أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طلال الربيعي - تبرع زوكربيرج انتصار للبلوتوقراطية على الديموقراطية















المزيد.....

تبرع زوكربيرج انتصار للبلوتوقراطية على الديموقراطية


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 22:02
المحور: حقوق الانسان
    


زوكربيرج, المؤسس المشارك لشركة الفيسبوك والميكَابليونير, اعلن عند ولادة ابنته، انه هو وزوجته، بريسيلا تشان، سيتبرعان بنسبة 99 في المائة من أسهم الفيسبوك التي تبلغ قيمتها 45 مليار --$-- اليوم.

وبذلك، لم يكن زوكربيرج و زوجته قد اسسا مؤسسة خيرية تعمل بموجب مبدأ عدم الربح, وانما اعلنا تأسيس شركة ذات مسؤوليه محدودة، والتي عند ظهورها الى النور, ستحقق منافعا هائلة في مجال العلاقات العامة لزوكربيرج نفسه. وعوائده في مجال العلاقات العامة ستقزم مردود ارباحه من الفيسبوك. اساسا ان تبرع زوكربيرج بالاسهم, وليس بالنقود, يعني في هذه الحالة انتفال المال من جيب الى آخر.

ان مؤسسات الاعمال الخيرية تخضع لقواعد المسائلة والرقابة. ولكن زوكربيرج وزوجته لم يؤسسا مؤسسة خيرية لاستخدام هذه الاموال, وانما اسسا بدل ذلك شركة ذات مسؤولية محدوة التي لن تكون خاضعة لتلك القواعد ولن يكون لها أي متطلبات الشفافية.

في تغطية الحدث، أشاد العديد من المعلقين ب"مارك زوكربيرج وعمله الخيري", كما عكس ذلك, مثلا, مقالة نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال, ولكنها لم تشر الى موضوعة الضرائب على الإطلاق. كما أنها لم تتعامل مع الآثار الاجتماعية للتبرعات.

فما هي الآثار المترتبة على الضرائب؟ يقول فيكتور فليشر، أستاذ القانون ومتخصص في الضرائب في جامعة سان دييغو في كلية القانون، أنه اذا كان زوكربيرج يتبرع لجمعية خيرية، فانه سيحصل على خصم تماما مثل أي شخص آخر. ولكن هذه هي مكافأة صغيرة. ولكن ربما زوكربيرج لن يفعل هذا لأنه يمكنه أن يفعل ما هو أفضل وما هو اشطر. فحسب فلايشر، عندما يتبرع احدهم باسهم للأعمال الخيرية، فان ذلك من شأنه أن يولد خصما في القيمة السوقية للسهم دون دفع أية ضريبة.

لم يكن زوكربيرج هو الذي شرع هذه القوانين الضريبية ولا يمكن انتقاده لتقليله فواتير الضرائب الواجب عليه دفعها. ولكن ما يعنينا هنا هو أنه جمع واحدة من أعظم الثروات في العالم - ومن المرجح أن لن يدفع أي ضرائب على ذلك أبدا. وما يجب على الناس فهمه انه في اي وقت يقوم بيه بيلوتوقراطي فاحش الثراء بالقيام بالتبرع الخيري, فان المحصلة الناتجة عن النظام الضريبي المعمول به في الولايات المتحدة هو شراء العلاقات العامة والاطراء والمديح الذي يكفل له دفع ضرائب اقل او حتى تجنب دفعها كلية.

بدلا من كيل المديح والثناء على زوكربيرج لإصداره بيانا صحفيا مع "وعد"، يجب ان يحفزنا هذا الحدث لبحث نوع المجتمع الذي نريد أن نعيش فيه. من الذي ينبغي أن يمول احتياجاتنا المجتمعية العامة وكيف؟

حسب نظام الضرائب, يقرر المسؤولون المنتخبون ما يجب القيام به مع مبالغ الضرائب المستحصلة.

في هذه الحالة، الامر مختلف تماما. شخص واحد سيقوم باتخاذ هذه القرارات. ان ذلك يعني ايضا اعترافا ضمنيا انه لا يمكن لأحد ان ينفق 45 مليار --$-- على نفسه أو أسرته، وأن المال ليس حقا "له"، من حيث الجوهر. والمجتمع لا يمكنه الاعتماد على فاحشي الثراء لتحقيق الخير والعدالة بشكل فردي.

ولكن العمل الخيري هو حقل إشكالي, لكونه يقوم, في أحسن الأحوال, بإعادة توزيع الموارد على المجتمعات المحرومة. ولكن في أسوأ الأحوال فإنه يعمل باعتباره وسيلة أخرى للنخب لتجنب الضرائب. والعمل الخيري في كثير من الأحيان يمكّن الأثرياء من ممارسة نفوذ غير مناسب على مجرى القضايا الاجتماعية والسياسية. على عكس التبرعات الخيرية, يمكن للضرائب ان توزع بشكل أكثر إنصافا في مختلف المناطق أو المجتمعات. وتمكّن الضرائب ايضا من معالجة القضايا الانفاقية بطريقة منهجية تشمل تدابير المساءلة من خلال آليات ديمقراطية.

في المقابل، العديد من المؤسسات الخيرية تعمل بشكل مستقل وتعسفي. انها توزع الأموال على أساس أولويات متهورة أو دون علم الجهات المموِلة، وتقدِم المنح الصغيرة بجداول زمنية قصيرة لا تسمح للمنظمات المموَلة لتحجيم نفسها أو المحافظة على وجودها. في نفس الوقت، يقدم العمل الخيري إعفاءات ضريبية كبيرة للأثرياء، ويحول قرارات الإنفاق الاجتماعي من أيدي الجمهور إلى قلة او نخبة تتلاعب بالقرار السياسي. في حين ان زوكربيرج قد يكون رجل أعمال ناجح، ولكن لا يجب أن تسمح له ثروته بمفردها إملاء مسائل السياسة العامة, لان ذلك يعني, في المحصلة, انتصارا للبلوتوقراطية على حساب الديموقراطية.

اضافة الى المشاكل الواردة اعلاه, فان للعمل الخيري مشاكله التكنولوجية.
يصر زوكربيرج على أن التكنولوجيا تحمل إجابات لقضايا اجتماعية معقدة، مكررا القول "هناك App لمعالجة اية مشكلة!". وهي عقلية, في كثير من الأحيان, تفشل في النظر بشكل منهجي الى المشاكل ووسائل علاجها. يدعو المنظر يفغيني موروزوف هذا النهج "solutionism"، لانه يميل إلى اقتراح العلاج التكنولوجي لكل المسائل على أساس سهولة وكفاءة أدوات التكنولوجيا المفترضة، بدلا من النظر فيما إذا كانت الأسئلة نفسها هي في الواقع نقطة انطلاق مناسبة.

فمثلا, ان زوكربرغ يشير إلى أن "معظم الناس يموتون" بسبب خمسة أمراض، التي يعتقد أنه يمكن مكافحتها أو القضاء عليها في القرن المقبل. التمويل المالي بالتأكيد ذو فائدة لبحوث العلاج والوقاية، ولكن من المهم أن نتذكر أن المرض والموت يحدثان في سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة، بدءا من التعرض للمواد السامة إلى ارتفاع تكلفة وأرباح الأدوية وانعدام او ضعف التوعية الصحية, أو الوصمة الاجتماعية المرتبطة بامراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. كما ان الاطار التقني لا يأخد بجانب الاعتبار الأسباب الرئيسية الأخرى للموت والانتحار، او العنف والصراع المسلح الذي غالبا ما يتطلب منعه او الحد منه الإرادة السياسية بدلا من البرامج.

العديد من المعلقين يؤكدون إذا أراد زوكربيرج ان "يخلق عالما أفضل"، فينبغي أن يبدأ في منزله. الفيسبوك يمكن أن تسهم في مجتمع أكثر عدلا عن طريق القيام بأكثر من التبرع بالمال: ينبغي أيضا أن تفحص أخلاقيات ممارساتها التجارية والآثار المترتبة عليها، ووجودها في المجتمعات المحلية، وسياساتها وإجراءاتها المُتبَعة.

كشركة، تلقت الفيسبوك نصيبها من الانتقادات بخصوص سياساتها التوظيفية المتسمة بالتحييز العنصري والجنسي السيئ للغاية، لا سيما في فرق القيادة والهندسة. وكما ذكرت صحيفة الجارديان في يونيو، على الرغم من النقد السنوي، فشلت الفيسبوك بشكل بالغ في توظيف عمالة من أصل إفريقي-امريكي، مما أدى إلى انخفاض بالغ للقوى العاملة للسود فيها. كما ان الثقافة السائدة في الشركة تقوض باستمرار مساهمات النساء.

يقع مقر شركة الفيسبوك خارج سان فرانسيسكو, حيث تلعب الشركة دورا في ارتفاع الإيجارات والإخلاء في المنطقة. والفيسبوك تدير أكثر من 70 حافلة في المنطقة. خلال العام الماضي، صوت سائقو الحافلات بنجاح في تشكيل نقابات وتحسين الأجور وجدولة العمل، ومع ذلك يزعمون أن الفيسبوك تشارك في ممارسات تهدف الى تقويض عملهم النقابي. ما هو أكثر من ذلك، أشارت الدراسات إلى زيادة غير متناسبة في أسعار الإيجارات ضمن مسار الحافلات. بدلا من معالجة عدم عدم المساواة الاقتصادية مباشرة، منح زوكربيرج هبة كبيرة إلى مستشفى سان فرانسيسكو العام التي قامت باعادة تسمية نفسها باسم الرئيس التنفيذي للفيسبوك وزوجته, مما اثار غضب سكان المنطقة وممرضات المستشفى.

وأخيرا، تعرضت الفيسبوك لانتقادات بسبب العديد من السياسات التي تقوض روح الإنصاف، التواصل، وصحة المجتمع التي تدّعي الفيسبوك تعزيزها. على سبيل المثال، لأكثر من عام، يشن نشطاء حملة ضد سياسة الشركة لاستخدام "الأسماء الحقيقية"، والتي أثرت سلبا بشكل مباشر على عشرات الآلاف من الأشخاص المثليين، الأميركيين الأصليين، الناجين من العنف المنزلي، و مستخدمين آخرين مهمشين أصلا. وغالبا ما تؤدي هذه السياسة الى المزيد من عزلة هؤلاء عن مجتمعاتهم. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الفيسبوك في "تغذية" صفحات البعض بدون اخذ اذنهم، مما يثير تساؤلات أخلاقية حول تأثير ذلك على الصحة العقلية لمستخدمي الفيسبوك.
................
المصادر
1- How Mark Zuckerberg’s Altruism Helps Himself
http://www.nytimes.com/2015/12/04/business/dealbook/how-mark-zuckerbergs-altruism-helps-himself.html
2- My name is only real enough to work at Facebook, not to use on the site
href="https://medium.com/@zip/my-name-is-only-real-enough-to-work-at-facebook-not-to-use-on-the-site-c37daf3f4b03#.cmts26sts" target="_blank" https://medium.com/@zip/my-name-is-only-real-enough-to-work-at-facebook-not-to-use-on-the-site-c37daf3f4b03#.cmt" class="aEml">class="aLink">https://medium.com/@zip/my-name-is-only-real-enough-to-work-at-facebook-not-to-use-on-the-site-c37daf3f4b03#.cmts26sts
3- Not so fast, Mark Zuckerberg: 4 reasons to be skeptical of his --$--45 billion giveaway
http://www.salon.com/2015/12/03/not_so_fast_mark_zuckerberg_4_reasons_to_be_skeptical_of_his_45_billion_giveaway/
4-The Revolution Will Not Be Funded Anthology
http://www.incite-national.org/page/revolution-will-not-be-funded-anthology



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعم اسرائيل لداعش
- -جمعة مباركة- تجسيد لمنطق الساحر وسلطة فوكو الناعمة
- رسالة علماء المسلمين في تفنيد ايديولوجية -الدولة الاسلامية-
- الحملة الثقافية لمقاطعة وعزل اسرائيل
- تجاهل فرنسا المتعمد لاشارات التحذير قبل هجمات باريس!
- الارهاب وقمع الحريات والشمولية كلها امور ملازمة للعولمة المت ...
- رعاية الولايات المتحدة للإرهاب في العراق و-الفوضى الخلاقة-
- هل العراق بحاجة الى حظر الاحزاب الدينية ام حظر المواقع الابا ...
- الاهمية الفائقة لاستحداث منصب وزير الصحة العقلية في العراق
- استخدام (موجات) اللاجئين كسلاح سياسي-اقتصادي
- افندية بغداد والعملية السياسية
- ما يجب على الحزب الشيوعي العراقي فعله لانقاذ نفسه؟
- وجهة نظر التحليل النفسي في -عندما تُفسدنا السلطة, يطهّرنا ال ...
- دعوة للقبض على نتنياهو
- مرحلة ما بعد الصهيونية
- الحل: خرافة وجود شعب يهودي 6/6
- خرافة وجود شعب يهودي 5
- خرافة وجود شعب يهودي 4
- خرافة وجود شعب يهودي 3
- خرافة وجود شعب يهودي 2


المزيد.....




- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طلال الربيعي - تبرع زوكربيرج انتصار للبلوتوقراطية على الديموقراطية