أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الناسخ والمنسوخ تردد إله أم موائمات نبى















المزيد.....



الناسخ والمنسوخ تردد إله أم موائمات نبى


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 5003 - 2015 / 12 / 2 - 15:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (69) .

الناسخ والمنسوخ فقه إسلامى أعلن عن نفسه فى القرآن بآية سورة البقرة 106 " ما نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير " أى أن الإله قرر نسخ حكم بعض الآيات لتحل مكانها آيات أخرى وقبل التطرق لهذا الخلل المنطقى الذى ينال من فكرة الإله ذاته كمتردد يفتقد العلم والمعرفة المسبقة , لك أن تستغرب وتندهش أن الآيات الناسخة والمنسوخة لم يشير لها الإله فى القرآن أو نبيه فى الأحاديث الكثيرة التى تناولت أمور ليست بذات معنى ولا أهمية , فأليس من الأهمية والإستحقاق أن يتم تحديد الآيات الناسخة من المنسوخة حتى يكون العباد على بينة من الأحكام الجديدة والنهائية فلا ينتابهم اللبس والإلتباس بتبنى آيات منسوخة , وحتى لا يقعوا تحت طائلة علماء المسلمين وتقديراتهم وفهمهم وتباينهم .
نظرا لإهمال هذه القضية فغالبية المسلمين لا يدركون شيئاً عن الناسخ والمنسوخ وإن أدركوا فلا يعلمون ما هى الآيات المنسوخة من الناسخة وهذا ما يؤدى إلى حالة الإلتباس والتناقض فى الخطاب الإسلامى ,فالمسلم إما يحمل إزدواجية فى الرؤى ليتبنى آيات الصفح والتسامح مع آيات العنف والمواجهة معاً , أو يتعامل بشكل مزاجى لينتقى آيات السلم والصفح مثلا كغالبية المسلمين أو ينحاز إلى آيات القتال والعنف كالسلفيين والجهاديين من قاعدة ودواعش .

- قبل التطرق للناسخ والمنسوخ فى القرآن جدير بالذكر أن نشير بأن فكرة الناسخ والمنسوخ منهج فكرى أصيل فى الأديان الإبراهيمية فهى تتكأ على ماقبلها ثم ماتلبث أن تنسخه وتلغيه , ليتميز القرآن فقط بجرأته فى الإعلان عنه كنهج إلهى , بينما المسيحية مثلا لم تذكره وإن كانت مارسته على أوسع نطاق , فالمسيحية تقع كالإسلام فى مستنقع التناقض الفج عندما يُعلن المسيح أنه ما جاء لينقض بل يكمل " لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ". بل يقر الكتاب المقدس بأهمية إعتماد الناموس والشرائع فى الإيمان فكل كلمة من الرب باقية أزلية " فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُم : إلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُل .ولكن فى نفس الوقت فالعهد الجديد نسخ كل العهد القديم التوراتى كشريعة وأحكام ومنهج تفكير وسلوك وعبادة أى أن المسيحية نسخت اليهودية بأكملها لتبقيها كتاريخ فقط تستمد منه مشروعية حضور المسيح , أى أن الفرق بين المسيحية والإسلام هو الفرق بين من أعلن النسخ ومن لم يعلنه ليشترك الإثنان فى الإعتماد على رؤى وتفسير الكهنه والشيوخ للناسخ والمنسوخ .
يضاف لذلك أن النسخ فى المسيحية جاء ليعزل ويبتر ويقصى النصوص والشرائع العنيفة بالعهد القديم ليحل مكانها نصوص مترفقة , بينما النسخ فى الإسلام جاء للأسف عكس ذلك فقد أقصى وأطاح بالنصوص المترفقة المتسامحة لتبقى النصوص العنيفة .

- هناك من المسلمين وبعض علماءهم من يقللون من فكرة الناسخ والمنسوخ بالرغم أن النبى تعامل بذكاء شديد ليحل مشكلة التناقض فى الآيات القرآنية التى كان يثيرها مناهضوه على أقواله ليبدع " ما نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير ". متصوراً أن هذا يحل الإشكال أمام منتقديه , فالإله هو من ينسخ الآيات والأحكام , ولكن هذه الرؤية تنال من ألوهية الله فيظهره كمتردد وأن كلامه يأتى ليتوافق مع مزاج البشر وأهوائهم وليس كلاماً إلهياً دستوريا أزليا لا تفاوض حوله ولا مساومة فيه كونه رؤية ونهج الإله يجب على البشر إتباعها فهذه مشيئته وهكذا إرتضى .

- فكرة الناسخ والمنسوخ تفضح مقولة علم الغيب والمعرفة الإلهية المطلقة فإذا كان الله إعتمد الآيات الناسخة فلماذا أنزل الآيات المنسوخة , وليثار سؤال تعجبى آخر : هل الآيات المنسوخة فى اللوح المحفوظ منذ الأزل بإعتبار أن كل حرف فى القرآن جزء من الذكر المحفوظ في صحف أبدية , فألا يعتبر الناسخ والمنسوخ هكذا تحريف في قرآن اللوح المحفوظ , كما تتناقض فكرة الناسخ والمنسوخ مع الآية القرآنية التي تقول : "لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" النساء4 فهناك إختلافات كثيرة بالفعل بدليل ما يتم نسخه .

- قد يرى البعض أنه لا حرج فى وجود آيات ناسخة ومنسوخة ليعتبروا أن الإله ينزل بالأحكام وفقا لظروف البشر ولكن هذا يثبت بشرية النصوص وأنها تأليف محمد لتتوافق مع قبول البشر ومزاجهم وهذا ينال من الحكمة الإلهية , فالإله مرهون بالبشر وليس البشر مرهونين بحكم الإله ونهجه وشرائعه , وعليه فمن المنطق القول أننا بحاجة إلى أحكام ونهج وشرائع جديدة فى عصرنا الحالى الذى تجاوز ظروف مجتمع عاش من 1400 سنه , ولكن حينها سيصرخ الجميع فى وجهنا بإعتبار أن أحكام وشرائع القرآن صالحة باقية على مدار الزمان والمكان ليطفو سؤالين :أولهما لماذا الناسخ والمنسوح من أساسه طالما لا تبديل فى كلام واحكام الله , والثانى : لماذا وما معنى نَسخ أحكام وشرائع فى نفس زمن الرسالة .!

- آية " ما نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير " بها إشكال كبير آخر إذ أن الله يقول للنبي : إذا نسخنا آية أو ننسها نأتي بأحسن منها , فما ننسخ تفيد المراجعة والنقص المعرفي أو التسرع من قبل الذات الالهية فى إنزال المنسوخ , "وننسها" يعنى النسيان والسهو والخطأ والغفلة فهل الله ينسى؟ ليتفتق ذهن الملفقون ليقولون أن النسى مقصود به النبى وليس الله بالرغم أن الآية واضحة ولكن سنساير مفهوهم لنعتبرها جعلناك تنساها، ولكن الله كان قد سبق وقال للنبي " سنقرئك فلا تنسى " وقال كذلك " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وهذا يعنى أنه لا يجوز للنبي أن ينسى أي آية في القرآن ، فكيف يقول الله أنه قد يُنسيه , وللخروج من هذا المأزق قرأ بعضهم ما ننسخ من آية أو ننسأها أي نُأخر حكمها , ولكن المشكلة أن القرآن كان قد تطرق إلى عرب ما قبل الإسلام الذين كانوا يؤخرون بعض الأشهر الحرام ويسمون ذلك "النسئ" وقال عنهم " إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً " . فإذا كان النسئ زيادة في الكفر فكيف يقول الله ننسها للنبى .!

- هناك قول غريب فى آية النساء 4 يتمثل فى كلمة "مِثْلِهَا" فإذا كانت الآية الناسخة مثل الآية المنسوخة فما الداعى منها , وما معنى هذا العبث , فهل هى رغبة وهواية فى تأليف الآيات أم البحث عن الاحتمالات الممكنة لصياغة معنى محدد .

- " مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"- هذه الآية تقدم لنا حالة مهترئة تنال من الإله , فمعنى أن يأتي الله بخير منها أن الإله يصدر منه الحسن والأحسن , فما يصدر عنه هو فى إطار عملية تحسين مستمرة ليأتى بخير منها .!
إن كلمة "خير منها" كلمة خطيرة لا تمر على أى مدقق , فهى تعنى أن هناك آيات سيئة أو قُل خيرة ولكن على درجة أقل وأن الله مازال مجتهداً باحثاً عن الأفضل .! أى ان الآية الناسخة جاءت بعد فترة من نضوج الإله , فالله فى حاجة الى النسخ و التًنسية لينتج آيات أفضل من سابقتها وليس فى حالة كمال , ولكن المُفترض أن كل إصدارته خيرة وفى حالتها الكمالية المثالية .

- هناك إشكالية اخرى لمن يعشقون الفكر والتأمل فى معنى وجود درجات مختلفة من الخير فكيف نشأت هذه الدرجات ومن أين يستقى الله المعايير ليحكم على درجات الخير كما أن هذا يعنى أن الخير شئ خارج عن الإله ليُسجل الإله من الخير وبه وعليه إنطباعاته.!

- المُفترض أنه لا توجد درجات ومستويات فى مفهوم الكمال فهو مطلق , وهذا بالذات الذي يجعل المؤمنون ينسبون الكمال الى الألوهية وحدها , فالكامل لايصدر عنه إلا الكمال وبه يُعرف كما لا توجد أوجه مقارنه فى الكمال , ولكن وفق مفهوم الناسخ والمنسوخ فالله يصدر عنه درجات قابلة للنقاش في مقدار كمالها , ويمكن نسخها على الدوام بالأكمل درجة لأن أي شئ جديد خاضع للنسخ ايضا بإعتراف منهج الناسخ والمنسوخ , وذلك يعني إما أن الله ليس الإله الأوحد أو ليس الإله الكامل أو أن الكمال ليس من صفات الإله , وبالتالي فهو ليس الاله المطلوب لسقوط الكمال عنه , أو يمكن القول أن النبى ورط فكرة الإله بدون أن يدرى فداء الخروج من تناقضات أقواله .

- تبدو فكرة الناسخ والمنسوخ في حد ذاتها فكرة بالغة الغرابة عندما يتعلق الامر بمزاعم تتعلق بإله كلي القدرة والمعرفة , لتتحول الفكرة من الغرابة الى التهافت عندما تجد من يُصر على التأكيد أن النص القرآني نص أبدي أزلي لا سبيل الى التغيير والتبديل فيه ولو بحرف , فهو من ضمن محتوى اللوح المحفوظ لتجد بعد ذلك رهط من الآيات المتناقضة بلا تبرير , كما أن فكرة المنسوخ القرآني يتعارض بالضرورة مع إدعاءات الإعجاز العلمي القرآني الذي لا يفرق في استقراءاته للآيات ما بين منسوخ أو غيره . !

- الغريب فى الأمر أن عملية النسخ لا تستغرق سنين وشهور ليُقدم الإله على النسخ بل يمكن ان يكون النسخ بعد ساعة واحدة من صدور الآية المنسوحة ! كما فى حال آية سورة المجادلة 12 التي تحض على دفع الصدقة مقابل المثول بين يدى الرسول فلم تبقى ألا ساعة من نهار ليتم إلغائها فلربما لم يساعده الوقت على تنسيتها ! فقد حدثنا ابن عبد الاعلى , قال ثنا ابن ابي ثور عن مهمر عن قتادة : ( اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) قال: انها نسخت ماكانت الا ساعة من نهار .!! فهل نعتبر هذا قمة التردد الإلهى أم أن محمد أطلق هذه الآية فلم يجد إستجابة بمنحه صدقة عند لقاءه فعالجها بآية أخرى لا تطلب ذلك .!

- هناك من ينكرون النسخ ولكن رغم كل المؤاخذات على فكرة النسخ التى سبق ذكرها كإنتقاص من الذات الإلهية المُفترضة إلا أنه لا مفر فى إعتماد المسلم على فقه الناسخ والمنسوخ , هناك أيضا من يبحثون عن إجماع العلماء فى إقرار النسخ وكأن العقل عاجز مشلول عن الفهم والإدراك ليجد سبيله من خلال العلماء , كما هناك خلل فكرى فى التعاطى بعدم إعتماد الفكرة إلا إذا كانت سائدة فهل هذا يؤكد صحتها , فالبشر جميعا كانوا يعتقدون بأن الأرض مسطحة والشمس تدور حولها فى قبة السماء , فهل هذا منهج فكرى صالح أم الإحتكام للعقل حتى ولو تبناه قلة .

- حتى لو انكروا النسخ فهناك مازق خطير عليهم ان يحلوه وهو التناقض فى أحكام القرآن وأوامره فكيف يحتكم المسلم ويميل وينتهج , فهل لا اكراه في الدين مثلا أم آية أخرى تدعو الى قتال اهل الكتاب لانهم لا يومنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يدينون دين الحق .

* فقه الناسخ والمنسوخ وغرائبه .
تم تقسيم الآيات المنسوخة في القرآن إلى ثلاثة أنواع لتصير شبه معتمدة من جميع علماء المسلمين فى التعامل مع النص القرآنى وقراءته وفهمه وتصنيفه :
- النوع الأول ما نُسخ تلاوته وحكمه أي بعد كتابته وقراءته لم يكتبوه ولم يقرأوه ! لتستغرب عن معنى وجدوى هذا ! فهى آيات لم تعد تتلى وبطلت أحكامها لذا لن يفلح سؤالك ماهى هذه الآيات فلن تجد إجابة فهى نسخت تلاوة وحكما أى صارت عدم , فما معنى ذكر ما نُسخ تلاوته وحكمه.!
- النوع الثاني ما نُسخ حكمه وبقيت تلاوته, لتجدها فى كثير من آيات القرآن التى يقرأها المسلمون ويرددونها ولكن أحكامها ملغية سواء أدركوا هذا أم لم يدركوا ليطفو السؤال القديم عن أهمية التنويه فى القرآن أو فى الأحاديث إلى تلك الآيات التى فقدت صلاحيتها , فلا ينساق لها المسلمون ولا يعملون بها ولكن أتصور ان النبى لم يعتنى من قصة الناسخ والمنسوخ سوى أن يبرر التناقض أمام منتقديه .
- تزداد الامور غرابة مع النوع الثالث وهو مانُسخت تلاوته وبقي حكمه , وأمام هذا النوع نسأل : كيف نعرف أن هناك ما نسخ تلاوته موجود أصلا سواء بقى حكمه أم لم يبقى وألا يعنى هذا أن القرآن ناقص ولنا أن نقول أصابه التحريف , فالتحريف هو النقصان أو الزيادة . !
هناك آيات يجب الإلتزام بحكمها كرجم الزانى والزانية مثلا وهى غير موجودة فى القرآن بل أشار لها عمر بن الخطاب فى حديث له ولكن المُفترض أن كل مافى القرآن موجود ومحفوظ , ثم لماذا يكلف الله المسلمين بالعمل بآية غير موجودة , فألم يكن الأجدى أن تبقى في كتابه حتى يحاسبهم بمقتضاها .!

* آية السيف الرهيبة العجيبة .
- وفق رصد علماء وفقهاء الإسلام فإن آية السيف نسخت أكثر من 124 آية من آيات التسامح والصفح , فالإمام جلال الدين السيوطي يقول في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" ليوافقه ابن العربي‏ على ما ذهب إليه بأن كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم منسوخ بآية السيف " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين..."‏ لتنسخ ‏آية السيف مائة وأربعة وعشرين آية ! .
اختلاف الفقهاء يظهر في عدد الآيات المنسوخة والآيات الناسخة وفي أي سور هي , فهناك عدد لا يحصى من الروايات والتباينات في هذا الصدد ولكن الشيء الغريب في الناسخ والمنسوخ هو فكرة أن الله ينسخ آيات في القرآن ويعطل العمل بها ولكن يتركها بالمصحف كأن المصحف صار متحفاً لحفظ المقتنيات القديمة بلا تفريط فى عديم القيمة منها بل أن بقاء الآيات المنسوخة مُدعاة للبلبة والتشتت والإنحراف طالما لم يحدد الله ونبيه الآيات الناسخة من المنسوخة .

* النسخ عندما يسبب حرجاً وإرتباكاً شديداً .
- يقبل المسلمون التناقض فى القرآن تحت مظلة الناسخ والمنسوخ ليبرروا التناقض بأن الله أنزل آيات تنسجم وتتوائم مع كل مرحلة وأن الآيات تأتى وفق لظروف حاقت بالنبى حينها لتعالج هذه الظروف وتتخذ موقفا لذا لا يخجلون عندما يقولون أن آيات الصفح والمسالمة والإقرار بحرية الإعتقاد والعبادة جاءت عندما كان الإسلام ضعيفاً يتلمس مكاناً لا يريد التصادم , أما عندما قويت شوكة الإسلام وتمكن فى الأرض فلا داعى لآيات الصفح والمسالمة .!
هى وجهة نظر صحيحة واقعية ولكنها تعنى بشرية النص وإنه إنتاج النبى فهو يبدع نصوص لتتوافق مع حال قوته وضعفه وليس نصاً إلهياً يصدر تشريعاته وأحكامه لتكون دستوراً للبشر على مر الزمان وليس وفقا لرد فعل مشهد خاص.

هناك مشكلة كبرى لا يفطن إليها أحد ويمكن القول أنها السبب الرئيسى لتخبط حال المسلمين وظهور التيارات الأصولية المتشددة فلا سبيل للإنصراف عن التناقض بدون الناسخ والمنسوخ فبدونه سيصاب المسلمون المعاصرون بحيرة شديدة فأى الآيات يتبعون وينهجون هل" لا إكراه فى الدين" أم " ياأَيُّهَا النَّبِي جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ " أو" قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " التوبة 9: 29- وقس على ذلك الكثير من الآيات ذات المواقف المتناقضة المتضاربة , فأيهما تنهج وتميل .

- نأتى إلى محور آخر من هذا البحث سيصيب الكثيرين بالدهشة والحرج فإذا كانت قصة تغير المواقف تجد هوى لدى البعض إستدعى على أثرها ظهور نصوص مغايرة بعد مدة من الزمن كحال سورة التوبة التى جاءت متأخرة لتنسخ 124 آية قرآنية فما هو رأيك فى الآيات الناسخة والمنسوخة فى السورة الواحدة أى التى لم يجف فيها مداد الآية المنسوخة بعد , والطريف أنها تناولت أمور لم تستدعى أبدا ظهور الآيات المنسوخة فهى لا تتعامل مع مرحلة كحال التعامل مع الآخر وأهل الكتاب مثلا وهذا ما سيأتى ذكره .

- فى سورة المجادلة آيتان متتاليتان أحدهما منسوخة والأخرى ناسخة ولك أن تندهش وتستغرب وتفتح فاك فهكذا روائع وغرائب الناسخ والمنسوخ وليحظى الناسخ والمنسوخ فى هاتين الآيتين على إجماع الفقهاء ليقرها النحاس - مكي بن أبي طالب - ابن الجوزي -السيوطي - الدهلوي الزرقاني - مصطفى زيد .
الآية المنسوخة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُم الرسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (المجادلة /12)
الآية الناسخة : أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المجادلة /13)
الآية الأولي تتحدث عن أمر الله للمؤمنين بدفع صدقة حال مناجاتهم لمحمد , أما الثانية فهي تشير إلي تراجع إله القران عن هذا الأمر عندما فوجيء بإمتناع المؤمنين عن المناجاة خشية دفع الصدقة .! لنتوقف هنا ملياً أمام آيتان متتاليتان أحدهما تلغى الأخرى والفارق الزمنى ساعة واحدة كما أشرنا عاليه , ولنسأل ألا يمتد علم الله لساعة واحدة مستقبلية ليدرك أن طلب الصدقة فداء مناجاة النبى لن تحظى على قبول الصحابة وبذا ليس هناك داع للآية المنسوخة المجادلة 12 .!
هل كان إله القران لا يعلم بأن المؤمنين سيمتنعون عن المناجاة وبالتالي عدم دفع الصدقة .. فأعد لهم الآية الثانية في اللوح المحفوظ لينزلها علي محمد بعد إمتناعهم وهذا يقودنا إلي السؤال الأهم : هل فعلا هاتين الآيتين كانتا موجودتين في اللوح المحفوظ منذ الأزل وأنزلت تباعاً , وماسبب وجودهما أصلا في اللوح المحفوظ طالما أن إله القران كان سيتراجع بعد ساعة عن حكمه علاوة أن الآية تفتقد لأى أحكام شرعية تصلح لكل زمان ومكان بحكم أنها خاصة بالنبى حصراً , أم يحق لنا القول أن محمد توسم أن يَحظى على صدقة من صحابته ومريديه عند لقاءه ولما وجد إنصراف الصحابة عن هذا الطلب تراجع وعدل عنه فى المجادلة 13 .

- فى نفس سورة البقرة توجد آيتان احدهما منسوخة والأخرى ناسخة فآية البقرة 240: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ ) منسوخة , بينما البقرة 234 : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ناسخة , و أقر بالنسخ النحاس - مكي بن أبي طالب - السيوطي - ابن الجوزي .
ولتلاحظ أننا حريصون على ذكر الآيات الناسخة والمنسوخة فى نفس السورة أى التى لم يجف مدادها بعد لندرك حجم التناقض والتخبط والهوى , كما هناك شئ غريب ايضا أأمل ان أجد له تفسيراً , فالآية الناسخة جاءت قبل الآية المنسوخة بينما المًتعارف عليه منطقياً أن الآية الناسخة تأتى بعد الآية المنسوخة لتلغى حكم القديمة , لنقول هنا ماهذا التخبط , وما فائدة وما معنى إنزال آية منسوخة بعد الآية الناسخة .!!

- الآية المنسوخة : ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ) الأنفال /1 .
الآية الناسخة : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ-;- وَالْيَتَامَىٰ-;- وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ-;- عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) الأنفال /41 . واقر بالنسخ النحاس .
فلتلاحظ أولا أن الآيتان فى سورة الأنفال 1, 41 أى أن النسخ تم فى نفس السورة ولنا أن نتوقع أن الفارق الزمنى قصير بينهما , فهما فى سورة واحدة .
ملاحظة أخرى وهى أنه لا داعى لظهور الآية المنسوخة من الأساس " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ " طالما الإله تراجع وقرر أخيرا : "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ " فليس هناك أى حكمة أو معنى فى ورود الأولى طالما الثانية هى الحُكم , ولكن حتى لا يرهقك الشك والحيرة نقول أن النبى قرر فى البداية أن تكون الغنائم له وعندما وجد إستياء المجاهدين فهم خرجوا هكذا من المولد بلا حمص وهذا يعنى إنصرافهم عن إتباعه ومشروعه ليعدل الآية ليجعل أربعة أخماس الغنائم لهم والخمس له .!

- الآية المنسوخة : ( يا أَيُّهَا النَّبِي حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ) الأنفال /65 .
الآية الناسخة : ( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )الأنفال /66 . واقر بالنسخ السيوطي- الدهلوي- الزرقاني - مصطفى زيد.
هاتان الآيتان من طرائف القرآن فهى على نفس شاكلة آيتى سورة المجادلة من حيث وجود التناقض والناسخ والمنسوخ فى آيتين متتاليتين وهذا يثبت بما لا يدع مجال للشك أن النصوص بشرية الفكر والإبداع كما أستطيع التأكيد أن النبى كان يسرد على صحابته آيات منفردة وليست كسور كاملة .!
الآية الأولى تعلن قرار الله بأن عشرون مقاتلا يغلبون مائتين أى بنسبة 10:1 بينما الآية الثانية جعلت مائة يغلبون مائتين أى بنسبة 2:1 , فما هذا التناقض الغريب الذى يجعل التناقض يطل فى آيتين متتاليتين من نفس السورة ؟!.
أعزى هذا التناقض إلى أن محمد يتلو الآيات فرادى فأراد أن يشحذ نفوس مقاتليه ليبدع القول بأنهم قادرين على قتال أعدائهم ليقاتل الواحد منهم عشرة ولكن المقاتلين لديهم الوعى الذى يرى أن هذا الكلام مبالغ فيه ولن يتحقق ليعاود النبى سرد آية أخرى تخفض النسبة من 10:1 إلى 2:1 وليجعل الأمور أكثر تهافتاً أو قل يفضح كتاباته بقوله "الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وعلم فيكم ضعفا" , فالله "الآن " ," علم فيكم ضعفا " أى أن معرفة الله مُستحدثة جاءت بعد أن أدرك ضعف المؤمنين لينفى عن الله علم الغيب والمعرفة الكلية المطلقة , وتصيب فكرة الإله فى مقتل , ولتسأل إذا كان الله يعلم الغيب فلا داعى من الآية المنسوخة الأنفال65 ولكن النبى يقول "الآن علم فيكم ضعفا " .!

- الآية المنسوخة : ( والَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰ-;-ئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِن شَيْءٍ حَتَّىٰ-;- يُهَاجِرُوا ) الأنفال /72 .
الآية الناسخة : ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ-;- بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَىٰ-;- أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا ) الأنفال /75 . وأقر بالنسخ النحاس - ابن الجوزي .
هنا آيتان متتاليتان يفصلهما ثلاث آيات ليعتبر علماء وفقهاء الإسلام أن الأنفال 75 ناسخة لآية الأنفال 72 ولتستغرب لهذا التناقض الذى يراد أن يعالج بالرغم أن الفاصل بين الآيتين ثلاث آيات فقط , كما أن الأمور لا تستدعى ظهور الآية المنسوخة الأنفال 72 فعدم وجودها لن يؤثر على الأجواء وليطفو سؤال يبحث عن المنطق وهو : ما المدة الزمنية بين الآيتان فهل هناك مدة أم لا .؟!

- الآية المنسوخة : ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) التوبة /41 .
الآية الناسخة : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ-;- فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة /122. وأقر بالنسخ السيوطي .
آيتان فى نفس سورة التوبة أحدهما 41 والثانية 122 فى الأولى المنسوخة امر بالإستنفار لكافة المسلمين , وفى الثانية الناسخة يطلب عدم إستنفار كافة المسلمين ولا نعلم هل نغلق الشباك أم نفتحه ولكن بالبحث فيما يعرف بأسباب التنزيل سندرك الحدث الذى أنتج الآية . قال ابن عباس في رواية الكلبي : لما أنزل الله عز وجل عيوب المنافقين في غزوة تبوك كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث السرايا فكان المسلمون ينفرون جميعا إلى الغزو ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية وهذا نفي بمعنى النهي .
وقال الكلبي : لها وجه آخر وهو أن أحياء من بني أسد من خزيمة أصابتهم سنة شديدة فأقبلوا بالذراري حتى نزلوا المدينة فأفسدوا طرقها بالعذرات وأغلوا أسعارها فنزل قوله : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) أي : لم يكن لهم أن ينفروا كافة ولكن من كل قبيلة طائفة ليتفقهوا في الدين .
وقال مجاهد : نزلت في ناس خرجوا في البوادي ابتغاء الخير من أهلها فأصابوا منهم معروفا ، ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى ، فقال الناس لهم : ما نراكم إلا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا ، فوجدوا في أنفسهم من ذلك حرجا ، وأقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله هذه الآية ، أي : هلا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ويستمعوا ما أنزل بعدهم ولينذروا قومهم ، يعني : الناس كلهم إذا رجعوا إليهم ويدعوهم إلى الله ، لعلهم يحذرون بأس الله ونقمته ، وقعدت طائفة يبتغون الخير .

- الآية المنسوخة : ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا ) الأحزاب /52 .
الآية الناسخة : ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن ) الأحزاب /50 . وأقر النسخ النحاس - مكي بن أبي طالب - السيوطي - الدهلوي - الزرقاني .
الغريب فى هاتان الآيتان عدة أشياء الأولى أن الناسخ والمنسوخ جاء فى نفس السورة وعلى مقربة من بعضهما مما يدل على أن الفارق الزمنى صغير , والشئ الشديد الغرابة ماسبق أن نوهنا له أن الآية الناسخة جاءت قبل الآية المنسوخة , والمتعارف عليه منطقياً أن الآية الناسخة تأتى بعد الآية المنسوخة لتلغى حكم القديمة لنقول هنا ما فائدة إنزال آية منسوخة بعد الآية الناسخة ؟! , وما فائدة تحليل الزواج للرسول قبل المنع , بل ما فائدة تناول قصة زيجات الرسول فى نص قرآنى دستورى ومنهج لكل المسلمين عبر الزمان طالما الآية تتحدث عن تشريع خاص بالنبى .!

- الآية المنسوخة : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّملُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا ) المزمل /1-3.
الآية الناسخة :(إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) المزمل /20 . وأقر بالنسخ النحاس - مكي بن أبي طالب - ابن الجوزي - السيوطي - الدهلوي - الزرقاني - مصطفى زيد .
ولنعتنى بملاحظاتنا الاساسية وهى أن الآيتان فى نفس السورة فما الداعى للآية المنسوخة فهل يمكن القول أن الآية الأولى عندما تلاها النبى شكلت عبأ وإستياء وضجر وسط صحابته فأراد التعديل وتخفيف الأمور فتلى عليهم إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك , فالأمور بسيطة لا تحتاج سوى الموائمة والمراضاة , هكذا إستنتاجى جاء من رصد حقيقى لكيفية كتابة النص القرآنى لأؤكده من أسباب التنزيل فجاء بموقع إسلام ويب (صريح هذه الآية ينادي على أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يقوم من الليل قبل نزول الآية وأن طائفة من أصحابه كانوا يقومون عملا بالأمر الذي في أول السورة من قوله قم الليل إلا قليلا الآية ، فتعين أن هذه الآية نزلت للتخفيف عنهم جميعا لقوله فيها فتاب عليكم فهي ناسخة للأمر الذي في أول السورة .!
وفق المنطق فالأمور لا تستدعى هذا التناقض بحكم أن الله يعلم حال المؤمن هذا إذا سلمنا أن النصوص إلهية فكان حرى أن يصدر حكمه إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن . ولكننا أمام نصوص بشرية تأتى حسب الطلب أو بناء على حاجة ورغبة وراحة الجمهور .

فى الحقيقة المرء فى حيرة من أمره فهناك شئ غريب وشاذ وهو أن الجهل فى بعض الأحيان نعمة والمعرفة نقمة , فلا تندهش فغالبية المسلمين تتبنى الآيات المنسوخة فى نهج حياتها مثل "لا إكراه في الدين" - "فاعرض عنهم وعظهم " – "فاصفح الصفح الجميل" - "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" – " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ " ألخ , ولتنفر من سلوك وفكر الجماعات الإسلامية الجهادية المتشددة المتكئة هى الأخرى على آيات القتال والغلظة بالرغم أن الأخيرة هى من تتبنى الآيات الناسخة وتلتزم بها وتنصرف عن الآيات المنسوخة فهل يكون الوعى بالناسخ والمنسوخ فى مصلحة المسلمين أم نقمة عليهم .

كتاباتى السابقة فى الناسخ والمنسوخ :
- تسامح الإسلام المنسوخ .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408990
-الناسخ والمنسوخ تردد إلهى أم مواقف سياسية .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=214191

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية للنقاش: انتفاضة السكاكين إرهاب أم نضال
- ثقافة الإزدواجية القميئة-لماذا نحن متخلفون
- ألهذه الدرجة دمائنا ولحمنا رخيص-مواجهة لثقافة الإرهاب
- هل يصح سؤال من خلق الكون-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- أسألك : كيف ترى الله – قضايا فلسفية 2
- زهايمر أم مواقف سياسية-تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء14
- سؤال : لماذا تعيش الحياة, وما معناها وما جدواها
- مفاهيم مغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود
- موائمات و تدخلات وإقتراحات وما يطلبه الجمهور
- تأملات مسلم معاصر فى تاريخية النص-جزء ثان
- تأملات مسلم معاصر-إن الله يسارع فى هواك
- خمسة وخمسون حجة تُفند وجود إله
- فى ماهية الوجود-نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- شيزوفرانيا-تناقضات فى الكتابات المقدسة–جزء13
- عاوز أعرف – مشاغبات فى التراث 8
- إستنساخ التهافت-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- الماركسية السلفية وعلاء الصفار
- إستنساخ آلهة البدواة-الأديان بشرية الفكر والهوى والتوحش
- فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا
- منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس


المزيد.....




- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الناسخ والمنسوخ تردد إله أم موائمات نبى