أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - - أنفسنا السنة - لكن - لعن الله الواثق - !















المزيد.....

- أنفسنا السنة - لكن - لعن الله الواثق - !


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 7 - 19:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتداول ناشطون عراقيون هذه الأيام على صفحات التواصل الاجتماعي صورة لواحدة من الساحات العامة في العاصمة بغداد. الساحة وُضعت وسطها لوحة كُتبَت عليها الجملة التالية: (ساحة الشهداء، لعن الله الواثق).

الواثق الذي تلعنه اللوحة الموضوعة في مدينة ظلت تحتفظ بكرسي الخلافة العباسية لأكثر من أربعة قرون هو ، الخليفة العباسي التاسع الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله (232 ه 847 م ).

الغريب في الامر أن الواثق الذي تلعنه اللوحة المرفوعة في زمن حكم الشيعة ، لم يلحق أذى بالعلويين خلال فترة خلافته ، بل بالغ في الإحسان إليهم ، كما ينقل المؤرخون الشيعة :

" ولما جلس الواثق في الخلافة أحسن الى الناس ، وأشتمل على العلويين ، وبالغ في إكرامهم والإحسان اليهم ، والتعهد لهم بالأموال" ، يقول السيد صالح الشهرستاني في كتابه ( تاريخ النياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام). والمؤلف ينقل من مصادر تاريخية عديدة.


أذن هل أن من وضع اللوحة فعل ذلك عن رعونة صبيانية و جهل بالتاريخ ؟

قد يكون ذلك صحيحا. وقد تبادر الجهات الحكومية لرفع اللوحة. لكن من يضمن ، إذا ظل المزاج الشعبي والتفكير الحكومي كما هما ، أن لا تتكرر أفعال كهذه ، مثلما تم تفجير نصب تمثال الخليفة المنصور وتهديمه من قبل جهات مجهولة سنة 2005.


قد لا تكون اليد التي وضعت اللوحة التي تلعن الخليفة الواثق هي ذاتها التي فجرت تمثال الخليفة المنصور. لكن الذهنية هي ذاتها. وهي الذهنية ذاتها التي تهمل المدرسة المستنصرية التاريخية العريقة التي بناها الخليفة المستنصر بالله عام 1227 م . وهي الذهنية نفسها التي احتكرت تغيير أسماء مدن ومحلات وشوارع عامة ، وبنايات حكومية تابعة للدولة ، وأطلقت عليها أسماء شيعية. وهي الذهنية إياها التي حولت بعض ثكنات الجيش العراقي إلى حسينيات تحول فيها ضباط برتب عسكرية مهمة إلى قراء منابر.


بالطبع، لا اعتراض هنا ضد ممارسة الشعائر واحترامها مهما كانت ، ولا عن حق الأيمان والمعتقد وحرية ممارستهما ، ولا أتحدث عن قراءة وتفسير التاريخ. التاريخ ملك مشاع للجميع. ومن حق أي مؤرخ وباحث وأي جماعة وأي فرد أن يقرأه ويفسره ويستخلص النتائج ويطلق الأحكام ، ويدافع عن وجهة نظره ، وفقا لأفكاره ولأنحيازاته الآيدولوجية والسياسية والعقائدية.

الحديث هنا عن فلسفة رسمية لدولة شيعية ، أو بالأحرى تقودها أحزاب شيعية.

والأسئلة الكبرى هي :

كيف تتعامل الاحزاب الشيعية ، التي تقود الدولة العراقية الحالية ، مع التاريخ الإسلامي منذ حادثة سقيفة بني ساعدة وحتى عام 2003 ، لحظة وصول هذه الأحزاب للسلطة ؟

هل تقبل الحكم الإسلامي كله ، ام ترفضه كله ؟

هل تتعامل معه بانتقائية ، فتقبل هذه الفترة وترفض تلك ، وتترحم على هذا الحاكم وتلعن ذاك ؟

هل تفرق الاحزاب الشيعية الحاكمة بين فلسفة الحكم الإسلامي (العقيدة / المذهب) ، وبين (الحضارة) الإسلامية باعتبارها إنجازات شارك في خلقها أفراد وجماعات ينتمون إلى ملل ونحل مختلفة وفلسفات ووجهات نظر متباينة ، بل ومتناقضة ؟


القضية الثانية هي ان الدولة العراقية الحالية التي تقودها أحزاب شيعية ، يفترض بها أن تدير شؤون بلد يتشارك العيش فيه شيعة وسنة من العرب والأكراد والتركمان .

و أي إجراءات رسمية يُفهم منها إعادة كتابة التاريخ الإسلامي ، تساهم في تأليب السنة العراقيين لأنهم يفسرونها كإجراءات استفزازية ، تهدف لإعادة كتابة تاريخ الحضارة الإسلامية ، و تقصي أو على الأقل تّهمش دورهم في بناء هذه الحضارة.

و الأمر لا يقتصر على تأليب واستفزاز سنة العراق وحدهم ، أنما يشمل نحو ملياري مسلم في العالم أغلبيتهم الساحقة من السنة ، ومعهم دولهم وحكوماتهم. كذلك يشمل الغالبية الساحقة من العرب خارج العراق ، الذين ما يزالون ينشدون : (بغداد يا بلد الرشيد).


إن التاريخ دائما ما يقدم حلولا تصالحية توافقية تلجأ لتطبيقها أمم كثيرة عندما تمر بمنعطفات خلافية.

و العراق الحالي يقدم أنموذجا ناضجا للحلول الحكيمة التوافقية. أعني هنا المرجع الشيعي السيد علي السيستاني.


السيستاني يقول : (لا بد للشيعة أن يدافعوا عن الحقوق الاجتماعية والسياسية للسنة قبل أبناء السنة أنفسهم. خطابنا هو الدعوة للوحدة. وكنت ولا أزال أقول لا تقولوا أخواننا السنة ، بل قولوا " أنفسنا السنة ").

هذه ليست نصائح ومواعظ اخلاقية تتعلق بالتعامل اليومي بين الجار وجاره وزميل العمل وزميله. هذه فلسفة متكاملة تشمل السياسة والحكم والثقافة والتاريخ والعقائد والحياة كلها ، لا تؤكد على ما هو مشترك وتتمسك به ، فحسب ، وإنما تطالب أن (يذوب) الشيعة والسنة داخل جسد واحد.

عندما يقول السيستاني " أنفسنا السنة " فهو لا يُجّسر الهوة بين الشيعة والسنة ، إنما يذهب أبعد من ذلك بكثير ، فيلغي الهوة ، وينجز ثورة تحديثية كبرى في موضوع التقريب بين العقائد والمذاهب.

بدون شك ، ان السيستاني عالم دين وليس من ذي التفكير المدني ، أو العلماني إذا شئتم. وهو عالم دين شيعي. وبهذه الصفة ومن هذا الموقع الدينيين يطلق مطالبته لإلغاء الهوة بين المسلمين الشيعة والسنة. وحتى ضمن هذا النطاق الديني المذهبي ، وحتى لو كان السيستاني يفعل ذلك ضمانا لمصالح الشيعة ، فأن مواقفه رائدة وناضجة وحكيمة.

ولو كانت الأحزاب الشيعية التي تقود الدولة ، راغبة حقا ومطيعة حقا لمواقف المرجع الشيعي ، فكان عليها أن تعزز دعوته التوحيدية في النطاق المذهبي الديني ، أولا ، ، ثم تنقلها وتعممها إلى الفضاء السياسي العراقي الوطني الشامل. لكنها لم تفعل.



فعلى الصعيد الديني ، تعاملت الأحزاب مع دعوة السيستاني بازدراء وبإهمال ولم يتوقف عندها و يؤكد عليها منّظروها و قادتها وكوادرها في خطبهم ولم يتم التثقيف بها داخل المؤسسات التعليمية وعبر القنوات التلفزيونية والصحف ، ولم يصدر واحد من مثقفي هذه الأحزاب كتابا واحدا حولها ، ولم تقام ورشة فكرية لمناقشتها.

وكذلك فعلت الأحزاب الشيء نفسه على الصعيد السياسي.

هذه المواقف ليست نتيجة نسيان و إهمال ، إنما تصدر عن أدراك هذه الأحزاب الشيعية لخطورة ما يطالب به السيستاني على مستقبلها ومصالحها ، بل وجودها أيضا.

فالنتيجة العملية لمقولة (أنفسنا السنة) تعني، أصلا، إلغاء مبرر وجود هذه الأحزاب التي تحكم وفقا لنظرية الاختلاف بين الشيعة والسنة.

بل أن ما يقوله المرجع الشيعي السيستاني قد يسميه البعض من السياسيين الشيعة " سياسة انبطاحية " ، رغم أنهم ، ولأغراضهم الخاصة ، يظهرون النفاق في تبجيلهم للمرجع ويسمونه (الإمام المفدى السيستاني) !!

السيستاني يفكر بمسؤولية تاريخية عالية و يبني جسرا من التواصل بين الشيعة وبين السنة ، ليس سنة العراق وحدهم ، وإنما السنة في العالم.

والسياسيون الشيعة يؤلبون سنة العراق وسنة العالم ضدهم ويدفعونهم دفعا لاتخاذ مواقف عدائية.




#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الدم والجثث المتعفنة وخيبات الأباء في قصائد سيغفريد سا ...
- الشاعر الإنكليزي العراقي الأصل سيغفريد ساسون
- لماذا لا يخاف الفاسدون وناهبو المال العام في العراق من التظا ...
- المستقبل العراقي يفر نحو (العمة) ميركل هربا من جحيم الماضي و ...
- دولة الحُسينية وحُسينية الدولة
- مَن يقضي على التشيع : (فرقة الخشابة) أم (تدين) الشيعة الجُدد ...
- مَن يقضي على التشيع : (خمر) الحبوبي أم (تدين) الشيعة الجُدد ...
- من يقضي على التشيع : (خمر) الحبوبي أم (تدين) الشيعة الجُدد ؟
- كيف تغير المزاج الشعبي رأسا على عقب في العراق ؟
- التشيع الخضرائي
- إعصار ساحة التحرير يتقدم بسرعة قياسية
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) إلى ديكتاتورية (ما ننطيه ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (المشروطة) حتى ديكتاتورية ( ما ننطي ...
- تظاهرات ساحة التحرير: من (دستورية) الأخوند الخراساني حتى ديك ...
- قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد ...
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (القسم الأخير)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (4/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)
- تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (2/5)


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - - أنفسنا السنة - لكن - لعن الله الواثق - !