أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - كافر انت!؟















المزيد.....

كافر انت!؟


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 5010 - 2015 / 12 / 11 - 13:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما تصبح العقيدة مصيدة وشرك للمؤمن، يصبح
الخروج منها وعليها من المحال. ويكون الجواب
هرب، او قتل، او استسلام. فان لم نعرف الله بالعقل
لن ندركه بالإيمان.

كلمة " كَفَرَ " كما وردت في العديد من المعاجم العربية ومنها لسان العرب لابن منظور تعني "غطّى". وفي معجم المعاني الجامع تعني. كَفَرَ الشَّيْءَ: سَتَرَهُ، غَطَّاهُ كَفَرَ عَلَيْهِ ... وكَفَرَ الرَّجُلُ: لم يؤمن بالوحدانيّة، أَو النبوَّة، أَو الشريعة، أَو بثلاثتها. بالتالي هذه المعاني تنطبق على كل انسان قام بالتغطية - بستر، بحجب، بمنع الخ...- وبعدم الايمان بوحدانية الله، او انبياءه، او شريعة تلك العقيدة يعد كافرا. مما يدفعنا للاستنتاج ان الاختلاف في العقيدة انطلاقا من هذا المعني يحتضن افراده فقط وسواه – الاخر- يعد مختلفا عنه. وقد يصبح هذا الاخر هدفا مفتوحا له، ما لم يرد في عقيدته ما يمنع ذلك. وحينما يكون المكون الوطني، اغلبية عظمى يؤمنون بتلك العقيدة، تبرز معضلة امام الأقلية للبحث عن الذات، وفي حال قيام دولة ثيوقراطية يصبح الاخر مواطنا من الدرجة الثانية. واحتمال حمايته يكون متأرجحا غير مستقر بين ايدي رجال دين لا يعرف اتجاههم او مدرستهم الفكرية. وكل تابع لعقيدة الاغلبية ان ارتكب كل الفظائع، من فسق، وقتل وفجور باسم الله والعقيدة لا يعد مذنبا، او كافرا. اذن من هو الكافر؟ ومن نخدم في تكفيرنا للأخرين؟ الله، ام مصالحنا، ام كلاهما معا؟ أسئلة أتمنى ان يجيب عليها رجال دين من أتباع الأديان السماوية.

في الشرق، حماسنا للمطالبة بحرية الراي والفكر قوية. ضعف حجتنا في مواجهة أي نقد عقائدي او فكري، يعيدنا لحصار مطالبنا، فنصيغ أنظمة وقوانين تصنف، وتجرم، وتحرم الخ... حرية الراي والفكر هما صماما الأمان للمجتمع السليم. ان كنتم من شعب الله المختار، او أبناء الله، او من خير امة أخرجت للناس، او على أي دين ومذهب في العالم كنتم. اجعلوا الغلبة لإنسانيتكم كي يتجلى الله في اعمالكم ويري ان كل ما فعلتموه قدوس لمجده، وبركة بحق الاخوة الإنسانية. فيكون صدق اعمالكم صدى لأيمانكم. ولكن ان يكون الانسان أداة قتل لمن يريد ان يحكم العباد باسم الرب الاله فهو خروج على وصيته لا تقتل، فبدل ان يكون الكفر نقيض الايمان، يصبح الكفر مرادفا للإيمان.

الفكر التكفيري لم يأتي من فراغ. مصدره كتاب ديني يستمد منه الشخص المكفر قوته -أي يعتمد على رؤيته في تفسير ما هو مقدس- له قواعد، وجذور، ومدارس، واتجاهات، وادبيات، وتاريخ. تتحول عنده الرؤية المقدسة الى فكر مقدس، والفكر المقدس الى تطبيق مقدس. يزداد أنصاره عددا في حال توافر المال والجنس، وتمتعهم بخصوصية اجازها الله لهم دون غيرهم من عباده في سلب أملاك، واموال، ومقتنيات الغير، وسبي النساء، وتشريع الرق والعبودية، وفرض الجزية. لا يعقل ان تمارس في القرن الحادي والعشرون أفكار عفي عليها الزمن منذ عشرات القرون. فكل هذه الارهاصات تفسر بإرهاب ممنهج. يمهد، ويشيع الفوضى في المجتمع. لترتفع وتيرتها فتتبعها فوض السلاح، لتنهار أسس الدولة وسلطتها، وجيشها. القداسة في مفهومها هذا تخدر العقل وتعطل الفكر الحر عند أولئك المتعصبون. بينما التقديس هو حرية وصحوة فكرية تدفع للتفكير لا للتكفير.
في وطننا العربي ظهر صراع كان شبه مستتر حتى الماضي القريب بين الخطاب الوطني والخطاب الديني. في النهاية سينحسر أحدهما. اشك ان يتمكن الخطاب الديني من السيطرة على الموقف، لأنه لا يقدم حلول، او خطط، تنموية، او برامج نهضوية جريئة تساهم في اندماج فكري حضاري في عصر يشهد صعودا سريعا في التكنولوجيا والطب والهندسة والفلسفة الخ... الخطاب الوطني مع استمرار المد التكفيري أيضا يعيش جدل إطلاق الحريات والتخلص من الأنظمة المهترئة. لكن مهادنة بعض الزعماء وتمويلهم لهذه الفئات الدينية. لن يسمح لأي طرف ان يحدث تغير على المدى القريب.

ان يقال لشخص ما، كافر يعد انتقاص وانتهاك بكل ما يعتقد به وما يحمله من موروثات عقائدية، واجحاف بحقه كفرد في الأسرة البشرية. فذلك يسمى طعن في صميم ما يعتقد ويقدس. النتيجة ولادة عصر تطرف يدفعنا الى كراهية الاخر واثارة الأحقاد لترتفع وتيرتها ليصبح الإرهاب وسلب الحياة سادة الموقف.

لم ننجح لغاية الان من وقف التحريض والتوجه نحو الإرهاب. هناك خلل اجتماعي، عالمنا العربي في حالة انهيار لم يستطيع الخروج من فوضى الأفكار التي يعيش فيها. لم يتخطى حدود الماضي. لم يدخل عالم التطور والتكنولوجيا. لا برجله اليمين ولا حتى باليسرى. غياب كامل وجحر صارم على الحريات. المثقفون يعدون الد الاعداء للأنظمة الحاكمة ماضيا وحاضرا. والشواهد التاريخية كثيرة.

مسلمو العالم العربي اليوم. انقسموا الى ثلاث فئات، لكل منها أنصار يروجون لثقافتها. فئة إسلامية تحمل فكر تكفيري لمواجهة التنوير والعلمانية. وفئة اسلامية وسطية تقول ان التكفيرين شوهوا صورة الاسلام. وفئة ثالثة -اعتقد انها جاءت كرد فعل على الفكر التفكري - ملحدة، طفت على السطح بشكل ملحوظ وأصبح لها وجود خلال دموية الربيع العربي تحارب الدين منهجا ورسالة وتربط فيه أسباب التراجع الفكري والعلمي العربي. بالرغم عن قلة عددها الا ان انتشارها أصبح واضحا في معظم الدول العربية، وقد يكون لها وزنا سياسيا مستقيلا.

الفكر التكفيري مؤسس على بينات وحقائق لا يمكن زعزعتها لأنها تابو يحرم الخوض فيها، ويجرم من خرج منها وعليها. الشخص التكفيري يتلقى ما يملى عليه دون استفسار او تساءل. لذلك يصبح الفرد فيها متلقى عام ينفذ ما يحلله او يفسره أصحاب العلم الفقهي اللاهوتي. يرتبط به ويرجع اليه ويطبقه في كل مجالات الحياة، ويجعلها نموذجا يومي مكرر في كل يوم من حياته. فلو حاول التفكير بالخروج عنها لو لمرة واحدة، - الى جانب ما قد يعرض نفسه لمخاطر- قد يولد لديه شعور بانه انسان ناقص، فينشأ عنده مرض نفسي يوهمه بانه شخص مميز، جاء للحياة من اجل تنفيذ مهمة هامة. فكر يلح عليه باستمرار بانه متفوق. وفي النهاية يكون أفضل حل للشعور بالتفوق هو استخدام العنف.

سيزداد الفكر التكفيري اتساعا، ويقود الشعوب العربية الى صراعات ونزاعات وحروب لا تنتهي. الا وقد استنفدت طاقاتها البشرية. بذلك نكون قد قضينا على التعددية الدينية، وعلى معظم مفكرينا وعلمائنا، واضعنا فرص المشاركة في بناء الحاضرة الإنسانية مستقبلا. ان لم نعالج قضايانا بعيدا عن الفئوية والطائفية الضيقة لن نتمكن من يناء دولة مدنية. اتركوا كل فرد على دينة امتثالا لقوله تعالى في القران الكريم سورة (يونس99:10 وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)

ما اسواء ان يصبح الإرهاب وجها للتكفير، ونوع من العبادة والصلاة والتقرب من الله وتحقيق ارادته. فان كانت العقيدة جزء مهم في حياتك فسئل الله تعالى ان يمنحنك القدرة على التفكير النير للوصول للحقيقة والفضيلة، لتتبعها وتنشرها وتنصرها في محيطك. وان يمنحك القدرة على استخدام العقل لتتجنب كل ما هو باطل، وتقومه بالعقل والمنطق. تذكر ان تقديس الايمان بلا وعى يخدر العقل، ولا يسمح بالتفكير الحر، لتصبح متعصبا. وتذكر ان تقديس الايمان بوعي يمنحك حرية، وصحوة فكرية تدفعك للتفكير باستقلالية، ومسئولية لبناء انساني عالمي مشرق.







#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استقلال العقل ضرورة حضارية
- دين وأخلاق
- العلمانية حل للإنسانية المفقودة
- حوار المواطنة أهم من حوار الأديان
- خطاب ديني وطني وَحْدَويّ
- أخي العربي.. مثلك أنا
- الإنسان صناعة الإنسان
- الله والعقل واستمرار والوجود
- النقد بابٌ للحريات وللتقدم
- متدين، أم مؤمن؟!
- الإعلام المرئي يحرض على الإرهاب
- ماذا بعد ضرب داعش؟
- داعش والأبجدية
- مسلمون ومسيحيون معا
- ما هذا الوطن؟؟؟
- مهزلة فكر وثقافة
- المراءون يغتالون الوطن
- أيها العاطلون عن العمل اتحدوا
- غياب المعرفة سبب تراجعنا
- طفل يتيم أنا


المزيد.....




- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صليبا جبرا طويل - كافر انت!؟