أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزهار أحمد - كائنٌ كائنْ .. يا أنت














المزيد.....

كائنٌ كائنْ .. يا أنت


أزهار أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


لن أتحدث عن الحبِّ الذي يخبئه عمري وعداً لك ولا عن ثراء العمر في دقائقه معك ، لن أتحدث عن العين المطفأة لا لأنها عمياء ولكن لأنَّ قوة النظر لا تنطلق منها ، بل الأشياء والكائنات هي من يحدق لرؤيتك ، وحين لا تكون أنت تتعطل وظائف الرؤية كلها .

لن أتحدث عن شئ ثابتٍ أو متحرك فقد توقف الحديث كما تجمد الوقت بين اللقاء واللقاء .. نقطتان هما أنا وأنت وبينهما الحركة .. فهل تصبح الحياة ذات قيمة حين نكون بين هنا وهناك ، لن أتساءل عن هذا أيضا لأن المعاني كلها انتهت بالوجود الذي احتويته خارجياً في حركة المرئيات والبشر وداخلياً في نبض قلبي وجريان دمي .

كل ما أراه يتغذى من اسمك فقط ، وليعلم كل ذي روح وكبدٍ رطبة بأنك كائنُ كائنْ ذو وهج يسبق نهاري قبل وهج الشمس وذو نور يسبق ليلي قبل نور القمر . كائنُ أنت كائنْ بروح معلقة كحدائق تفيض زهراً وقناديل ، وتمطر الرحمة على كلِّ عذابٍ يتقصد أنفاسي وهناً وشجناً .

أنت الكائنُ الكائنْ الذي يغني بنوتةٍ من خفاء الروح والذي يفتح كفيه فتنطلق الأغاني الشجية وقصائد العشق والوجد ، أو يضع قدميه على الحصى فيتحول كعكاً معجوناً بقلبك الذي يكبر ويزدهي مع كل قضمةِ حبٍّ يأخذها منك إنسانٌ أو نبات أو شئ فيهدأ عصف البرد ويتدفأ الآخذ فيصبح أنتَ وحدك .

ضع يدك على قلبي ، أو اخترقه بأصابعك لتعلم كم هو طريٌ وبحاجة لدمك وسكر يديك ليتشكل وجبةً شهية حلوة يعشقها الصغار ويستلذ بها الكبار وتتغذى منها الكائنات شجراً وطيراً , لكنني لا أريد قلبي هكذا ، بل أريده كعكةً ملونةً تقضمها وحدك كل عيد لأصبح قوسَ قزحٍ تستطيب به الأرض التي هي أنت .
ها أنا أضع خطوي بين قدميك لتتقاطع الخطوات في الخطوة ذاتها وفي التراب ذاته أو حتى في الحذاء ذاته , خطوتي الآن مشبعة بروحك التي تحركني بحركتك الواثقة فأتقمص وقع حياتك وتتقمص وقعي ونتحول كائناً كائنْ واحداً منك ومني .

حين أتحدث عنكَ وأنت تخلع قميصك ، تصطك أسناني عشقاً للمدى الذي ينكشف لي وللمغناطيس الذي يجتذب صدري فأجدني فجأة ملتصقة بزر من قميصك وأتحول خيطا مثبتاً به وإصبعك إبرة تخيطني أكثر فأكثر بوتد جسدك .
أحب قمصانك لأني مخاطة بها ولأن يديك من تفتحني وتغلقني حين تفتح قميصك أو تغلقه , وأسكت حينها لأن الكلام يصبح رماداً قبل أن يشتعل وتقف أنفاسي لأني لست بحاجة إليها ويكفيني أن أنتظرك كي تخلع قميصاً أو تلبس آخر ، لتصطك عظامي هذه المرة وأنا خيط مثبت به قلبك .

هل تدري أنني دائما أهرب من الحديث إليك مباشرة حين أكتب ؟ أعلم أنك عالم بأحوالي ، ليس لأني أحدثك بها فقط ولكن لأنك تتجول بين العظم والعظم وبين القلب والرئة والكبد والشريان ، مهما اختلطت عليَّ تراكيبُ الجسد الداخلي ومواقع الأعضاء إلا أنني أعني كم أنت ثابتٌ ومتحركٌ داخلي ، جار ومتموج حتى أنك تعلم كيف سأتنفس الدقيقة القادمة ، أولست قلبي ؟ أحاول الهرب من الحديث المباشر لأكتب عن هباتك الإنسانية وصفاتك النادرة ، ولكن هل هناك ما يدعوني لذلك مع أنه يكفي أن أنطق اسمك ليتكشف كم أنت مؤهلٌ لتسيِّد الإنسان في قلب الإنسان ؟

مرة أخرى أعود لطبيعتي في الكتابة وفي الحديث ، فأظل أسأل دهشة أو أصف حباً ، وأنا على يقين تام بأن ما بين إبهامك وإصبعك الأوسط يموج حرير يتمايل في خدر قلبك وقلبي فيلفهما بقطعة خضراء تشبه ورقة التين دون أن أعترض بجملة او باستنكار أو حتى بدهشة , وأنك حين تفتح كفك وتفرد أصابعك ينمو عمر آخر للعرافين فيشتهون التحليق في كفك الواحد حتى يعودوا ويتمنوا العيش في كفك الأخرى فكل واحدة منهما تحمل من الأسرار ما يكفي علماً قائماً بالغيب والخيال والحب والجمع والاقتراب , ويصبح العراف عالماً فقط بنظرة عين على كفك التي ما إن يمسكها حتى يمسك بالحياة .

لست عرافة ولكني أمسكت بالحياة حين أمسكت بكفك وعلمت أن الأرض غير التي أمشي عليها وأن السماء تختلف عن التي تعلوني ، وحتى المطر له لون وله طعم وله رائحة .
لا يعنيني أي سر يبحث عنه العرافون بين كفك وكفك ، ولم ألتق بهما لأنني أبحث عنهما بل أمسكت بهما لأنني وجدت سر البذرة ومن أين تأتي ، ولن أسأل بعد اليوم : من أتى أولا البيضة أم الدجاجة؟

كائنُ كائنْ أنت ، وكلما أخط كلمة تأتيني أخرى لأنك بلا انتهاء ، ولأنك مرآة من صور لا تنتهي أو مرايا وراء أخرى فأراني كثيرة وأراني واحدة وأراني بوجوه وأجساد عديدة ، فأنتهي مرة أخرى إلى بداية المرآة لتكتمل جميع الصور وجميع الوجوه بصورة واحدة فقط كونتها أنت وجعلت من كينونتها زورقاً يختال في وداعة تحت كفيك ويمضي هادئاً نحو صورة واحدة هي قلبك ويستقر في الميناء .



#أزهار_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزهار أحمد - كائنٌ كائنْ .. يا أنت