أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد ع محمد - عندما نناهض ما ندعو إليه















المزيد.....

عندما نناهض ما ندعو إليه


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 22:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ "
أبو الأسود الدؤلي
لا شك بأن الانسان حر بقناعاته طالما أنها لا تتجاوز حَرم غيره، متى كان، مَن كان، وأينما كان، ولكن كم سيكون جديراً بالتوقير أكثر ذلك الذي يشبه ما يقوله، ويمارس قناعاته صراحةً وبدون مواربة، ليس فقط فيما يتعلق بالجوانب الفكرية والسياسية والقيمية والأخلاقية، إنما حتى فيما يتعلق بالحاجات الجسدية له أو لمن يخصونه، ولا يخجل من مجاهرة النطق بها إذا ما كان المرء مؤمناً ومستشعراً أهميتها، وبالتالي التعامل مع مختلف الحاجات البدنية بسوية واحدة، وإذا أمكن علانية، مادامت الظروف تسمح بإظهار ما يراه جديراً بإشاعته، وليس إقصاء البعضِ وصب الاهتمام كله بواحدة منها.
كما أنه من البديهي أن الانسان الذي تداهمه حاجة فيزيولوجية ما أن يبحث عما يلبي حاجته، ليعود طبيعياً مثلما هي عادته قبل أن تُغير على بدنه سطوة الحاجات البدنية تلك، وذلك قبل بروز علةٍ قد تنتج عند غيابها للسطحِ وتدفع باتجاه تفاقمها، منها على سبيل الذكر الحاجة للشراب والطعام والأمان والجنس، ومع ما للطعام والشراب من أهمية فائقة لدى الانسان لصلتهما المباشرة بالصحة البدنية والنفسية ودوام العمر، إلا أننا قليلاً ما نرى مِن العقلاء ـ عدا المتسولين ـ مَن يتفاخر بأنه جائع، فيتجرأ ويعلن للملأ بأنه بحاجة ماسة للطعام والشراب من خلال النوافذ التي يطل منها على أصدقائه أو معارفه، إنما العكس هو ما يظهره أغلبهم، ويبقى الواحد منهم مكابراً ويبدو عفيفَ النفس رغم هول الجوع وخطورة تبعاته.
أما في حالة اشتداد الحاح الغريزة الجنسية عليه فيلاحظ بشكل جلي من خلال الحديث أو اهتماماته في عالم التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية، مدى وصول الفرد الجائع جنسياَ الى مراقي التشهير لحالته أو الترويج لها، ولا يُعرف تحديداً ما إن كان يفعل ذلك من باب لفت الأنظار لعوارضه البدنية؟ أم أنه من باب الاستعطاف يفعل ذلك؟ أم أنه من خلال نشر مشاهد العُري يُعبر عن مكنونه، لتبدو حالة نهمه الشبقي ظاهرة للعيان بدون لف أو دوران ولا اختباء أو تعفف مثلما يفعل عادة مع حاجتي الجوع والعطش، بالرغم من أن الحاجات الأخيرة تفوق سابقاتها أهمية، مع أنه معروف بأن الانسان عندما يؤمن بشيء ما لا يتحرج من طرح يؤمن به، وبالتالي عليه أن يدافع ويحاجج ويقدم الفروض ليوصل الى درجة البرهان على ما يؤمن به، بينه وبين نفسه، ومن ثم بينه وبين الآخرين.
لذا فإن على من كان مقتنعاً بأن مشاهد العُري مهمة جداً لحياة الإنسان، تفيد سعادته، وتبعد عنه سلطان الجهل والتطرف الديني وسطوة المتشددين، فلا بأس به عندئذٍ من أن يكون مستعداً لنشر ما يراه الخير والدفاع عما يؤمن به، وذلك حتى ولو قاده الموقف الى دفع أثمانٍ باهظة قد تفضي به الى ديار التهلكة دفاعاً عن مواقفه وآرائه، على غرار ما حصل مع سقراط على سبيل الذكر، وهنا طبعاً الخطاب غير موجه للطائشين أو المراهقين أو سماسرة الأجساد، إنما هو موجه لأصحاب الرأي والمشورة من العاملين في حقول الكتابة والفن والسياسة، إذ أن على أحد المنتمين للفئات المذكورة في الأخير، أنه إذا ما دعا الى تبني فكرة ما أو نظرية، فالأولى به أن يمتثل لمضمونها ويلتزم بها قبل غيره تبعاً للمنهج السلوكي في علم النفس، وطالما أنه يروّج لشيء ما، فهذا يعني بأنه يؤمن به ويعتقده الصواب الذي عليه نشره، ومن المفروض أن تكون لديه حججه التي تدفعه لتعميم ما يراه مهماً بين العامة، للدلالة على أن نشر الصور الإباحية واللوحات العارية تشير بأن صاحبها يرى فيها صلاحاً، وفائدة للناس، وقد تنقذهم ثقافة البورنو من مخاطر التحجر والانغلاق والحشمة، هذا إذا ما كان الداعي واضحاً ولا يمارس لعبة النفاق ويلجأ الى تصرفات النعامة مع من يحيطونه، وأن عليه تطبيق ما يراه الحق وما يؤمن به أولاً على ذاته أو محيطه بما أنها تجارب إنسانية مشوقة وغير مؤذية على خلاف التجارب العلمية التي عادة ما تجرى على الجرذان، وبذلك تعمم المنفعة في المجتمع، بل وعليه أن يتحلى بالجرأة والقدرة على تحمل تبعات ما يدعو إليه.
إذن فعلى من يدعو الى التحرر الجنسي بشكلٍ من الأشكال عليه أن يبدأ من حقل الذات، ومن ثم ينتقل منها الى حقول الذوات، وذلك لكي يكون مُقنعاً بأفكاره وتصرفاته، وصادقاً مع نفسه، ومع الناس من بعده، بما أنه ينوي بلوغ أربه من خلال ما يُذيعه سعياً لإشاعته، ولا يُظهر للعامة بأنه كان كذوباً بالذي يؤمن به.
عموماً فالإيمان الكذوب يقودنا الى إيراد مثالٍ حي عمن يشرعنون لأنفسهم ما قد يحرمونه على الغير، أو يناهضون عملياً ما يدعون إليه نظرياً، ومنها أن ثمة ظاهرة انتشرت في بلادنا فترة التسعينات ووجد من يعمل على إيقادها، وهي تدعو صراحةً الى المشاعية الجنسية، وجلهم كان من العاملين في الحقول الثقافية، إلا أنك ولمجرد اقتياد أحدهم الى المحكِ كان يكشف بسرعة عن زيف إيمانه، ومنها فثمة جدالٌ دار بين فنانٍ وزميله في أحد المقاهي بحلب، فراح يجادل القرين قرينه بشأن دعواه قائلاً: أنا معك فيما تطرحه ولكن أرى بأنه من المستحسن أن نكون السبّاقين لفعل ما ندعو إليه، أي بأن تجلب أنت نساءك، وأنا أأتي بحريمي، ونبدأ حينها بإعلان كرنفال الوطء العام، إلا أن صاحب المشروع والدعوة سرعان ما أشاح بوجهه وتناسى الفكرة برمتها، وراح يلج زقاقاً آخر لعلهُ يخلصه من الموقف المحرج الذي وضع نفسه فيه، وليكشف بذلك عن كذب ما يؤمن به هذا النموذج من المثقفين الذين لا يختلفون عن الكثير من رجال الدين الذين لا تكون فتاويهم إلا استجابة لأهوائهم.
وفي الختام نقول بأنه على الذي يود أن يلتحق بركب حضارة الخلاعة، ليس من رِحاب العلوم والقوانين والفلسفات والأفكار الخلاقة، إنما من الباب الذي يسهل على أي نفرٍ سخيفٍ الولوج منه وإليه، ألا وهو باب التهتك والتعري، فيكون وقتها من الأفضل والأصدق ربما له ولما يؤمن به، هو أن يتجاوز الحدود النظرية ويبدأ بنشر الرسوم العارية لإحدى القريبات منه مثلاً: صورة أمه وهي عارية، أو لقطة إيروتيكية لأخته مع أحد الفحول، أو لوحةً تحملُ كامل عناصر الاثارة والتشويق الجنسي لزوجته، وذلك للتأكيد فعلاً بأنه يفعل ما يقول، وبأنه صار متحرراً من مخلفات مفاهيمه السابقة عن الجماع والمواقعة، وغدا متحضراً من ناحية التعامل مع الجسد ككل والمعرفة الجنسية على وجه الخصوص، ليصبح حينها متجاوزاً حالة التنظير أو الاقتفاء، بل يكون وقتئذٍ مماثلاً في الإيمان، والقولِ، والسلوكِ، لثقافة الجنسِ لدى مَن يحاول التشبه بهم ومحاكاة طقوس ممارساتهم قولاً وعملاً.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأوهام وزارعيها
- دونك أو دونه
- ما بين الخنوع والإباحية
- أكثر ما يؤلم الحمار
- من السهروردي الى أشرف فياض
- ليلى زانا والقَسمُ الكردي من جديد
- أطفال سوريا في يوم الطفل العالمي
- المتضرر الحقيقي من الحرب لا يمتلك ثمن الوصول الى أوروبا
- جاذبية متن الدواعش
- عندما يستهدفك اخوانك
- ماذا لو تغيرت قاعدة التضحية؟
- أسرع الناس اندماجاً
- كن مثلكْ
- الاقتداء ببائعة الجسد أم بالمثقف؟
- سوريا تحتاج الى سنين لكي تكون مكان آمن للعيش فيها
- عندما يصبح المديحُ ثقافة
- هزتين
- الدعوة الى البهيمية
- الكردي وشوق المحاكاة
- بين معاداة الكلابِ ومحاباة أصحابها


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد ع محمد - عندما نناهض ما ندعو إليه