أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - الاستعمار اللولبي و العنصرية الحضارية...!!!..















المزيد.....

الاستعمار اللولبي و العنصرية الحضارية...!!!..


اكرم هواس

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 00:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستعمار اللولبي و العنصرية الحضارية...!!!..

يمكن ان يكون من المضحك ان نتحدث عن الاستعمار في هذا الوقت الذي يشتكي فيه الجميع من الاخر... دونالد ترامب المرشح المحتل للرئاسة الامريكية يدعو الى منع المسلمين من زيارة الولايات المتحدة لان هناك اتجاهات تعتبرهم "غزاة" خاصة في اوروبا بعد تفاقم ما يسمى بازمة اللاجئين و المهاجرين الذين يتدفقون بمئات الآلاف شهريا ... الامر الذي أودى بالكثير من احلام الاتحاد الاوروبي حيث تراجعت إجراءات الحدود المفتوحة و توقف العمل بشكل كبير باتفاقية شنغن... و هذا ما يشكل معوقات أساسية امام حركة الايدي العاملة عبر الحدود الجغرافية للبلدان و قد يوقف ايضا حركة رؤوس الأموال و الاستثمارات و المشاريع المشتركة....

هذه الإجراءات تؤدي الى تقوية اليمين و خاصة الجناح المتطرف في اوروبا بصورة خاصة و لكن ايضا في الدول الغربية بصورة عامة و لعل فكرة ترامب الذي قد يتحول الى "مبدأ ترامب" Trump Doctrine ... اذا قررت المؤسسة العسكرية الدفع في انتخابه... يقع ضمن هذا الاطار الذي يمكن ان نفهم من خلاله ايضا دعوة رئيس وزراء استراليا السابق توني أبوت الى اعلان تفوق الحضارة الغربية على الاسلام و عدم الاحراج في الكلام عن ما يمكن تسميته "العنصرية الحضارية" تجاه الاسلام الذي يشكل المنافس التاريخي التقليدي للحضارة الغربية..

قد تكون هذه الدعوات هي تضخيم لرد الفعل ازاء عمليات العنف و التفجيرات و القتل التي ازدادت بطريقة "هيرمونيكية" مع تزايد تدفق الهجرات غير المنظمة من مجتمعات الشرق الاوسط المبتلاة بالحروب و الفقر و العطالة و المشاكل البيئية و الأزمات الاقتصادية و السياسية التي تلعب الدول الغربية فيها بشكل واضح... و لا ننسى النمو المضطرد في مستوى التحدي الاقتصادي و السياسي و العسكري من قوى متناثرة و غير منسجمة في تحالفات مثل الصين و روسيا و ايران و القوى و المنظمات العابرة للحدود الجغرافية و السياسية التقليدية ... قوى يمكن ان نسميها معولمة و لكن بشكل معاكس لطموحات و أهداف القوى الغربية...

امام هذا الانحدار الشديد في مستوى الاستقرار في العالم و هيمنة الفوضى المتنقلة اصبح الغرب يقف امام مخارج ربما تكون عقيمة و لكنها تبدو ممكنة في ظل الضعف البنوي في مجتمعات العالم الثالث و منها طروحات " عودة الاستعمار " و لعل ما نشهده من تدخل عسكري غربي مباشر في الشرق الاوسط و بعض شمال و وسط افريقيا يمثل نماذج فعالة... و لكن كل هذا يعيدنا الى السؤال القديم حول مفهوم الاستعمار نفسه و ما اذا كان الاستعمار قد غادر فعلا... و لعل المناسبة المباشرة لكتابة هذه المقالة هي تعليق على منشور للبروفسور حلمي شعراوي / مركز الدراسات العربية و الافريقية حول محاضرته " الفكر الأفريقي في إطار مفاهيم ما بعد الاستعمار" خلال ندوة "آفاق الفكر الأفريقي" المنعقدة هذه الأيام في الرباط/المغرب و قد كان تعليقي هو " مفهوم ما بعد الاستعمار فكرة لولبية" ... فسألني الدكتور حلمي " لم افهم كيف تكون الفكرة... لولبية..! " فكتبت له النص الآتي:..

" اقصد ان أشكال الاستعمار لم و ربما لا تنتهي أبدا ... لانه كلما يختفي مظهر من مظاهره ... او هكذا يخيل إلينا...حتى يخرج بمظهر اخر او بمظاهر اخرى... و هذه هي فكرة اللولبة... و اعتقد ان مفهوم "ما بعد الاستعمار" Post-Colonialism" جاء ليرسخ آلية هذه اللولبة... ربما نوجد مفاهيم اخرى مثل الإمبريالية و الغزو الثقافي و العولمة... الخ... لتوضيح الصورة ... لكن الواقع يظل ان اليات التنمية و التطور الثقافي و الفكري و الاقتصادي و السياسي و...و.. الخ كلها مرتبطة بالاستعمار و "هباته الروحية و المادية"... و هذا ما يمكن ان نطلق عليه " الاستعمار اللولبي Spiral -Colonialism"... يمكن ان نعرض آلياته في مقالة... لكن هذا مختصر الفكرة... تحياتي و تمنياتي.."..

لا شك ان هناك الكثير مما حدث منذ "جلاء" الاستعمار المباشر حيث تأسست الدولة القومية (الوطنية) و انتشرت أفكار الاستقلال و البناء الذاتي و شهدت المجتمعات بلورة بدرجات مختلفة من التنظيم الاجتماعي و مأسسة ثقافة و هوية وطنية... الخ... و لقد لعبت مصر دورا كبيرا في هذا الاتجاه على المستوى العربي و الأفريقي و على العالم الثالث عموما ... و قد أنتج المثقفون المصريون ... و الدكتور حلمي شعراوي احد الرموز المهمة... افكارا و نظريات مهمة حول كيفية تحقيق درجات عالية من الاستقلال الذاتي....

حتى أوضح هذه الفكرة أودّ ان اعود الى نظرية التبعية Dependency التي قابلها نظرية التبعية المتبادلة Interdependency و طروحات الدكتور سمير أمين في قطع الترابط Delinking التي قابلها فكرة الالتحاق بالقطار Catch Up و هكذا نظريات الحداثة Modernity التي اغلقت ملف إمكانية تطوير الذات على أساس الواقع الاجتماعي في كل مجتمع Self-reliance حتى لحقها نظرية ما بعد الحداثة Post-modernity التي فتحت الافاق نحو الحرية و المبادرات الاحادية الى حد الفوضى..

ما اعنيه ان كل محاولة في العالم الثالث للخروج من الهيمنة قابلتها نظريات ادحضت تلك المحاولة و قضت على اية إمكانية لوضعها موضع التطبيق الاستراتيجي و العملي... في النتيجة ظلت المشكلة و ما تزال هي مدى ارتباط مختلف المؤسسات و آليات البناء الذاتي مع ما يمكن ان تقدمه الدول الغربية (المستعمر القديم) من "عطايا" فكرية و تكنولوجية و زراعية و صناعية و عسكرية و استخباراتية ... الخ... اي الدوران في حلقة الاستعمار ظل بل و ازداد توسعا و ترسيخا مع كل خطوة خطتها الأنظمة و القوى الفكرية و السياسية و الاقتصادية و العسكرية ... الخ... للخروج من تأثير الغرب و استغلاله شعوب العالم الثالث ...

بكلام اخر ... الارتباط بالآليات الاستعمارية كان أعمق بكثير من فكرة " الأنظمة العميلة" التي على كتفها وضع بعض المثقفين و القوى السياسية أسباب التراجع و الأزمات المتلاحقة.... بل ان هذا الارتباط قد تخطى إمكانيات أية دولة في العالم الثالث بغض النظر عن نية النخبة الحاكمة و كذا القوى المعارضة لها و ايديولوجيتها و قوتها و إمكانياتها و مدى التزاماتها بقضايا الشعب و اهتماماته و حاجاته...

هذا الارتباط ... في عمقه و امتداداته المتواصلة... اصبح يعيد انتاج ذاته باستمرار حتى انه اصبح هو الحالة المستدامة بدل "التنمية المستدامة" التي اصبح محل اهتمام الجميع قبل ان تحل موجة الكوارث الاخيرة منذ " الثورات العربية" التي لم تودي فقط بالربيع و إنما اعادت عجلات التاريخ الى البدايات الاولى لمفاهيم العلاقات الاجتماعية و السياسية داخل المجمعات و بينها و بين المجتمعات الاخرى و بالتالي بين الدول و ما تسمى "بالحضارات" المتحاربة (هذا الموضوع سيناقش في مقالات لاحقة)...

و في ظل هذه العودة الى بدايات المفاهيم يمكننا ايضا ان نضع تصورات عن علاقة دعوات ترامب و رئيس وزراء استراليا السابق و بين هذا و ذاك الكثيرون من القوى السياسية الغربية و غيرها بقضية ... هل ان الاستعمار كان و انتهى... ام انه كان و لا يزال و سيكون..؟؟.. هل لدينا القدرة على تشخيص حالة سائبة و متجددة ... بل حالة اصبحت تحوي افكارنا و سلوكياتنا و قدراتنا و أدواتنا و فضاءاتنا و تاريخنا و احلامنا المستقبلية...؟؟... قد يكون هناك من يعتبر هذا الكلام من العبث و يشير إلينا بأمثلة نجاح " النمور الآسيوية " و لاحقا الهند و البرازيل و جنوب افريقيا و ايران و طبعا الصين... في الخروج من هيمنة الغرب و بناء نماذج "وطنية".... لا بئس ان نعتبر تلك التجارب وطنية بشكل ما... و لكن الحقيقة التي لا يمكن الهروب منها هي ان كل هذه النماذج.... بغض النظر عن الشعارات الثورية و الصراعات الأيديولوجية و حتى درجات العنف و الحروب و غيرها.... هي كلها نماذج بزغت و تطور في ظل الهيمنة الغربية و ضمن إطار استراتيجيات توزيع العمل و خلق ديناميكيات السوق و اعادة الانتاج و هكذا...

التحدي الحقيقي كان يمكن ان يكون في انتاج نموذج بديل للنظام الرأسمالي الذي يدير العمليات الاستعمارية بكل اشكالها و آليات اعادة انتاج الذات... هذا التحدي لم يتحقق ليس فقط بسبب سقوط النموذج الاشتراكي سياسيا... بل قبل ذلك بسبب تحول تلك "الاشتراكية" الى رأسمالية الدولة و البيرقراطية و الأهم من كل هذا و ذاك ممارسة أنماط استعمارية رهيبة سواء بتكوين "السوفييتيات" و دحر الثقافات و التجارب التاريخية للشعوب التي تم الحاقها بالاتحاد السوفيتي... او عن طريق إقامة شبكة من الترابطات العالمية من احزاب و حركات شيوعية و عمالية و غيرها عملت على توجيه كل إمكانيات الشعوب التي انتمت او قادتها لخدمة مركزية الاتحاد السوفيتي و تقدمه و إدارة صراعه مع الرأسمالية التقليدية التي كان يقودها المستعمرون التقليديون في الغرب...

ما أودّ ان أقوله ... انه في اللحظة التي كانت "القوى الوطنية" تعمل على ازالة اثار الاستعمار القديم فإنها كانت تربط البلد و المجتمع بالاستعمار الجديد في الاتحاد السوفيتي او بالأنماط الجديدة و المتجددة من الاستعمار القديم... بل اكثر من هذا ان العمل على خلق "هوية وطنية" كانت تجري وفق نسق منظم من الاستعمار الداخلي اي اجبار المجموعات البشرية و الأقليات و احيانا حتى الأغلبية لتغيير بناها و ثقافاتها و امكانياتها الذاتية و القبول "الرضوخ" في الانصهار في رؤى و ثقافات النخب الحاكمة... و الدول الافريقية ليست بعيدة عن حروب و صراعات القبائل و المجموعات التي تعتقد ان ان الدولة الوطنية صادرت خصوصياتها و سلطة رؤسائها و شيوخها الامر الذي يفتح المنافذ تلو المنافذ للمستعمر القديم للدخول و التدخل تحت عناوين التجارة و التسليح و الدفاع عن السيادة و التضامن مع الفقراء و المهمشين و قوات حفظ السلام ... الخ من أسباب و دوافع و أهداف .... و في النهاية استعمار يحارب استعمار لينتج استعمار و يربي استعمار و يفتح مدرسة استعمار و صيدلية استعمار ..... الخ... فهل هناك من يعرف أين حدود الاستعمار ..؟؟..

هذا هو الواقع ... رغم ان التساؤلات الاخلاقية تبقى:... هل هناك بديل للرأسمالية ... مؤكد... و هل هناك بديل للسلوك الاستعماري ... ايضا مؤكد... لكن هل من الممكن بناء مشروع بديل ناجح ... للأسف منذ تطور النظام الدولي... لم يعد ذلك ممكنا... و المرحلة الحالية تقدم لنا نماذج مثل الصين و المجموعات الليبرالية الغربية ترسخ أنماط جديدة من الرأسمالية و ان اختلفت ايديولوجيتها ... "لولبة" ...!!!.. عتذر ان المقالة طالت كثيرا... حبي للجميع..



#اكرم_هواس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا و سوريا: خطبة الوداع... و - دولة خلفاء جديدة-...؟؟..
- العيد و -ذبح عظيم-... هل يلتقيان..؟؟..
- موسم الهجرة الى المجهول المقدس..؟؟..
- أوراق اليونان...1
- مظاهرات العراق... نهاية الفوضى الخلاقة..؟؟..
- هل يدفع الكورد الثمن ... مرة اخرى..؟؟..
- الرمضان في أوروبا... محالة للفهم...
- هل الحق ... بلا هوية..؟؟!!..
- مصر و افريقيا... جدلية الانتماء و التنمية
- قادسية آل سعود..؟؟..
- بوتين ... سينتحر ام...؟؟..
- حرب -الأصنام- ..؟؟..!!.
- حرق طيار... ام حرق مرحلة من تطور داعش...؟؟؟..
- Charlie Hebdo و سريالية العجز...
- مانيفستو سعدي يوسف...
- الدولة الفلسطينية حقيقة... و لكن...1
- عولمة داعش...3
- رسالة الى صديقتي العاشقة..
- كوباني...أيقونة في زمن التيه...؟؟...
- عولمة داعش....2


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - الاستعمار اللولبي و العنصرية الحضارية...!!!..