أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل نايف أبوترابة - إشكالية الولاء في العقل العربي العراق نموذجا ً















المزيد.....



إشكالية الولاء في العقل العربي العراق نموذجا ً


عادل نايف أبوترابة

الحوار المتمدن-العدد: 1368 - 2005 / 11 / 4 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إيماناُ منا بأن الدولة العصرية لن تقوم وتستمر وتتطور إلا وكانت ترتكز على أسس علمية وقانونية , بعيدة عن المفاهيم الطائفة المقيته أوالعنصرية القومي نرفق هذا البحث التفصيلي لواقع حال المعارضة العراقية قبل سقوط بغدا د ونبين الملامح العامة لنظام ما بعد إحتلال
العراق وحقيقة أن أميركا دعمت التفرقة بين أبناء الوطن الواحد على أسس طائفية وعرقية وهذا ليس ما أراده شعب العراق وما أمله بالتغيير
إشكالية الولاء في العقل العربي العراق نموذجا ً
تمهيد
بعد الذي حصل قبيل احتلال العراق وإثناء اجتياح أراضيه وتنصيب حكومة مؤقتة له من قبل قادة الغزاة وتباين موقف المواطن العراقي من المحتل ما بين مقاوم ومهادن ومهلل من تلك الأحداث , طرح الشارع العربي جملة من التساؤلات جلها حول مفهوم الولاء وجد ليته ومكانته في العقل العربي
هل ولاء المواطن مازال محصورا في العائلة والقبيلة والعشيرة أم للطائفة والمذهب الديني أو للحاكم والحزب أو للوطن والأمة ؟ . وذلك من خلال لغط علا من أفواه أفراد في المجتمعات العربية منها من عارض ذلك الذي حدث جملة وتفصيلا ومن أيد جملة وتفصيلا بل هناك من المواطنين العرب الذين طالبوا من دول الغزو أن تحتل بلدانهم لتخليصهم من أنظمة حكم تحنطت في أوطانهم وحكام أوغلوا في الظلم والبطش والاستبداد .
ورغم أن هذه المسألة قد أثارها ابن خلدون منذ قرون والعديد من الفقهاء والكتاب العرب فيما بعد ، إلا أن إثارة هذا الموضوع حاليا قد يجيب بنظري على إشكالية الولاء في وجدان المواطن العربي والإسلامي في عصرنا الراهن وعن الأسباب التي دفعت به لأخذ هذه المواقف من الغزاة أو من الطائفة والقبيلة وذلك من خلال طرحنا لمفهوم العصبية والولاء في الوجدان العربي وبعده ألقيمي والتاريخي والسياسي .وطرحنا لحالة الولاء في العقل العراقي كمثال في أعقاب احتلال العراق من قبل القوات الأنكلو أمريكية .

في العصبية والولاء

عرف الولاء في سياق الفكر العربي انطلاق من مفهوم الانتماء للقبيلة كونها شكلت أهم مكونات المجتمع العربي تاريخيا. والقبيلة التي اعتمدت النسب في صلاتها رغم ما يعتري المفهوم من تداخل العصبيات نتيجة لتعدد الأنساب وتداخل المصالح في القبيلة الواحدة فأنها حافظت على قيم ثابتة تمثلت بالشعور بالقرابة والالتحام أمام العدو والانتماء للنظام القبلي الموحد والولاء له ، هذا الولاء يكون متطرفاً في القبائل المتطرفة البعيدة عن التحضر ( خاصة رعاة الإبل الذي عادة ما تكون علاقاتهم العامة مع الآخرين محدودة ) , وأقل حدة في القبائل المحتكة بالمدينة والمناطق المتحضرة , نتيجة لتطور المصالح المادية وتشابكها بين الأفراد بغض النظر عن انتمائهم القبلي
والإسلام الذي حد من هذا الولاء وانتقص من مفاهيم كثيرة تنال أو تتعارض والدعوة التوحيدية إلا أن هذا الولاء سرعان ما ظهر بقوة في الأحداث المصيرية التي مرت بها الأمة خاصة بعد انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى و أن ما دار في سقيفة بني ساعده ما كان إلا تأسيساً لسلطة على أسس قبلية وليس نتيجة لخلاف ديني . أي أن الإسلام لم يدعوا إلى القضاء على القيم الأساسية للقبيلة ونظامها مادامت لا تتعارض وصدق الإيمان بل استفاد منها في تعزيز فتوحاته التي امتدت خارج نطاق الجزيرة العربية .
وفي العودة إلى مرحلة صدر الإسلام ولما حدث فيها من تطورات لأوضاع المجتمع نلاحظ أن رابطة النسب والولاء لها تداخلت ورابطة المصير والعقيدة نتيجة لحلول مفاهيم مصلحية جديدة تعدت أفراد القبيلة الواحدة ومصالحهم إلى الأمة الواحدة ومصيرها , فأنضجت مفاهيم جديدة للولاء " تنسجم والمرحلة " و نتيجة لتطور الوعي بأهمية المال والقدرة ( الحكم ) والواقع المشترك ( المذهبية أو العقيدية ) (1) . وهكذا كان التحول في مفهوم الولاء من القبيلة إلى اللاقبيلة إلى تنظيم مدني , سياسي , اجتماعي , وأعقبه ولاء تحول من الإسلام السياسي الذي اعتمد الغنيمة إلى الإسلام لعقيدي , وذلك لأن كثرة الغنائم التي حصل عليها المسلمين بعد استقرارهم في المدينة دفعت أعداد كبيرة من الأفراد والقائل المجاورة إلى الدخول في الإسلام (2) , بحيث تحولت الغنيمة إلى اقتصاد ضريبي ـ إنتاجي ، وتحولت العقيدة من مجرد الإعلان من قبل زعيم القبيلة عن دخوله الإسلام واعتناق مبادئه لكي تدخل القبيلة بأكملها في الإسلام إلى قناعة جماعية وحالة إيمان مطلق صبغت الإنسان الجديد بولاء يقوم على العقل (3) , بحيث أخذ بعدا أكثر تفاعلا مع الجماعة وإيمانا بسلوكها بدلا من الإبقاء على الصيغ والعلاقات الفردية التي كانت سائدة , فارتقى بالسلوك مما انعكس عليه من قيم العقيدة الجديدة ( الإسلام ) (4) .
وهكذا نجد أن المجتمع العربي المسلم في بداية تكوينه تنازعه ازدواجية الولاء . ولاء ديني وأخر عصبي قبلي بحيث انتمي بالأول إلى دار الإسلام وبقي ثابتاً رغم ما عرفه هذا الولاء من تشويش وتأويل لمفاهيم بعيدة عن روح الإسلام خلقت التشرذم المذهبي والطائفي في مراحل محددة من التاريخ نتج عنها صر عات دموية رسخت الأبعاد التفتيتية للمجتمع المسلم مثلما أشاعت ركائز فكرية وثقافية ما زلنا نأخذ بها . والانتماء الثاني الولاء العصبي ـ القبلي ولكن بمفهوم لا ينفي الولاء الأول هذا الولاء الذي لعب دورا كبيرا في نشر الإسلام و بناء الدولة العربية الإسلامية وبالتالي ترسيم الملامح العامة لحضارة امتدت من الأندلس إلى حدود الصين تمثلت بالتسامح والمشاركة والتعايش .
لقد ذهب المثقفون العرب إلى دراسة الو لاءات التقليدية التاريخية في مجتمعنا من منطلقات يفسرون بها تركية المجتمع العربي . فهذا الأنصاري يذكر أن المجتمع العربي الإسلامي بتنازعه ثلاث ولاءات : الانتماء العقائدي الحضاري والانتماء العصبي والانتماء السياسي أي الانتماء إلى الكيانات السياسية قديمة كانت أم حديثة (5) ، في حين يذكر برهان غليون : " عاش الوطن العربي منذ الفتح الإسلامي في إطار إمبراطورية أو سلطة كبرى تظم شعوبا متعددة يربط بينها الولاء للإسلام أكثر من الولاء للدولة " ويضيف بعد أن يفسر عدم قدرة الدولة على فرض استقطاب الجماهير حولها " في حين أن الانتماء إلى الجماعة المحلية أو العائلية أو الطائفية هو التعويض الرئيسي عن سطحية التماهي مع الدولة وعموميتها " (6) . أي في رأي غليون الانتماء يكون للأمة الإسلامية بصفتها مركز الثقل وليس إلى الدولة أو السلطة . في حين وجدنا أن ابن خلدون قد أعطى دورا مركزيا للولاء العصبي " الرابطة العصبية أقوى من الرابطة الدينية أو توازيها " إذ نظر إلى العصبية " هي الوحدة وتتكون من وحدات أبسط فكل حي أو بطن من بطون القبائل وان كانوا عصابة واحدة إلى نسبهم العام ، فيهم أيضا عصبيات لأنساب خاصة أشد التحاما من النسب العام لهم " (7) ، أي أن العصبيات الموحدة تحمل في ثناياها عوامل مفتتة أيضا ، هذا الأمر لا يقتصر على الولاء العصبي بل يتعدى ذلك إلى الولاء الديني من خلال الو لاءات المذهبية والطائفية .
هذه التأثيرات تفسر الحالات التي تعيشها الأمة والعراق بشكل خاص. وقد تمثل ذلك بالكيانات السياسية( القطرية ) القائمة التي ليست إلا تطورا لمفهوم الولاء العصبي و التي تعززت مكانتها وفق تسلسل تاريخي وقيمي وسياسي تمثل في مراحل:
1 ـ بدأً بعصبية قبلية عرفت قبل الإسلام اعتمدت على النسب ( الدم والرحم ) كأساس لها
2 ـ عصبية دينية قبلية كان الانتماء بها للمجتمع المؤمن لجهادي بعد أن خفف الإسلام من مفهوم القبلية وحد من مفاهيمها ومن صراعاتها ، وقاد المجتمع إلى تحالفات جديدة اعتمد الدين ( الملة ) دون النظر إلى المكانة والوجاهة ودون أن ينهي عن الولاء للقبيلة والتعصب لها وقد برز هذا الدور في الدولة الراشدة .
3 ـ مع تطور المفاهيم وسيادة العقيدة واتساع رقعة الدولة في أعقاب الفتوحات الكبرى ( بلاد الشام ، العراق ، مصر ) وتزايد المكاسب المادية ظهر ت عصبية القبيلة بمفاهيم جديدة في أواخر عهد الخليفة الراشد عثمان (رض) تمثلت في الولاء للقبيلة و للمكان وترسخ ذلك في العصر الأموي . هذا الولاء القبلي المكاني المادي نتج عنه صرا عات سياسية على الخلافة ودموية على السلطة ، وتزامن ذلك مع بروز أفكار مقاومة لهذا الولاء التي بدورها تحولت إلى ولاء تارة للعقيدة وتارة أخرى للعشيرة . فكان الخوارج وكان من تشيع لعلي (رض) . أي عصبيات قامت تمسكت بالقرآن الكريم وسنة رسول الله كبعد أيديولوجي نتيجة لتغلب الولاء العصبي المكاني والمادي وتم ذلك ضمن مفهوم الانتماء للعنصر العربي .
إن استمرار الخلاف وعدم حسم مفهوم الولاء والتمسك بالعصبيات وبآثارها المجزئة أبرز ما عرف بظاهرة الشعوبية التي قامت في مرحلة الدولة الأموية وتنامي قيمها في مرحلة الدولة العباسية التي استعانت بالعناصر غير العربية لتوطيد أركانها وتسيير أمورها أكان ذلك في مركز الدولة أو في أقاليمها . أي يمكن القول أن العصبية القبلية والمكانية التي عرفتها الدولة الأموية وبداية مرحلة الدولة العباسية قهرت من خلال التسلط الذي مورس على العرب من قبل المغول والتتار والفرس ( الصفو يين ) والسلاجقة ( العثمانيين ) والأوربيين فيما بعد ، ولكنها لم تزول بل كمنت في الوجدان العربي .
ومن جهة أخرى نجد أن التاريخ السياسي للدولة العربية الإسلامية يدل على أن للمركز أهمية ودور حاسم في تأكيد ربط أجزاء الوطن وأطرافه ببعضها وتعزيز الانتماء له وعليه عندما يكون المركز قوياً فأن صلات الربط تكون متينة وبالعكس . والتفكك الذي حصل للدولة بدأ في الأطراف ثم الوسط وكان يأخذ أشكال تتلاءم وإفرازا الواقع الجغرافي والقبلي والسلطوي ( الولاة ، الأمراء ) . أي إن الولاء السياسي لم يكن عاملا فاعلا في تجيير العلاقات العامة لخلق نوعا من التلاحم في حين أن الولاء العصبي مؤكداً لذا ته خاصة في أعقاب المرحلة التي وهنت بها دولة الخلافة مما أدى إلى بروز الولاء للأمصار والمناطق قريبة كانت عن مركز الخلافة أم بعيدة ممثلا ذلكم بولاتها أو أمرائها من غير العرب الذين لعبوا دورا فاعلا في تقارب أو تنافر الولاء العصبي والسياسي وقد وضح ذلك في ظل الدولة العثمانية التي لم تحمل أي طابع توحيدي حيث فقد الولاء العصبي قيمته باتجاه مركز الخلافة وتزعزع مفهوم الولاء الديني ( الحضاري ) نتيجة لضعف الولاء العصبي لكون الدولة العثمانية حكمت العرب بعناصر غريبة اللسان والانتماء لكون العثمانيين حكموا على أساس تجزيئي وليس بصيغ موحدة لأطراف الخلافة حيث كانت الطوائف والمذاهب والقبائل والملل والمدن والبوادي تعيش حالات انفصال وتباعد شبه واضح .

ففي خلافة العثمانيين ونتيجة للإمتيازات التي أعطيت لغير المسلمين من العرب في مناطقهم ( النصارى من غير العرب ) (8) ، برزت عصبيات ولاءات جديدة اختلفت عن الو لاءات التقليدية التي عرفها المجتمع العربي تاريخيا القبيلة والدين ( الملة ) وذلك بضغط من الدول الأوروبية لتحقيق مصالحها المتمثلة بالحركات التبشيرية التي عملت على نشر قيم الحضارة الغربية بعد تدعيمها بنماذج عما حققه الغرب من إنجازات علمية وتقنية وفكرية تحققت في أوروبا الأمر الذي أحدث تأثيرا على النخب العربية وعلى عدد من رجال الدين المتنورين فيها تمثل في :
ـــ ضعف الارتباط بمركز دولة الخلافة خاصة من قبل أفراد النخب الذين احتكوا بالبعثات التبشيرية أو تعلموا في مدارس الغرب .
ــ معرفة الطباعة وانتشار حركة الترجمة وانتشار الصحافة الأمر الذي سهل الكتابة عن التاريخ العربي الإسلامي وعن الموروث الفكري والثقافي .
ـــ استعادة اللغة العربية لمكانتها بعد أن همشها الأتراك ليس فقط في مركز الخلافة بل بين أهلها
هذا وغيره أيقض الحس بالانتماء القومي وفق المفاهيم الأيديولوجية الغربية مع الالتزام بالولاء ألمناطقي الذي أكد عليه من قبل الغرب بمؤسساته العاملة في الأرض العربية المختلفة ( الدينية ، العلمية ، الجغرافية ، التجارية ) والذي استغل فيما بعد لبسط السيطرة على المنطقة بعد انهيار الخلافة العثمانية من خلال الاتفاقيات التي قسمت أوصال منطقة المشرق وترسيخ ما يعرف بالدولة القطرية قانونيا وسياسيا وإقامة كبانيين ( السعودية والدولة الصهيونية ) كان لهما أكبر الأثر في ترسيخ عصبية جديدة تجزيئية على العرب لكونها ذات بعد مركب ، أخذت من الغرب مفاهيمها السياسية والأيديولوجية والتنظيمية ( القومية ، الليبرالية ، الاشتراكية ، الماركسية .... والحزب و الجمعيات ... ) ومن الواقع أو من الموروث ( الإقليم ، المنطقة ، الطائفة ) و لما فيه من مصالح مادية مشتركة ومن مواريث ( الدين ، القبيلة ) .وبذلك لم تعد الخيمة التعبير الأساسي الذي يعبر عن القبيلة .

أي أن قيام الدولة القطرية أو العصبية الجديدة كانت نتيجة لتفاعل الو لاءات المشتتة للأمة التي خلقت وعيا ً منقوصا ً بالعقل العربي وإحباطا ً مبطنا ً ، بحيث كثيرا ما نخلط بين العدو والصديق ، بين العام والخاص ، بين السلطة والحاكم والوطن بين الحلال والحرام ، وذلك بتأثير خارجي أنعكس بشكل سلبي على كل من الموروث والوافد وظهرت مفاهيم محدثة لتتناسب وحقيقة ما حصل في الوجدان العربي من تطورات فعرف الحزب ــ العشيرة ، والحزب ــ العائلة ، والحزب ـ الطائفة ، والحزب الحي أو المنطقة أو المدينة أو الإقليم أو القطر ، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على صدقية الولاء في عقل المواطن ، وقد تزامن ذلك مع انقسامات فكرية حادة عرفها المفكرين و المصلحين العرب والمسلمين إذ عرفت عدد من الآراء نجملها في :
1 ـ دعاة إصلاح الخلافة الإسلامية بعد أن وهنت دولة الخلافة واستشرى بها الفساد والتخلف والاستبداد وهؤلاء انقسموا أيضا إلى تيارين الأول أشترط أن تكون الخلافة عربية قرشية ( عبد الرحمن الكواكبي ) والثاني الذي لم يقف أمام هذا المطلب .
2 ـ رواد الفكر القومي الذين أكدوا على دور العرب المركزي . بعد أن تأثروا بفكر الغرب و أيديولوجياته ربطوا بين الاستبداد وتخلف السلطة والنظام السياسي والمطالبة بالتحرر من الأتراك .
3 ـ دعاة الفكر الوطني ( القطري ) أو الذين أمنوا بالفكر الليبرالي الغربي حصرا ً .
لقد انشغل الجميع بأفكار ومصطلحات واحدة ( الحرية ، العدل ، القانون ، الدستور ، فصل السلطات وغيرها) وكيفية إقرارها في نفوس المواطنين لكونها لم تعرف في المجتمع العربي رغم أن جلها لم تكن واضحة في آراء النخب ذاتها نتيجة لعدم الفصل بين مفهومي الولاء والانتماء وعدم التخلص من رواسب الانحطاط ، الأمر الذي ساهم في أرباك فكري انعكس بشكل سلبي على مفهوم الانتماء والولاء عامة و في عقل المواطن خاصة وذلك لمصلحة الولاء القطري المناطقي الذي شتت الكيان العربي وأضعفه . على الرغم أن معرفة الولاء القطري ( نشأة الدول ) في الغرب كان مصدر قوة واندفاع حضاري لشعوبها (9) .
وهكذا بدأ الحديث عن الولاء الوطني بعد أن أعطت الدول الغربية استقلالا لمناطق ودول خطت حدودها في مكاتب الطبوغرافيا الغربية وأعطيت شرعيتها القانونية لنخب شكلت أحزاب وجمعيات تحمل في عقائدها متناقضات الولاء الكامنة في العقل العربي وتختزن عوامل العجز في ترسيخ القيم الحضارية العامة للأمة (10) . فأسست فكرة الولاء ألمناطقي ( القطري ) أو القومي بجهد مفكرين تأثروا بالقيم الحضارية الغربية وبالعقائد التي سادت فيها أتذاك (11) .
وهكذا تبلورت ولاءات جديدة أخذت من رواد الفكرة الوطنية ودعاة الدولة القطرية أمثال الطهطاوي ومصطفى كامل وغيرهم ومن دعاة الإصلاح الديني مع التمسك بدولة الخلافة بالمرحلة الأولى ( الأفغاني ) وبأفكار ابن باديس صاحب مقولة ( شعب الجزائر مسلم والى العروبة ينتسب ) والفاسي في المغرب العربي الذين أكدوا على الولاء للمنطقة ( القطر) والدين والقومية ودعاة القومية والأفكار الاشتراكية ( الأممية ) في المشرق العربي .

الولاء والدولة القطرية :

بعد أن تشكلت الدولة القطرية في الربع الأول من القرن الماضي أخذت الو لاءات الفرعية طريقها الى النظام السياسي العربي المعاصر وبرز الانتماء الوطني ليعبر عن مكوناته بالوحدة الوطنية في رقعة جغرافية غير متجانسة سكانيا ً وفي أغلب الأحيان متداخلة بشريا ً ، ونضجت الو لاءات الفرعية ( الطائفية ،القبلية ، الإقليمية ) على حساب الو لاءات التقليدية للعرب ( الأمة الحضارة الموروث والقيم ) التي تحولت الى مصادر أغناء ودفع واستمرارية للدولة القطرية ببعدها التفتيتي لأن " الأمة لا تغدوا هي الأمة ما لم يتقدم الانتماء إليها كل انتماء أخر " (12) وتزامن ذلك مع تطور في الوعي الشعبي المجتزأ لمفهوم الوطن ( حب الوطن من الإيمان ) تفاعلاً مع الأحداث السياسية التي عرفتها المنطقة العربية التي تمثلت ببروز :
1 ــ العصبيات المحلية والانتماء الى الجماعة الوطنية مستغلة للثورات الجماهيرية ضد المستعمر التي عرفت في أنحاء مختلفة من بقاع الوطن ( ثورة 1919 في مصر وثورة 1920 في العراق وثورة 1921 في المغرب ، وثورة 1925 في سوريا وغيرها ) .
2 ــ الولاء للعقيدة السياسية ، ولانتماء للفكرة الأيديولوجية إذ اعتمد على المفاهيم الدينية في المغرب العربي والقومية في المشرق (13) ، من منطلق تفتيتي لمفهوم الولاء الأساسي ، ذلك لأن دعاة هذه الأفكار لم يستطيعوا أن يستقطبوا القطاعات الجماهيرية الواسعة صاحبة المصلحة الأولى في تأكيد الو لاءات الأصيلة للأمة (14) .
3 ـ مؤسسات حديثة لدعم هذا الانتماء تمثل في :
أ ـ إنشاء أجهزة إدارية وقانونية تتناسب وطبيعة النظام القطري وتوجهاته ، أحكمت السيطرة على الخصوصيات المحلية ( القطرية ) فرسختها بين أبناء المنطقة الواحدة (القطر) وصبغت الإدارة بمفاهيم وطنية ( مقدسة ) مؤكدة على الإطار الذاتي الخاص بشرعية قانونية
ب ـ إنشاء أجهزة أمنية وعسكرية لحماية الدولة القطرية ولترسيخ حدودها الجغرافية التي لا تنسجم والواقع الجغرافي والبشري والاجتماعي ولا تتوافق إلا و الو لاءات الفرعية وتجزئة المنطقة وفرض واقع قيمي وقانوني وأمني وعسكري عليها لغرض إحكام السيطرة على الخصوصيات المحلية وحمايتها ودعمها بقوة ضاربة من أجهزة الأمن والعسكر
ج ـ إنشاء أجهزة إعلامية وتعليمية هدفها تنمية الو لاءات الفرعية التفتيتية وتنشئة أجيال تنتمي لها بدأً من رياض الأطفال وصولاً للجامعة .
د ــ استغلال المثقفين وبعض النخب وتقريبهم من السلطة بتقديم الإغراءات المادية والمعنوية لهم لغرض التنظير لإفراغ الو لاءات الأساسية في الأمة وتقزيمها في ولاء محدد لا يتجاوز في أغلب الأحيان الولاء للنظام السياسي إذ لم نقل لشخص الحاكم .
ه ـ استغلال الثروات النفطية وغيرها لترسيخ الانتماء القطري والعشائري في الدول الصغيرة و تسخيرها للوقوف أمام الو لاءات الأساسية للفرد العربي المسلم .

والخطر من إنشاء هذه المؤسسات لم يكمن في تدعيم الولاء ت التفتيتية للأمة بل تأكيد ولاءات جديدة تتمثل في الولاء للحاكم والسلطة والحزب والطائفة " عندما يسود النظام الطائفي يغيب الوطن " (15) ، وخلق قنا عات ووعيا مجتمعيا جديدا ينسجم مع هذه المؤسسات ويتوافق والغرض من إنشاءها لذلك كانت النتيجة في رأينا أنه ترسخ في الوعي الذاتي للمواطن جملة من القنا عات تتمثل في الأتي :
1 ـ أن الغرض من الاستقلال الوطني لم يكن إلا خلق القائد ( الزعيم ، البطل، المحرر،المرشد، الخ ) وتثبيت سلطة الفرد وليس لتحقيق الاستقلال الوطني كخطوة باتجاه ما من شأنه أن يدعم الو لاءات الرئيسية ويحقق التنمية والتطور .
2 ـ تشابك مصلحة الفرد بالولاء القطري أدى الى تعطيل دور الجماعة وفقدان القدرة على تحويل الانتماءات الفرعية إلى سلاح من شأنه أن يغذي المفاهيم القيمية للأمة وانتماءاتها الأصيلة
3 ـ فقدان الثقة بالذات تراثاً وقيماً وأصالة بحيث لم يعد المواطن يثق بأجهزته الإدارية والتشريعية والإعلامية والذهاب الى البحث عن البديل في ما يجده في الغرب من أفكار وقيم ومفاهيم ، الأمر الذي أكد حالة اللامبالاة الجماعية تجاه القضايا المصيرية للأمة وبالتالي انتماءاتها الأصيلة بعد أن غلبت الخصوصية على العام وتداخل المشروع بغير المشروع وفقدت الثقة بالذات ، والتشكيك ليس بسلبيات الموروث بل بالموروث ذاته .
4 ــ فقدان الثقة بالأنظمة السياسية لكونها احتوت الطموحات وأشاعت الو لاءات التي تنسجم ومصالح هذه الأنظمة وأشعلت الصراعات العربية العربية ، والإسلامية الإسلامية ، والعربية الإسلامي ، الهادمة لمفهوم الولاء للأمة كحضارة وانتماء .
5 ـ أصبحت الأحزاب والمنظمات والشعارات رغم تعدد أيديولوجياتها واتجاهاتها تعمل في مصلحة الو لاءات التفتيتية والمناطقية ( القطرية ) تارة باسم الدين والحفاظ عليه وأخرى باسم العروبة والنضال من أجلها وثالثة باسم الوطنية وأخيراً باسم العولمة يجمعها هدف واحد مشترك استبعاد الاتجاهات الأصيلة في الأمة التي تعتمد الولاء للعروبة والإسلام كحالة منسجمة لأن الجماعة في الأمة تنتمي الى الوحدة لا الى التجزئة (16) ، والولاء للوطن بمفهوم الانتماء إذ لا يمكن أن يكون ولاء المرء لوطنه صحيحاً وكاملاً إن لم يكن هذا الولاء مكرساَ للوطن ، الوطن والأرض ، التاريخ والإنسان ، التراث والمصير المشترك والثقافة بكل مفرداتها وخصوصياتها التي لا يحق لأحد التنازل عنها بأي حال من الأحوال أو تحت أي ظرف من الظروف أو تحت أي مسوغ كان .
6 ـ النظر إلى المؤسسات التشريعية على أنها شكلية لا يتجاوز دورها شر عنة إرادة الحاكم وتأطيرها في قواعد وقوانين ملزمة وهي بالتالي ليس إلا مؤسسات هدفها تحقيق المصالح الضيقة لأفراد السلطة على حساب المصالح العامة لأفراد للأمة (17) .
7 ـــ تسييد الو لاءات الحزبية والطائفية والمناطقية على حساب الولاء للوطن والمثل العليا في الأمة مما أوجد مستويات للمواطنة ـ التي هي ليست إلا الحب لمؤسساته ـ نتيجة لانعدام المساواة في الحقوق وتقلد المناصب الحكومية والتسلط على مؤسسات الدولة من قبل أفراد من هذه الطائفة أو القبيلة أو الحزب أو أبناء المنطقة أو العائلة الأمر الذي أدى إلى اختلاف في درجات الانتماء للوطن والولاء له وبالتالي الشعور بعدم شرعية السلطة الحاكمة وبأهميتها أو بالدفاع عنها أو الارتقاء بدورها أوصله إلى إمكانية التآمر عليه مع الأجنبي والمحتل .
لقد تحولت هذه القنا عات إلى واقع ملموس كشفت عنها الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية والإسلامية في الأونه الأخيرة وخاصة في موقف الأنظمة والشعوب من انتفاضة الشعب الفلسطيني ومن احتلال العراق . وخاصة من الو لاءات المتباينة بين النخب وأفراد الشعب في العراق تجاه الوطن وتراثه الحضاري ولقيمي وتغليب مصلحة الطائفة والقبيلة والأحقاد الشخصية والأفكار الوافدة وعون الأجنبي لاحتلاله .
بتبلور هذه القنا عات في العقل العربي تطرح عدد من التساؤلات الكبيرة : هل الولاء للمعتقد الفكري والمذهبي أم للوطن ؟ . وهل الو لاءات الأساسية للأمة تتعارض والولاء للوطن أو للطائفة ؟ . وهل الخصوصيات القطرية والانتماء لها تتعارض و الو لاءات للأصلة بما تعنيه وتختزنه من منظومات دينية وعقدية وفكرية وقيمية وحضارية التي تمثل أبعاد المجتمع ؟ .

أزمة الولاء والحالة العراقية الراهنة :
عرف العراق عبر تاريخه كمركز استقطاب للأفكار والقيم وذلك لأسباب تعود إلى موقعه الجغرافي ووفرة مياهه وخصوبة سهوله وجهود قاطنيه والآن لنفطه ولموارده الطبيعية المختزنة في أرضه .
لقد أراد بعض العراقيون إعادة بناء العراق الجديد بأطيافه القيمية والمذهبية والحضارية التي تغلغلت في عقل العراقي تاريخيا ً ، دون هضم لدروس التاريخ ، دون استيعاب أن البلد أبدع أولى الحضارات الإنسانية التي خطت الحرف الأول وسنت التشريعات وأنتجت حواضر استقطبت الشرق والغرب بدأ من بابل وصولا إلى دار السلام ( بغداد ) و أنه لعب دوراً بارزاً في تاريخ العرب والإسلامي إذ كان منبتاً لمذاهب الفقه والأصول والحكمة كما مدارس الاعتزال والأشاعرة والتصوف وعلوم الكلام والنحو والصرف والبيان . ونسيا أن ما جرى على أرضه من صرا عات نتيجة لانتماءات و ولاءات سكانه المختلفة أو نتاج ا لتخريب المغولي والتتري. وأنه كان ساحة للصراع الطائفي المتمثلة بالنزاعات بين إمبراطوريتين ( الفرس والترك ) بغطائها العقائدي الشيعي و السني (18) ، وسياسات الإنكليز التفتيتية التي أوجدت المشكلة الكردية كحالة صراع قومي ( عربي ـ كردي ) فيما بعد وهذا بمجمله أسس لما نحن عليه من قيم عربية إسلامية بإيجابياتها وسلبياتها .
لذلك لا نستغرب أن تكون هذه المنطقة في الأمة هدفا لكل من أراد النيل منها أو من قيمها والتاريخ يشهد على ذلك . وهنا أكتفي بالإشارة إلى الفترة التي عرفها العراق إبان الحكم العثماني لنجد أنه عاش خصوصية لم تعرفها المناطق العربية والإسلامية الأخرى وهي الصراع الدائم بين الدولة الصفوية ( الشيعية ) والسلجوقية ( السنية ) على عشائر العراق العربية والكردية وعلى أرضه الغنية ليس من منطلق ديني إنما من منطلق عنصري بغطاء الدين كلف العراقيين الكثير من الأرواح والأموال
وبعد أن حسم الصراع لمصلحة العثمانيين ( السنة ) ، عرف العراقيون ما عرفته الشعوب العربية من تخلف و تسلط وقمع الأتراك باسم الإسلام (19) ، ونال أبنائه الشيعة الجزء الأكبر من الحيف والتهميش من الحكام الأتراك السنة ليأتي الاستعمار الإنكليزي في أعقاب سقوط دولة الخلافة ليعتمدوا السياسات التفتيتية (20) ، بأساليب حديثة متطورة . وهذا ما انعكس إيجابيا على مفاهيم الولاء آت الفرعية التي طغت على الرئيسية في مراحل معينة من تاريخه .
وللوقوف على حالة العراق التي قد تتباين فيه الو لاءات والانتماءات بدرجة أعلى مما هي عليه في العديد من الأقطار العربية والإسلامية نتيجة للتراكيب الأثنية والدينية التي تتمثل في فيسفساء متداخلة تصل في أحيان كثيرة إلى مرحلة التصادم الفكري والمذهبي .
فالمجتمع في العراق يتألف من العرب والأكراد والتركمان والاثوريين واللكلدان ولداغستان وغيرها من الأثنيات وكذلك من المسلمين والمسيحيين والزيدية والصابئة وأيضا من الشيعة والسنة ومن مذاهب الديانة المسيحية المختلفة كولاء ديني . فضلاً عن الانتماءات القبلية التاريخية ، والأيديولوجية المعاصرة التي عرفت مع بداية الدولة العراقية الحديثة والتي تمثلت بالأحزاب والجمعيات والأفكار والقيم الوافدة من الغرب .

الطائفة والتبعية .

ظهر مسمى الطائفة على بعض الفرق الإسلامية عندما تحولت هذه الفرق إلى جماعة دينية خالصة بعد ما تخلت عن ما يميز هذه الفرق (21) ، إلى نوعا من تكريس حالة الفرقة وتعزيز للخصوصية والتعصب ضد الطوائف الأخرى وكان العراق مسرحا ً لها . والطائفية التي ظهرت في العراق ، بحيث كان المؤسس الفعلي للطائفة الشيعية ( الإثني عشر ) للإمام محمد الباقر وليس لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه , أما السنة فقد ظهرت وتشكلت في القرن الثالث الهجري بدعم من الخليفة العباسي المتوكل الذي أعان الحرب على جميع الفرق الإسلامية بمساعدة عدد من الفقهاء والشعراء ولكن كلا الطائفتين لم تتكامل سماتهما إلا بعد أن مرت بمراحل سياسية وفكرية ومذهبية وحتى اجتماعية متباينة ومعقدة .
وما حدث من صرا عات بين الدول التي عرفت في العصر الإسلامي ليست إلا صرا عات فرق , وطوائف وفئات معارضة للسلطة تارة وللحاكم تارة أخرى أي صرا عات اجتماعية وثقافية وطبقية ، ولم يظهر الصراع الطائفي المذهبي إلا بعد أن تفاقم الصراع الصفوي ( الفارسي ) السلجوقي (التركي) (22) على أثر تبني كلً من الدولتين لغطاء عقائدي (لمذهب طائفي) وهذا يتناقض وما ذكره محمد أركون وعدد من المستشرقين بأن الصراع الطائفي يحكم التاريخ الإسلامي
و الجذور الطائفية في الوطن العربي و العراق خاصة لم تخضع لتحليل علمي إنما عرفت محاولات خجولة رصدت ظواهرها وحللت بعض من نصوصها إلا أنه في كل الأحوال لم تعالج كحالة واقعة لا بد من التعامل معها .وذلك لعدد من الأسباب والحقائق التي لابد والتعامل معها ليس بغرض النيل من هذه أو تلك إنما بهدف التعامل مع حقيقة إذ لم تطرح بشكل علمي وفق مفاهيم ومقاسات تتعامل وقيمنا الحضارية والإيمانية من شأنها أن تشتت وتربك المجتمع وتحد من تطلعاته وتعطل نموه . خاصة وأن ما علق في الذاكرة فيه خلط وأحيانا دس لم يكتف الطائفيين بإيغاله بل استغل من أعداء العربية و الإسلامية على حد سواء (23) .
يذكر د. محمد عمارة في كتابه ( تيارات الفكر الإسلامي ) من منطق توفيقي ( تقريبي ) بين السنة والشيعة لغرض نفي الصيغة الطائفية للنظام الإيراني (24) ، لكن من موقعه الفكري ( السلفي العقلاني ) . إلا أن الكاتب لم يستطيع الاستمرار بذلك بعد ما كتبه الإمام الخميني ( مؤسس الدولة الإيرانية الحالية قائد ثورتها وملهم توجهاتها ) : " أن ثبوت الولاية والحاكمية للإمام لا تعني تجرده عن منزلته التي هي له عند الله ولا تجعله مثل من عداه من الحكام . فأن للإمام مقاماً محمودا ً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون ، وأن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل" (25) . وكذلك نرى البعد الطائفي للدولة فيما ورد في المادة الثانية عشر من الدستور الإيراني الحالي " الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري وهذه المادة غير قابلة للتغيير أبدا ً " وكذلك ما يشيرا ليه الدستور في مادة لاحقة على أن : الحق لأفراد المذاهب الإسلامية ( الحنبلية والشافعية والحنفية والزيدية ) مع الطوائف غير المسلمة ( الزردشتية ، المسيحية واليهودية ) في العبادة وحرية تنظيم أحوالها الشخصية وفقا لمذهب كل طائفة أي جمع الطوائف المسلمة غير الجعفرية مع غير المسلمة والمساواة فيما بينهم (26) .
هذه المواقف والأفكار والمواد التشريعية ( لا أريد الدخول في المسائل الفقهية ) لم تنحاز إلى الطائفة الشيعية ( الإثني عشر ) فقط إنما انحازت إلى العنصر الفارسي دون العناصر الأخرى المكونة لدولة إيران الحالية رغم أهميتها و ثقلها المادي والتاريخي في المجتمع الإيراني (27) . انعكست على المجتمع العراقي وهذا ترجم من خلال الحرب العراقية الإيرانية التي وأن كان ظاهرها سياسي إنما بعدها طائفي قومي شارك في تأجيجها الطائفيين ( الشيعة والسنة ) في إيران و دول الخليج والسعودية و كانت لها أثار مدمرة على كل من العراق وإيران لأنها كانت شاملة مدمرة قاسية استنفرت بها كل الموجودات المادية والقيمية والطائفية والعشائرية والقومية في كل من البلدين المتحاربين .
وأيضا من منطلق توفيقي متضارب ينفي العراقي محسن العلوي في كتابه ( الشيعة والدولة القومية في العراق ) وجود الانتماء الطائفي للعراقيين مع اعترافه بالوجود الطائفي ويسوق عدد من الآراء المتداولة دون تمحيص ها (28) . " أن التمييز الطائفي وليس الانتماء لطائفة هو ما يجعل الإنسان طائفيا ً " . " إن الخلاف بين السنة والشيعة ليس لها طابع شعبي . أي أن الطائفية العراقية ليست طائفية شارع وإنما طائفية سياسية رسمية تتصل بالسلطة " . " أن التشييع ظهر أيام الرسول (ص ) ونواته كانت مجموعة من الصحابة اعتقدوا بإمامة علي (رض) . تم ذكرهم بكتابه " ، ويكرر الكاتب على امتداد صفحات كتابة على ربط التشييع بالعنصر العجمي .
قد نتفق جزئياً من منطلق توفيقي قومي ووطني معه وذلك لقوله : أن الطائفية العراقية لا تتصل بمصدر ديني أو فقهي . أي أن الشيعة والسنة لم يختلفوا حول قضايا الإرث أو الإمامة أو الشورى " . إلا أننا نقف أمام مسألة عدم وجود طائفية شيعية أو سنية في العراق باستغراب رغم اعترافه بخصوصية الطائفية في العراق بقوله : " لا تخضع الظاهرة الطائفية في العراق للقوانين الطائفية المعروفة في صراع الأديان والمذاهب " (29) . وذلك لاعتقادنا بأن هناك خلط واضح بين الطائفية والطائفة والطوائف والطائفي . بين الظاهرة ومكوناتها والأسس التي تقوم عليها والنتاج المترتبة على وجودها .
فالطائفية موجودة شئنا أم أبينا ويجب التعامل معها ليس من المنطلق ألتوفيقي الذي نحرص عليه إنما من منطلق واقعي للمجتمع العراقي ونخبه ولحقيقة الكيان السياسي للعراق الحديث ، وذلك لأن تجربة الدولة الحديثة سيطرت عليها ثلاثة تيارات رئيسية ( التيار القومي ، التيار الديني ، التيار الشيوعي ) بجملها لم تتخلى كليا ً من تأثير الولاء الطائفي المذهبي (30) .
فوجدنا أن التيار القومي سرعان ما تحول من كونه انتماء قومي كحق طبيعي فطري للجماعة والأفراد إلى عقيدة للتمايز وإلغاء الأخر وذلك إما للتمادي في الاعتزاز بالعرق والعنصر أو للذود عن البعد القيمي للانتساب للقومية وهذا انطبق على العرب الذين يشكون الأغلبية الساحقة من أبناء العراق وعلى القوميات الأخرى التي شعرت بالتهميش وتقوت بمثيلاتها غير العراقية ( الأكراد ، التركمان ، الفرس ) في دول الجوار الأمر الذي ولد اتجاهات قومية متطرفة في رؤاها وسياساتها الداخلية وتبعيتها للخارج .
أما التيار الديني الذي لم يعرف توحدا في نظرته للعراق كدولة وانتماء وقد برز ذلك من خلال عدد من المؤشرات مثل الموقف المتباين من تولي فيصل العربي القرشي لحكم العراق ما بين المؤيد من النخب العربية ومنها رجال الدين ( الشيعة والسنة على حد سواء ) و رجال الحوزة العلمية الغير عرب الذين اعترضوا على تنصيبه ملكا على العراق بحجة أنه معين من قبل البريطانيين (31) .
وانصراف رجال الدين الشيعة عن العمل السياسي بحجة الحرص على الحوزة العلمية في النجف لأشرف (32) ، بعد عودتهم من المنفى ( الإيراني ) أثر نفيهم من قبل رئيس الحكومة الأولى للملك فيصل غيب دورهم . إلا أن تأسيس الأحزاب الدينية بمساندة غير عراقية ( إيرانية للشيعة وحركة الإخوان المصرية للسنة ) وخاصة في أعقاب نجاح الثورة الإيرانية التي أعادت ولاية الفقيه إلى الاعتبار بعد أن اعتمدت في إيران ، أعطى لهذا التيار دور بارزاً في الحياة السياسية وخاصة في أعقاب احتلال العراق .
وعرف العراق التيار الشيوعي ( ألأممي ) وان كان دورة ضعيفاً و تميز بعدد من الملامح كان لها تأثرا ً سلبيا مباشرا ً على المجتمع العراقي بطوائفه وبأعراقه . فتأسيس الحزب الشيوعي يعود إلى اليهود العراقيين وبعد حرب عام 1948 مع الصهاينة آلت قيادته إلى أفراد لم يمثلوا الشعب العراقي بل أقليات ذات نزعات طبقية ولاءات معروفة بمركزتها للشيوعية آنذاك في موسكو عملت على تفتيت الوضع الاجتماعي للعراق لذلك عرف العراق الصراعات المريرة الدامية بين منتمي هذا التيار والتيارات القومية والدينية على حد سواء .

أن عدم الشفافية في الولاء والانتماء و وتباين المرجعية الفكرية والعقائدية لهذه التيارات انعكست سلبيا ً على المجتمع وأفرزت ظواهر سلبية تمثلت في :
1 ـ سيطرت أحد الانتماءات على الأخرى و قهرها وعدم الاعتراف بمقوماتها الدينية أو العرقية
بحيث انساقت بعض النخب القومية في تجاربها الفكرية والسياسية والاجتماعية إلى تحويل الانتماء العربي الأصيل والبريء لأغلبية سكان العراق إلى حكم العائلة وتسلط الفرد تحت غطاء وشعارات قومية لبناء ألذات العراقية الحديثة مما أيقض التيارات العصبية الأخرى المتطرفة ( الأكراد وغيرهم ) فتأزمت التركيبية الاجتماعية وزاد تشظي المجتمع العراقي .
2 ـ الاستعانة بالأجنبي على أفراد الانتماءات الأخرى الأمر الذي صعد حالة النزاع داخل البلد وأذكى حالة الفرقة والتشرذم في المجتمع العراقي وقد ظهر ذلك في استعانة الأكراد التاريخية بالأجنبي ( شاه إيران والمخابرات الروسية والمخابرات الأمريكية المركزية ) وكذلك استعانة الأحزاب الشيعية ( حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ) بإيران الشيعية والوقوف ضد النظام العراقي إثناء الحرب العراقية الإيرانية واستعانة رموز السنة والعشائر العراقية التي تعارضت مصالحها وتوجهات النظام العراقي السابق السياسية بالدول العربية ( السعودية ودول الخليج العربي ) و أخيراً التعاون مع القوات التي احتلت العراق بحجة التخلص من النظام .
3 ـ تباين الموقف بين النخب الدينية والعلمانية التي لم تنحصر بالموقف من القضايا السياسية والفكرية بل طالت العراق الحديث ككيان ( موحد أو فدرالي ) وانتماء ونظام حكم ( ديني أو علماني , ديمقراطي , تعددي حيث تداول السلطة )
4 ـ عزوف عدد من النخب السياسية والثقافية والمرجعيات الدينية عن التمسك بمصالح الوطن والولاء له بدافع الانتقام من النظام السابق والثأر لذو اتهم أو لما أمنوا به من قيم ومفاهيم تناقضت وتطلعات النظام
لا غرابه في انتماء الفرد إلى عرق أو قومية أو طائفة أو عقيدة فكرية ولكن المشكلة كمنت في إن من أنتمي إلي هذه التيارات اعتمد مفاهيم التفرد والسيطرة وتهميش الأخر أ وإلغاءه ليتحول النظام السياسي إلى نظام شمولي غيبت به أسس المواطنة وأسست لحس وطني ضعيف وتوافق اجتماعي هش وتغليب مصالح هذه التيارات وزعمائها على مصلحة الوطن (33) .
وهذا قاد العراق إلى تشتيت الو لاءات والانتماءات ليس بين النخب بل بين أفراد الشعب الذين تعايشوا بوئام ومحبة عبر تاريخهم العريق والانتماء للحضارة العربية الإسلامية التي اتصفت بالبعد الإنساني بقول الرسول الكريم : ليس العربي منكم بأب أو أم ، العربي من تكلم العربية

ما بين الانتماء والولاء
قد يحدث أن يأخذ الانتماء نفس مفهوم الولاء بشرط أن يكون ذلك قراراً يستند إلى روابط نفسية وجسدية تعبر عن الروابط التي بنتها الذاكرة والخبرة الملموسة وهذا ينتج عنه أعلى درجات الإيمان بالقيم ، بالوطن ، بالدين أو الطائفة أو بالأيديولوجية .. وغيرها .
وقد يحدث أن يكون الانتماء لا يرتبط بالولاء ولا يعنيه وبالعكس ، وهذا بدوره يحد من مفاهيم الإيمان بالمثل العليا لحساب الانتماء أو الولاء كلٍ على حده .
لقد أطلق العرب أسم المولى على أ ولاءك الذين لا يربطهم نسب بالقبيلة التي يريدون الانتماء والولاء لها . أي الغرباء الذين أعلنوا ولائهم لها نتيجة لحسابات مصلحية مادية أو قيمية للأفراد أو الجماعات وهذا النوع من الولاء ألمصلحي بغض النظر عن قيمه أو صدقه لم يغيب عن العقل العربي , ينموا وتفجر عندما تضعف مركزية السلطة وتنهار أو عندما ينمو القهر ويزداد البطش والقمع وتغيب قيم المواطنة من قبلها ، وهو أمراً عرف في مراحل متعددة من تاريخنا وتعرف من المواطن العربي في وقتنا الراهن ، وقد ظهر ذلك في العراق بشكل جلي بعد أن تفاعلت عدد من العوامل :
الأولى إرادة خارجية تتمثل بتأزم المنطقة وصولاً إلى تجزئة المجزأ وتحقيق الأمن الدائم للكيان الصهيوني (34) .
والثاني التطرف الطائفي والعرقي وعدم الوعي بمسألة الوطن وأهمية المواطن خاصة وان انتصار الثورة في إيران أنعش أمال الحركات الدينية السنية ليس على مستوى العراق بل على المستوى الإسلامي وفتحت الأبواب أمام الحركات الدينية الشيعية للعودة إلى الحياة السياسية و إلى أسس الخلاف التقليدي بين السنة الشيعة .
أما الثالث فتعود للممارسات القمعية للأخر التي مارسها النظام ضد المعارضين بعد أن غيب الحوار وهمش الأخر و كمم الأفواه وأخذ بالفردية حكما وقيادة واستبد بالبلاد .
وعبر عن هذا الخلل في حالة من هجروا من العراق برغبتهم أو بغيرها لغايات سياسية أو اقتصادية (35) . الذين أستقر أغلبهم في دول الجوار( إيران ، سوريا ، الأردن ) والبقية استقبلوا من عدد من الدول الأوربية واستراليا ونيوزلندا وخاصة من بريطانيا وهولندا والسويد إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي قبلت أعداداً من ذوي إنتماءات فكرية ودينية واجتماعية محددة .
ونورد ذلك في الجدول التالي توضيحاً لو لاءات وانتماءات الذين هجروا العراق والفترة الزمنية التي تركوا العراق فيها وكفاءاتهم و وأهم الدول التي استقبلتهم وذلك كصورة تقديرية بناء على عدد من المشاهدات والفاءات والدراسات التي اطلعت عليها حول هذا الموضوع .

الدولة الانتماءات وجود قبل 1991 وجود بعد 1991 مؤهلات اللاجئين والمقيمين
إيران طائفي وعرقي ( فرس وأكراد ) يوجد يوجد متفرقة
سوريا سياسي وعرقي يوجد يوجد إعدادا من المقيمين بقصد العمل، رموز سياسية وأحزاب علمانية
الأردن مختلف لا يوجد يوجد عدد من الذين أقاموا بها لغرض العمل( فنيين ومدرسي الجامعات )
بريطانيا متفرقة يوجد يوجد ورموز سياسية تقليدية أعداد من الأطباء والمهندسين
الدول الإسكندنافية عرقي وطائفي لا يوجد يوجد أعدادا تحت غطاء اللجوء الإنساني وخاصة من الأكراد
السعودية ودول الخليج متفرقة لا يوجد يوجد كفاءات ورجال دين من الطائفة السنية
الولايات المتحدة
وكندا متفرقة لا يوجد يوجد كفاءات , وأعدادا من الأثوريين والكلدان , أطباء ومهندسين
ليبيا واليمن متفرقة لا يوجد يوجد أصحاب الشهادات العلمية (فنيين ، أساتذة جامعات ، أطباء ومهندسين ، مدرسين ثانوي )
دول شرق أوروبا ونيوزلندا واستراليا متفرقة لا يوجد يوجد أعداد من الطلبة الذين درسوا في دول أوروبا الشرقية وأعداد من خريجي المعاهد والجامعات العراقية الذين تجنسوا في الدول المذكورة

والهجرة إلى إيران تعود أولا إلى الولاء للطائفة ( نتيجة للانتماء للطائفة الشيعية) بمباركة من المرجعية الدينية في قم التي مثلت بعد نجاح الثورة الإيرانية مركز المرجعية الإثني عشرية وثانيا إلى الانتماء الفارسي لعدد من الذين استوطنوا العراق لسنوات عديدة . وثالثا لأهداف سياسية (36) .
واحتضان إيران لهؤلاء لم يكن إلا وفق سياق مذهبي وسياسي منظم الذي تعاظم إثناء الحرب العراقية الإيرانية بعد أن ساندت كلٍ من حزب الدعوة الذي أسسه محمد باقر الصدر عام ( 1959 ) (37) ، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي أسسه محمد باقر الحكيم ومنظمته العسكرية ( فيلق بدر ) (38) ، إثناء الحرب على العراق .
وهؤلاء كانوا بمثابة صوت إيران المعارض للنظام (39) ، في بغداد وأداتها الضاربة داخل العراق وجميعهم عادوا إلى العراق مع الجيوش الأمريكية والبريطانية التي اجتاحت العراق وخاصة قيادي حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية
وفي حالة من استقر في سوريا وأقام بها فقد كان ولائهم ليس لسوريا كدولة إنما تنازعتم الو لاءات الطائفية والقومية والإيديولوجية المتباينة ، حيث استقطبت سوريا كل ألوان الطيف السياسي الطائفي والوطني والقومي ( العربي والكردي ) المعارض للنظام في بغداد وذلك لأسباب سياسية بحته تتعلق بالصراع بين قيادي حزب البعث الحاكم في كل من البلدين (40) .
إلا أن الولاء لسوريا تمثل في الولاء للأمة وللقومية العربية ولكن وفقا للفهم السوري . هذا الولاء متمثلا في أفراد البعثتين العراقيين الموالين لقيادة البعث في سوريا وفي بعض أبناء العشائر العراقية التي لها امتدادات واسعة في سوريا. أما التيارات السياسية العراقية وطنية كانت أو يسارية التي استقرت في سوريا ثم غادرتها إلى دول أوروبا ، و الجماعات الدينية غادرتها إلى إيران والكويت وبعض دول الخليج وذلك لأسباب منها :
ــ مجمل هؤلاء لم يتبلور لهم ولاء لبلد الإقامة عكس ما حدث في إيران وذلك لآن عداء قسما منهم لم يكن لقادة العراق أو للنظام السياسي القائم به إنما عداء للفكر والقيم التي كان يحكم العراق بها وهو فكر حزب البعث وقيم العروبة ، الحاكم في كل من سوريا والعراق (41) ، و بنفس الأسلوب والمفاهيم وإن اختلفت أسماء القيادات .
ـــ تولي الرئيس بشار الأسد الحكم وتحسن العلاقات الاقتصادية و السياسية بين البلدين قبيل احتلال العراق والاتفاق بين البلدين على عدم التدخل في الشؤون الداخلية مع وقف الحملات الإعلامية بينيهما .
ــ وقف الإمتيازات المادية التي كانوا يتمتعون بها في سوريا أو لضعفها مقابل ما قدم من قبل الكويت والولايات المتحدة وبريطانيا وإيران .
ــ تخوف النظام في سوريا من بعض العناصر المقيمة في سوريا التي كان ارتباطها بالمخابرات الدولية المختلفة وخاصة الأمريكية واضحا .
ــ تعارض أهداف غير القوميين العرب والوطنيين العراقيين من ( الأكراد والشيعة والشيوعيين ) والمنطلقات الفكرية والسياسية السورية التي كانت تركز على إسقاط النظام وليس تقسيم العراق أو إقامة نظام موالي للولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها في المنطقة .
ولقد عاد قسماً منهم مع القوات الأمريكية وخاصة الذين كان صراعهم مع النظام صراعاً قبلياً وليس سياسياً أو أيديولوجيا لكونهم كانوا قد انتموا لحزب البعث وتعاملوا مع النظام . وفي أغلبهم من أبناء المناطق المحاذية إلى سوريا وخاصة الأكراد العراقيين ، أما الآخرون فأنهم لم يتعاونوا من دول الغزو أو قواتها وقسما منهم مازالوا مقيمين في سوريا إلى الآن .
أما بالنسبة للذين أقاموا في الأردن وإن كانت أعدادهم في مرحلة الحصار الظالم كبيرة إلا أنهم لم يكنوا أي ولاء للأردن كنظام ملكي تطمح قياداته بعودة الملكية لحكم العراق مع دعمها السري لعناصر المعارضة المختلفة إضافة إلى المعاملة السلبية التي عومل بها أغلبهم من قبل المؤسسات الأمنية الأردنية خاصة وأن معظم من استقر في الأردن هم من العمال أو الفنيين وأساتذة الجامعات والأطباء طلبا للقمة العيش أو بغرض الانتقال إلى دول أخرى ، في حين إن السمة العامة لو لاءات العراقيين الذين أقاموا في الأردن أو اليمن وليبيا لم تكن إلا للعراق بخصائصه العرقية والطائفية وليس للبلد المضيف (42) ، وأن وجودهم في هذه الأقطار لم يكن إلا لغرض جمع المال بهدف التوجه إلى دول أوروبا الغربية أو كندا وماليزيا ونيوزلندا . أي محطات انطلاق إلى الغرب . والأغلبية العظمة من هذه الكفاءات العلمية حصلت على جنسيات الدول التي وصلت إليها ولم تعد للعراق مع القوات الأجنبية .
أما بالنسبة إلى العراقيين الذين استقبلوا في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يمكن تصنيفهم لفئتين :
الأولى ذو الو لاءات الطائفية ( سنة أو شيعة ) أو السياسية (43) ، الممثلة بعديد من الأحزاب والمنظمات التي أسست خارج العراقي (44) ، أو رموز لأحزاب عرفها العراق قبيل ثورة رمضان 1958 وأعداد من الشخصيات الدينية والعشائرية الذين أغرتهم المكاسب المالية (45)
والثانية : وهي الأغلبية العظمى من الذين هاجروا إلى أوروبا لغايات اقتصادية ، ولكن هؤلاء كانوا لقمة سائغة لأجهزة الأمن الغربية و للفئة الأولى من السياسيين التي سهلت للبعض منهم الإقامة في الدول الأوروبية لكونها كانت تتعامل بشكل مباشر مع الأجهزة الأمنية في أوروبا وأمريكا (46) ، وبعض دول الخليج إضافة إلى إيران خاصة وأن سفارات النظام المعتمدة في تلك الدول لم تقدم أي خدمات ولم تمنحهم الأوراق الرسمية ( جوازات , تسجيل المواليد الجدد, تعديل الشهادات أو المصادقة عليها ) .

ونتيجة للكم وللكفاءات العلمية والفكرية العراقية التي وجدت في الغرب سرعان ما تم تسخيرها في الركب المعارض لنظام الحكم في بغداد وتم إنشاء العديد من مراكز الدراسات والأبحاث التي تهتم بالعراق مجتمعاً وسياسة وتاريخاً ونظام حكم ، وذلك ضمن سياسة هدفها إحياء الفكر ألتهديمي المشتت لقدرات الوطن وليس للنظام فقط ، الآمر الذي أبرز مفاهيم ومصطلحات لم تطرح منذ نشأة العراق الحديث بهذه الكيفية المبرمجة مثل المحاصصة الطائفية، التمثيل الشيعي ، القومية (العربية ) العنصرية ، النسبة العددية ، القوميات العراقية ، وغيرها .
ولكن الأمر لم يقتصر على العراق بل شمل الطائفة الواحدة والقومية الواحدة مثل المرجعية ، الحوزة العلمية ، الأحزاب الدينية هيئة علماء المسلمين ، الحزب الإسلامي ، جماعة فلان وعلان إضافة إلى ظهور الحركات الانفصالية ، وصولاً إلى تقسيم المجتمع وفقاً لمن عانى الحصار وقهر النظام ( عراقيو الداخل) و( عراقيو الخارج ) الذين عاشوا في خارج العراق وعادوا إليه مع قوات الاحتلال .
هذا التباين في الانتماء والولاء والتشرذم الفكري تمثل في النخب السياسية والفكرية وفي عقل الطائفيين والعنصريين وأفكارهم الذين عادوا إلى العراق بعد اختزال قيم ومفاهيم حضارية عاشها العراق في أحزاب طائفية وعرقية وليس في السلوك الجمعي لأبناء العراق بانتماءاتهم الدينية والقومية المختلفة الذين تعايشوا وتعاملوا بتسامح من منطلق الوطنية للعراق والتآخي القومي والمذهبي .

خلاصة الدراسة
الانتماء لقومية أو طائفة أو لفكرة حق شرعي للإنسان لا اعتراض عليه ، لكن الاعتراض والمقاومة تظهر عندما يتحول هذا الانتماء إلى ولاء متطرف يلغي الأخر وينال من مقومات الاعتدال للواءات الأساسية للجماعة .
والعراق كدولة ووطن لم يكن يوماً يقوم على شعبا ً متجانسا ً عرقياً ودينيا ً ولكن التعايش بين مواطنيه سمة عرف بها عبر تاريخه العميق ، بدأ من حضاراته الأولى وصولا ً إلى الحضارة العربية الإسلامية ببعدها الديني وعمقها العربي الذي شكل الهوية العامة لمن يعيش على أرضه عرباً وكرد تركمانا وآشوريين وكلدان إذا لم يكن هناك أثراً خارجيا ً . لذلك عندما تضعف أسس هذه الهوية وعندما يسود القهر والظلم وتتعالى فئة على أخرى ويغيب الحس بالمواطنة سرعان ما تختل العلاقة بين الانتماء والولاء فتثور المسألة العرقية والطائفية على حد سواء .
أن المشكلة الأساسية التي عرفها المواطن خلال الحقب المنصرمة من دولة العراق الحديثة ( حقبة الاستقلال الوطني ) هي سيادة الو لاءات الحزبية والقبلية والمذهبية على حساب الولاء للوطن والانتماء لقيم الأمة رغم ما طرح من شعارات ، مما رسخ وعيا ً وتعلقاً عاطفياً بالوطن لذلك عند تعرض هذا الوطن للمحنة كان المواطن يعيش حالة الصراع بين مصالحه الخاصة ومصالح السلطة الممثلة بمؤسسات الوطن .
وكون هذه السلطة لا تطاع لذاتها وإنما لاعتقاد الأفراد بأنها تطاع لكونها تحقق أهدافهم وتلبي طموحاتهم المادية والمعنوية إذا كانت شرعية وعملت وفقاً للقانون ، وهذا الأمر لم يعرفه العراقيون بكافة انتماءاتهم لذلك حدث تغليب الولاء الطائفي والعنصري و ألمصلحي على الولاء للوطن و مؤسساته فتم التعامل مع القوات الأجنبية الغازية من منطلق مصلحي ذاتي للأفراد وفئوي للجماعات الطائفية والحزبية ، فخفت الشعور بالانتماء والولاء للوطن للأمة انتقاما للذات وللطائفة وللقبيلة .
لذلك على الكل العربي طوائف وأعراق ، نخب وأحزاب ، جماعات وأفراد حكاما ومحكومين العمل على فتح ملفات ترسخ للوطن مكانته وللأمة قيمها العليا .وليكن في أولويتها اعتماد المواطنة بخصوصية القطر والطائفية ببعدها التوحيدي والفرد بقيمته الإنسانية لينهض المواطن بعمله وعلمه وسلوكه وليستقيم الحاكم بسلوكه وبأدوات حكمه و وليعتز الوطن بعمقه الحضاري العربي الإسلامي مع عدم إهمال حقوق الأقليات به .

























الهوامش :
ــ ابن خلدون ’ المقدمة ــ مطبعة بولاق 1971 القاهرة ص 109
2ــ د. محمد عابد الجابري , العقل السياسي العربي محدداته وتجلياته ـ م.د.و.ع ـ بيروت 1990 ص 374
3 ــ يذكر د. نزار عبد اللطيف ألحديثي ـ الأمة والدولة في سياسة النبي (ص) والخلفاء الراشدين ت بغداد 1987 ص 62 ـ66 بأن : " دخول الإسلام بشكل جماعي كان أيضا نتيجة لقيام الدولة الجديدة في المدينة حيث سيادة نظام العدل والكفاية "
5ــ ـ الجابري ـ نفس المصدر السابق وأيضا ً : د . سمير أمين ـ الأمة العربية ( القومي والصراع الطبقي ) ـ ترجمة كمال قصير . مكتبة مدبولي القاهرة 1988 و د . محمد جابر الأنصاري ـ الدولة القطرية ـ مرحلة إقطاعية متأخرة ـ المستقبل العربي عدد (168) بيروت 1993
6 ــ محمد جابر الأنصاري نفس المصدر السابق
7 ــ د. برهان غليون ـ نظام الطائفة من الدولة إلى القبيلة , المركز الثقافي العربي , بيروت ، 1990 ص 136 ـ 137
8 ــ ابن خلدون ـ مصدر سابق ص 123 ـ 124
9ــ ناجي علوش ، الحركة القومية العربية ، نشوؤها ، تطورها ، اتجاهاتها . دار الطليعة بيروت 1975 ص 11ـ12
10 ــ د. علي أمليل ـ الإسلام والدولة الوطنية ـ الفكر العربي عدد 33ـ34 بيروت 1983 ص 493 ـ 494
11 ــ تثبت الوقائع والدراسات أن قادة الأحزاب والحركات التحررية التي عرفت في مختلف أقطار الوطن العربي كانوا من أبناء شيوخ القبائل النافذة أو من النخب الموفورة التي كانت مستفيدة من الحكم العثماني بشكل مباشر أو غير مباشر
12 ــ تلازم ومعرفة حركة التحرر العربية للفكر القومي معرفة الانتماء للفكر ألأممي ولكن ذلك بقي محصورا في أقليات محددة في مناطق مختلفة من الوطن العربي مثل معرفة الأحزاب الشيوعية واعتناقها والدعوة لها من قبل اليهود والأكراد واليونان والفرنسيين في كل من العراق وسوريا وفلسطين ولبنان ومصر والمغرب العربي
13ـ د. جورج طرابيشي ، الدولة القطرية والنظرية القومية ، دار الطليعة بيروت 1982 ص 202
14ــ مازال هناك اختلاف فكري في تقييم الخلافة العثمانية بين النخب المغاربة و النخب المشارقة فالمغاربة يعتبروا أن الخلافة ليست إلا امتداد للخلافة الإسلامية في حين أن المشارقة اعتبروها ليست إلا استعمار تركي للأرض العربية . وهذا الاختلاف بنظرنا يعود لمفهوم الاحتكاك المباشر الذي عرفه المشارقة وما عانوا من ظلم وقهر واستبداد في حين أن الأمر لم يكن بهذه الكيفية في المغرب العربي البعيد جغرافيا عن الدولة العثمانية
15 ــ يذكر د. عبد العزيز الدوري أن " القومية العربية ، قومية ثقافية ... لأن مفهوم الأمة العربية قد تكون حول اللغة والتعريب والتراث الثقافي والدور التاريخ للعرب " . الجذور التاريخية للقومية العربية ، دار العلم للملايين ، بيروت 1960 ص 87 ـ 91
16ــ الطائفية إلى أين ؟ تأليف مجموعة من الباحثين المصريين ( يونان لبيب) ـ دار مصر الجديدة ص 65
17ـــ مقارنة مع نشأة الأحزاب العربية ( الدينة أو القومية أو العلمانية ) بالأوربية نجد أنها اعتمدت على العائلة والقبيلة والمنطقة حتى الأحزاب العلمانية لم تستطيع التخلص من هذا التأثير لكون قادتها عند خوض الانتخابات يعودوا إلى القبيلة والعشيرة أو الطائفة لضمان النجاح .في حين أن الانتماء للحزب في الغرب يعني الانتماء إلى برنامج سياسي أي أنها تجاوزت العصبيات والانتماءات الطائفية والمحلية
18ـــ الأمثلة على ذلك لا تحصى بدأً بتعديل الدساتير لكي تنسجم ومواصفات الحاكم , أعمام قوانين الطوارئ وتعميم الأحكام العرفية وليس بأخراه ً كيفية انتخابات أو تعيين أفرادها بالطرق التي لا تنسجم وانتماءاتها الحضارية ( الرشوة ’ التزوير في صناديق الانتخابات وغيرها ) .
19ــ عمدت كلا الطائفتين إلى اكتشاف المزارات وأضرحة الصحابة والأئمة والأولياء كحالة لترسيخ حالة الاستفزاز المتبادل بينهما بحيث لا تجد مدينة إلا وهناك ضريح أو مزار أو مقام أو مرقد
20ــ حول ما أصاب الأمة من تسلط واستبداد في ظل الخلافة العثمانية راجع طبائع الاستبداد , وأم القرى للمصلح المرحوم عبد الرحمن لكواكبي .
21ـــ حول هذا الموضوع راجع تاريخ الوزارات العراقية ج 1 لعبد الرزاق الحسني دار الثقافة بغداد 1983
22ــ ظهرت العديد من الفرق مثل المعتزلة والخوارج و الأشاعرة والمتصوفة في تلك المرحلة
23 ــ ما يؤكد ذلك تواريخ تشييع بعض القبائل العربية التي رغم أنها قاتلت الأمويين إلى جانب الإمام على وأبنائه فيما بعد لم بتشييع إلا منذ أقل من مائة عام وذلك نتيجة لظرف سياسي أكثر منه مذهبي مثل قبيلة ربيعة ، وبعد فترة عشائر الزبيد وتميم الذين انقسموا بين الشيعة والسنة ، وكذلك أهل إيران الذين لم يتشبعوا إلا عندما أجبرهم الصفو يين بقوة السيف على ذلك
24ــ نجد كم من الكتب والمطبوعات الأنيقة المستفزة في طائفيتها في مكتباتنا خاصة بللك الصادرة من إيران التي تنال من السنة ورموزها ومن السعودية التيس تنال من الشيعة وتكفرهم
25ــ د. محمد عمارة ، تيارات الفكر الإسلامي ص 217
26ــ نفس المصدر ص 225
27 ــ راجع الدستور الإيراني المواد ( 12 و13 )
ـ 28جمهورية الإيرانية تتكون من عدد من القوميات إضافة للفرس مثل العرب والكرد والبلوش والأذريين والهزارا والتركمان وغيرها ويتوزعوا إلى طوائف الشيعة ( الإثني عشرية ) والسنة والإسماعيلية والزردشتية والمسيحية وطائفة صغيرة من اليهود .
29 ــ حسن العلوي ، الشيعة والدولة القومية ، دار الزور عام 1988 . ص 19 ، ص 41 ¸ص377
30 ــ نفس المصدر السابق
31 ـــ أثار ترشيح الأمير فيصل ملكاً على العراق في مؤتمر القاهرة 12/3/1921 مشكلة داخل الوسط الديني في العراق عندما بويع من عدد من علماء النجف والحوزة العلمية مثل محسن أبو طبيخ وعلوا ن الياسري والسيد محمد الصدر والشيخ مهدي ألخالصي الذي بقض البيعة فيما بعد في حين أعترض السيد أبو الحسن الأصفهاني ومحمد حسين ألنائبي وغيرهم للمزيد ون التفاصيل حول هذا الموضوع : أنظر كل من : عبد العني الملاح ، تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق ص18 ــــ د. وميض نظمي ، الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية في العراق ص 420 وكذلك عبد الرزاق الحسني ، تاريخ الوزارات العراقية ج1 ، ص111
32 ـــ رغم إن عدد من رجال الحوزة العلمية شاركوا شيوخ العشائر في ثورة النجف وثورة العشرين إلا أنه على غرار بعض علماء الدين من السنة فقد تعاملوا من المستعمر البريطاني وهادنوه بحجة الحفاظ على الدين . أمثال السيد اليزدي من الشيعة و عبد الرحمن الكيلاني نقيب أشراف بغداد من السنة د . وميض نظمي الجذور السياسية و الفكرية والاجتماعية للحركة القومية العربية مصدر سابق ص420
33 ـــ حسن شبر ، تاريخ العراق السياسي المعاصر ج2 ص 296
ــ بالنظر إلى تركيبية المجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية نجد أن انتماء الجميع لأميركا وللدستور الذي يقر بال ولاءات المتفرقة للجميع ويحقق المواطنة للجميع لذلك يشعر من يحمل الجنسية الأمريكية بغض النظر عن انتمائه الطائفي أو لأثني بالحس الوطني والاعتزاز بأميركا
34 ـ حول هذا الموضوع أنظر نظريات مستشار الأمن القومي الأمريكي ( بريجنسكي ) و ( كيسنجر ) والإستراتيجي ( عويديد بينون ) إضافة إلى رؤية كل من بن غور يون وموشي شاريت الذين أكدوا على أن " مستقبل إسرائيل يكمن في تحويل المنطقة العربية إلى ( موزاييك متنوع ) من الكيانات الطائفية والعرقية وتغذية النزعات الانفصالية للأقليات " موقع التجديد العربي www.arabrenewal.com
35 ـــ قدرت المصادر الغربية أن مجموع من غادر العراق لأسباب اقتصادية وسياسية منذ 1991 إلى تاريخ احتلال بغداد بلغ ما يقرب من أربعة ملايين شخص من فئات المجتمع المختلفة
36 ــ عند قيام الحرب العراقية الإيرانية قامت السلطات العراقية بطرد عدد من العراقيين ذوي الأصول الفارسية إلى إيران نتيجة لتفجير جامعة المستنصيرية الذي ذهب ضحيته عدد من الطلاب قام بها عدد من الموالين للثورة الإيرانية من ذوي الأصول الفارسية بالعراق ولكن السلطات الإيرانية رفضت استقبالهم وأقامت لهم معسكرات على الحدود العراقية وشكلوا بذلك نواة فيلق بدر العسكري فيما بعد
37 ــ تأسس حزب الدعوة الإسلامي( الشيعي) في أعقاب الثورة التي قام ( العلمانيين ) القوميين ( الناصريين والبعثتين ) ضد الحكم الملكي عام 1958 وقد شارك في تأسيسه محمد حسين فظل الله من لبنان وحمد باقر الصدر من العراق وعدد من فقهاء الشيعة العرب ،وقد أخذ بمفهوم ولاية الفقيه التي تأثر بها الإمام الخميني وبينها في كتابه ( الحكومة الإسلامية ) ونظراً لرغبة مؤسسي الحزب بإبقاء المذهب تحت قيادة الشيعة العرب قامت إيران بعد نجاح الثورة بها بتأسيس تنظيما موالي لها بشكل مطلق أطلقت عليه ( المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ) ـــ حسن خليل غريب ، دراسة حول الواقع السياسي الشيعي في العراق المحتل ـ موقع شبكة البصرة ALBASRA.NET
38ــ تشكل هذا الفيلق من الشيعة ذوي الأصول الفارسية وكان دوره محدد في محاربة النظام في العراق وتهديم البنية النحتية له واغتيال الموالين له أكانوا من الشيعة أو غيرهم ، وبعد سقوط النظام 9/4/2002 عمد إفراد الفيلق على تصفية أعضاء حزب البعث وزعماء وأبناء العشائر الذين كان لهم دورا بارزاً في محاربة إيران والدفاع عن العراق كوطن .
39 ــ منعت إيران عن الذين لجئوا لها أبسط الحقوق إلا بعد إثبات ولائهم ليس فقط الطائفي إنما لنظام الحكم بها ، وأقيم لهم معسكرات مورست بها وسائل غسل الأدمغة ومنع على نزلائها تملك أبسط الأشياء . وحجبت أخبارهم عن وسائل الإعلام ولكن فضحت الأساليب ألا إنسانية إثناء التظاهرات التي عمت معسكرات اللاجئين فيها و منها معسكر مدينة ديز فول صيف 1994 . محمد حسن الموسوي ، شاهد عيان للمنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين / www .Iraq of tomorrow // : http
40 ـ كل من انشق عن النظام من العبثيين في العراق كان يصل سوريا وقسما منهم ينتقل إلى مكان أخر ليقيم فيه
41 ــ كان قانون اجتثاث البعث من أولى القرارات التي اتخذها بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق وسانده بذلك الأحزاب الشيعية ( حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية والحزب الوطني وحزب الوفاق إضافة إلى الأحزاب الكردية وغيرها من التنظيمات التي كانت أعداد من قياداتها تتخذ من دمشق مقرأ لهل قبيل انتقالها للتعامل المباشر مع الولايات المتحدة وبريطانيا
42 ـــ في ليبيا استقر لبعض من الوقت أعداد من العراقيين من الذين هجروا لأصولهم الإيرانية إثناء الحرب مع إيران إضافة إلى بعض من الشيوعيين الأكراد .
43 ـــ مثل الحزب الوطني الديمقراطي ( كامل الجاد رجي) ،و الحزب الشيوعي العراقي ( حميد مجيد )
44 ــ حزب الوفاق الوطني ( أياد علاوي ) والحزب الوطني ( أحمد الشلبي ) وغيرها ومناصري الملكية ( الشريف علي )
45 ــ أمثال محمد بحر العلوم , وعبد المجيد الخوئي وبعض الأسماء السنية
46 ــ يذكر إياد علاوي رئيس الحكومة العراقية المؤقتة بأنه تعامل مع ستة عشر جهاز مخابرات دولية بهدف إسقاط نظام الحكم في العراق



#عادل_نايف_أبوترابة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل نايف أبوترابة - إشكالية الولاء في العقل العربي العراق نموذجا ً