناهج والتقنيات .
منهج البحث : تطبيقي .
محاور البحث :
• بناء الحدث وبناء الشخصية في المونودراما التعاقبية .
• بنية اللغة الدرامية المونودرامية التعاقبية بين الصوت والصمت .
• بنية الأداء التمثيلي المتباين المناهج في المونودراما.التعاقبية .
أولا: بناء الحدث وبناء الشخصية في المونودراما التعاقبية :
المونودراما حدث درامي غير متشعب في بنية خبرية تستعاد وقائعه وتفصيلاته وشخوصه من ماضي الشخصية المحورية . فهي حالة إخبارية في مجملها ، أو حالة إعادة تصوير وقائع درامية لحدث ماض في حياة شخصية محورية ، إخبار عما كان منها في مواجهة الآخر ، باستعادة عبر الذاكرة الانفعالية إذا كانت وقائع قد حدثت حقيقة ، أو عبر الذاكرة التخيلية إذا كانت وقائع إدعائية أو إيهامية ، مع أن كلتا الجالتين محمولة على مبالغة العرض ، سواء في تقنيات النص المونودرامي أو في تقنيات تمثيلها و عرضها المسرحي .


ثانيا: بنية اللغة في المونودراما التعاقبية بين الصوت والصمت :
للصمت إيقاع مواز لإيقاع الصوت في أداء الممثل ؛ لتباين المعنى المختفي في الصوامت الدرامية عن المعنى الظاهر في صوتيات الحوار الدرامي ، وتباين جماليات الأداء بين التعبير التمثيلي الصائت والتعبير التمثيلي الصامت ؛ خاصة وأن زمن الصمت أقصر من زمن الحوار ، وأبلغ منه ، فالصمت بين الكلام مثل الكلام ، كلاهما يدل على معنى ، يقول الجاحظ " ومتى دل الشئ عن معنى فقد أخبر عنه وإن كان صامتا ، وأشار إليه وإن كان ساكنا "
للصمت معان إذن ووظائف متعددة في فن الأداء التمثيلي ، حددها د. أبو الحسن سلام وهو يعدد أنواع الصمت : " صمت سماع وتعلم – صمت مناسبة للتمهيد للكلام – صمت تبين و تثبت – صمت تحرز عند المقدرة على تخير لفظ – صمت تحرز من زلل الرأي – صمت رأي دبري ( تعليقا على رأي سابق – صمت تحلّم ( ترفقا بصاحب رأي معارض) – صمت لعدم حاجة . صمت مشاركة لتقدير المتكلم – صمت عدم تقدير للمتكلم . – صمت استغناء "
ومن الطبيعي أن الممثل مطالب بالتعبير عن المعنى الدرامي الملائم لحالة الصمت في أثناء الجوار مع الآخرين في مشهد مسرحي .
ثالثا: بنية الأداء التمثيلي في المونودراما المتعاقبة :
يتباين الأداء التمثيلي بتباين مناهج التمثيل ، فمنها ما يركز على تجسيد الصفات الداخلية الشعورية باعثا على تجسيد الصفات الخارجية للدور المسرحي ( ستانيسلافسكي) ، ومنها ىما يركز على الفعل _ الصفة الخارجية للحركة الآلية مولدجا للشعور ( مايرهولد ) ، ومنها ما يجنب المنعايشة ويقصر الأجداء على تصوير الصفة الاجحتماعية الطبقية التي تنتمي إليها الشخصية ( التغريب الملحمي البريختي)
ومعنى ذلك أن الأداء التمثيلي يتفرع في عدة فروع أحدهما يعايش الشخصية بمشاعرها حتى يصدق في تجسيد أفعالها ، والثاني يفعل آلية الحركة لدي الشخصية وسيلة لإظهار الشعور . ومنهج ثالث يشخص الصفة الاجتماعية للشخصية بمعنى تصويرها عن بعد باعتبارها نائبة عن طبقة إجتماعية ما تنتمي إليها ، لذا تكتفي بعرض الشخصية أو الموقف عن طريق الحكي التمثيلي أكثر من عرضها بطريق المحاكاة. يقول د. إبراهيم إمام " إن زمن السرد لاحق للزمن المحكي عنه ، فالحكاية وقعت ثم كان السرد ثانيا "
ويفرق د. أبو الحسن سلام بين مادة التسخيص ومادة التجسيد في فن التمثيل " نحن حين نتكلم عن التشخيص أو التجسيد في دور مسرحي فإننا نبدأ من حيث الما-ة التي سينبني عليها أي من الأدائين ( التشخيصي ، والتجسيدي ) فالممثل يؤسس إبداعه على مادة أبدعها فيره من قبل ( النص) وتوجيهات المخرج الذي يعد عمله أيضا مؤسسا على مادة سابقة (إبداع المؤلف) ، فهما كتاغمان التشكيلي الذي يبدأ عمله من حيث وجود مادة خام – مع الفارق طبعا - من هنا فإننا نؤكد أن الممثل لا يشخص إلا موقفا أو شحصية بنيت لتؤدى بالتشخيص، وهو إذ يجسد شخصية أو موقفا أو شعورا – يعايش ذلك – تأسيسا على موقف أو على شخصية كتبت لتجسد لا لتشخص "
في المونودراما ( One man show ) تتداخل مواقف التجسيد مع مواقف التشخيص مع مواقف الحكي ، وأداؤها المتباين المناهج محمول على صوت ممثل واحد ، حامل لما يستعيد عبر الذاكرة من مقطّعات أصوات من يستعيدهم بأصواتهم أو يستدعي صورا متشظية مما كان منهم في مواجهته من خلال عرضه لها .
وفي تمثيل ( المونودراما التعاقبية بممثل واحد ، خلال جزئي المونودراما) يتأسس البناء الأدائي ، القطع والوصل بأداء كل منهما في أسلوب استعادته للحدث وعرضه من منظوره المغاير لأسلوب الطرف الثاني في الصراع .
ويتباين كلا الأدائين بتقنية القطع والوصل في تباين ثلاثة مستويات أدائية تبدأ بأداء الفعل الدرامي قبل القطع ، تعبيرا عن لحظة صمت أو فترة صمت ، ثم أداء فقرة الوصل ، حيث يقطع الممثل أداءه لدوره الرئيسي في الحدث بنقلة شعورية معنوية صامتة ، ثم بوصلها بأداء تعبيري صوتي يشخص فقرة من موقف ماض ، نمثل له في بنية تستند إلى نص( مونودراما تعاقبية ) للكاتب والناقد المسرحي العراقي ( صباح الأنباري) - وهو أحد أهم كتاب المونودراما في مسرحنا العربي -
والنص يدور في جزئين حول مقتل طبيب تمكن من إستدراج شابة جميلة يافعة مصممة ديكور فائقة الجمال إلى عيادته عبر مهاتفة تليفونية بحجة تصميم ديكورات لعيادته ، فتفاجأ به يتحرش بها تلميحا ثم تصريحا فمحاولة لإغتصابها ، وفي دفاعها المستمنيت عن نفسها تقتله بمثقاب في يدها كان من بين أدوات عملها .
يعرض الحدث مرتين ، ففي الجزء الأول من المونودراما يعيد القتيل ( الطبيب) عرض الحدث من الذاكرة – عرضا له ما له من صدق وعليه ما عليه من إدعاء – وفي الجزء الثاني تستعيد القاتلة الشابة الحدث - تصويرا له ما له من صدق وعليه ما عليه من إدعاء . وهنا يستدجعي العرض في كلا الحالتين وعي المتلقي ، الذي يتصوره المؤلف في حالة حياد موضوعي مدرك من خارج الحدث ، في طريقتي عرضه ، ليقرر في نهاية الموازنة بين خطاب كل من الطرفين ، فهو مطالب باتخاذ موقف مما عرض هليه في النهاية . وكأني به متلق مثقف ، ملتزم .

تحليل بنية الأداء التمثيلي في الجز الأول :
يبدأ الجزء الأول في العيادة ، والطبيب القتيل يقوم بعرض استعادي للحدث – من جهة نظره – وهو يبدأ ممسكا بطرف خيط الحدث الدرامي :
" القتيل : آلو.. أنا الطبيب رضا فتاح سرياد ( ينظر إلى الكارت) شكرا لك سيدة إلهام عفوا أنا آسف جدا ولابد أن أكرر شكري الجزيل يا آنسة ... أريد منك تصميم ديكور فخم لعيادتي ... لا تهتمي أبدا بشأن التكلفة سنتفق عليها بالتأكيد ... حسن هذا وقت يروق لي كثيرا ... إلى اللقاء .
( يترك المكتب يخطو بضع خطوات وهو يفكر ، ثم كمن تذكر شيئا يعود إلى الموبايل يلتقطه من على منضدة المكتب . يضرب الأرقام مرة ثانية . )
آلو... عفوا يا آنسة نسيت أن أضرب لك موعدا لمشاهدة المكان ... حسنا أنا أفضل أن يكون بعد انصراف المرضى مباشرة لكي لا يقاطع أحد سلسلة تصورك عما يناسب مكتبي .. نعم .. بكل تأكيد ... أتودين أن يكون الموعد غدا ؟ طيب وماذا بشأن الجمعة ؟ حسنا إنها يوم مبارك... ليكن... سأكون بانتظارك حتما .
( يغلق خط الهاتف )
كان لابد لي أن أهاتف مكتبها فهي مصممة ديكور تتمتع بذوق رفيع جدا . يقولون إنها حققت نجاحات باهرة في عملها ، وكسبت شهرة مبكرة ؛ فضلا عن جمالها الذي يضاهي جمال ديكوراتها . ربما داءت شهرتها مما تتمتع به من جمال . على أية حال سأتحقق من كل هذا حين تأتي نهار الجمعة ولكن ماذا لو بدت مثلما يقولون ؟ أعتقد أنها ستكون مثيرة للاهتمام ؛ فشابة طموحة مثلها تستطيع التأثير على زبائنها بطريقة سحرية .
( يتوجه نحو جمهور النظارة )
جاءت في الموعد المحدد بالضيط ، وكنت قد قد انتهيت من آخر مرضى عيادتي . دخلت على وكأن ملاكا من نور قدم من السماء ليبارك عيادتي الأرضية المظلمة. قلت ما شاء الله هذا جمال رباني يخطف الأبصار، ويأخذ القلوب ، ويمتجن إيمانها.
تبسم ثغرها عن إبتسامة وقور . نهضت من على الكرسي وقدمت لها كرسيا لتجلس عليه . قالت بتهذيب رفيع وحياء بالغ :
شكرا لك سيدي الكريم. هل نبدأ العمل ؟
قلت بالتأكيد سنبدأ ولكن ليس قبل تكريمك لي بشرب فنجان من القهوة .
( يسمع طرقات على الباب. يتحرك صوبها ومن ورائها يحدّث المستحدم في عيادته )
اعمل للآنسة فنجان قهوة وغادر. انتهى عملك لهذا اليوم .
( يظل واقفا في محله وهو ينقل نظراته بين مكان جلوسها وبيت جمهور النظارة )
لم تكن خائفة من وجودها معي في خلوةوبعد عن أنظار الآخرين . كانت واثقةمن نفسها تماما . وربما واثقة منى أيضا ( بتباه ) فلي مظهر يبعث على الارتياح والرضا ( يجلس) جلست قبالتها وأنا نأظر إليها منبهرا مأخوذا بجمالها الأخاذ... وإذا أحست بالحرج خرجت عن صمتها .. قالت عفوا سيدي حبذا لو توضح لي فكرتك العامة
عن الديكور الذي تريج كي أضع تصوري عنه . لم أنتبه لكلامها ولم أصغ إلاّ لصوت الجمال الذي لفني بدوامته القاتلة . ابتسمت ثانية وهي تقول سيدي الكريم هل سمعت كلامي ؟
( بنهر بعض الشئ)
سيدي ...
عــ عــ عفوا آنستي لقد سرحت بأفكاري بعيدا عنك . صحوت مما أنا فيه وكأني خارج لتوى من فيبوبة طويلة . قالت هل تعاني من شئ يا سيدي ؟ قلت نعم من كوني لا احتمل بعض الأمور غير المحتملة . قالت مثل ماذا ؟ قلت لا عليك ، لقد انتهت الحالة والحمد لله .
( ينهض من على الكرسي)
آنسة إلهام فكري بتغيير هذا المكتب أولا . أريده من طراز حديث بلا زخارف وبلا تزويق ، وبحجم أكبر منهذا ليتسنى لي وضع المزيد من المستلزمات الطبية. على هذا الجدار أريد أن تضعي بعض المخططات الطبية التوضيحية الجديدة . أما السرير ...
( يقترب منه ويربت عليه )
فحاولي أن تجدي فء الأسواق ما هو أكثر قوة ومرونة فإن لم تجدي في الأسواق سريرا بهذه المواصفات غلا تترددي عن وضع تصميم له ليصنع في أي معمل للحدادة.
( يقترب من المجسمين يضع يديه على كتفيهما)
وليكن كافيا لاحتواء مريضين في آن واحد . سأخرج لأجلب قهوتك بنفسي . خذي المقاسات التي تحتاجينها على مهل .
( يسمع صوته خلف الكواليس)
ما الذي أبقاك حتى هذه اللحظة ؟ ألم أقل لك أن عملك قد انتهى لهذا اليون ؟ هيا انصرف حالا
( يدخل غرفة الفحص)
وما أن عدت حتى رأيتها منهمكة بأخذ بعض المقاسات لم تشعر بوجودي خلفها فنظرت لمؤخرتها بشره عجيب كادت عيناي تخرجان من محجريهما وتلتصقان بها .
قلت منبهرا : ما شاء الله ، فانتبهت للصوت واستقامت في وقفتها وقد أحسّا بمدى انبهاري وهيامب الذي لم أخفه عنها .. قالت :
آسفة سيدي لم أنتبه لخطواتك وأنت تدجخل .
قلت دون أن أنتبه لنفسي :
حسنا فعلت إذ لم تنتبهي وإلا لما تسنّى لي أن أرى ما رأيت من الجمال الفتّان
( يلتفت لجمهور النظّارة)

بنية الأداء التمثيلي في الجزء الثاني :
وفي الحدث تبدأ باستعراض الوقائع في بنية محاكية / حاكية مجتزئة ، قليل قليلها مقاطع حوارية مستعادة على صوت القتيل ، أو على صوتها فى تباين مستويات التعبير عن الموقف ، إندماجا أو تشخيصا أو تعليقا ، حيث يتفرع الأداء التمثيلي المونودرامي في مستويات ثلاثة ؛ تبعا لتباين مستويات بنية الحدث ( البنية الحوارية للشخصية المحورية – البنية الحوارية المستعادة مع الشخصية المضادة – البنية السردية الوصفية لوقائع الحدث الدرامي – البنية السردية الموازية / الإرشادات فيما بين الأقواس ) .
مستويات الأداء التمثيلي :
وهنا يضطلع أداء الممثل بعبء التعبير عن تلك التباينات على النحو الآتي :
• مستوى الحكي التمثيلي :
ويتمثل في تمثيل المسرودات التي تصف الوقائع بالمسترد من تفصيلاتها ، مع التركيز على مناط القول فيها وما يتطلبه أداؤها من تقنية المبالغة لكشف تأرجح وصف الشخصية بين مصداقية ما تحكيه أو إدعائها وتهويماتها بما يخالف حقيقة ما حدث منها وما حدث من غيرها.
• مستوى التمثيل التشخيصي :
حيث يتباين أداء المقتبس من حوار الشخصية المحركة للصراع ، محمولا على صوت الممثل الواحد نفسه وهو أداء مشوب بالمبالغة ؛ لأنه يحمل وجهة نظر تلك الشخصية المحورية في الوقائع التي يعيد تصويرها . فالتشخيص – أداء عن بعد للصفات الخارجية للشخصية الدرامية – وهو ألزم لإعادة تصوير مستعاد عبر الذاكرة التخيلية للشخصية المحورية .
• مستوى التمثيل التجسيدي :
وهو مستوى أداء الممثل لحالات الصدق في استعادة جوهر مشاعره حالة مواجهته لفعل الشخصية المضادة . في هذا المستوى يجتهد الممثل في الإمساك بالعاطفة الحاكمة للدور أولا ، ثم إمساكه بمعاني اللحظات الشعورية – دوافع الفعل وردود الفعل-
المبحث التطبيقي
في هذا المبحث يتعرض البحث لنص مونودرامي للمؤلف والناقد المسرحي العراقي المعروف ( صباح الأنباري) وهو أحد المبدعين المسرحيين في مجال تأليف المونودراما. حيث تتوفر الدراسة التطبيقية على التحليل الدرامي والفني لبنية النص ، وعلى التحليل الأدائي عبر مستويات التمثيل المتباينة المناهج . بالتركيز على الدزء الثاني من مونودراما تعاقبية بعنوان: ( القتيل والقاتلة)

يبدأ نص القاتلة - ج 2 - من المونودراممن ا التعاقبية بوصف للمنظر وهو عيادة الطبيب القتيل ، الذي عرض وقائع كان من منظوره هو . وفي الجحزء الثاني يمكن المؤلف الطرف الثاني من الحدث الدجرامي المتعاقب
" القاتلة : آلو .. تفضل.. أهلا مرحبا.. بماذا أستطيع خدمتك سيدجي.. عفوا أنا آنسة لو سمحت .. لا أبدى هذا لا يستحق الشكر .. الديكورات الفخمة عادة تكلف كثيرا.. حسنا.. حسنا.. إلى اللقاء . "
نلاحظ في بنية الحوار ضرورات الصمت الدرامي بين التحدث في الهاتف ولحظات الانصات للمتحدث على الطرف الآخر من خط الاتصال ، فالزمن القصير المقتطع
بين كلام الشخصية عبر الهاتف وانصاتها لمحدثها عن بعد يعوض بتعبير جسدي على ملامح الوجه أو خلال حركتها الجسدية سواء في وضعية حركة اليد أو وضعية الوقوف أو الجلوس وتباينها بالتوازي مع تعبيرها الصوتي أو في تعبيرها الصامت .
كذلك يتغير تعبير الممثلة بتغير قصدية الحوار، حالة تعقيب ممثلة شخصية دور القاتلة – هنا – على محدثها بعد إنتهاء المكالمة بينهما :
" يبدو لي أن هذا الرجل مرتبك وسط فوضى مكتبه حتى أنه لم ...
( يرن الموبايل فتنظر إلى شاشته) "
هذه النقلة المعنوية المغايرة تبدي فيها الشخصية رأيا نقديا لحال من حالات محدثها وتكشف عن أنها على نمعرفة به ، وإلا كيف تصف مكتبه بالارتباك ما لم تكن قد زارت مقر عمله . ولولا وصفها لحال مكتبه لما قلنا إن بينهما تعارف أو مقابلة من قبل الممثلة ، وتبعا لذلك فإن الشعور بالألفة هو العاطفة الحاكمة لأداء ممثلة شخصية الدور المسرحي .
جمالية القطع والوصل
في أداء الشخصية المونودرامية :
ومع أن تقنية القطع في أداء الممثلة ووصلها الأدائي ، مرورا بزمن تستغرقه فترة الصمت بين تقنيتي أداء ما قبل قطع الأداء قطعا فجائيا ، عندما سماعها لرنة الموبايل من جديد في أثناء تعليقها النقدي على ارتباك مكتب محدثها السابق ؛ فالجمالية في قطع رنين الهاتف لاسترسالها في نقد محدثها ؛ خاصة بعد اكتشافها أن من محدثها المنتقد منها هو الذي يعاود الاتصال بها فرنين الهاتف الفجائي جاء تعويضا عن صوت صاحبه ، وكأن رنين الهاتف يرد غيبة صاحبه ويوقف منتقدته عن مواصلة اغتيابه . ذلك فضلا علي الدهشة التي تحدث لممثلة شخصية القاتلة عندما تطالع شاشة هاتفها في المرة الثانية لترى أن من يطلبها هو محدثها السابق نفسه .
وفي نقلة شعورية رابعة يتأسس تعبير ممثلة شخصية دور القاتلة على تشخيص حالة التوقع – توقع سبب مهاتفة محدثها مرة أخري فور إنهاء مكالمته الأولى معها :
" ( يرن الموبايل فتنظر لإلى شاشته) إنه هو مرة ثانية . لابد أن يكون اتصاله الآن من أجل تثبيت موعد لمعاينة عيادته .. آلو ..."
وما أن فتحت عليه خط الاتصال حتى يتغير نبر أدائها ويتلون بلون شعوري مختلف عن تعبيرها بعد فترة صمت قصيرة تعادل زمن انصاتها لما يقول عبر الهاتف:
" ... آلو... لا بأس في في هذا أيضا ...أنا أيضا أفضل أن يكون الموعد بعد انصراف آخرؤ نرضاك ... "
التعبير عن حالة الرضا وإبداء الموافقة على مطلبه – تحديد موعد لقائهما بعيادته في غير وجود مرضى . وتعبيرها هنا يؤكد توافق أفق توقعها مع مطلبه ، فطلبه لم يباغتها فضلا على ذلك الكشف عن ارتياحها لاتمام اللقاء معه بعد إنتهائه من عمله بالعيادة وهو ما يشف أو يلمح إلى البعد النفسي لكليهما – فصل الخاص عن العام في التعامل – غير أن التعبير عن حالة الرضا ؛ سرعان ما تتغير إلى النقيض بعد لحظة صمت تعادل زمن سماعها للجملة التي جعلتها ترفض طلبا إضافيا منه :
" ... آسفة ياسيدي ... لا أستطيع ... غدا مشغولة جدا ... نعم الجمعة تناسبني ... شكرا لك سيدي ... إلى اللقاء "
فجملة " آسفة سيدي " تسبقها حالة صمت للإنصات ، وهي لحظات صمت قصيرة متقطعة ما بين جملة وأخرى تليها " .... لا أستطيع " محمولة على تعبير عن حالة الرفض التي تفصلها عن تعبير الممثلة التالي عن مسببات الرفض جملة الاعتذار " .... غدا مشغولة جدا " لتلحقها بتعبير عن حالة الموافقة والرضا في أدائها لجملة: " ... نعم الجمعة تناسبني ... " ويأتي تعبيرها الأخيرفي نهاية مكالمتهما ناقلا لجالة الشكر " شكرا لك سيدي .. إلى اللقاء "



إشكالية الزمن في البنية المونودرامية
بين مستويات المحاكاة ومستويات الحكي:
تختلف طبيعة الزمن في المنتج الأدبي والفني بعامة عن مفهومه في الطبيعة والحياة المعيشة ؛ لأنه زمن خيالي إفتراضي ، فالزمن الذي يستغرق سنوات في الطبيعة قد يستغرق دجقائق معدودة في الرواية أو القصة الأدبية أو في القصيدة أو في الفيلم أو في المسرحية .
ومع أن للزمن في البنية المونودرامية ؛ الخاصية الافتراضية نفسها ؛ إلا أن توظيف الزمن في دراما الممثل الواحد One man show مختلف في بنية الأداء التمثيلي عنها في بنية النص الدرامي ، ففترات الصمت القصيرة المتكررة تدخل في الزمن الطبيعي بما يناظر زمن الانصات إلى المتحدث على الطرف الآخر من الاتصال ؛ غير أن بإمكان الممثلة أن ترفعه إلى مستوى الزمن الإفتراضي حالة ما يضاعف لحظات الصمت في إثناء وقفات إنصاتها لمحدثها .
ويختلف إيقاع الأداء بطبيعة الحال ما بين أزمنة التعبير التمثيلي بالحوار والتعبير التمثيلي بلغة الوصف أو الاسترجاع السردي ؛ الذي هو ضرورة من ضرورات توظيف الدرامي للزمن الافتراضي ؛ مثله مثل الزمن الافتراضي للمواقف المستعادة من الماضي عبر الذاكرة . وفي اختزال المؤلف ( صباح الأنباري) لمشهد اللقاء المتفق عليه بين شخصية ( القاتلة) وشخصية ( الطبيب) يروغ المؤلف من الزمن الدرامي الميت – زمن لقائهما والتعويض الدرامي السردي المختزل ؛ استخلاصا لنتيجة اللقاء ؛ وتلم خاصية درامية أساسية في البناء المونودرامي :
" ( تغلق الموبايل . تضعه في حقيبتها . تفتح الأضواء فنرى المنظر السابق نفسه) ولنلحظ الزمن الافتراضي في النص الموازي فيما بين الأقواس ، وهو الزمن فيما بين إعلاق الموبايل ووضعه في الحقيبة ، وفتح الأضواء على المنظر الذي ظهر في بداية المسرحية ... وهو زمن افتراضي لأنه لم يستغرق سوى مسافة مابين وضع الموبايل في حقيبتها وفتح الأضواء على المنظر السابق نفسه ، وهو ما يعني أن مابين إغلاق الموبايل وحفظه وفتح الأضواء قد مر يوم الخميس بكامله نهاره وليله ؛ باعتبار زمن مكالمتيهما الأولى والثانية وقعت يوم الأربعاء ؛ فالزمن الافتراضي استارق أربعا وعشرين ساعة ؛ مع أن الزمن الطبيعي المستهلك ما بين فعل إخفاء الموبايل وفعغل إنارة المكان السابق نغسه استغرق بضع ثوان ؛ اخنزالا دراميا يتجنب الزمن الدرامي الميت ( مشهد لقائهما) :
" دخلت عيادته في الموعد المحدد بالضبط فوقف منبهرا ؛ ربما غير مصدق أن المرأة يمكن أن تكون دقيقة في موعدها إلى هذه الدرجة . أو ربما سربما لسبب آخر أجهله.
قلت له أنا إلهام مهندسة الديكور ؛ فنظر إلى نظرة فاحصة من قمة رأسي إلى أسفل قدمي وقال:
ما شاء الله هذا جمال رباني باهر يخطف الأبصار ، ويأخذ القلوب ، ويمتحن إيمانها.
لم أشعر بالقلق أو الخوف أو الارتباك ؛ فأنا واثقة من نفسي ولي اعتداد كلبر بشخصتي ، ولم يسبق أن مسّني أحد لسوء . أعرف أن الجمال فتنة للناظرين . ولكن هل على المرأة أن تقبع خلف الجدران لمجرد أنها على قدر من الجمال ؟ ولماذا لا يكف الرجال عن ظنهم أنهم يعيشون في غابة يحق لهم فيها افتراس ما شاء لهم الافتراس من الطرائد ؟ لقد دخلنا مرحلة جديدة من الحضارة التي دجّنت الرجل وجعلته يفكر بطريقة متحضرة . أنا الآن مع طبيب والطبيب رمز إنساني كبير ولهذا لم اتردد في المجئ إلى عيادتي بمفردي أردت المباشرة فورا ولكنه طلب مني بتهذيب رفيع أن أحتسي فنجان قهوة قبل الشروع بالعمل . استجبت لطلبه ؛ فأحضر القهوة بنفسه . كان يطيل النظر في عيني ؛ ربما بحثا عن شئ مفقود أو ربما عن امرأة فقدها في الماضي وراح يسترجع صورتها من خلال عيني . قال"
هل تعرفين يا آنستي أن لون عينيك كلون قهوتي ؟! ألا يعني هذا أن ثمة بيننا شئ مشترك ؟ .. شئ يدعو إلى التفاؤل أو التقارب أو أو ربما اجتماعنا على عل على الخير على الخير طبعا .
كلماته جعلتني أرتاب بعض الشئ فارتبكت ولم أعرف كيف أرد عليه آ... تذكرت عندما عاد بالقهوة ... لم أسمع وقع أقدامه ووقف عند الباب وهو يسترق النظر لي . استقمت بوقفتي فأسمعني كلمات تدل على هيامه بمفاتن جسدي مما جعل الريبة تدخلني من أوسع شرورها . بدأت العمل بحذر شديد . رسمت مخططا أوليا للديكور وحملت وصفه لسرير فحص المرضى على محمل الشك . ترى لماذا يريده لشخصين معا خلافا للمعمول به في كل العيادات الطبية ! سألته عن ذلك فأجاب :
كي يأخذ المريض راحته بالحركة وكي ينام بالوضع الذي يشتهي .
لقد ضاعف تلميحه ارتيابي . لم أشعر بخطر الوحدة معه مثلما بدأت أشعر به الآن إنه يحتاد ار-د تعنيف يوقف سلسلة أفكاره الحبيثة ولكن ماذا لو كنت مخطئة جرّاء ظنوني وقلقي الذي استفحل الآن دفعة واحدة ؟ كان علىّ اكتشاف ما يريده فعلا فرحت أبذل جهدا مضاعفا في تثبيت المقاسات والتركيز على كلماته ، وبالكيفية التي يقولها فلا يصح وضع الثقة في غير محلها لمجرد أنك تقف أمام طبيب . يقولون ما أختلى رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما وأنا لا أومن بوجود الشيطان إلا داخل النفوس الضعيفة المستسلمة للشهوات والنزوات العابرة . كلماته وتلميحاته تدل بما لا يقبل الشك إنه عازم على أمر ما ، لم استشعر خطره إلا بعد أن وقف ورائي مباشرة وراح يقترب مني حتى كاد جسده يمس جسدي بلا حياء . ارتجفت خوفا أول الأمر ثم ثارت ثائرتي وقررت إخافته ليكف عن مضايقتي .
أبتعدت عنه بفضب شديد أخرجت المثقاب من حقيبتي اليدوية ورحت أطعن به الجدار قال ماذا تفعلين يا آنسة إنك تشوهين الجدار . قلت له بتلميح مقصود هذا الجدار قديم كرجل مسن علىّ اختبار تحمّله قطع الديكور التي سأضعها على منتصفه . طعنت الجدار طعنة قوية أخافته كثيرا اغتنمت لحظة خوفع فتحركت نحو الباب . اللعنة . ( تحاول فتح الباب )
إنه مقفل ولا سبيل إلى سبيل إلى فتحه إى بإخافته ،كثر فأكثر تقدمت نحوه (وهميا) ببطء وتحفز للاتقضاض عليه وهو يقف أمام مكتبه .وبدلا من استمرار التقدم نحوه توجهت نحو الجدار ثانية. طعنته عدة طعنات وهو ينظر إلى بحذر شديد . تراجعت عن الجدار حتى التصق جسدي بمجسد الرجل تحرك بخطوات مضطربة لم أنتبه خلف مجسم الرجل . تحرك بخطوات مضطربة لم انتبه لها. انقض على مثل وحش مغتلم وأحاطت ذراعاه يديّحتى لم أعد استطيع الحركة أو التخلص منه .
( يمسكها المجسم كما لو أنه الطبيب فعلا)
مزق قميصي فانكشف صدري وصار كل همي ستر نفسي منه ولكنه ولبد واحدة راح يحاول خلع تنورتي رجوته أن يكف عن فعلته النكراء أن يتركني وشأني لكنه لم يسمع كلمة مما قلت . صرخت راجية إياه أن يدعني أذهب بسلام لكنه ازداد قوة وكأنه عشرات الشياطين تعمل على غوايته وحقنه برغبة سادية عجيبة . كان لهاثه يفزعني والتصاقه بجسدي يشير فيّ الاشمئزاز والنفور ، والخوف في آن توسلت به قائلة :
أنا مثل إبنتك فلماذا افعل بي ما لا يفعله الأب بابنته . "
في هذا المقطع من حوار الشخصية يتكئ المؤلف على السرد وسيلة لعرض الفعل الدرامي وردود الفعل عن طريق الأداء الحاكي ، ويزخرفه من حوار قليل متقطع ومتناثر بين الفتاة والطبيب ، من خلال استعادة الفتاة لتفصيلات الواقعة وصفا لما دار بينهما
ما كان من فعل الطبيب المتحرش وما كان من ردود أفعالها ، وتعليقها علي فعله تعليلا أو تذييلا أو تحليلا عبر تصورها الذهني ، أو فعلا مقاوما لفعله الهجومي المباغت والمحموم ؛ وهنا تتبدي مستويات أداء الممثلة متأرجحة فيما بين المناهج المختلفة .. فاستعادتها لمقاطع مبتسرة من قوله في محاولته الاحتكاك القولي أو الجسدي بها ، مقرونة باستعادتها لمقاطع من ردودها الزاجرة له أو المقاومة لهجمته ؛ قد تؤديها الممثلة بصوتها تصويرا يشف عن المسكوت عنه من قوله – طريقة قوله – ولأن طريقة قوله منفرة لها ؛ فعرضها لقوله محمولا على صوتها لابد أن يعبر عن حالة نفورها منه . بينما تكشف بطريقة تعبيرها عن قولها المسترجع لردها عليه بلون من الاصرار والغضب .
ويبدو أن ممن خصائص البنية المونودرامية تأكيد المؤلف على طبيعة الشعور الذي يتوج جزءا من أقوال السخصيات ، كقولها : " .. قلت له بتلميح مقصود " ، أو قوله " أو أو ربما اجتماعنا على عل على الخير على الخير طبعا. "
فوصف الفتاة لطريقة قولها ف الجملة السابقة تحدد معنى اللحظة الشعورية التي ركز عليها ستانيسلافسكي في كلامه عن دور الممثل في الإمساك بالعاطفة الحاكمة للدور وتتبع معاني اللحظات الشعورية أساسا لتجسيدها في تعبيره عن بواعث مشاعر الشخصية . وتكرار بعض الحروف أو تكرار كلمة أو جملة في كلام الطبيب المتحرش للفتاة ، يكشف عن حالة عدم التركيز وغياب الوعي .
فجوهر إرادتها ومناط تعبيرها في جملة " بتلميح مقصود" وجوهر ما يشعر به ومناط تعبيره في ارتباكه الواضح في لعثمته " أز أز ربما اجتماعنا على عل على الخير على الخير طبعا " .
فإذا جئنا للنسق السردي في وصفها للواقعة ؛ يتباين أداؤها التمثيلي بتباين مستويات الحكي . فوصفها لمظهر التحفز المتدرج لهجوم الطبيب عليها ، مغاير لوصفها لحالة دفاعها المتدرج عن نفسها ، ولكل منهما أسلوب تغبير وأداء مختلف ، مع أن إطار الحوار السردي الوصفي واحد في فعله وفي ردود فعلها .
ومن خواص كتابة المونودراما توظيف النص الموازي – ما بين الأقواس – أو مؤثر صوتي أو مرئي أو رسم حركة مقترحة للمخرج : " ( يمسكها المجسم كما لو ( نسمع صرخة) " مع وصف لطبيعة الصرخة " ( كما لو أنه طعن مرة ثانية) " " ( يحل الظلام والصمت في أرجاء الكلام ... " )

المبحث الثاني
الممثل ومقومات المونودراما بدون مخرج
مقدمة البحث وأهميته :
تختلف تقنيات التمثيل بين مناهج التمثيل المختلفة ما بين المنهج الاندماجي والمنهج التغريبي ، والمنهج الخليط بينهما . وفي تمثيل المونودراما يختلط المناهج التمثيلية تبعا لتداخل أصوات الشخصيات التي يستدعيها الممثل المونودرامي عبر ذهنه استدعاء وهميا ولحظيا ، وهنا يكون قادرا على مهارات التنقل فيما بين مناهج التمثيل لخلق مصداقية التباين في تصوير الشخصيات المستعادة ذهنيا من وقائع حدث ماض ، مصداقية تختلف عن مصداقية أدائه لدوره المحوري . وهذا البحث يتعرض لهذه الإشكالية ، فضلا على إشكالية تزعم بعدم حاجة الممثل إلى مخرج في إنتاج عرض مسرحي ؛ بزعم أن الممثل قادر بنفسه على إقامة العرض على خشبة المسرح .

إشكالية المبحث وأسئلته :
- هل يمكن استغناء فن التمثيل عن فن الإخراج وعناصره من ديكور وتقنيات الإضاءة .. - كما يقول الممثل الألماني (كلاوس كينيسكي) متحديا المخرجين باعتبار التمثيل هو الدعامة الأساسية للعرض المسرحي ، وباعتبار التمثيل هو الشرط الضرورى لقيام عرض مسرحي ؟
- هل يقوم العرض المسرحي مستغنيا عن وجود مخرج ، مكتفيا بالممثل ومكان للعرض وجمهور المشاهدين ؟
- هل كان كونستنتين ستانيسلافسكي يرى إمكان قيام عرض مسرحي دون حاجة إلى فن المخرج ؛ عندما قال: : " إن السيد الوحيد على خشبة المسرح إنما هو الممثل الموهوب - المبدع " ؟
منهج البحث : تطبيقي
من الحقائق المؤكدة أن المسرحية تتحقق عندما تعرض أمام الجمهور. ومن الحقائق المؤكدة أن العرض المسرحي لا يتحقق بدون الممثلين . وربما كان ظهور مصطلح ( موت المؤلف) في الدراسات النقدية العالمية قد تأمل خلال قراءاته لرحلة النص المسرحي من صفحة فضاء الكتابة إلى صفحة فضاء المسرح فرصد اختفاء مؤلف النص المسرحي عن المشهد ؛ فور إنتهائه من كتابة نصه المسرحي كما يقول الكاتب المسرحي الفرنسي جان جيرودو في مقال له ، حيث لا يبقى على خشية المسرح غير الممثل وجها لوجه في زمن حضور إندماجي بينه والجمهور . لقد بدأ العرض المسرحي هكذا ( ممثل يحمل عبء أداء نص ليؤديه أمام جمهور) لم يكن هناك مخرج – بالمعنى المعروف لنا منذ العصر الحديث - على مر تاريخ المسرح كان التمثيل هو الشرط الأساسي لنجاح العرض المسرحي بمهارة الممثلين وقدرتهم على التعبير من خلال مصداقية التمثيل وتمرسهم في التعبير عن مقاصد النص الشخصيات والمضامين. لكن أي نوع من التمثيل ذلك الذي يمكن أن يقوم بعرض النص المسرحي بدون فن الإخراج !! هنا يجد البحث نفسه وجها لوجه أمام إشكالية ثلاثية الأبعاد :
• الإشكالية الأولى : حيرة الممثل أمام اختياار منهج التمثيل .. أي نوع من التمثيل ذلك الذي يمكن أن يقوم بعرض النص المسرحي بدون فن الإخراج !!
• الإشكالية الثانية : فتتمثل لافي حيرة الممثل أمام تباين مستويات الحدث المونودرامي ما بين تجسيد حاضر الشخصية ، واستحضار مواقف وشذرات من حدث أو أحداث مرت بها استحضارا لحظيا عبر الذاكرة في أداء دور الشخصية المونودرامية؛ حيث مهارة الإمساك بلحظات الأداء التجسيدي ، وبلحظات التشخيص أو إعادة تصوير الموقف ومهارة تباين تقنيات الأداء .
• الإشكالية الثالثة : في إزدواجية عرض الحدث في المونودراما التعاقبية ؛ التي تأسس معمارها الدرامي علي عرض حدث واحد خلال وجهتى نظر مختلفتين بالتبادل بين شخصية حاضرة تستحضر الحدث والشخصية المضادة لها بصورة فيها ما يتآلف مع ما ستعرضه تلك الشخصية المستحضرة عبر صور من مواقف متشظية تفي بعرض وجهة نظر الشخصية الحاضرة في الجزء الأول من ذلك النوع من المونودراما . وفي إعادة عرض الحدث ، نفسه من وحهة الشخصية الأخرى التي استحضرت غيابا في الجزء الأول ؛ بممثل آخر أو بممثلة أخرى ؛ ومع تغير عرض الحدث باستعادة صور متشظية من مواقف الشخصية الأولى التي هي الآن شخصية مضادة ، في هامش الحدث بعد أن كانت مركز الحجدث في عرض الجزء الأول ؛ لا شك سيتغير أسلوب الأداء ويتنوع فيما بين مواقف تجسيد فعله ، وصور تشخيص فعل الشخصية الأخرى ، وأسلوب حكي النص الموازي ( الإرشادات فيما بين الأقواس ) تلك التي تصور بالصوت وصفا لحركة الشخصيتين ، فضلا على شذرات القول الإسنادي ( قال – قالت ) ليحل بعدها أداء الشخصية المستحضرة ، لتؤدي بنفسها بالصوت ؛ وربما بالصوت والصورة المستحضرة لحظيا – في رؤية الإخراج التخيلية – ربما -

أولا: العرض وضرورات الإخراج :
الإخراج فن جامع لمفردات العرض الإيهامية ( الممثلين ، المنظورات : ديكور ، أزياء حيل تنكر ، إضاءة ، صوت ، ملحقات البيئة وملحقات الشخصيات ) ، فإذا استغنى التمثيل عن ذلك كله ، فكيف يتوحد الأداء بين الممثلين على رؤية محددة للعرض ؟! خاصة مع نص متعدد الشخصيات ، لكل منها أبعاده المختلفة إجتماعيا وجسديا ونفسيا وثقافيا ؟ !
حتى لو توافق ممثلو العرض المسرحي على رؤية جماعية لظهور العرض على خشبة المسرح ، فإن ذلك في ذاته يعتبر إخراجا جماعيا . وخلاصة القول فإن حاجة العرض إلى رؤية أو تصور إخراجي قائمة سواء تعين له مخرجة ما أو تركت شؤون عرض النص على خشبة المسرح بيد ممثليه .
ولا يمر الأمر هكذا بعيدا عن خبرة الممثل نفسه ، تلك الخبرة التي توجب على الممثل - في تلك الحالة - أن يكون مؤهلا تأهيلا دقيقا يعوض العرض عن غياب المخرج المحترف . فما هو التأهيل اللازم والضروري للممثل ؛ ليؤدي عمله أمام الجمهور في عرض متكامل يحقق الفرجة المسرحية ويقنع الجمهور ويقف جنبا إلى جنب مع العروض المسرحية التي تخرج بمخرج مسرحي محترف .
وتأهيل الممثل لكي يقوم وحده بتجسيد نص مسرحي على خشبة المسرح دون حاجة إلى مخرج يخرج العرض ، لا يقتصر على مجرد تدريب صوته وتنمية مهاراته الجسدية ولكن في مخزون خبراته المعرفية ، واتساع مخيلته التصورية ، وقدراته في تحليل الحدث المسرحي في مستوياته المتدرجة ، وقدرته على تخيل معادل موضوعي لأدائه الشعوري والإدراكي بالتعبير الصوتي الحركي المناسب لكل مرحلة من مراحل الصراع في تأزمه وفي تصاعده وفي التعبير عن أثر الصدمة الدرامية ومفارقاتها صوتيا وحركيا بمصداقية عالية . أو قدرته على إعادة تصوير دور الشخصية من وجهة نظر نقدية معاصرة – وفق منهج التغريب -
وعلى الرغم من أن توفر ذلك كله لدى الممثل ؛ فإن ذلك لا يغني عن تصور إخراجي للعرض ، في المسرحية التي يقوم بناؤها على شخصيات متعددة ، لكل منها إرادته وعلاقاته ومشاعره ودوافعه الذاتية الخاصة . وهنا مع تعارض إرادات الشخصيات ، وتعارض تصور كل ممثل على حده لأسلوب أدائه لدوره . وحتى في حالة إعادة تصوير دور الشخصية – وفق التغريب الملحمي – وتعارض تصور الممثل للصفة الاجتماعية لدور الشخصية باعتبارها تشخيصا لصفة الطبقة التي تنتمي إليها ، فلابد في كلتا الحالتين من وجود فكر ينسق أو ينظم بين أسلوب كل ممثل من الممثلين المشاركين في العرض المسرحي ، بحيث لا ترتبك حركة الممثلين على خشبة المسرح ولا يتداخل التعبير الصوتي للممثل على تعبير ممثل آخر أو ممثلة أخري في الحدث أو الموقف المسرحي ، فضلا على تشكيل التكوينات الجماعية في بعض المواقف وضرورة أن تبدو في صورة جمالية ، وفي وحدة إيقاعية ، وتبعا لذلك كله نؤكد أن وجود محرج مسرحي للعرض ضرورة لا غنى عنها . وفي تاريخ العرض المسرحي لم نسمع ، ولم نر عرضا مسرحيا بدون تصور يضبط عناصر الصورة المسرحية بإيقاعها العام وما يتصل به من إيقاعات أداء كل ممثل أو ممثله ممن شاركوا في العرض.

المبحث الثالث : ممثل المونودراما
- مبحث تطبيقي -
ربما يكون استغناء الممثل مكتفيا بذاته في إنجاز عرض مسرحي منفردا لصيقا بالممثل في المونودراما ، سواء كانت عرضا للممثل الواحد One man show أو في المونودراما التعاقبية ، التي يؤديها ممثلان أو ممثلتين أو ممثل ، وممثلة ، يقتصر دور كل منها على تمثيل الجزء الأول من المونودراما – أحدهما يمثل الحدث من جهة نظره ، بما يغاير وجهة نظر ممثل الجزء الثاني المعقب على رواية ممثل الجزء الأول من المونودراما . غير أن ذلك وإن استغني التمثيل فيه عن المخرج ؛ فإن العبء الذي كان يفترض أن يتحمله المخرج من تحليل للنص ، وكشف عن مناطق ضعف الحدث ومناطق قوته ، ونقاط التصاعد الدرامي ، ونقاط الانفراج ، ومساحات الأداء التجسيدي ومساحات الأداء التشخيصي ، ومساحات الحكي ، وما يناسب كل مساحة من مساحات الأداء التمثيلي من تخيل للحركة الجسدية المتزامنة مع كل تعبير صوتي ، وربط مفردات الإيقاع في كل مستويات التعبير والتصوير مجتمعة في وحدة منظومة إيقاعية عامة لخلق الثر الدرامي والأثر الجمالي . وهذا كله يتطلب تحصيل معرفي وفني على مستو عال من المهارة والحرفية بتقنيات مناهج تمثيلية متعددة منها منهج التجسيد النفسي للصفات الداخلية والخارجية الذاتية للشخصية عند ستانيسلافسكي ، ومنها منهج التغريب ؛ اعتمادا على تصوير الصفة الاجتماعية لموقف من مواقف الطبقة التي تنتمي إليها الشخصية المونودرامية ؛ ذلك أن الشخصية المونودرامية ذات أصوات متعددة يستدعيها الممثل لوهلة عبر الذاكرة Flash backk ، محمولة على صوتها الرئيس ، وسريعا ما يعود إلى الأداء بصوت الشخصية التي يقوم بتمثيلها .
ومن أمثلة ذلك ما نجده عند صباح الأنباري في مونودراما ( عامل في جدارية فائق حسن) - و إشكالية أداء دور شخصية تمثال يخرج خروجا خياليا من جدارية ، وما يتطلبه من تقنيات اداء آلي ، تحقق مصداقية تشخيص حالة الأنسنة .
• فكرة الحدث : هذه المونودراما تصور منحوتة عامل يخرج من الجدارية بعد أن سقطت قذيفة مدفعية ؛ فتركت حفرة عميقة أمامها ؛ دون أن تصيب الجدارية .
فإذا وقفنا عند النص الموازي لنص الحوار وهو ما يمثل وصفا إرشاديا بصوت الممثل معلقا على فعل أو حدث ماض مستعاد ؛ فماذا نقول عن هذا النص الذي يرسم حركة الممثل بكل تفاصيلها أليس ذلك إخراجا من واقع النص الذي كتبه المؤلف ؟ فكيف يمكن القول إن الممثل يستطيع الاستغناء عن المخرج ؛ لكي يقدم العرض مكتفيا بنفسه على خشبة المسرح - بدون إخراج –
• الإرشاد الموازي ومقومات الإخراج :
" نشاهد على الخشبة ( في منطقة أعلى وسط الوسط) جدارية ضخمة هي جدارية السلام للفنان العراقي الكبير فائق حسن منة الجدارية يخرج بشكل استهامي العامل الذي يقف في مقدمتها وهو يرتدي بدلة العمل الزرقاء . يبدو عليه التعب والضجر يتحرك أمام الجدارية جيئة وذهابا يتوقف يفكر. يبدأ المشي مرة أخرى ولكنه سرعان ما يتوقف . يلتفت إلى جمهور النظارة ثم يتقدم باتجاههم . يتوقف عند حافة المسرح إذ يفاجأ بوجود حفرة كبيرة يكاد يسقط فيها ، فيتراجع خطوة إلى الوراء :
" العامل : أنسيت وجود هذه الحفرة . أو لأقل إنني نسيت أمر القذيفة التي استهدفت الجدارية ولكنها سقطت هنا ( يشير إلى موضعها) فأحدثت هذه الحفرة الرهيبة .. ( يتوقف فجأة ثم يوجه كلامه إلى جمهور النظارة مباشرة )
عفوا نسيت ، وما أكثر ما أنسى هذه الأيام ، أن أقدم لكم نفسي .
أنا العامل في هذه الجدارية ( يشير إليها) منحت قبل قليل فؤصة للخروج منها لأتنفس الهواء النقي بعد أن أفسده بعض عابري السبيل أو السكاري الذين لم يجدوا مكانا للتسّول إلاّ تحتها. معذورون هم ، فلا أحد منهم يعرف قيمتها .
( يلفت انتباههم نحو الجدارية )
انظروا ماذا فعل الإهمال بها . لقد بهتت ألوانها ، عاث بها المتوترون خرابا ، وكأنها ليست ملكا لهم أو جزءا من تراثهم الجميل . حين أكملها فائق حسن أطلق الناس مئات الحمامات البيض ابتهاجا بها حتى صارت السماء بيضاء كالحليد . لم أعرف من أين حصل الناس على هذا العدد الكبير من الحمامات البيض التي تشبه نظائرها في اللوحة سمعت ذات مرة وأنا أقف في مقدمتها رجلا من المارة يقول " ( يمثل دور القائل . يمّر من تحت الجدارية .. ينظر إلىها ساخرا ) :
( يعود لشخصيته)
حقيقة لم أفهم لماذا يضمر هذا الرجل كلّ هذا العداء لحمامات اللوحة ! لكننب اكتشفت ذلك بعد مرور وقت قصير حين جاء فتية من الملثمين ، وأطلقوا النار على الحمام هكذا .
( يضع على وجهه قناعا . يمثل دورهم وهم يطلقون النار على الحمامات بحركات صامتة . يتوقف . يزيح القناع . يعود لشخصيته )
ولما لم تسقط أيا منها جاءوا بعلب دهان .
( يضع القناع على وجهه ثانية . يخرج إلى ما وراء الكواليس . يدخل ومعه علب الدهان وفرشاة . يضع بعضها إلى جانب بعض. يقوم بفتح أغطيتها واحدة تلو أخرى. بتناول الفرشاة محاولا طلاء الحمام. يقلد حركات الملثمين بشكل ساخر . يستمر بالطلاء حتى يشلّ التعب حركة ذراعه فيعود لشخصيته السابقة كعامل في الجدارية ، ثم يخلع القناع ويرمي به أرضا . يحرّك يديه من شدّة التعب )
كلّت متونهم بعد إصرار عجيب على الطلاء فولّوا الأدبار ، واختفوا في أزقة البتّاوين المظلمة "
على أيّة حال نزع أحد رجال الجدارية قطعة القماش التي تلفّ وسطه ، وراح يمسح بها بقع الدهان من على وجه الحمام .
( يتحرك باتجاه اللوحة يقف إلى جانبها)
لم نخش إطلاق الرصاص علينا فنحن نعرف صلابة المادة التي جلبنا منها ولكننا والحق يقال كنّا في حالة دهشة كبيرة ( متسائلا) لماذا دهشة كبيرة ؟
لأنه لا يوجد مجنون على هذه الأرض يمكن أن يطلق النار على أهله وناسه بهذا الاستهتار المفزع .
( فترة صمت)
لم يتوقع أحد من المارة إننا يمكن أن نراهم أو نسمعهم وهم يتهامسون بأمور كثيرة ومثيرة . ففي ليلة من ليالي الصيف القائظ اقترب منّا ثلاثة أشخاص قال أولهم :
( يمثّا شخصية الأول بعد أن تتركز الإضاءة عليه. يشير لرجلين وهميين بالاقتراب منه . يحاورهما همسا مستخدما حركة جسده موضعيا باتجاه الشخصيتين )
- غدا ساعة الصفر ، علينا تبليغ خلايانا بذلك.
- هل المكلفون بالاغتيال على أهبة الاستعداد ؟
- إنهم على أهبة الاستعداد.
- وهل استلموا العدة ؟
- نعم استلموا بنادق بورسعيد من حليفنا سرا وهي مؤهلة الآن ، وكافية لعملية
الاغتيال.
( يترك مكانه عائدا لشخصيته ) "
ألا تمثل النصوص الموازية للحوار في كل مستوياته ما يعرف بنص المخرج !!
تقنيات الأداء التمثيلي :
تتعدد الأصوات المستعارة المستحضرة إفتراضيا ؛ من صور الماضي المتوهم ، محمولة على صوت شخصية العامل ؛ الذي خرج منفصلا خارج الجدارية كما نرى وهذا يعني أن على الممثل عبء التنقل بمهارة وتقنية فائقة عبر الأدوار التي يتوهمها لذا يتلون أداؤه التمثيلي ما بين التجسيد والتشخيص من تباين .. تجسيد شخصية العامل ، وتشخيص صورة الشخصيات الموهومة التي تستدعيها ذاكرته استدعاء لحظيا لوهلة ؛ شخصية إيهامية أبدعها خيال المؤلف - وسرعان ما تغيب - حيث يؤنسن الحجر ، منحوتة شخصية العامل من الجدارية الشهيرة ببغداد ، ويمنحها حياة إنسانية.
والإشكالية في قدرة الممثل على اصطناع تعبير صوتي لا يخلو من الآلية لمنحوتة العامل ، بعد أن تحولت إلى إنسان تدب فيه الحياة ، تدب في حجر . مع قدرته على تشخيص الشخصيات المستدعاة من خارج الجدارية ، و محاولاتهم في تلويثها أو تشويهها أو هدمها بإطلاق الرصاص الحي عليها ، أسوة بإطلاقهم الرصاص على بني وطنهم الأحياء .
الممثل إذن يستخدم أكثر من منهج أدائي للتنقل بين الأدوار التي يقوم باستدعائها عبر الذاكرة ، فهو يستعين بمنهج ستانيسلافسكي في تجسيد دور العامل – الدور المركزي- الذي خرج من الجدارية ، مستعيدا في حالة تحوله للشخصية القناع التي تحمل وجهة نظر المؤلف نفسه في محاولات بعض المتطرفين المعارضين أو الإرهابيين الظلاميين لهدم جدارية ترمز إلى تخليد أو تجديد ذكرى النضال العمالي – فممثل تمثال العامل حامل لصوت المؤلف ، وحامل لصوت للصفة الطبقية للعمال ، وحامل لصفة الفئة الظلامية الإرهابية ، وحامل لوصف ملابسات الفعل المستعاد عبر الذاكرة بدلالات التباين بينها .
حيرة الممثل : بإزاء ذلك التداخل في مستويات الأداء تجسيدا وتشخيصا وحكيا ؛
ماذا يتعين على الممثل فعله ؟
يتعين علي الممثل في المواقف التي تعبر عنه وهو يمثل مركز الحدث أن يعيش انفعالات الشخصية وأحاسيسها بصدق و إيمان ، وأن يتحول من الممثل الشخص إلى الشخصية المسرحية .. فكيف للممثل أن يؤثر على الجمهور ويقنع المتلقي بانفعاله وشعوره ، وبصدق أحاسيسه ؛ إذا لم يكن هو مؤمنا ومقتنعا إلى الحد الذي يصبح فيه إلى حد ما .. الشخصية التي يؤديها ؟ نقول إلى حد ما لكي لا يفهم من هذا الكلام أن لا دور لعمل الوعي والنقد الذاتي ، أو المراقبة الذاتية في عمل الممثل . . أو بتعبير آخر مفارقة الممثل الأساسية في أن يعيش الشخصية بصدق ، وأن يكون في الآن ، نفسه ، على وعي تام بأنه يمثل الشخصية ويقدمها للجمهور _ مستعينا بمنهج المعايشة التفسية عند ستانيسلافسكي - كما يتعين على الممثل الاستعانة بمنهج التغريب البريختي الملحمي في تشخيص الشخصيات التي يستعيدها عبر الذاكرة لوهلة أو للحظة قصيرة جدا في ذهنه ، وهنا يظهر الاقتدار والتفرّد في إيجاد أسلوب يجمع بين الأسلوبية (الاستايلزم ) وأسلوب المعايشة. والممثل المقتدر والمقنع هو الذي يلعب بكيفية طبيعية ، تلقائية وصادقة. مع قدرته على عدم الإنغماس الكلي في الدور أو الإنقياد الكلي لمشاعر الشخصية ، بوصفه ممثلا لصفة اجتماعية وليس ممثلا لذاته والفرق بين المعايشة وتشخيص الصفة الخارجية للشخصية هو فرق بين منهجين مسرحيين مختلفين في التمثيل فالصدق الاندماجي يستلزم المراقبة الذاتية . أما الصدق التغريبي أو غير الاندماجي فيستدعي الوعي ومراقبة الممثل لأدائه لمواقف أو صور من الشخصيات المستعادة ؛ مستعينا بالأقنعة لتمثيل بعض الشخصيات في مواقف معينة – وهذا موجود في النص المونودرامي الذي بين يدينا –

التلقي وجمهور عروض المونودراما التعاقبية :
في مقابل تداخل مناهج التمثيل في الأداء المونودرامي ؛ هناك معادلة موضوعية لتلقي الجمهور لتداخل أساليب أداء الممثل المونودرامي عبر مستويات التشخيص ؛ محمولا على الدهشة مما يتلقى ومن ثّم المراقبة الخارجية الواعية ؛ فكما يكون للممثل المونودرامي – هنا – دور مراقب للصفة الاجتماعية للشخصية ؛ يكون لجمهور المونودراما دور المراقب الخارجي؛ تبعا لانتفاء عنصر الإيهام في بنية الشخصية المونودرامية ؛ تبعا لخروجاتها المتكررة خارج إهاب الشخصية المحورية ؛ والعودة إليها على مدى امتداد الخط الدرامي المتعرج دخولا وخروجا. وبسبب تلك البنية ذات الصور والمواقف المستحضرة استحضارا لحظيا في إيقاعات متشظية لاهثة , تنتفي حالة الاندماج ويهمش الإيهام ، وتتحول الفرجة المونودرامية إلى ما يعادل فرجة التلقي في معرض للفن التشكيلي بتقنيات الـ ( performance ) فالدور الملقى على عاتق المتلقي لعروض المونودراما التعاقبية مزدوج ، إذ يجمع بين حالتين من حالات التلقي تلقي المعايشة ، وتلقي المراقبة المندهشة ؛ وبذلك يحقق الأداء خطاب المونودراما التعاقبية ؛ التي تجسد فكرة التعدد الحداثية أفضل تجسيد ؛ باعتبارها أثر من آثار الفكر الحداثي ؛ حيث التوالد الدائم للمعني مع كل عملية تلق للمنتج الإبداعي نفسه.

خاتمة البحث
أولا: انتهى البحث إلى أن الزعم القائل : إن الممثل يمكن أن يكتفي بنفسه في إنجاز العرض المسرحي بدون حاجة إلى المخرج المسرحي ، زعم لا مصداقية له ؛ لأن العرض المسرحي الذي تشارك فيه شخصيات متعددة تصارع بعضها بعضا من منطلق تعدد إراداتها وتعدد مشاعرها ، ودوافعها وعلاقاتها ، يتعدد ممثلوها ، ويتعدد تأهيلهم وتتفاوت خبراتهم ، وتتفاوت لياقة كل منهم الأدائية صوتيا وحركيا ويتفاوت تعاملهم مع أدوارهم ما بين مواقف تتطلب التجسيد المتوحد مع الشخصية داخليا وخارجيا ، ومواقف لا تتطلب توحد الممثل مع الشخصية والدور الذي يمثله بل تتطلب إعادة تصوير الصفات الخارجية للشحصية باعتبارها تعبيرا عن صفة اجتماعية ، على النحو الذي ترسمه نظرية التغريب ومنهج التمثيل الملحمي ، فضلا على تقنيات الحكي ، وتقنيات الإسناد في نقل أداء شخصية دور إلى شخصية دور آخر عبر تقنية التخلص الدرامي في منستويات الأداء.
كما انتهى إلى أن المونودراما التعاقبية هي أحد منجزات الحداثية التي تؤكد على تعدد دلالة الخطاب المسرحي للحدث الواحد ، وبذلك تتعدد مركوزية الحدث كما رأينا إذ يتحول الشخصية في الجزء الثاني من مركز الحدث إلى الهامش وتحل الشخصية التي كانت على هامش الجزء الأول إلى المركز في الجزء الثاني ، هلى نحو ما رأينا في المونودراما التعاقبية ( المقتول والقاتلة) لصباح الأنباري .
كذلك انتهي إلى أن التباين والتعدد في شخصيات المسرحية الواحدة وفي الممثلين القائمين على تمثيلها يتطلب تنظيم للصورة المسرحية ، تنظيم الأداء ووضعه في منظومة إيقاعية موحدة . وهذا يتطلب رؤية أو تصور إخراجي وتحليل لمستويات الحدث من منظور تصور موحد . حتى لو تصورنا تشارك محموعة الممثلين في إخراج النص المسرحي دون مخرج متخصص ، فذلك مهما يكون لن يحقق وحدة الصورة المسرحية ؛ تبعا لاختلاف تأهيل كل ممثل منهم ، وقدرته على تحليل دوره ، لينتهى الأمر في النهاية إلى تسليم كل جهودهم لأحدهم ليصوغها في نسق إخراجي واحد.
كذلك انتهى البحث إلى أن اكتفاء الممثل بنفسه منتجا لعرض مسرحي بدون حاجة إلى مخرج ما ؛ يمكن تحقيقه في نصوص المونودراما . لكن عند التطبيق في المبحث الثاني على نص مونودرامي للكاتب المسرحي العراقي ( صباح الأنباري ) هو نص مونودراما :
( عامل في جدارية فائق حسن) استنتج بعد تحليل شواهد من النص إلى أن الممثل أيضا لا يستطيع القيام بعرض المونودراما مكتفيا بأدائه التمثيلي في التعبير الحركي الجسدي على المسرح بدون النص الموازي الوصفي الإرشادي الذي رسمه المؤلف ، لحركة الممثل ، في تجسيد شخصية دوره المحوري ، من ناحية ، وفي تشخيص الأدوار التي يستدعيها عبر الذاكرة في ذهنه ، ويقوم بتقليدها أو بتشخيصها .
وهكذا انتهى المبحث إلى أن الزعم بإمكان قيام الممثل بإنتاج عرض مسرحي دون حاجة إلى تصور أو خطة أو مخرج مسرحي ؛ هو محض إفتراض بعيد عن الواقع العملي في مجال إنتاج عرض مسرحي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش البحث:
1- لجاحظ ، البيان والتبيين ، تحقيق : فةوي عطوه ، ط.بيروت ، لبنان ، منشورات دار مكتبة الحياة 1972 ، ص 58
2 - د. أبو الحسن سلام ، الممثل وفلسفة المعامل المسرحية ، الإسكندرية ، دار الوفاء لدنيا االطباعة والنشر ، 2004
3 - د. إبراهيم إمام ، الإعلام ووسائل الاتصال بالجماهير ، القاهرة ، ط. الأنجلو المصرية 1996 ، ص ص 410-411
4 - نفسه ، ص 178
5 - صباح الأنباري ، القتيل والقاتلة – مونودراما تعاقبية - في جزئين ، ( مكرات مونودرامية) بيروت ، لبنان ، منشورات ضفاف 1436 هـ - 2015 ، ص218

6 - صباح الأنباري، القتيل والقاتلة – مونودراما تعاقبية بجزئين ، ( مذكرات مونودرامية) لبنان ، منشورات ضفاف 1416 هـ - 2015 ص 218
7 - صباح الأنباري، القاتلة ، – مونودراما تعاقبية بجزئين ، ج 2 ( مذكرات مونودرامية) المصدر نفسه ، ص 230 – 231
8 - المصدر ، نفسه ، ص ص 23- -231
9 - صباح الأنباري ، مذكرات مونودرامية ، الفصل الثالث ، مونودرامات تعاقبية ، مونودراما: القتيل والقاتلة ، منشورات منف ، 1324 هـ - 1015م ، ص 222
10- صباح الأنباري ، مذكرات مونودرامية ، منشورات ضفاف ، لبنان ، بيروت
12 هـ - 2015 ، ص 50
11- جدارية السلام أو جدارية فائق حسن . وهي جدارية ضخمة تطل على ساحة الطيران قريبا من (المسطر) المكان الذي تتجمع فيه الشغيلة بانتظار من يشتري قوة عملها يوميا . وتشكل مع نصب الحرية للفنان الراحل جواد سليم وتمثال الأم للفنان خالد الرحّال أضخم الأعمال الفنية في وسط بغداد .
- 12 البتّاوين ، حي من أحياء بغداد يقع على الجانب الشرقي قريبا من حديقة الأمة وتسكنه ملل مختلفة .
13- إشارة إلى المواطن الكردي الذي يقف خلف المرأة في منتصف الجدارية .
14- صباح الأنباري ، المصدر ، نفسه ، ص ص 50- 54



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الإبداع
- مقاربات في نقد عرض مسرحي
- مباهج الحكي التراثي ودراما اللاشكل - مسرح عز الدين المدني -
- الفاعل الفلسفي في الدراسات المسرحية
- سارتر وقضية الالتزام
- الإيقاع وروح الشعر
- الديالوج في دراما الصورة الغنائية بين الغناء والقوالة – عبد ...
- الخطايا السبع للبرجوازي الصغير
- - تجديد ذكرى علم من أعلام العلم والأدب
- توفيق الحكيم وبهرام بيضاني في محكمة العدل
- الدراماتورجية بين الإخرج الحداثى الاستعادي ل (مارا – صاد) وم ...
- ما الأدب ؟ قراءة ليست للجميع !!
- فاطمة وماريكا وراشيل - جنسية الغناء -
- قضية فنية للمناقشة الطاقة التعبيرية بين الكلمات والألحان
- الممثل بين المحاكاة والتعبير وإعادة التصوير
- النيل ينسي !!
- غواية الكذب في حديث الترللي
- فساد الكتابة
- اللحن المسرحي بين الاقتباس وحرفية النقل
- المونودراما والفرجة المسرحية


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أبو الحسن سلام - حيرة الممثل وتعدد مناهج أداء المونودراما التعاقبية