أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر اليونس - قراءة في كتاب أساطير الآخِرين لياسين الحاج صالح















المزيد.....

قراءة في كتاب أساطير الآخِرين لياسين الحاج صالح


ناصر اليونس

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 21:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة في كتاب أساطير الآخِرين لياسين الحاج صالح
ناصر اليونس

رغم العدد الكبير للدراسات والأبحاث والمقالات التي تناولت الاسلام وخاصة الجانب السياسي منه وعلاقته بالدولة ومفهوم الدولة نفسه في الاسلام , والصراع بين دعاة الحاكمية الشعبية الديموقراطية انصار دولة الدستور والقانون الوضعي والمؤسسات من طرف , والحاكمية الالهية والدولة الثيوقراطية من طرف اخر , ما الذي استطاع ان يضيفه الحاج صالح في جو الاستعصاء الحداثي في عالمنا الاسلامي واحتقانه السياسي والاجتماعي ؟
ربما علينا منذ البداية أن لا نطلب الكثير من كتاب واحد وكاتب واحد فهي بالأصل اشكالية ومشروع ليس دولة بل دول وشعوب ما تزال تعيش ازدواجية وجودية حداثية استهلاكية ظاهرية من جانب و مستلبة للماضي تجد فيه مشاكلها و حلولها المفترضة وحاضرها ومستقبلها من جانب اخر .

ربما لا يسعنا المقال للإيجاز بما احتوته سطور الكتب لكن يمكن تسليط الضوء على نقاط برأينا تحمل جوهر النص وتلامس صميمه .
يعتمد الحاج صالح في كتابه على نماذج محددة في الحديث عن فقهاء الدين منهم السيد قطب وحسن البنا وخص بكلامه الشيخ يوسف القرضاوي وهذا ما ذكرنا في كتاب سابق لعبد الرزاق عيد 2003 – سدنة هياكل الوهم – نقد العقل الفقهي البوطي نموذجا في الجزء الاول , و القرضاوي نموذجا في جزئه الثاني , ومع ان الدكتور عيد كان مركزا على آلية العمل للعقل الفقهي وادواته ومواضيعه , فهنا نجد عند الحاج صالح الحديث في العموميات والامور الرئيسية , فقد بدأ بتعريف الدين واختصاصه وحدوده , وخاصة مع الدعاوات الرائجة هذه الايام لاستحضار الدين الاسلامي الحقيقي وهو بتوصيف الحاج صالح " لا يوجد الا كمتخيل ايماني , كمشاركة عابرة للعصور في تجربة أصلية إلا أنه لا يدرك ذاته كمتخيل , بل ك ’علم’ ويقين ....ص 34
اي بحاجة لمن يقدمه ويصيغه كنموذج عام وشامل لكل مناحي الحياة كما يريده الفقهاء ومنهم حسن البنا حيث يقول الاسلام بوصفه : "عبادة وقيادة ودينا ودولة و روحانية وعملا لا ينفك واحدهما عن الاخر".
وهنا المقصود خلط التاريخي بالديني بالسياسي بالتعبدي بالعقائدي ويصبح الاسلام يشملها كلها , ويستدل الحاج صالح بقول القرضاوي نفسه في كتاب فقه الدولة في الاسلام " الدين في الحقيقة إنما هو جزء من الاسلام " , وفي سياق اخر قال القرضاوي " هنالك خلطا كبيرا بين ما هو اسلامي وما هو ديني , فكثيرون يحسبون ان كل ما هو اسلامي يكون دينيا والواقع أن الاسلام اوسع وأكبر من كلمة دين ...."
إذا ما هو الاسلام ؟ وكيف نستدل عليه واعتمادا على اية مرجعية سوف تفسر لنا النص الذي يحتمل التأويل وخاصة القرآن الذي قال عنه الامام علي حمال اوجه ؟
فهل نساق خلف القرضاوي ونستحضر النماذج السابقة او "العصر الذهبي" للإسلام و خاصة في العهد الاموي والعباسي ونعتبر اعمالهم العسكرية من صلب الاسلام ونسلم بالأدوات الفقهية التي اقرت الوراثة في الحكم والظلم والاضطهاد الممنهج الذي آلت اليه الخلافة في حينه , وتم تمريره تحت بند الجبرية الاشعرية التي تقول ان الخلفاء وسلطتهم اتت كمشيئة الله !؟
فمن الجهة المخولة بالحكم ؟ او أية مدرسة او مذهب أو تمثل الاسلام ؟
بات الاسلام بحسب تعابير الحاج صالح : " ليس كتلة واحدة بل مختلف ومتنازع عليه وتم تجذير هذا النزاع منذ القرن الرابع الهجري " .
" إن تاريخية الدين هي حليف مبدئي للإصلاح الديني والعلمانية ,منظورا اليهما كعمليات تاريخية صراعية لا كايديولوجيات وليس العكس. وهي التي تفتح الباب على طرح عملي للمشكلة بدل الطرح الاقناعي السائد الذي ينافس الاسلامين على الاسلام منطق الايديولوجيا وهو منطق لا تاريخي بالضرورة . وهو ما يشوش الامر ويتصور ان الدين يتطوع من تلقاء نفسه لإصلاح ذاته "...49
المعتزلة هم أول من قال بخلق القرآن وانه انزل وخلق بفترة النبوة اي بداية ومدخل لتاريخية القرآن وهي نظرة أقرب إلى العلمانية .
"احد اسباب هزيمة المعتزلة أن , تفكيرهم يتعارض مع حاجة الامة إلى التشريف او تقديس نفسها , والاختصاص بالله ..... فلا يوفر ذلك التماهي الحار الذي يطلبه عموم المؤمنون , اله المعتزلة بعيد لا يناجى ولا ينتسب له او يتماهى به ".
اغلب الحركات الاصلاحية والعقلانية منها كالمعتزلة باءت بالفشل في التاريخ الاسلامي وكان دائما النصر للتيارات المتطرفة الاكثر انغلاقا على نفسها التي تجاهر ليلا نهارا ب "لا" لكل العالم بقيمه و حداثته اما اليوم باتت الحداثة تطرق كل باب ولا يستطيع المسلم بحسب الحاج صالح "ان يعترض على الحداثة أو أن يشكك في عتادها , وهذا ضروري جدا الا بعد ما ينخرط فيها فيسهم في انتاجها . وفي تفكيكها ايضا لا بد للإسلام أن يتصالح مع الحدث , كي يستطيع ان يصارع الحداثة . فإن انغلق دونها , ارتد رفضه لها إلى رفض سلبي لا يؤثر عليها ولا يمكنه هو من الدفاع عن نفسه في وجه غزوها الكاسح "... ص77
وامام هذا الرفض الاسلامي للحداثة وقول "لا" للعالم " ليس ثمة غير واحد من مآلين ممكنين منطقيا ل "لا" الاسلامية للعالم , الاول هو تغير العالم ليطابق الاسلام والثاني هو تغير الاسلام ليطابق العالم " ص 129
وهنا يطرح الحاج صالح سؤال مهم ومباشر : هل العالم الحديث بهذه المثالية كي نغير الاسلام ليناسبه أم نغير العالم بالطريقة الاسلامية اي افناء العالم وتدميره ؟؟؟
ويجيب هنالك حل ثالث اكتسبته التيارات الاسلامية في الجمع بين ال "لا" للعالم على المستوى الاخلاقي والثقافي والقيمي والنفسي , ونعم على مستوى الحداثة الجهازية : الادوات والتكنولوجيا واجهزة الحكم . ان اسامة بن لادن هو ابن الحداثة الجهازية العربية وسليل فصامها الاصيل .
والمقصود هنا ان ال "لا" الاسلامية تجاه العالم حين يرفض المسلمون الدخول في الحداثة بكافة مجالاتها الاخلاقية والقيمية والاقتصادية باعتبار ان العالم الحديث ب نيوليبراليته البوشية متوحش , وقد برز اسامة بن لادن بال"لا" وقسم العالم بكل سهولة وقبول جماهيري لا بأس فيه او ساكت عنه الى فسطاطين فسطاط الحق والخير وفسطاط الكفر والشر بالتوازي مع تقسيم بوش العالم الى من معه ومن ضده.
ما يقوله الحاج صالح : أنه يجب تحويل ال "لا" الاسلامية إلى اساس للضمير والاخلاقية , أي التحول من نفي العالم الخارجي إلى تأسيس متجدد للعالم الداخلي ..... فليس هنالك اخلاقية من دون "لا" أولية للعالم بظلمته واحتكاره وشركاته المسعورة .
ويرى الحاج صالح ان : " الاسلامية المعاصرة وثنية جوهرية , تعبد الاسلام بما هو حرف وأصل , ولا تكف عن تصليبه في جسم محدود ضيق من اوامر ونواه وشعائر معزولة عن الثقافة " ص152 , وهو تفسير تطبيقي لكلام القرضاوي بان : الاسلام مستغني بذاته عما سواه .
وباتت قضايا تطبيق الشريعة والحدود والجهاد والعنف كلها من صميم الاسلام و يفصل الحاج صالح بين الاسلام والعنف ولا ينسبه لصميم تعاليمه بل يرده إلى ظروف المسلمين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدولية المعاصرة , وهنا يحق لنا التساؤل لماذا لا نرى جهاديين بوذيين او انتحارين من قبائل افريقيا او استراليا رغم انهم مستغرقين في الانعزال والتخلف والفقر والاضطهاد ؟!
ما الهدف من اظهار صورة احادية للإسلام وعدم نسب العنف الواضح والبين في تعاليمه هل سنقوم بتطبيق تعاليمه الغير عنفية مثلا ؟ أم الافضل أن نعيد قراءة الاسلام وفصل الديني التعبدي عن الاجتهادات والتأويلات والتشريعات ؟
ثم ما هو العنف ؟ هل فقط تفجير المحطات والملاعب والنوادي في اوروبا يعتبر عنف ام قطع يد وارجل وصلب ورجم النساء المغتصبات هذا بدوره الا يعتبر عنف ايضا ؟
يحاول الحاج صالح في الاقسام الاخيرة من الكتاب ان يجد طرفا مسؤولا للحوار وان يتحمل مسؤولية فتاويه واجتهاداته , لكن بداية الحل برأيه تبدأ في التمهيد وصناعة هذا المسؤول , وخاصة " ان ما نحن شهود له من تبعثر نقاط سلطة دينية في المجتمعات العربية , أشبه بالإقطاعيات الاوربية , والعدد الوفير من الامراء الدينين الذين يشبهون امراء اوروبا الوسطية وملوكها واباطرتها , والذين يحوز كل منهم سلطة مطلقة يسوغ وحده ضرورة مركزة السلطة الدينية ومأسستها ضمانا لاستقرار ووحدة التشريع"ص189
" نريد حماية الدين من الدولة , بات يستلزم اليوم , أكثر من اي وقت مضى , حماية الدين من تبعثر السلطة الدينية ...190
ويضيف اننا في حالة " تناثرا دينيا شديدا وانتشار قطاع الطرق الى الله على صورة مشايخ وامراء دينين ومفتين من كل نوع .....فما اباحته فتوى متساهلة , يمكن أن تصدر غدا فتوى اخرى تحرمه بمنتهى الصرامة ....231
يبدو ان الحاج صالح كمن يريد ان يربي نمورا صغيرة في مكان عام ويريد من المارين ان يقدموا الطعام والشراب لهم وينتظر هؤلاء الهررة الصغار لتكبر وتأكل كل من حولها .
خطورة وجود مؤسسة دينية واحدة وخاصة ان احكامها ستكون مجمع عليها ومسموعة وملزمة لكل المسلمين وستفوق خطورة أي حزب ايديولوجي فاشستي عرفه التاريخ , نفهم ان الحاج صالح يريد أن يجعل من المؤسسة مرجعية تاريخية تمكنها من تجاوز نفسها والجرأة على احالة الغث والسمين من التراث الاسلامي للتقادم , وقدم في هذا المجال الكنيسة الكاثوليكية كنموذج والمرجعية الشيعية أيضا .
لكن يحق لنا السؤال كيف نتفائل بهذا الاقتراح ولم نجد للمأسسة الشيعية اي تراكم معرفي يذكر فلا تجديد ولا تنوير بل العكس تماما ترى المرجعية شيعية متسترة على مستنقع الفساد الاداري للحكومات التي استولت عليها في العراق وايران وعبر ايديولوجيا الغيبيات والخوارق الميتافيزيقية التي تناولها جورج طرابيشي بالتعداد والحصر فبينما انها كانت في المئات في ارشيف المرجعية بالقرن الرابع الهجري باتت الآن بالألاف وهي تتضاعف .
والمأسسة السنية لن تتحول إلا لكيان موازي لتلك الشيعية وسنصبح أمام سباق تشددي غيبي وصراع للخرافات لن ينتهي بل سنستهلك طاقات شعوب المنطقة في سجالات طائفية سهلة الولوج في ذهنية اتباع الرعية المحظية , والكلام عن تراكم تاريخي وعن فرص العقلنة بأنها اكبر عند رجال الدين الذين يكونوا ضمن مؤسسة دينية واحدة بحسب ماكس فيبر فهذا ان صح فهو يحتاج لمئات السنين دون اية ضمانات بالنتائج المرجوة .
ان نص ياسين الحاج صالح يصب في اطاره الزماني والمكاني ويعيد طرح السؤال من جديد وهي مسؤولية يتهرب منها أغلب المثقفين العرب لأنها تخدش الاعراف التقليدية وخاصة انها تتناول الاسلام كثقافة وحضارة متراكمة عمرها مئات السنين لا كمنظومة هيولية مقدسة لا ملامح او شكل لها يجب التسليم بها كما هي , وهو نص يستوجب الوقوف مطولا عنده و التجروء لا على فتح باب الحوار فقط بل اتخاذ احكام وقرارات جديدة بتنا بحاجة ماسة لها وخاصة ما يتعلق بالحاكمية و الدولة والسلطة والدين .



#ناصر_اليونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن العقوبات البدنية
- تجارب وخلفيات الحركات الجهادية في سوريا
- الفيتشية من الخفاء إلى العلانية تطور الرموز ودلالتها


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر اليونس - قراءة في كتاب أساطير الآخِرين لياسين الحاج صالح