أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - إنهم يكرهون المادة 53














المزيد.....

إنهم يكرهون المادة 53


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 7 - 11:51
المحور: المجتمع المدني
    


[المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريّات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العِرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر، وأن التمييز والحضّ على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون.]
هذا نصّ المادة 53 من الدستور المصريّ الذي ارتضاه الشعب بعد ثورة 30 يونيو 2013، التي استرددنا بها ثورة 25 يناير 2011 التي سرقها الإخوان الإرهابيون وتيارات الإسلام السياسي يوم 19 مارس.
والحقُّ أن تلك المادة، ما كان يجب أن يتضمّنها أيُّ دستور، لأنها من طبائع الأمور. لماذا لم ينصُّ أيُّ دستور في أي بقعة من بقاع الأرض على مادة تقول، مثلا: “من حقّ كل مواطن أن يتنفس الهواء، ويشرب الماء، وأن يخلد للراحة الأبدية إن انتهى أُجلُه”؟ لأن الهواء والماء منحٌ أبدية من السماء لسكّان كوكبنا، من حقّ كل بشريّ أن يملأ به رئتيه ليحيا؛ ويرتوي الظِّما، وإن انتهى أجلُ إنسان بأمر الله، فله أن يخلد للراحة دون أن يزعجه أحدٌ؛ ذلك منطق الأشياء. لهذا لا مادة في دستور تناقشُ بدهيات كتلك، وإلا صار دستورًا طفوليًّا يشير إلى الوردة قائلاً: “هذه وردة".
لكنْ يحدث، في مجتمع رجعيّ ما، أن ينسى الناسُ البديهيات، نتيجة عوامل كثيرة مثل سيطرة تيار فاشيّ على عقول البسطاء، أو نفوذ حكومات تسلطية على مقاليد الحكم، أو مصالح طوائف تتعارض مع بديهيات أولية استقرّ عليها العالمُ منذ نضج وعيُه. هنا يأتي حكماءُ ذلك المجتمع ويعيدون على الناس بديهيات الأمور، ويكتبونها في لائحة رسمية تُعلّق على أسوار المدينة، حتى يقرأها القاصي والداني، ويُسمّونها: "الدستور". فيبدأون من أول السطر وكأنهم يعيدون اختراع العجلة بعد عدة قرون من استقرارها في بلاد أخرى. هنا تأتي دساتيرُ تنصُّ على وجوب العدالة، وكأنها اختراع! وعلى عدم التمييز، وكأن التمييز جائز، وعلى معاقبة مُشعلي الفتن، وكأنه يليق ألا نعاقبهم بإقصائهم عن المجتمع!
لكن العُرفَ في المجتمعات الرجعية، أقوى من القانون. فيستمرُ مشعلو الفتن في غرس بذور العنصرية والطائفية والتمييز، دون أن يوقفهم القانون. فيخرج على الناس أناسٌ يحملون مشاعل التنوير، يجوبون طرقات المدينة منادين بالعدل والمساواة والتحضّر والجمال. فيمقتُهم مشعلو الفتن ويثيرون حولهم الشكوك ويحيكون المكائد وينسجون الشائعات الكذوب، ويزعمون أمام العامة والبسطاء أن أولئك التنويريين أعداءُ الله! وكأن الله (العدل) يأمر بالظلم والغُبن والتمييز. ويحدث أن يصدق تلك الخزعبلات نفرٌ من الناس، فيحلمون خناجرهم ويقتفون ظهور التنويريين، ثم يطعنون من الخلف. عشراتٌ من التنويريين قضوا نحبهم نتيجة تلك المهزلة التي تتكرر منذ بدء التاريخ، ولن تتوقف مادامت الرجعية. ابن رشد والحلاج والسهروردي وابن عربي وابن المقفع وفرج فودة، وبعضهم اغتيلوا معنويًّا مثل طه حسين ونصر حامد أبو زيد وأحمد لطفي السيد.
وقصة الأخير طريفةٌ تدعو للضحك. قرر المفكر التنويري أحمد لطفي السيد الترشّح للبرلمان المصري أوائل العام الماضي. وكان ينادي بقيم العدل والمساواة والديمقراطية. فأشاع خصومُه أن الديموقراطية دينٌ جديد ينادي بالكفر، وأن الأستاذ ترك الإسلام واعتنق الديمقراطية. فلما أقام لطفي السيد مؤتمرًا جماهيريًّا لعرض برنامجه الانتخابي سأله أحدُ الحضور: “أنت ديمقراطي؟"، قال: "نعم.” فانصرف الناسُ عنه، وخسر البرلمانَ، وأصبح خصمُه نائبًا عن الشعب.
في المجتمعات المثقفة يُحمل على الأعناق مَن ينادي بمبادئ الإنسانية والحق والخير والجمال، ويوضع مُشعل الفتن وراء القضبان حتى تتطهر روحه من ميكروب العنصرية. وفي المجتمعات الظلامية يُحمل الطائفيُّ فوق الأعناق، ويحارَب مَن ينادي بمبادئ الإنسانية والمساواة والحق والخير والجمال.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
- مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
- خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
- سقطة الكردوسي
- صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
- طفلٌ أصمّ في الجوار
- هَدْرُه علَّمَ الجشَع
- أصل الحدوته
- مصر زعلانة منك
- شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
- مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - إنهم يكرهون المادة 53