أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة رجب - عن الطفلة باريس !














المزيد.....

عن الطفلة باريس !


عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)


الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 6 - 20:47
المحور: الادب والفن
    



عن الطفلة باريـــــس !


باريس على مرمى حجر ، ومرمى طيش ونزق *
لباريس عيونٌ زرقاء ، وشعرٌ رمادي ، وللخمر على شفتيها مذاق العنب ، لها قرطان متلألئان ، وعنق طويل يوازي كفِّ البحر ، لباريس قدمان تضربان في صحرائنا الكبرى ، وسكارى ينامون في الضوء ، يدقون عنق الليل بزجاجة كونياك معتقة ، لها معطف فرو يتهدل بارتخاء ، فوق الأكتاف المتعبة من العشق ، لها نرد الشهوات ، والراين ـ بطوله الفارع ـ والشرفات الفاغرة أفواهها في عيون الماء الأزرق ، لها نافذة اللوفر المُطلة على العالم ، و قبعة بونابرت ، ومومياوات قابعة في صمت!

* لباريس أجساد طرية ، تتشكل كل صباح ، كالخبز الفاخر، والبن المنكَّه ، مصنوعةً من هوس الصلصال المجنون ، تتمايل في غنج الماركات والعلامات المسجلة ، لها شانيل ، وبورجوا ، و إيف سان لوران ، وشارع إليسا حيث العشق حكاية كل صباح ومساء ، لها رائحة السجائر المنطفئة بلوعة ، في رماد الأجساد المحترقة غربة ً، و أجنحة من ضوء ، ترفل حتى شواطيء جنوب المتوسط ، تجوب الصحارى ، وتلتهم في خزانتها كل المنافي!
.
*في باريس يستيقظ الإبداع على المقص ، وخياطة الفساتين ، وتأليه الأجساد الناحلة ، والقبعات الممهورة باسم كريستيان ديور ، وينام على زجاجة عطر فرنسية ، تتصدر بأشكالها الغريبة ، أخبار الصحف العالمية ، لا تعرف باريس السكاكين الخشنة في بلادها ، ولا يحتمل دلالها أفلام الرعب الحمراء ، ولا يستوعب صدرها النافر فكرة الاعتداء .


*لباريس ماضٍ ، حاضر الترف ، كحلوى ترافل ، أو سوكسيه ، يرفس بقدميه حرية الشعوب ، ويحتل المدن الغارقة في سبات الجهل ، ليقول لها بونجور ، هذا عطر فرنسي فاخر ، وبعض رذاذ النازية ، ثم تغرف بيديها الغضتين ما تشاء من أرواح ، وتترك للإبداع مشيئته ، في صنع حلوى المقاصل ، والمشانق ، و تشكيل عملات جديدة ، و أحكام الإعدام ، من فئة عرب! .
*نسيتْ باريس ذاكرتها ترفل ، في عقول السائحين ، لتمخضَ في قلوبهم حرقة و أنينا ، وتمخرَ في عباب الذكرى ، صور ملايين الموتى ، الذين عبرتْ ـ فوق أجسادهم ـ سيدة معطف الفراء ، وريش الطاووس المنفوش ، لا يمحو الشّانزليزيهْ من عقل سائح ذكرياته ، ولا يمنح الإليزيه لرؤسائه سوى زهرة "لا تنْسَني !
"
*و كعروس أوروبية تتقدمُ منصة الكهان ، وتسردُ التاريخ في طرحة فستان ، يقول الكاهن في قسم العروسين : لا تتركوا صبية ، ولا طفلاً حياً ، و إذا عاد عسكري منكم بأسير عربي ، فالجلد مصيره ،ويمضي مونتانياك في تطبيق الوصية الشرهة للدم ، فيطلق قطعان الجنرال لاموريسيير وراء كل جزائري ، ومن قبله ، وراء كل عربي تعطرتْ باريس بحناء داره

*لباريس أنيابٌ دموية ، تقضم الأطفال ، ليسبتوا في بطنها ، وللرازيا طعم الشكولا الفرنسية ، ولجان سارتر قميصُ براءة أبيض ـ تلقاء كل من عذبهم غنج باريس ، و هوى الطفلة المدللة ، له الصوت ، وله الإنسانية ، وله الحقيقة التاريخية .

عــزة رجب
هوامش "
اللوفر : متحف فرنسي يعجُّ بالآثار والمسروقات التي جلبها بونابرت من مصر .
الراين : اسم نهر فرنسي .
شانيل ، بورجوا ، إيف سان لوران : علامات عالمية مسجلة لأسماء عطور ودُور أزياء فرنسية
إليسا : شارع مشهور في باريس أُطلق على حبيبة الشاعر لويس أراغون
كريستيان ديور " أشهر دار أزياء فرنسية
ترافل ، سوكسيه : حلوى فرنسية مشهورة
بونجور : تحية فرنسية
القسم : حقيقة تاريخية حين كان لبعض الكهان دورهم في حث الجيش الفرنسي على إبادة الجزائريين
مونتانياك" الجنزال الفرنسي الذي له تاريخ أسود في مجازر الجزائر
الجنرال لاموريسيير: منفذ جرائم مونتانياك
الرازيا : نظام تم تطبيقه لتمويل الجيش الفرنسي من قوت أهل القري الجزائرية بعد نحرها بأهلها
جان سارتر: فيلسوف فرنسي له مقوله شهيرة " من يمسح عارنا في الجزائر
لا تنْسَني : زهرة نادرة زرقاء لها عدة أسماء ويقال إن مجموعة "فرسان الهيكل" التي اشتهرت بوحشيتِها اتخذت الزهرةَ رمزًا لها ـ خلال احتلال القدس



#عزة_رجب (هاشتاغ)       Azza_Ragab_Samhod#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشكل والجوهر!!
- أتجردُ !!
- أتكحَّلُ بغيابك !
- أسئلةٌ على حافةِ نافذةٍ مُشرعة!!
- أُنثى عادية
- لنعترف أن كل شيء يبدو جاهلياً !!!
- كلماتٌ ماقبل البسملة !!
- ماقبلَ الرحيلِ دمعةٌ !
- يا أنت !!
- يا أنت !!!
- قراءةُ مابعد السطرين
- نقُوش حناءٍ في كفِّي
- أشياء لم تقلها ذاكرة الرحيل !
- فاكهةُ الحرمان
- وشمٌ على كتفي
- الإسلام والديمقراطية.. الخطاب القرآني والانفصال السياسي
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الثامن
- الفصامية والديمقراطية... حالة إمباتية ساحرة الجزء السابع
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء السادس
- فأعطوهن شكولاتة .


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة رجب - عن الطفلة باريس !