أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.















المزيد.....

قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5008 - 2015 / 12 / 9 - 17:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.


نستكمل اليوم َ قارئ الكريم الحديث َ في ماهيَّة الأبوكاليبتية و جذرها القديم، من خلال استعراض ثاني أبرز ِ رموز أنبياء العهد القديم التي قدَّمت لهذا الفكر، مّذكِّرا ً أن أرمياء اليوم مع أشعياء الذي سبقه في مقالين ِ (و باقي الرموز التي أصفح ُ عن ذكرها منعا ً لتشعُّب ٍ لن يضيف َ إلى الفكرة ِ جديدا ً) تندرج ُ في التصنيف تحت "الأبوكاليبتيَّة ِ الأوَّلية Proto-Apocalyptic" و هي الشكل ُ الأوَّل لهذا الفكر قبل أن يتطور إلى الشكل الحالي النهائي و الأخير. أوصي قارئ الكريم برجوعك َ لتفحُّص المقالات الأولى من هذه السلسلة في حال كنت تقرأ منها للمرَّة ِ الأولى، و ستجد ُ روابط َ المقالاتِ السابقة أسفل َ هذا الجزء. و سيكون ُ مقالي هذا تتمَّة َ الحديث في جزئية الماهيَّة و الجذر.

نستكمل ُ تحت العنوان الرئيسي في المقالات السابقة:

أبرز رموز الأبوكاليبتية في العهد القديم
--------------------------------------------

ثانيا ً: سفر ُ أرمياء النبي
--------------------------
يُعتبر ُ أرمياء النبي من أكثر ِ الشخصيات ِ تصويرا ً لحميمية ِ العلاقة بين الإنسان و الأُلوهة، فهو النبيُّ الباكي المُتألِّم على أمرين:

- ما آلت إليه ِ أحوال ُ الشعب اليهودي دينيا ً و اجتماعيا ً، من تــَـفــَـشٍّ للطبقية ِ و الظُلم الاجتماعي و الفساد الأخلاقي و الضمور الديني.

- ما تُنبِئ ُ بِه ِ الظروف ُ السياسية ُ المحيطة ُ بمملكة ِ يهوذا الجنوبية التي يعيش ُ فيها أرمياء، و التي ستسقط ُ في يد ِ نبوخذ نصَّر البابلي في العامين 586 و 587 قبل الميلاد.

اخترت ُ عرض َ أرمياء كرمز ٍ لـِـ "الأبوكاليبتيَّة ِ الأوَّلية" لأنَّه ُ أبرز ُ مثال ٍ على الجذر ِ "الشخصي" للأبوكاليبتية، و أعني بِه الجذر َ الثُلاثي الذي انطلق َ من :

- ألم ِ الإنسان ِ و شعورِه الحاد بالمظلومية ِ تحت أعدائِه دون َ وجهِ حقٍّ،
- مع وجود ِ إيمان ٍ عميق ٍ بالألوهة ِ و حتمية ِ انتصارها على الشَّر و تحقيقها للعدالة،
- في إطار ِ صراحة ٍ شديدة ٍ مع الألوهة، حيث ُ يُعاتب ُ النبيُّ إلهه َ بطريقة ٍ فريدة ٍ واضحة ٍ جليَّة ٍ حبيبا ً لحبيب و ندَّا ً لند، في علاقة ٍ فريدةٍ لا نجدُها في سفر ٍ آخر من التوراة.

يجب ُ أن نتوقَّف َ هنا عند النقطة ِ الثالثة، و هي نقطة ُ عتاب النبي ِ لإلهه، و كيف َ يتَّخذ ُ العتاب ُ هنا نبرة َ اتِّهام ٍ واضحة فنقرأ في الفصل الخامس الآية َ الثامنة َ عشرة:

-----
لماذا كان وجعي دائما ً
و جرحي عديم الشفاء، يأبى أن يٌشفى؟
أتكون ُ لي مثل كاذب؟
مثل مياه ٍ غير ِ دائمة؟
-----

النبيُّ هنا يتَّهم ُ إلهه بالإخفاق ِ في تحقيق ِ مواعيده، يواجِهُـهُ بشجاعة ٍ نادرة لا نجدها عند المُتعبِّدين بوجه ٍ عام، و من هذه المواجهة ِ الخارجية ِ ننطلق ُ لفهم ِ الأبوكاليبتية، فهي كما عرَّفناها في المقال الثاني من هذه السلسلة كلمة ٌ تعني:

- الكشف.
- أو رفع الحجاب.

إنَّه الكشف ُ عن سبب الظلم، و رفع ُ الحجاب ِ عن الحكمة ِ من وراء ِ تفوُّق ِ القوَّة ِ الطاغية للشر في العالم و سيادتها على المخلصين للألوهة. هذا الكشف و ذلك الرفع ُ للحجاب لا يتمَّان ِ عند الأبوكاليبتي سوى بعد تفكُّـر ٍ و تدبُّر ٍ للأحداث ِ الاجتماعية ِ و السياسية ِ و الاقتصادية ِ التي تصوغ ُ واقعه، و لا بُد َّ للتفكُّر ِ و التدبُّر أن ينتجا بالضرورة عن وعي ٍ و إدراك ٍ لغياب ِ فعل ِ الألوهة و هي فكرة ٌ مرعبة للمُتعبِّد من شأنِها أن تُدمِّر منظومته الاعتقاديَّة َ كاملة ً فُيضطر ُّ للبحث ِ عن سبب، عن حل، عن حكمة ٍ من وراء الغياب الإلهي، نقرأ ُ في أرمياء رد َّ الألوهة:

--------
إن رجعت َ يا إسرائيل، يقول ُ الرب
إن رجعت َ إلي و إن نزعت َمُكرهاتك من أمامي، فلا تتيه
و إن حلفت َ : حي ٌّ هو الرب
بالحق و العدل و البر
فتتبرك الشعوب به، و به يفتخرون
-------
(أرمياء الفصل 4 الآيات 1 و 2)

نلاحظ ُ هنا أن أرمياء يعتبر ُ فسادَ الشعب سبب الشر، و بالتَّالي فعودة ُ الشعب ِ عن الفساد ستعني عودة َ الألوهة ِ عن إيقاع الشر، نحن إذا ً أمام الشكل ِ الأوَّل الذي صارت عليه الأبوكاليبتية و فيه ِ اختلاف ٌ عن شكلها الأخير، و سنسأل ُ حتما ً:

تُرى كيف انتقل َ الفكر ُ الأبوكاليبتي من شكله الأوَّلي الذي يُحمِّل النفس مسؤولية الشر، و يجعل ُ الألوهة َ نفسها سببا ً لذلك الشر، و يعتقد ُ أن زوال الذنب يؤدِّي بالضرورة إلى زواله،،،

،،، إلى شكلِ هذا الفكر الحالي و الأخير الذي يرى أن المُتعبِّدين و المؤمنين أبرياء ٌ لا ذنب َ لهم، و أن الألوهة َ ليست سبب الشرِّ لكن قوَّة ٌ شيطانية ٌ معادية ٌ لتلك الألوهة، و أن َّ الألوهة َ نفسَها ستقوم ُ في عمل ٍ نهائيٍّ و أخير بالتَّدخُّل لإنهاء ِ الكيان ِ الشيطاني و الشرِّ المُنبثق ِ عنه و جميع ِ حُلفائِه من البشر ِ و الأنظمة ِ الدولية ِ و الاقتصادية ِ و السياسية؟

الجواب ُ على هذا السؤال نجدُه ُ في المخيال الثقافي للتاريخ اليهودي بحسب ِ رواية ِ التوراة (أي بحسب ما يرى الشعب ُ اليهودي مسيرَتَه ُ، مع التأكيد أننا لا نتعامل ُ مع حوادث َ تاريخية بالمفهوم العلمي للتاريخ)، فلقد أقام َ اليهود ُ بعد السبي توراتَهم و عباداتهم كما طلبها منهم إلهُهم، و رجعوا أُمناء َ على العهد الذي اعتقدوا أنه ُ لهم ُ مع الإله و بينهم و بينه، لكنَّ المشيح َ المُنتظر الذي كان يجب ُ أن يُحقِّق َ الوعد الإبراهيمي الداودي السليماني لم يأت ِ، و مملكتهم الأبدية ُ التي لا تُنتقض لم تتحقَّق، على الرغم من اكتمال ِ شروطِها،،،

،،، و من هنا بالذات كان يجب ُ أن يعود َ العقل ُ الديني إلى مُعتقدِه ِ ليُعيد َ فحصَه ُ و يقدِّم َ تفسيرا ً جديدا ً له ُ شرط ٌ أساسي لا يمكن ُ الحياد ُ عنه:

الشرط ُ هو أن يُؤكِّد َ التفسير ُ الجديد الثوابت َ الأساسية َ للدين ِ القومي اليهودي، أي: اختيارهم كشعب ٍ دون بقية ِ الشعوب و خلود َ عهدهم مع إلههم، و استحقاقات هذا العهد من سيادة ٍ و رخاء ٍ و سلام و عدالة.

في المقال ِ القادم سنتطرق ُ لجزئية ٍ جديدة هي: المناخ الفكري و السياسي الذي احتضن مؤسِّسي المسيحية الأوائل. و هي المرحلة ُ التي أدت إلى قيام مملكة ٍ مؤقَّتة ٍ للشعب اليهودي على يد المكابين، أحيت ِ الآمال َ بتحقيق ِ النبؤات ِ القديمة، ثم ما لبثت أن سحقتها القوَّة ُ الرومانية ُ الطاغية، و فيها تمّ تسطير ُ نصوص ٍ بالغة ٍ الأهمية ستشكِّل ُ فيما بعد الفكر الرئيسي لجماعات الأبوكاليبتين و منهم الأسينيون، يوحنا المعمدان، يسوع الناصري المعروف بلقب المسيح، و شاول الطرسوسي المعروف باسم بولس المُلقب بالرسول.


-------------------------------------------------------------------------------
المقالات السابقة في هذه السلسلة:

قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=483464


قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=483769


قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=484220


قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 4 – الماهيَّة و الجذر – ج3.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=484719


مقال تفصيلي سابق عن أرمياء من سلسلة قراءة في الشر:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413081



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن: أشرقت قطنان.
- الدكتور أفنان القاسم و خلافته الباريسية.
- بوح في جدليات – 15 – حينَ أغمضت َ عينيكَ باكراً
- العقل المريض – 2 - تغوُّل الخطاب الديني نموذجا ً.
- قراءة في العلمانية – حتمية ٌ تُشبه ُ المُعضِلة.
- كرمليس – ربَّ طليان ٍ بعد تنزيل ِ الصليب.
- العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.
- بوح في جدليات – 14 – مامون.
- عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 4 – الماهيَّة و الجذر – ج3.
- مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
- بوح في جدليات – 13 – لوسيفر.
- قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
- بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.
- بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.