أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الفيدرالية والأقاليم: معنًى ومبنًى















المزيد.....

الفيدرالية والأقاليم: معنًى ومبنًى


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5008 - 2015 / 12 / 9 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الفيدرالية حسب الدستور العراقي، جاءت موسّعة وصلاحياتها كبيرة ومفتوحة، على عكس صلاحيات السلطة الاتحادية التي جاءت مقتصرة على أبواب محدّدة، وفيما لو حصل خلاف بين الدستور الاتحادي والدستور الإقليمي، فإن الأول يخضع للثاني وليس العكس، كما هي الغالبية الساحقة من فيدراليات العالم، وليس بمستطاع قيادة الجيش بما فيه القائد العام للقوات المسلحة نقل أو تحريك قطعات عسكرية من وإلى الأقاليم، إلاّ بموافقتها. وحسب الدستور يحقّ للأقاليم فتح ممثليات لها في السفارات العراقية في الخارج لمتابعة القضايا الإنمائية والثقافية والاجتماعية.
وبالقراءة القانونية فإن مثل هذا الوضع سيكون نواة لدويلة داخل دويلة بغض النظر عن النوايا، طالما ستكون هناك امتيازات وصلاحيات فلا يمكن والحال هذه إلاّ التمسك بها لأنها ستكون " حقوقاً " مكتسبة، خصوصاً وقد تضمنها الدستور، وليس بعيداً عن ذلك "العلاقات الخارجية" و"الاقتصادية" وإشكالات النفط وتوابعه، من الإنتاج إلى التصدير، ومن التعاقد إلى التوزيع، وعلاقة السلطة الاتحادية بالسلطة الإقليمية، سواء بالتنسيق أو بالإشراف أو الموافقة. وقد انفجرت هذه الأزمة منذ سنوات بين الحكومة الاتحادية وبين إقليم كردستان، ولم تجد طريقها إلى الحل لحد الآن، على الرغم من محاولات نزع فتيل الأزمة. وأعتقد أن سبب هذه الإشكالية في الدستور هي في المادتين 111 و112، اللتان تنصّان على:
مادة 111- النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كلّ الأقاليم والمحافظات .
مادة 112- أولاً : - تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المُستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المُنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصّة لمدّة محدّدة للأقاليم المتضرّرة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضرّرت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون.
ثانياً : - تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، معتمدةً أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار .
وإذا كانت الحكومة الاتحادية تدير النفط والغاز من الحقول الحالية، فإن النفط والغاز غير المستخرج تتم إدارته من جانب الأقاليم بالتنسيق والتعاون مع الحكومة الاتحادية، ومثل هذه النصوص كانت وراء تفسيرات وتأويلات مختلفة ومتنوّعة، بل ومتناقضة ولإقليم كردستان تفسيراته، مثلما للحكومة الاتحادية تفسيراتها.
إن تلك الإشكاليات جعلت من مبدأ الفيدرالية أو " الأقاليم" إمّا وسيلة للتحلّل من الهيمنة المركزية للدولة وذكرياتها المؤلمة، وخصوصاً للكرد، لاسيّما في فترة النظام الاستبدادي السابق، ولكنها قد تؤدي بالواقع العملي إلى إضعاف الدولة وسلطتها الاتحادية لحساب الأقاليم، أو اعتبار الفيدرالية بعبعاً مخيفاً، باعتباره طريقاً للانفصال والإنقسام، الأمر الذي سيبقي على المركزية الشديدة الصارمة، وهو ما سارت عليه الدولة منذ تأسيسها، ولاسيّما خلال فترة النظام السابق، بل إن هذا الاتجاه يعتبر أي حديث عن الفيدرالية إنما يصبّ في تقسيم العراق وقد يكون موحى به أو مدفوع الثمن من جهات خارجية مشبوهة. وهكذا يتعامل الفرقاء مع الفيدرالية حسب أهوائهم التي تتراوح بين المقدّس والمدنّس.
وكلا الشعورين ينمّان عن عدم ثقة وعدم وجود فهم مشترك وقناعات موحّدة حول الفكرة الفيدرالية معنًى (أي مضموناً) ومبنًى (أي صياغة)، وترتفع درجة الشكوك في ظلّ وجود هيمنة طائفية وتمييز وتهميش، ناهيك عن الرغبة في الحصول على المزيد من المكاسب على حساب الآخر وتحت تبريرات مختلفة.
الفيدرالية التي رفعت شعارها الحركة الكردية منذ أوائل التسعينيات وأيّدتها قوى يسارية وليبرالية ووطنية بشكل عام، كانت تطويراً لشعار الحركة الوطنية القديم منذ أوائل الستينيات " الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان" ، وذلك في إطار دعوة صريحة إلى تمثيل الشعب الكردي وتمكينه من تقرير مصيره في إطار الوحدة الوطنية العراقية كما اختارها، لكن الأمر لم يقتصر على ذلك، وظهرت مشكلات قديمة وجديدة، بعضها عويص، خصوصاً ما يتعلق بكركوك أو بما سمّي المناطق المتنازع عليها، والتي ورد ذكرها في المادة 58 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية أو المادة 140 من الدستور الدائم الذي تم الاستفتاء عليه في 15 تشرين الأول (اكتوبر) 2005، وأجريت الانتخابات على أساسه في 15 كانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته.
وكان الدستور الدائم امتداداً لقانون إدارة الدولة التي صدر في عهد بريمر، وقد نُقلت الكثير من مواد الأخير وأحكامه إلى الدستور الدائم، الذي جاء مليئاً بالألغام، بحيث لم يشعر أي طرف بالارتياح، في حين إن الدستور هو تعبير عن الواقع السياسي والاقتصادي ودرجة التطور الاجتماعي ويعكس المصالح والأهداف المشتركة للفئات الاجتماعية المختلفة، لكن الأمر في الدستور العراقي اتخذ منحًى مختلفاً. ولذلك وفي أكثر الأحيان يوضع الدستور على الرف ويتم الحديث عن التوافق والديمقراطية التوافقية خارج اللعبة الانتخابية (كقدر دائم لا مردّ له)، ولكن ما أن تدبّ الخلافات فيتذكّر كل طرف الدستور وإن كان يتعارض تماماً مع ما يقول، لكنه يحاول الاستناد إليه من باب الزعم بتمسّكه باعتباره "أبو القوانين"، حتى وإن كان الأمر شكلياً، ثم يُصار بعد ذلك للعودة لما يسمى بالتوافق دون أي اعتبار لصندوق الانتخاب وإرادة الناخبين.
إذا كانت الفيدرالية الكردية تعبيراً عن حقوق قومية مشروعة ولها ما يبرّرها، وإن النظام الفيدرالي هو صيغة متطورة أخذت بها نحو 40% من سكان الكرة الأرضية، وشملت أكثر من 30 دولة، وأصبحت جزءًا من تطور النظام السياسي العالمي، فإن تطبيقاته في العراق وبصيغته الملتبسة أوجدت تعارضات شديدة بين الفرقاء السياسيين من المشاركين بالعملية السياسية ومن خارجها وعزّزت الشكوك بينهم، خصوصاً وإن العراق عانى من مركزية صارمة وشديدة المراس، وبحاجة اليوم إلى لا مركزية وتوزيع الصلاحيات، لكن تفسيرات وتطبيقات وتأويلات هذه الفيدرالية جاءت متناقضة وملتبسة من جانب العديد من الجماعات السياسية.
فالقوى التي رفضت التصويت على الدستور لأنه يتضمّن مبدأ الفيدرالية، عادت واندفعت لقيامها تحت حجة عدم استفراد القوى الشيعية بالحكم وعزل وتهميش السنّة، وتلك واحدة من مفارقات الحياة السياسية العراقية ما بعد الاحتلال، وفكرة الأقاليم بما فيها " الإقليم السنّي" التي عارضتها وتحفّظت عليها الكثير من القوى، بدت وكأنها " مقبولة" ، حيث أعيد طرحها بعد احتلال داعش الموصل وخصوصاً بعد تشكيل الحشد الشعبي ودخوله المناطق ذات الأغلبية السنّية وما ترك ذلك من اتهامات له بانتهاكات وردود أفعال ومخاوف بشأن مستقبل هذه المناطق.
والقوى الشيعية التي كانت متحمّسة للفيدرالية بعد الاحتلال، بدأت تتحفّظ عليها لا في المبدأ فحسب، بل في التطبيق أيضاً، ولذلك وجدنا كيف تعامل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بقسوة مع المناطق الغربية والشمالية ذات الأغلبية العربية السنية المطالبة بالفيدرالية، وكيف كانت النتائج: هيمنة داعش وجزع فئات واسعة من السكان دفعها لعدم اتخاذ موقف من استيلاء داعش على الموصل وكأن الأمر لا يعنيها، ولكن بعد حين شعرت هذه الفئات بخذلانها، إثر هيمنة داعش وفرضها نظاماً سياسياً واجتماعياً ودينياً متشدداً ومتعصباً خاصاً بها وخارج سياق التطور التاريخي.
أما الكرد فإنهم ينتظرون الفرصة السانحة للتعبير عن كيانيتهم المستقلة، ويريدون قبل ذلك تحقيق أكبر المكاسب تمهيداً لإعلانهم، خصوصاً إذا ما توفّرت اللحظة المناسبة، وحصلوا على تأييد دولي وموافقة إقليمية ضمنية بعدم معارضة ذلك، علماً بأن مبدأ حق تقرير المصير يشكّل المنطلق القانوني والدولي لمشروعهم التاريخي.
وإذا كانت دولة ما قبل الاحتلال تتّسم بالشمولية والواحدية والإطلاقية واحتكار الحقيقة وتمجيد الفردية ونهج التسلّط، فإن دولة ما بعد الاحتلال انتقلت من التعثر في وحدتها إلى استفحال الأزمة بخصوص حاضرها ومستقبلها، لاسيّما في ظل الارتفاع السريع في وتيرة عوامل التفكيك والتشظي والتفتّت.
وشهدت البلاد احترابات داخلية وإرهاب وعنف منفلت من عقاله، ناهيك عن استمرار النفوذ الخارجي، سواء على شكل اتفاقية للتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 2008، مع إن محاولات إبرام اتفاقية أمنية جديدة بعد نفاذ الاتفاقية الأولى في نهاية العام 2011 باءت بالفشل، الاّ أن النفوذ الأمريكي لا يزال واسعاً ومتحكّماً ويظهر دوره في الأزمات والمنعطفات التي تمرّ بها البلاد، خصوصاً في ظل وجود اتفاقية مجحفة وغير متكافئة بين بغداد وواشنطن حسب اتفاقية فيينا حول " قانون المعاهدات " لعام 1969، حيث تم تغيير صفة الاحتلال، من الاحتلال العسكري إلى احتلال تعاقدي.
يضاف إلى ذلك النفوذ الإيراني القوي والمؤثّر، سواء على صعيد الحكم رسمياً أو على صعيد العلاقة مع قوى أساسية في الحكم، وهذا النفوذ لم يعدّ خافياً أو مستتراً لا من جانب بعض القوى العراقية، ولا من جانب إيران،، فخط دفاع طهران كانت بغداد منذ احتلال العراق العام 2003، وإيران كانت ولا تزال تلعب دوراً إقليمياً كبيراً في العراق ولدى بعض دول المنطقة، وقد يتعاظم هذا الدور بعد التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني بعد مفاوضات دامت 12 عاماً وعرفت باسم (5+1)، على الرغم من محاولة تطويقه عربياً ودولياً من جانب بعض دول الخليج العربي والولايات المتحدة والغرب عموماً.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آرا خاجادور وزيارة التاريخ!!
- هل سيبقى العراق موحداً؟
- العراق.. من الدولة الفاشلة إلى الكيان الهش
- ماذا يريد البرلمان العراقي.. وماذا يريد العبادي؟
- وماذا عن التجارة غير المشروعة ؟
- دستور وعقول وأقلام
- محمود البياتي: سنّارة الحلم والذاكرة التي تأكلنا!
- الأزمة العراقية والسيناريوهات المحتملة
- من سيحسم معارك الأنبار وصلاح الدين : واشنطن أم موسكو؟
- جائزة نوبل والمجتمع المدني
- «الجنائية الدولية».. تغوّل السياسة على القضاء أم ماذا؟
- العراق و شعار الدولة المدنية
- الأب سهيل قاشا : الرافديني المسكون بهاجس الحضارة *
- تقسيم كردستان خطيئة أما الاقتتال فهو جريمة!
- إنعام رعد : يقينيات السياسي وتأمّلات المفكّر
- هوان العراق
- سرديات الحداثة الدينية في فكر السيد فضل الله
- كريم الملاّ- سردية الاختلاف ونبض الائتلاف
- جوهر الأزمة العراقية
- جدلية الثقافة والوعي


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الفيدرالية والأقاليم: معنًى ومبنًى