أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهتدي الأبيض - الفهلوية في الشخصية العراقية















المزيد.....

الفهلوية في الشخصية العراقية


مهتدي الأبيض
كاتب وباحث اجتماعي

(Muhtadi Alabydh)


الحوار المتمدن-العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 13:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن من سمات الشخصية العربية والعراقية بالتحديد هي الفهلوية، ويعرفها الدكتور حامد عمار. أن مصطلح الفهلوي مشتق من كلمة فارسية والتي تعني شخص متوقد الذهن وذكي. وعلى أي حال، فأن الدكتور عمار يصور الفهلوي كما يقر هو بنفسه على الاكثر بسمات سلبية.
إن السمة الأولى التي تتميز بها شخصية الفهلوي، والتي وصفها الدكتور عمار هي (التكيف الآني). فالفهلوي (له القابلية على التكيف بسرعة بالنسبة للمواقف المختلفة، ومعرفة أية استجابات تتطلبها هذه المواقف). وانه قادر على الحكم بأنه (سلوكه تجاه هذه المتطلبات، وهو إلى الحد الذي يعتبره مناسباً). وعلى أيه حال، يلاحظ الدكتور (عمار) بأن هذه القابلية على التكيف، لها جانبين: الجانب الأول هو مرونة حقيقية ذات استعداد لهظم وتمثيل ما هو جديد، لذا ان الشخصية العراقية سريعة التكيف مع الازمات والتغيرات الخارجية فطبيعة المجتمع العراقي تتغير مظاهره من الخارج وليس من الداخل لذلك هو سريع التكيف مع هذه التغييرات وغالباً ما تكون على شكل ازمات فنلاحظهم يتكيفون مع ازمة الارهاب والفساد الحكومي والكوارث الطبيعية فالعراقي مجبول لتحمل الألم والعذاب. والمقياس المحدد الذي وضعوه علماء النفس لتحمل النفس البشرية اشترازه الشخص العراقي حسب تصريح العالم النفسي العراقي الدكتور قاسم حسين صالح، وقوة التحمل في الشخصية العراقية لها مصدرين حسب ما ارى، الاول هو ترسيخ الثقافة البدوية في الشخصية العراقي فكان البدوي قوي يتحمل مصاعب الصحراء في الصيف والشتاء وبما أن العرب اصلهم بدوا فبقيت سمات الشخصية البدوية متجذرة في اللاوعي الجمعي للأفراد، والثاني ان الدين الاسلامي يحث المسلمين على الصبر والاستعداد للبلاء في اشد المواقف وموعدة الجنة في العالم الآخر والدين أكثر العوامل قوه في ثقافة الشخصية العراقية فنرى تلك الشخصية تصبر على مصائب الدنيا، والجانب الآخر، هو (الاستعداد الآني للموافقة الظاهرية والتحول السريع من الحالة الودية، وإخفاء الموقف الحقيقي وإخفاء المشاعر الحقيقية). وهذا الميل للموافقة الظاهرية وغير الخاصة والمتسمة بالنفاق، فنلاحظ العراقي كثير المجاملة للاشخاص فهو يظهر خلاف ما يبطن وكثير ما نجدهم يمدحون شخص في وجوده ويستغابونه في غيابه وخصوصا هذه المجاملة تكون مع رجال السلطة وهذه المواقف نابعة من السلطة الدكتاتورية والملوك الذين يجب ان يخضع لهم الناس، وإلا فإنهم يعرضون أنفسهم إلى عقاب صارم، ان هذا التكيف المصطنع اصبح تحت هذه الظروف قضية ذات ضرورة قصوى للبقاء.
والسمة الاخرى لشخصية الفهلوي، هي الفطنة او النكتة السريعة، وان احد ردود الفعل للمجتمع العراقي للمواقف المتعاقبة التي اصابتهم يتمثل بالاستجابات بتعليقات مرّة او شاخرة أو تهكمية. ولقد حصلوا على الاكتفاء الشخصي من هذه النكات اللطيفة حيث وجودها مهدئة لمشاعرهم ومبتعدة عن الحقيقة. ففي النكتة أمّنَ المجتمع منفذاً للأستياءات التي كانوا يواجهونها، وهكذا فإن النكتة خففت من الضغوط عليهم وجعلت حياتهم أسهل في التحمل.
وفي الوقت الذي تهتم الامم الاخرى باستخدام النكتة ايضاً، إلا ان الشخصية العراقية والمصرية كذلك وحدهم طوروها إلى فن حقيقي وتواصلوا إلى تقويمها كسمة مرغوبة من سمات الشخصية، لذا نجد العراقي يبتدع النكات في الازمات مهما تكن نوعها وفي الحاجات الملحة وغير المتوفرة للمجتمع، (فإن إحدى الوظائف الاكثر أهمية للنكتة، هي معالجة المعضلة المطروحة بأسلوب السخرية والاستهانة والتغاضي عنها، بطرية تجعل القارئ أو المستمع لا يفكر بشكل جدي فيما يتعلق بالحقيقة، وهذا ما يؤدي إلى حماية الشخصية التي تعالجها النكتة، حيث تعطي النكتة بشكل مباشر حلا للمعضلة أو أن النكتة نفسها تكون هي الحل احياناً)(رفائيل باتاي، العقل العربي، ص192-193).
وإن من خصائص الفهلوي، الافراط والمبالغة والتزويق. كما أن مسألة المظهر الخارجي وسمعة الحجم، ترتبط بذلك النوع من الاعتماد على النفس الذي يمكن تشبيهه بالبنايات والصروح الضخمة التي غالباً ما يقلل مظهرها الخارجي من اهمية الترتيب، والهيكلي الداخلي وتوعيته، وهكذا عادة التباهي والزخرفة مترسخة في سلوك الفرد وكلامه(رفائيل باتاي، المصدر السابق، ص193).
ويعتقد الدكتور (عمار) بأن هذا الدفع المهيمن لتوكيد الذات (مستقر في العرض الواضح في دعوات الطعام لتأكيد الانطباعات الأولية وقضايا الكرامة الشخصية، والاهتمام بالطقوس الشعبية في حفلات الزواج والجنائز، ومع اي شيء يتعلق بـ( المواجهة الشخصية أما بشكل فردي أو جماعي). فالشخصية العراقية تهتم بالاستهلاك المظهر بشكل كبير، كما تهتم بالاخلاق الظاهرية فنجدة حسن السلوك مع الناس وسيء السلوك مع عائلته، فضلاً عن مجاملتهم في المناسبات الاجتماعية في الاكل والضيافة، وهذا بسبب ثقافة التباهي والتفاخر في المجتمع العراقي.
اما الخاصية الاخرى في شخصية الفهلوي، هي الاعتماد على الفعالية الفردية وتفضيلها على فعالية الجماعة. وينتج هذا الميل من الرغبة في تأكيد شخصية الفرد وتجنب الاحتكاك مع الآخرين.
والعوامل المساهمة في تنمية هذا الميل، هي نظام المكافآت الفردية وتجزئة الملكية وبقايا آثار التماسك القبلي (العصبية القبلية). وأن تفضيل الفعالية الفردية، هو بحد ذاته استجابة إلى القواعد والأنظمة العديدة التي حددت الحياة العراقية. وفضلاً عن ذلك، فمن الممكن أن (ضغوط المجتمع بمؤسساته المختلفة وتأكيده المعلن للتوافق مع طلباته، قد نشأت، في الواقع، ميلاً مضاداً تمثل في التوجه نحو القيام بالأعمال الفردية الجريئة...) وهناك امثلة عراقية التي تعبر عن هذه الحقيقة، مثل (لو كانت الشراكة جيده لكان الله وضع شريك له) أو (حصيرة أملكها وحدي خير من أشارك في ملكية ببيت).
ويعزي الميل للاعتماد على الفردية إلى محاولة السعي للوصول إلى هدف معين بإتباع أقصر الطرق الممكنة، ويؤدي ذلك احياناً إلى الحماس، والجرأة وعدم الاكتراث بالنسبة للصعوبات مما يساعد الفرد على التغلب على الموانع بنجاح وعلى اية حال، عندما يطلب الامر المثابرة والصبر، فإن حماس شخصية الفهلوي يتناقص، وكذلك يقل شغفه وتصميمه، وهذا البحث عن التحقق السريع والسهل، هو خاصيته يمتاز بها العديد من الطلبة العراقيين مثلاً: فبدلاً من الدراسة الجدية لغرض أداء امتحاناتهم بنجاح، فأنهم يحاولون (أن ينجحوا بدون أن يبذلوا التعب اللازم) وحتى بالنسبة للعمال (بالرغم من مهارتهم وقدرتهم، فإنهم يفتقرون إلى العناية الضرورية في إتمام أعمالهم). فنجد ان المشاريع الاشتثمارية والخدمية في العراق متلكئة بسبب عدم اتقان العمل بشكل جيد من قبل المقاولين والعمال وحتى في بناء الدولة او في كل عمل خاص او عام فالفهلوية تدخل في كافة الاعمال في المجتمع العراقي لذلك نجد العراقيين يشتكون من الاعمال الردئية والناقصة المقدمة لهم.
ان الحقائق الموجزة التي توصل أليها دكتور (عمار) عن شخصية الفهلوي، موضحة بشكل موسع من قبل الدكتور (صادق العظم)، المفكر العربي اليساري الذي عمل كمحاضر للفلسفة في الجامعة الامريكية في بيروت وجامعة عمان. وهو يؤكد بأن شخصية الفهلوي، تحاول دائما أن تستخدم الحلول القصيرة للتوصل إلى تحقيق هدفها دون إجهاد، فإذا وجب على الفهلوي أن يقوم بعمل معين، فإنه سوف لن يقوم بالجهد المطلوب لتنفيذ ذلك العمل بأحسن طريقة ممكنة، وعلى العكس من ذلك فإنه سيحاول الإيحاء إلى الآخرين والتأثير عليهم بأنه قادر على إنجاز ذلك العمل حتى لا يقول عنه أنه غير كفوء أو غير مؤهل لإنجاز ما مطلوب منه. فالمجتمع العراقي يعاني من الحلول الترقيعية التي تقوم بها مؤسسات الدولة اتجاه المشكلات الاجتماعية وهذه الحلول نابعة من فهلوية المجتمع فضلاً عن انهم لا يتخصصون بعمل معين فهم في كل شيء يفهمون لذلك يحاولون يتبوؤن امكان هم ليس اهلا لها واذا فشلوا نسبوا الفشل الى تقصير الآخرين، فنجد مثلاً أن التلميذ الفهلوي يهتم بالنجاح الشكلي (المعلن الرسمي) فقط فيما يتعلق بارتباطه مع دراسته، وفي الانطباع الخارجي عنه، وغالباً ما يلتجأ إلى وسائل غير مشروعة لتحقيق النجاح. فهو يحاول ان يرشي مدرسه، ويغش في امتحاناته، ويحاول أن يحصل على مقدماً على نوعية (أو ماهية) الأسئلة في الامتحان، وأن حمله الكبير هو أن يكون قادراً على وضع يده على نسخه من اسئلة الامتحان، وأن ما يزعج شخصية الفهلوي، أكثر من أي شيء آخر، ليس الفشل بحد ذاته، وإنما الخجل او الخزي في حالة فشله الذي يصبح معروفاً لدى الآخرين. لذلك أن كثير من الطلبة الذين يفشلون في امتحاناتهم، يتحملون ألماً شديداً في إخفاء الحقيقة عن عوائلهم وأصدقائهم وعندما ينهي مثل هذا التلميذ الفهلوي دراساته ويصبح مسؤولاً كبيراً في مؤسسة حكومية أو ضابطاً فعندئذً تحل الكارثة، لأنه سوف يستمر على استخدام أساليبه الفهلوية في ممارسة مسؤولياته الجديدة(رفائيل باتاي، المصدر السابق، ص198).
وبسبب هذه السمات التقليدية، فتسَلط على مؤسسات الدولة رجال ذو شهادات مزورة وفخرية وليسوا اكفاء في مناصبهم وضباط غير مهنيين (دمج)، مما ادى الى تدهور المجتمع تدهوراً كبيراً في كافت المجالات، ورغم ذلك نجد ان الفهلويين لا يتقبلون الحقائق في المواقف الجادة ويكون مجبراً على أخفاء مواطن ضعفه (عيوبه) لغرض الحفاظ على المظهر، لذا نحن لا نجيد لغة الاعتذار عند فشل مشاريعنا.
وعندما تجد الشخصية الفهلوية نفسها في موقف لا يمكن الفرار من كشف جميع نقاط الضعف وإخفاقاته، فإنها تميل إلى التنصل من جميع مسؤوليات ذلك الموقف. وأن تضع اللوم على قوى خارجية بالنسبة للنتائج السلبية لفعالياتها. وتماماً مثلما لا يضع التلميذ الفهلوي اللوم بالنسبة لفشله في الامتحان على نفسه، ولكن على الحظ السيء والمعلم والأسئلة الصعبة والبلد والنظام والله، فكذلك المجتمع والاحزاب تضع اللوم على العدو والتدخل الخارجي او تتهم الاحزاب بعضها بعضاً وأية امور اخرى، بدلاً من التغلغل إلى جذور الشر واستئصاله.
انه لمن الواضح، كما يقول الدكتور (العظم)، إن الفهلوية متصلة اتصالاً مباشراً بالمفاهيم العربية والفروسية والرجولة والشرف والشجاعة والبسالة. وفعلاً، إن الشخصية الفهلوية تزدهر في المجتعمات الشرقية التقليدية والتي تتركز فيها نظرة الأشخاص على التقاليد والعادات القديمة والمترسخة بعمق. وتميل هذه الظروف إلى تطوير الشخصيات المحافظة والذين يفكرون ببطء ويتكيفون مع الإيقاع المميز لبيئتهم وينفرون من مواجهة الحلول الجديدة للمعضلات القديمة. وهذا أيضاً، هو السبب الذي جعل مثل هذا المجتمع يقيم الرجال كبار السن ويفضلهم على الشباب، دون ان يأخذ بنظر الاعتبار قيمة مواهب وقدرات كل منهما، ولا يخصص الحقول طبقاً للمؤهلات الحقيقية(رفائيل باتاي، المصدر السابق، ص199).



#مهتدي_الأبيض (هاشتاغ)       Muhtadi_Alabydh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علوم الهندسة والتطرف الديني
- (علمنة الله- محاولة علمانية جديدة)


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهتدي الأبيض - الفهلوية في الشخصية العراقية