أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد البوزيدي - من النائب ؟؟ أنا النائب..















المزيد.....

من النائب ؟؟ أنا النائب..


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 4 - 02:39
المحور: كتابات ساخرة
    


عتبات الحياة
من النائب ؟؟ أنا النائب..

حدثنا علان بن فلان قال : بينما أنا عابر سبيلي على متن ترامواي بالرباط ، متجه إلى عملي ، لفت انتباهي جمع غفير واقف وقوف الطير فوق أغصان شجرة أمام وزارة بلمختار.
جحظت عيناي، فيا للعجب، فقبل أسبوع كنت أرى اللون الأبيض يرتديه الأساتذة المضربون وهو يرتدون وزراتهم الخاصة ، والآن أرى جموعا اخرى بكامل هندامهم وأناقتهم الخارجة عن المألوف ،فاللون الابيض أصبح مزركشا وبمختلف ألوان الطيف خاصة الالوان الفاتحة – علها تفتح على صاحبها - السماوي، الأزرق والأسود ، بل والوزرات تحولت إلى اللباس العصري الذي بدا منه بأناقة رهيبة ربطات العنق المزركشة .
تهت، ودارت بي الأجواء دورتها ،وآملت خيرا . ابتسمت وتخيلت الأساتذة المتدربون وقد تم توظيفهم والتحقوا لاستلام قرارات التعيين في شكل آخر كاحتفاء بالوزارة من حسن نية هؤلاء .
أصررت على تفحص الأمر واستكشافه، وحضور لحظة الاستجابة والتتويج من التكوين إلى التوظيف خاصة أن أحد أفراد عائلتي من المعنيين. وقد كلفني طويلا حين أقام لمدة أسبوع بين رحاب بيتي الضيق بحي يعقوب المنصور، وما يكلفني الأمر من نقاشات وتحليلات معه في نهاية اليوم الذي أكون فيه في حاجة ماسة للنوم ويكون هو في حاجة لتقديم تقريره وتكييفه ليكون مبررا لمواصلة الاعتصام بالرباط بعيدا عن أجواء قريته البئيسة . فهل يعقل أن يصل للرباط دون أن يخبرني ويثلج صدري بذلك الخبر الذي ننتظره جميعا؟ خاصة خطيبته الذي لا يكف عن قصفها بكل الأخبار الفسيحة ولو كانت مجرد إشاعة، لدرجة تغيبت عن العمل لتتابع جلسة البرلمان التي تطرقت لملف الأساتذة المتدربين.
نزلت من الترامواي مسرعا بعد أن تجاوز المحطة المعلومة، وعدت أدراجي على متن طاكسي،واقتربت منهم قليلا ،لكن الغريب أنني كنت أفرك عيناي من الدهشة :فالتجمع لا وجود فيه لرجال الأمن والحراسة الخاصة المقترنة بالهراوات المعلومة، بل وغابت فيه اللافتات و الشعارات ،أما السحنات فتدل أن أصحابها تجاوزا الأربعين سنة ،والطول أكبر قامات من الأبناء الذين وصفهم به بنكيران، والأحذية تلمع مثل مرآة عجيبة ،والهندام راقي - وقد سمعت أحدهم يقول لصاحبه أنه اكتراه من عمه المهندس ليحضر به اليوم -،والصفوف منتظمة، - رغم غياب لجنة للتنظيم أو التنسيق المعهودة -،والعدد قليل نسبيا، فهو مئات معدودة ليس آلاف كما ألفنا فما لذي جرى يا ترى ؟
توقفت قليلا، وأسرعت بإشعال سجارة الصباح للتركيز أكثر ،سألت البعض عن ماذا يجري؟ فلم يجبني أحد، وقد همس أحدهم بنظارتيه الطبيتين أن الصحافة تحاول التلصص على ما يجري ولو كان عرسا عاديا ،والمسؤول كما أباح له من مسؤوليته الصمت، أما الكلام فهو مهمة الآخرين....
ومن همهمات البعض وإعادة تركيب الزمان والمكان اكتشفت الأمر، فسمعت من همهمات البعض أن الأمر يتعلق بمباراة للنواب المحتملين على القطاع.
اتصلت بصديقي أسأله فأكد لي الأمر فعلا، والدليل أن أحد ندمائه القدامى هناك، وقد زودني برقم هاتفه ،اتصلت به للتأكد أكثر فوجدت هاتفه مغلقا ،وهذا طبيعي لأنه يحتاج إلى التركيز وعدم الاحراج أمام الزملاء خاصة الجواب عن سؤال الزوجة حين تسأله عن الحظوظ و الأجواء ...أما الآخرون فقد بدؤوا يتمرنون على ضرورة عدم الجواب عن كل الاتصالات الهاتفية الموجودة أنى يكون مصدرها.
رجعت للوراء أتأمل الواقع الراهن ،فجأة ظهر ثلاثة أشخاص يظهر أنهم مسؤولون وقد وقفوا امام منصة تعتلي المنظر العام حيث يبدو لهم كل الحاضرين.
نظروا للجمع نظرة استخفاف ،تأملوا هواتفهم الخاصة لأخذ صور للذكرى لهؤلاء الذين اصطفوا مثل جنود المعارك ،لكن فرق كبير بين معارك الهنا ومعارك الهناك وإن كانت الأجواء متشابهة والأسلحة مختلفة.
تأملت المنظر، فاذا هو المختار بشحمه ولحمه يقف أمامهم مع مساعديه الأقربين....
صاح الوزير من خلف نظارته الطبية :من النائب منكم ؟
صاح الجميع بصوت واحد لا تأخر فيه ولا حشرجة :أنا النائب.. أنا النائب ...
لم يتأخر أحد، فالسرعة في الإجابة والتيقن من الوضع أحد الدروس المهمة التي حفظها الحاضرون من مهارات المقابلات عند ابراهيم الفقي،والسرعة دليل على جدية المسؤول التي يجب التحلي بها، لكن أي سرعة؟ وأمام من؟ ومتى؟ وكيف؟ ذاك هو عين السؤال ومربط هؤلاء هنا .
أعاد رفيق المختار السؤال مقسما وموزعا نظراته بين الجميع:نائب اييه ؟
كان سؤالا غريبا... هنا صمت الجميع ...
زمجر المختار :ألا جواب
صمت الجميع مخافة المغامرة على منصب ثمين تكبدوا فيه عناء الطريق والتهيئ بكل الأشكال للمنصب من أحلام نوم ويقظة، لباس وتدخلات وزملاء ومكاتب دراسات لإعداد المشروع ونقل وتقصي للأخبار .
رفع أحدهم أصبعه مثل طفل صغير، وحين أعطيت له الكلمة :تكلم بأدب جم :نائب الوزارة ياسيدي الوزير.
- من يتفق مع زميله : رفع البعض أصابعهم وطأطأوا رؤوسهم دلالة على الايجاب
وسط هالة الصمت التي خيمت على الجموع وقطرات العرق التي بدأت تنسل من الملابس التي زودت بروائح مختلفة لدرجة تعتبر نفسك في سوق الزينة والماكياج
- صاح آخر: أنا نائب الوزير يا سيدي
- من يتفق مع هذا الرأي؟ صاح المختار.. رفع البعض أصابعه دلالة على الموافقة .
- ومن لمن ؟ أضاف المختار الوزير للوزارة؟ أم الوزارة للوزير؟ من يجيب ؟
في صمت الجميع واصل الوزير:
- هل هناك جواب آخر ؟من منكم النائب ؟
رفع أحدهم أصبعه فقال وهو يمسح وجنتيه بالمناديل التي حملها معه :
- أنا النائب سيدي الوزير،فقد كنت نائب النائب الذي سيصبح نائبا سابقا، أنوب عنه في كل نائبة، أتبع توجيهاته، وأضيف عليها ولا أتخذ قرارا إلا بعد أن يأذن لي في الهاتف الذي أصبح لا يتوقف على الرنين بينه وبيني حين يكون غادر مكتبه ولو إلى مكان قريب ،حتى ضج من اتصالاتي فأصبح عاديا في حياتي ألا يجيبني رئيسي المباشر.
- صاح آخر :أنا النائب ، أنوب عن الجميع حين أكون في اللجان المختلطة ،لا يهم الموقف والمبدأ المهم أنني نائب، مرة أنوب عن الإدارة بحضور النقابيين، ومرة أنوب عن النقابة في حضور الادارة ، فأوصل أخبار البعض للبعض في إطار الشفافية ، وهكذا كل يحترمني ويعتبرني نائبا عن كل وعن بعض، لدرجة لم يبقى للجميع إلا أن يسألونني: أنت اييه من أهل العروس أم أهل العريس؟. لكن لا ألتفت لذلك، فما يهني أنني أنا النائب .
بدأت الأصابع ترتفع رويدا رويدا. طامحة للجواب فقد مرت دهشة الجواب الأول . وكل يبرر ويبرهن أنه النائب، فقال أحدهم :
- أنا النائب في تصريف كل من ولج النيابة، أبرهن أن النائب غائب وأتحاور معهم وألفت انتباههم أن الملف بيده وبيدي، وهكذا حتى أصبح المطلب بحضور النائب أو غيابه هو مقابلة سعادتي باعتبار أنني نائب النائب.
كثرت الأجوبة وكل منها ينسخ بعضها البعض، وأصبح كل يسترجع ذاكرته لحكي قصصه الخاصة ولو كانت وهمية فالمهم الكلام أمام الوزير واستعراض الشخصية المفترى عليها.
توقف الامتحان فجأة، فالوزير ليس له وقت للاستماع إلى كل التدخلات ،فهاتفه يتطلع فيه ل*واتسابات* وصلته من أطراف مختلفة، لذلك ومن أجل التفرغ لها كما تفرغ لها في البرلمان وتجاهل نقاشات المستشارين، قرر الوزير أن يعلنها للملأ مثل خطبة وداع لهاته الزمرة – بالمفهوم الايجابي - التي حجت للرباط رجالا وعلى كل سيارة فخمة لكسب النقاط المعروفة ،أمرهم بالوقوف جيدا والانصات، فساد الصمت قبل أن يتحدث الوزير:
اسمعوا وعوا كلامي جيدا ،اطمئنوا جيدا وجديا، فكلكم نائب، كلكم نواب، هنيئا لنا ولكم، وسيعلن القرار قريبا على الموقع الرسمي للوزارة، نحجن هنا نطبق المساواة ونكرسها ،لا فرق بين الرسمي المعين، أو غير المعين الذي سيكون جديا أكثر من الرسمي، ومادام أنكم برهنتم على جديتكم وحزمكم، فها هو هاتفي الخاص رهن إشارتكم لتكونوا نوابا لي في كل مكان ،عودوا إلى مقراتكم وانتبهوا جيدا وحافظوا على جاهزيتكم كما هو معهود فيكم، فأنتم نوابي نوابي نوابي . ولا تكترثوا لمدير أكاديمية حاليا أو تطمئنوا بوعوده ،فسيأتي يوم يصبح فيه موظفا ضمن نيابتكم وستطلبون منه القيام بمهام معينة بعد أن ينتظر على أبواب مكتبكم الفسيح بكم،ولا لنائب حالي فالحركة على الأبواب وقد يصبح ضمن موظفي نفوذكم وقد تسلمون له استفسارا يوةما ما ، لا تستغربوا فكل شيء متغير إلا هذا الاخبار مني لكم ،فقد يكون رئيسكم اليوم مرؤوسكم غدا ، وإني أستوصيكم بهم منذ الآن وارحموا عزيز قوم ذل ، واذكروني أنى شئتم إلا للصحافة، وأخبروا عني لترتفع أسهمي كما ارتفعت أسهمكم اليوم ...
علت الابتسامة وجوه القوم ،واحمرت الأجفان الحليقة عند حلاق محترف ،ظهرت الأسنان الخلفية بفعل الفرحة التي حلموا بها ،وحين حاول الوزير أن يسلم عليهم للتهنئة ،حدث خلل وجلل ، فالنواب القادمون من فرط الصدمة غير المتوقعة، غادروا اماكنهم وتسابقوا للاتصال بزوجاتهم التي تنتظر النتيجة أولا ،والبعض نشرها في الفايسبوك ثانيا، والبعض سقط مغشيا عليه، فلم يتوقع أن يرجع من الرباط بلقب السيد النائب ،أما الوزير فأجل السلام عليهم حتى تناول وجبة الغداء التي هيأها لهم والتي سيوزع بعدها تعويضات السنة الأولى بأثر بعدي.
استغل علان بن فلان الفرصة السانحة ،فاتجه ليسلم على الوزير مهنئا إياه على اختياره السديد وقراره الحكيم الذي سيحتل الرتبة الأولى في التدابير ذات الأولوية لهذه السنة، كما فكر في أن يقترح على زميل له القيام ببحث جامعي حوله بعنوان: نواب بلمختار ومهزلة الاختيار.



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دورس *الربيع* العربي
- من وحي الاحلام
- الثقافة والفنادق :أية علاقة ؟؟؟
- نصف يوم في القيروان
- بهاء الحزن
- حين ينهمر المطر
- قراءة في كتاب :بركة الأولياء بحث في المقدس الضرائحي للدكتور ...
- قراءة في كتاب *أضواء على الثقافة العربية في إفريقيا في العصر ...
- قراءة في كتاب *ثقافة الصحراء للدكتورعباس الجراري*
- قراءة في كتاب ثقافة الصحراء : مدارات الهوية والمعنى
- ورحل الفارس المغوار أحمد فؤاد نجم
- هنا عين ذئاب البيضاء
- حكايات من واقع مدهش كلب في المطار
- قراءة في كتاب *قبيلة آيت لحسن القبيلة –التاريخ-المواقف* للدك ...
- قراءة في ديوان* نخيل بابل* للشاعر اسماعيل هموني
- دروس مصر
- حياة قاتمة
- رحيل
- الهدر المدرسي بالمجال القروي
- الرشوة والزيت


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد البوزيدي - من النائب ؟؟ أنا النائب..