أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات














المزيد.....

مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 11:27
المحور: المجتمع المدني
    


بما أن "حرب" الانتخابات قد وضعت أوزارَها وانتهى الأمر. وفاز مَن فاز، وخسر من خسر، أود أن أسجّل بعض ما شاهدته من طرائف وعجائب خلال خوضي تلك التجربة المثيرة.
بدايةً، أرفض أن أسميّها: “حربًا" أو “معركةً” أو “ماراثون”، أو منافسةً”، إلى آخر تلك الكلمات التي تعبر عن الصراع والاحتدام الذي يقارب الاقتتال، والعياذ بالله.
في كل تصريح صحفي أو في أي حوار تليفزيوني، دائمًا ما أستنكرُ التعبير وأردُّ الصحفيّ أو المذيع بتلك الكلمة. وحين يسألونني: وماذا تطلقين عليها إذن؟ أجيبُ في بساطة: “العملية الانتخابية.” ولا شيء أكثر.
لماذا معركة؟! لماذا يتقاتل المرشحون ويشوهون بعضهم البعض وينفقون الأموال الطائلة لشراء أصوات الناخبين؟ لابد أن في الأمر "إنَّ"! فالأموال التي يُنفقها مرشحٌ دليلٌ على نيته استرداد أضعاف ما أنفق بمجرد جلوسه على الكرسي. فمتى وكيف بل ولماذا يأتي ذلك المرشح بحقوق الفقراء؛ بينما هو يتمنى دوام فقرهم لكي يشتري أصواتهم في الدورات المقبلة؟! لماذا يتصارعون على مقاعد البرلمان؟ هل وراء ذلك المقعد مغانمُ ومكاسبُ يضعُ المرشحُ عينَه عليها، بدلا من أن يضع عينه على مصالح المواطنين، يأتي بها، أو على الحكومة، يراقبها، أو على التشريع، يُصلحه؟
وإذن، من بين الوصايا العشر لانتخاب مرشّح:
لا تثق في مرشح يُطلق زبانيته ليشوّه مرشحًا آخر.
لا تثق في مرشح ينفق الملايين في الدعايا.
لا تثق في مرشح يهين الناخبَ بشراء صوته.
***

أثناء جولاتي التفقدية في محيط دائرتي الانتخابية بحي مصر الجديدة والنزهة، استوقفتني سيدة مُسنّة وقالت: “هاديكي صوتي لو وعدتيني تجبيلي كشك سجاير.” ربتُّ على كتفها وقلت لها: “لن آت لك بكشك. وإن وعدك مرشحٌ غيري أنه سيجلب لك كشك اعرفي أنه يكذب عليكِ. الدولة والمحليات تتوجه الآن نحو مكافحة إشغالات الطرق، ولهذا لا تمنح تصاريح جديدة للأكشاك. لكن بوسعي أن أعدك أنني سوف أسعى لتشريع قوانين تدعمك أولا كامرأة، وثانيًا كمواطنة مُسنّة، وثالثًا كسيدة معيلة تنفق على أبنائها دون عائل.” لم يعجبها كلامي، ورمتني بنظرة امتعاض، ثم أشاحت بوجهها عني وهي تقول: “مش هانتخبك.”
* بعد برهة استوقتني فتاة سمراء نحيلة عرفت فيما بعد أن اسمها صفاء. أشارت نحوي بسبّابتها وهي تنظر في عيني مباشرة ثم قالت: “أنا هانتخبك يا ناعوت. عارفة ليه؟ لأنك الأقل دعايا والأقل صرفًا. أنتِ ست محترمة.”
* كنتُ أجلس في سيارتي أقرأ في كتاب، ودخل بنا السائق محطة بنزين وطنية في منطقة ألماظه. بعد برهة شاهدتُ عامل المحطة يعطي سائق سيارتي من النافذة زهرة ملفوفة في ورقة سيلوفان جميلة ويقول له: “للأستاذة.”، ثم أسرع بالمضي إلى داخل المحطة قبل أن أتمكن من استيعات الموقف، وحين فتحت نافذتي لأنادي عليه وأشكره، نظر لي باستحياء من بعيد ولوّح، ثم اختفى.
في واحدة من جولاتي الميدانية في سيارة مكشوفة للتعرف على أهل دائرتي ومقاربة مشاكلهم عن كثب. شاهدنا رجلا يُسرع الخطو وراء موكبنا إلى أن وصل إلى السيارة التي تحملني، ثم مد يده إليّ بباقة ورد جميلة تحمل بطاقة تقول: “أنتظرك في البرلمان، صوت الخير والحق والجمال والتنوير. سأمنحك صوتي يا ناعوت.”
على مقربة من موكبنا كان هناك طفل ربما في العاشرة من عمره يهتف: “هاتكسبي يا ناعوت.” وهو يرفع لي علامة النصر.
ثم شاهدت مجموعة من الفتيات والشبان حول عمر العشرين من أعمارهم، أطلقوا الصفارات وراحوا يرسمون بأصابعهم علامة قلب فوق صدورهم.
في يوم الانتخابات الأول، أثناء تفقدي سير العملية الانتخابية بمدرسة السلحدار، وجدت سيدة مسنّة تجلس على مقعد متحرك تدفعها سيدتان يبدو أنهما ابنتاها. وما أن رأتني السيدة الكبيرة حتى جذبتني من ثوبي واحتضنتني وراحت تبكي قائلة: “لولاكِ ما نزلتُ من بيتي. من فضلك رجعوا لنا مصر زي ما كانت على أيامي. مش قادرة أشوف مصر وحشة كده!”
خرجت من مدرسة الطبري حول السابعة مساء في يوم الانتخاب الأول، فوجدت رجلا عجوزًا يتوكأ على عصاه وتمسك بيده سيدة، استوقفتني لمصافحتي وعرفت فيما بعد أنها حفيدته. كان الرجل أبكم لا يتكلم. أخبرتني الحفيدة أنه أصرَّ على النزول لانتخابي، رغم تحذير الأطباء له من النزول. بكيتُ وأنا أشعر بالذنب الشديد، وبهول المسؤولية التي ألقاها القدرُ فوق عاتقي.
في نهار اليوم الثاني من الانتخابات كنت أسير جوار سور إحدى مدارس اللجان الانتخابية، فاستوقتني سيدة تمشي الهوينا جوار ابنها وهو يركب دراجته. ضحكت السيدة وقالت "ممكن ناخد معاك صورة؟" فقلت لها مازحة: “لو منحني ابنك لفّة بالعجلة، أتصور معاكم.” وبالفعل ترك لي حمزة البيسكليت، ودرتُ دورة في الشارع حول سور المدرسة.
لحظات لا تُنسى ومواقف كثيرة تعلمت منها الكثير، لأزداد حبًّا لهذا الشعب الجميل الذي لا يشبهه شعبٌ آخر. الشعب المصري الطيب.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
- خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
- سقطة الكردوسي
- صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
- طفلٌ أصمّ في الجوار
- هَدْرُه علَّمَ الجشَع
- أصل الحدوته
- مصر زعلانة منك
- شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
- مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود
- المال مقابل الكرسي
- جمال الغيطاني... خذلتني


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات