أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سلام زويدي - واقع البطالة: إصلاح من الفوق أم من التحت؟















المزيد.....

واقع البطالة: إصلاح من الفوق أم من التحت؟


سلام زويدي

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 4 - 18:26
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


واقع البطالة: إصلاح من الفوق أم من التحت؟

لا يمكن تحليل الوضع الذي تمرّ به البلاد والعباد في تونس دون الوقوف على المناخ العام الذي انتهى إليه العالم في زمنيّة نسميها بوضعيّة " الإمبراطوريّة المعولمة " فقراءة خاطفة لتسارع حركة التاريخ وللأزمات التي يعيشها المناخ السياسي والاقتصادي يجعلنا نقرّ بمأساويّة اللحظة وبانحدار العالم إلى الدرجة الصفر من التدبير السياسي ، فالموت هو الذي يحرّك البورصة وصوت الرصاص الداعشي هو الذي يغذّي الأزمات ويعيد رسم الخارطة السياسيّة والجغرافيّة، فرأس الإشكال الذي منه وإليه ترتدّ جميع الأزمات مستوطن في بنية الرأسماليّة المعولمة والخيط الناظم الذي يحرك الصراعات في المغرب العربي وداخل الشرق الأوسط هو رأس المال السابح أو العائم الذي يتغذى من جماجم ضحاياه ومن الثروة التي ينتجها لذاته....مشكلتنا نحن من نعيش في تخوم الحياة والدرك الأسفل من مركز العالم تعود إلى شكل التشكيلة الاقتصاديّة والاجتماعيّة، فمرور الرأسماليّة من مرحلة الامبرياليّة إلى مرحلة الإمبراطوريّة المعولمة ساهم ولا يزال يساهم في تنامي حدّة الفقر والبطالة وذلك من جهة اتساع الهوّة بين الطبقات وتصاعد وتيرة التآكل الداخلي لبلدان الأطراف ، فمشكلتنا ليست مشكلة لاهوتيّة والصراع الذي يشق العالم ليس صراعا دينيا أو مذهبيا أو طائفيا أو حتى عرقيا بل هو صراع متمركز ومتصالب في بنية المنظومة الرأسمالية منذ نعومة أظافرها ، هو صراع بين من يملك ومن لا يملك، بين الفقراء ورؤوس الأموال وطنيا وعالميا وما زاد في التباس الوضع الإنساني في بلدان الهامش هو عجز البرجوازيّة في هذه البلدان على القيام بثورة في وسائل الإنتاج تكون قادرة على إحداث انتقال تمرّ فيه من حالة التبعيّة للبرجوازيات العالميّة إلى ذلك الوضع الذي تكون فيه قادرة على خدمة مصالح الفئات الشعبية التي خلّفتها حركة الرأسمال الوهمي، لذلك فتردي الوضع واتساع دائرة التهميش والمعطلين عن العمل ليس داخل بلدان الأطراف فحسب بل داخل بلدان المراكز ذاتها هو الذي سيجعل من النضال نضالا أولا وقبل كل شيء ضدّ هذه المنظومة الفاسدة والمتناقضة مع نفسها ومع مناخ العصر والنضال ضّدها يعني فضح السياسة التي تنتهجها ديناصورات العصر المتمثّلة رأسا في الشركات العابرة للقارات ومجلس الأمن وصندوق النقد الدولي، فهذه الديناصورات هي التي تشكل القلب النابض لنظام الإمبراطوريّة والإله الدنيوي للرأسماليّة العالميّة.وهذا المناخ المسطّر من قبل القوى البربريّة المعولمة أثرّ على مسار انتفاضة 17ديسمبر في تونس فمن المطالبة بالشغل والحريّة والكرامة الوطنيّة الذي يجد حلّه في شكل النظام السياسي والاقتصادي إلى محاربة الإرهاب وتمييع التناقض الحقيقي الذي يشق البنية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، فتناقضنا ليس مع الإرهاب الأصولي الداعشي بل مع الرأس المال السابح الذي لا يزال ينتج جيشا من المعطّلين ومن المفقرين ومن المعدمين، وهذا الوضع نُحمّل فيه المسؤوليّة الأولى لحكومة الصيد لأنّها حكومة راعيّة لمصالح الرأس المال العالمي ومتذيّلة لصندوق النقد الدولي ولقراراته التي لا تخدم جُمع المفقرين والمعدمين، بل تخدم فقط مصالح البرجوازيّة الوطنية والعالميّة وذلك من جهة مواصلة لسياسات النهب التي تقوم بها الشركات العالميّة لثروات البلاد .لذلك فقرار تجميد الانتدابات في الوظيفة العموميّة هو قرار متناقض مع نفسه، لأنّه يزيد من نزيف البنى الاجتماعيّة ويعمّق من مسألة البطالة ويكشف الخضوع الكامل لأجهزة النهب الإمبراطوريّة ويجعل من قوائم الدولة محطّمة وبلا سيادة، فمعالجة المشاكل التي تنخر بنية المجتمع لا يكون بالتحليق فوق التناقض الحقيقي بل في النزول إلى المرض وتشخيصه، ومن ثمّة فمشكلتنا ليست مع وزير التربيّة (ناجي جلول) بل إشكالنا نُسوقه كالتالي :
ضرورة التصدّي للبرامج المسقطة من قبل صندوق النهب الدولي ومنه الكشف عن أدواته التي بها ومن خلالها يمرر مشاريعه الاستعماريّة والأنظمة العربيّة هنا تمثل النموذج الراعي للرأسمال الأجنبي فالتصدي لهذه الخيارات اللا وطنيّة يتطلّب فضح وتعريّة مشروع إلغاء الانتداب في الوظيفة العموميّة الذي اعتبره الطلاب في الجامعات التونسيّة -وتخصيصا في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بصفاقس برعاية منظمّتهم الطلابيّة الاتحاد العام لطلبة تونس- مشروعا لتخريج جيش عاطل عن العمل ومن ثمّة فهذا المشروع ليس مشروعا إصلاحيا كما يزعم داعي الإصلاح ناجي جلول وإنّما هو مشروع لتزمين وشرعنة واقع البطالة في تونس ومنه الهروب من مطلب التشغيل والكرامة للإنسان، الكرامة للعاطلين والمعطلين عن العمل إلى مطلب الإصلاح من فوق، سياسة الكرّ والفر التي تنتهجها حكومة الصيد هي ترجمة عن لا جديّة السلطة في تعاطيها مع ملف التشغيل، فعمليّة الإصلاح لا تكون من فوق بل من التحت ، أي بالكشف عن الظروف التي أنتجت واقع البطالة في البلاد والأطراف الداخليّة والخارجيّة التي ساهمت في استفحال الوضع اللا إنساني في تونس ومن ذلك فإن المرور من محاربة القفر والبطالة إلى محاربة الإرهاب لهو دليل واضح على سياسة الهروب إلى الأمام عبر طمس الواقع الفعلي الذي أنتج شتى أشكال الإرهاب ومنه خصي التناقض وحله وهميا عن طريق برنامج إلغاء الانتداب وإصلاح المنظومة التربويّة.
لا تكون معالجة مشكلة البطالة بإصلاح جزئي لا يمس جوهر الإشكال المطروح ولا يستقصي الظروف الماديّة التي أنتجته والقوى التي تسهر على استمراره والأجهزة النفّاثة التي تسهر على تأبيده، بل يكون فقط من التحت أي عبر قلب الأوضاع جذريا وكنس الوجود الإمبراطوري المعولم داخل أطراف العالم ومنه كنس عملائه و أدواته، فمشكل البطالة يصرّف في تلك النقطة التي تتقاطع وتتمفصل فيها إرادة التحرر من قبضة رأس المال الوهمي بمنطق الهيمنة وتأبيد ما هو كائن ، في تلك المسافة التي تفصل بين القوى التحرريّة والقوى الرجعيّة، لذلك فمشرع التحرر يبدأ أولا بنقد وفضح ما هو كائن ومنه تحليل شتى أشكال الهيمنة التي تمارس على الإنسان من أجل تحديد المهام المطروحة علينا في صلب التاريخ والمحطّات النضاليّة التي من الممكن أن تتخذ شتى أشكال الرفض والمقاومة والاحتجاج، لا يمكن حلّ المشاكل العالقة وحل التناقضات الكائنة إلا من خلال تفجير منطق الإمبراطوريّة وتفكيك أدواتها وكشف رعاتها .



#سلام_زويدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية من وجهة نظر الماديّة التاريخيّة أو كيف نفكّر مع ...
- مقدمة لقراءة البيان الشيوعي
- في بداية تشكّل المفهوم المادي للعالم أو ماركس والتفكير مع هي ...
- مختصر المقال في المافيا السياسيّة أو في مافيا الامبراطوريّة
- النقد الماركسي للديمقراطيّة


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سلام زويدي - واقع البطالة: إصلاح من الفوق أم من التحت؟