أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - موقف الخسارة _ثرثرة من الداخل














المزيد.....

موقف الخسارة _ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1368 - 2005 / 11 / 4 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


لطالما كنت قريبا من النساء وهو ما ضاعف وعيي بالخسارة.
هوة تتسع باستمرار وتفصل بين ما نريده وما نحن عليه, حاضر هلامي مفقود بمعظمه, يتقلص وينكفئ إلى زوايا الذاكرة, وبيننا يعلو الضجيج والتشويش, على أمل أن يكون الآتي أكثر وضوحا وبهجة.
لا أملّ من قراءة تشيخوف(رائد قصيدة النثر), أظنه أدرك واختار باكرا : الحرية والعدالة نجمتان نراهما في الحلم, لا طبعة ولا أثرا يتركها الكفّ مرّة في الدم
وأخرى في الثلج......

قلب ينبض خلف الغابة
طاحونة مهدّمة على طرف النهر
ألواح تتكسّر
لا تعد
لا تقفل الغناء
في قرارة نفسك
ريح
تذروها ريح

*

في وضعية الحركة تتمثل الخسارة في حدّها الأقصى كمقابل للربح أو الكسب, فيما موقف الثبات واللاتغيّر(الوهمي أو المتخيل) وحده في منجى عن الخسارة.
لا تقتصر الخسارة على الفقد فقط, في الابتعاد عن حالة شعورية أو موقف, يوجد دوما ما يسقط أو يتحوّل, وهنا تبرز مشكلة الذاكرة(بيت المعاناة) التي تعمل غالبا بشكل عكسي مع التجربة والانتقال إلى وضعيات جديدة.
وعي الخسارة مع أنه منبع للشقاء الشخصي, يبقى الدافع الأساسي للتغيير والتجديد والإبداع أساسا. تعامل الفرد مع خسارته الخاصّة يشكل بصمة نفسية, هي أقرب للثبات منها إلى التغيّر, وربما تشكّل الهوية الفردية الأكثر تميّزا.
بعد كوبرنيكوس الذي حوّل أرضنا من مركز للكون والوجود , إ لى كوكب صغير مهمل يتبع مسارات تحددها أجرام كبرى مجهولة, تدور خارج الوعي والإرادة البشريتين. جاء داروين بالجرح النرجسي الثاني للإنسان, حين خفض المرتبة البشرية إلى حلقة في التطور البيولوجي, ودعمت نظريته لا حقا الكشوف الجينية الحديثة بتأكيد القرابة مع بقية الأحياء الموجودة( نتشارك مع الفئران بأكثر من تسعين بالمئة من الجينات المتشابهة). بدوره الخال فرويد, يفخر بوقاحة أنه من تسبب بالجرح النرجسي الثالث لنا جميعا, حينما أرجع نظم الأخلاق بكاملها إلى الكبت وتجارب الطفولة المنسية والتي تحولت على يديه إلى خزّانات دائمة للبؤس الإنساني. واليوم جاءت الفيزياء الحديثة لتضرب صفّ الدفاع الأخير لنرجسية الإنسان, لا نعرف ولا يمكننا أن نعرف سوى الجزئي والمحدود, ويبقى الاحتمال والتغيرات العشوائية, يمسكان بدفّة المصير الإنساني أعجبنا ذلك أم كرهناه .
إذا كنت أقرّ وأبدأ بهذه المقدمة العدمية المركبة, إلى أين سأنتهي وكيف؟

*

بعدما خسرتها, كنت أظن طفولتي سعيدة, وأهلي نموذجا للصواب والخير, وبلدي وقضاياه الكبرى مركز الحقّ, وموقف باقي الدول والأفراد منا( أنا وأهلي ووطني) هو الحدّ الفاصل بين الأشرار والصالحين كنت نموذج طبق الأصل مع نجدت أنزور.
.....................................................................................................
طفولتي سوداء وأهلي سحقهم البؤس والحرمان ووطني غارق في التخلف والطغيان, وهو منكوب ليس بحكامه فقط, بل بنخبه ومثقفيه وشعبه.
هكذا وجدت نفسي في مطلع العشرين, وأمام مشهد بهذه القسوة والقتامة, من المنطقي أن أنخرط في التروتسكية, التي لا أعرف منها حتى اليوم سوى عبارة"ثورة دائمة".
بالصدفة أول كتابين اشتريتهما باختياري ومن مصروفي الشخصي: ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ وماركسية ترو تسكي لعدد من المؤلفين السوفييت, من مكتبة قريبة من كراجات جبلة سنة 76_77.لا اعرف سبب اختيار الكتابين, ربما إغراء العنوان. من ثرثرة نجيب محفوظ سأستعير عنوان" ثرثرة من الداخل_ الآخر السوري" وأعتبرها مشروعي الشخصي بعدما جربت ثرثرة في منتصف العمر, ومن ماركسية تروتسكي ومن التروتسكية بمجملها, وعبر قراءتي الخاصة لفرويد, سأعتبر التروتسكية, تحقق استثنائي لعقدة أوديب عابر للقارات والدول والثقافات, وأعتقد اليوم أن تلك الحوادث البسيطة مع معاونة بوذا, كانت عوامل أساسية في تغيراتي اللاحقة, شكّلت جسرا وقنطرة للعبور إلى الليبرالي النقدي, الذي أعتبر نفسي الآن نموذجه السوري الحي.
ليكن ما نعتقده وما نسعى إليه
والسفن تدور على نفسها في العاصفة
أطلقناه على عجل
سهم في كبد الطائر
والنجوم تحرس الليل

*

أحب ماركس وأنفر من الماركسيين.
أحب فرويد وأخاف من المحللين النفسيين.
ماركس كان شاعرا عظيما وسياسيا بائسا, في أحلام طفولته وكهولته, حسب قراءتي الشخصية, بقي الشعر هو التعبير الأعمق عن التجربة الإنسانية, وبقيت المعرفة هي الملاذ الأخير لتفكيره وقلقه. لا يختلف فرويد بذلك, هو اختار الشعر والنصوص التي توهجت وترسّخت عبر الزمن, ليس لإيضاح تجاربه مع المرضى والأصحاء فقط, بل رأى في الشعر تلك الطاقة والإمكانية للنفاذ وراء الكبت والحواجز, كما للتعبير عن الرغبات المكبوتة أو المجهضة.
استخدمت كلمة الشعر بشكل مبهم, لم أجد عبارات ترضيني وتعبر عما أريد إيصاله, و ما أستطيع قوله في تجربتي مع الشعر: أن أقل الأماكن التي وجدت الشعر فيها أو قرأته أو تعرّفت عليه, في الدواوين والقصائد.
بعدما ندرك أن الخسارة محتّمة, ومصيرنا ليس أكثر من بقايا حطام عند أسفل الجبل أو الجدار, ماذا بوسعنا أن نقول وأن نفعل.....عدا الترتيل والغناء!؟

اللاذقية_ حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة موت معلن_ثرثرة من الداخل
- الجوهرة
- حياة افتراضية_ثرثرة من الداخل
- الأدب والسياسة_ثرثرة من الداخل
- لماذا الآخر السوري
- اللاقانون _ثرثرة من الداخل
- وردة الكينونة_ثرثرة من الداخل
- دخان ويوغا_ثرثرة من الداخل
- اللاطمأنينة_ ثرثرة من الداخل
- ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل
- الغضب والعزلة
- الأوهام_ثرثرة من الداخل
- مأساة هدى أبو عسلي_مأساة سوريا
- العين الثالثة_ثرثرة من الداخل
- ابن الكل_ ثرثرة من الداخل
- ثرثرة من الداخل(2) تحت الشخصية
- الآخر السوري_ثرثرة من الداخل
- لو أن الزمن يسنعاد
- الزيارة
- الذكاء العاطفي السوري(الكنز المفقود)


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - موقف الخسارة _ثرثرة من الداخل