أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الطرح الطبقي في رواية -ثم وحدك تموت- مؤيد عتيلي















المزيد.....

الطرح الطبقي في رواية -ثم وحدك تموت- مؤيد عتيلي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5003 - 2015 / 12 / 2 - 06:54
المحور: الادب والفن
    


الطرح الطبقي في رواية
"ثم تموت وحدك"
مؤيد عتيلي
يستخدم "مؤيد العتيلي" في روايته الطرح الطبقي، موضحا دوره في فساد المجتمع اولا ثم الوطن ثانيا، فلم تقتصر خطورة الطبقة المتنفذة والتي يمثلها "العبد الجابر" على الأفراد وحسب بل طالت المجتمع والوطن، بعد أن دفع قوات الإحتلال (لتأديب) أهل القرية من خلال جمعهم وبقاءهم من الفجر حتى العشاء، ومنع أي شخص من المغادة، حتى لقضاء الحاجة، فهذه الشخصية استخدم نفوذها المالي في تحقيق مأربها بصرف النظر إن كانت محقة أم لا، فكان "العبد الجبار" يقوم بإقصاء كل معارض له، وأن كان يتطلب ذلك القتل، كما فعل بأبي "وراد" الذي رفض أن يعطيه/يزوجه ابنته "قمر" لصغر سنها اولا، وبسبب طريقة التهديد المبطن الذي تم به طلب يد "قمر"، ونجد هذا المتنفذ يقوم بطرب شقيقيته لكي يجبرها على التخلي عن حقها في الميراث، ويقوم بمنعها من الزواج كعامل ضغط عليها لكي تتنازل عن حقها.
إذن نحن أمام شخصية تمثل الطبقة الإقطاعية التي تتحكم برقاب العباد، وتمارس كافة الأعمال لتحقيق أهدافها، فلا يوجد عندها ما هو محرم أو غير أخلاقي، فكل ما يحقق المصلحة هو مباح، وفي الطرف المقابل هناك عائلة أبو وراد المكونة من أم وراد وأبنتها "قمر" وشفيفها "وراد" وهي محور الحدث الروائي، فهو يمثل استمرارا لنهج الأب الرافض لهيمنة "العبد الجابر" فيقوم بكل ما يمتلك من قوة وخبرة لكي يمنعه من سلب "قمر" فنجدة يجد في العمل ويستطيع أن يدفع جزءا من الدين المتراكم عليه "لعبد الجابر" لكن الجابر يستخدم طريقه الخاصة من خلال إبلاغ السلطات عن عمليات التهريب التي يقوم بها "أبو وراد" فينصبون له كمينا ويتم إصابته بطلق ناري، بعدها يموت الأب وتقوم الأم بالعناية بوراد وشقيقه.
يبدأ وراد حياة العمل والإنتاج وهو صغير ويستطيع أن يثبت جدارته في المخبز الذي يعمل فيه، لكن "العبد الجبار" يستخدم نفوذه ويطلب من صاحب المخبز أن ينهي عمل "وراد"، ويستعديه إلى منزله، ملوحا له بوجوده ودوره في التحكم بما يجري له ولعائلته، فهو مستمر في سعيه للحصول على مبتغاه "قمر".
فاروق أبن "العبد الجابر" كان على النفيض من والده، فهو كره الظلم والبطش الذي يمارسه بحق عمته "مريم" التي حرمها من الزواج ويضربها بوحشية، وعرف سافلة أبيه بعد أن وجده يستضيف جنود وضباط الاحتلال في منزلهم، عندها يتخذ "فاروق" موقفا يتناقض مع الأب، وتأخذ عملية الفرز المواقف بعيدا عن فكرة العائلة أو القبيلة أو الطبقة، "فاروق" يمثل قفزة على النظام الطبقي والعائلي، بخلاف "وراد" المنتمي أصلا لطبقة ولبيئة تدفعه لكي يكون منتميا لها، من هنا نجد الأم وأبنتها "قمر" توافق على زواجها من "فاروق" الذي أنخرط في العمل ضد الاحتلال وسلطة "العبد الجابر".
الرواية كتبت بطريقة عصرية، بمعنى أن "مؤيد العتيلي" استخدم التكثيف وابتعد عن السرد الطويل، مستخدما لغة سهلة، جاعلا كل شخصية تتحدث بنفسها، فالأم كانت تتحدث من خلال حرصها/خوفها على أبنها "وراد" وأن يلحق بأبيه المقتول عن طريق "العبد الجابر"، "وراد" تحدث أيضا بلغة الشاب المندفع إلى الأمام، ونستطيع القول بأن لغة الشخوص في رواية "ثم وحدك تموت" هي العلامة الأبرز، فقد نحج كاتب فيها بشكل مبهر.
الطرح الطبقي
يحدثنا الرواي عن وجود التفاوت الطبقي بين "وراد وفاروق" بهذا الشكل، "كيف كنت تقوم أغلب الأحيان بمسح قدميك بلعابك، قبل أن تطأ عتبات البيت.
كان فاروق دائما يبدو نظيفا كقطعة ثلج" ص24، فهنا كان التفاوت الطبقي حاضرا ومؤثر في شخصوص الرواية وفي الكتلقي أيضا، فكما تأثر "وراد" من خلال مسحه لحذائه تأثر المتقي بهذا الفعل، وجعله يوقن بوجود حالة غير سوية/عادلة.
التفاوت الطبقي بين "وراد وفاروق" لم يكن لكمنعهما من الإلتقاء والتشارك في الفكر والعاطفة إتجاه ما يجري في منزل "العبد الجابر" "كان صوت الضربات يلسعكما كالجمر، كان نحيب المرأة قاسيا، حين أنشق باب الغرفة، اندفع منه جسد امرأة .. كانت ربيعة.. عمة فاروق.
كان فاروق قد اخفي وجهه بكفيه، فكرت بالهرب إلا انك أحسست بهول ساقيك تلك اللحظة؟ ص25، هذا الحدث وحد بين الطفلين "وراد وفاروق" وأزاح الحاجز الطبقي بينهما، فهما توحدا معا بمشاعرهما وإحساسهما وفكرهما بما جرى "لربيعة" أخت "العبد الجابر"، أعتقد بأن هذا المشهد أرد به الكاتب أن يمحو/يلغي فكرة التناسل والتواصل بين الطبقة/العائلة، والتأكيد على الإنسانية التي يمكنها أن تسحق الحواجز الطبقة العائلة وأن تشكل بناءا جديدا خارج حدود العائية أو الطبقة.
"العبد الجابر" يمثل السيد القذر، المستبد، الذي يبطش بالآخرين، بصرف النظر عن عما يربطهم به من علاقة، "كان كلما تقدم أحد لخطبتها يشترط عليها أن تتنازل له عن أملاكها" ص26، لا شك أن مثل هذا الشخصة الغارقة السواد غير مرغوبة، لا من أهلها أو من سواها.
لنرى كيف كان يعامل "العبد الجابر" الآخرين وكيف كان يستولي على أملاكهم، " وأبوك لم يجد طريقا آخر، إلتجأ إلى العبد الجابر مثل كل الناس، وكان العبد الجابر يأخذ الأراضي مقابل الديون، كثيرون باعوا أراضيهم له" ص33، إذن نحن أمام شخصية تستغل حاجة الناس للمال فتقدم لها ما يحاتجونه من مال مقابل رهن الأرض، وبعد أن يعجزوا أن السداد يقوم بالأخذها، فهو يزداد غنى والناس تزداد فقر.
لم تكن رغبات "العبد الجابر" مقتصرة على الأرض وحسبـ بل طالت البشر، حتى لو كانوا أطفالا، "... حين أخبرني والدك أن العبد الجابر طلب قمر مقابل دينه" ص35، نحن أمام شخص شره، قذر، لا يعرف الأخلاق بتاتا، فرغم التفاوت السن بينه وبين "قمر" الطفلة، ورغم الطريق غير الأخلاقي الذي يسلكه في طلب يدها، نجده يمعن أكثر في غيه ويعمل على إقصاء والدها نهائيا من خلال رجال السلطة الذي يكمنون له ويصيبونه بطلق ناري يكون سببا في نهاية حياته.
بعد الاحتلال يكون "العبد الجابر" أيضا سطوته على الناس، فنجده يدفع بالاحتلال لكي يعاقب القرية كاملة في ساحة القرية بينهما هو كان، "يعد غداء فاخر للضباط" ص57، الراوي أرد بهذا الحديث أن يشير إلى أن الانغماس في أذية وخيانة الناس والوطن لا تقتصر على ظرف معين، بل هي سلوك متواصل ومستديم لا يخضع بالمطلق لأي حاجز أخلاقي عند "العبد الجابر" فهو موجود لتحقيق وفعل الأذية، فهو سلبي بالمطلق ولا مكان له بين المجتمع.
الحكم
ضمن الصراع القائم بين "وراد والعبد الجابر" يقدم لنا الكاتب مجموعة من الحكم تخدم الحدث الروائي وتوضح لنا طبيعة الشخصيات، "ـ هناك أشياء أخرى تربي الإنسان أكثر مما يربيه أبوه" هذا القول متعلق "بفاروق" الذي تجاوز الأب والحالة الطبقية التي يعيشها، ونرخرط مع الناس لمواجهة سلطة الأب والاحتلال معا.
"ـ نحن علنا أن نغرس البذور..
ـ أما أنت يا وراد.. تريد حالما تغرس أن تقطف الثمر، وهذا ما لايمكن أن يحدث" ص84، الخلاف بين عقلية الشباب المندفع بحماس زايد وبدون روية في التفكير، وبين ضرورة الـتريث والتفكير الموضوعي قبل القيام بالفعل.
"التدمير بالحزن أقسى من التدمير بالموت" ص94، حكمة متعلقة بكل الناس، فالحزن أشد وأقسى عليهم من الموت.
الرمز
الرواية تحمل الرمز بشكل واضح، فهي تتجاهل المكان بالتسمية تماما، ويتعمد الكاتب أن لا يكون هناك ما يشير إلى تسمية الجغرافيا، لكنه يوضح لنا مكان الحدث من خلال قوله "حين سقط البحر، سقط معه الجزء الغربي من أراضي القرية" ص33، بهذا يمكننا أن نتأكد بأن المكان هو فلسطين تحديدا، لكن بعد أن جاءت أمريكا لجعل العراق ديمقراطيا، وأرسلت المجاهدين إلى سورية، وفعلت ما فعلت في ليبيا، يمكننا أن نقول بأن الرواية تجاوزت فلسطين إلى هذه الدول التي أصبحت تعاني مثلما تعاني فلسطين، من هنا الرواية الآن وفي هذا الوقت يمكنها أن تكون رواية عربية، تتحدث عن المنطقة العربية وليس فلسطين وحسب.
"أبوك يقامر برأسه عبر الأسلاك الشائكة وكلاب الأعدلء وحرس الحدود، والعبد الجابر يزاد ثراء" ص34، لا شك أن هذا الحال أيضا لم يقتصر على الحالة الفلسطينية بل أصبح حالة عربية، فكلا من العراق وسورية وليبيا نجد فيها "العبد الجابر" يزداد غنى ونفوذ، من خلال علقته/م بالغرب الأمبريالي، وفي المقابل يزاد ألم وفقر وتشرد وموت الآخرين، فمن يقوم بحراسة مصالح الغرب المعادي هم على شاكلة "العبد الجابر".
الرواية من منشورات رابطة الكتاب الأردنيين، الطبعة الأولى 1980.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والسياسي في رواية -الوشم- عبد الرحمن مجيد الربيعي
- الأم في رواية -سجن السجان- عصمت منصور
- انطون سعادة في كتاب -الصراع الفكري في الأدب السوري-
- المرأة في رواية -ثمنا للشمس- عائشة عودة
- الفلسطيني والاحتلال في رواية -أحلام بالحرية- عائشة عودة
- دوافع المقاومة في رواية -أحلام بالحرية- عائشة عودة
- النخب العربية
- الطاعون
- التعريف والتنوع في ديوان -طقوس المرة الأولى- باسم الخندقجي
- مجموعة -امرأة بطعم الموت- أماني الجنيدي
- إلى من يتجنى على مفتي فلسطين
- دفاعا عن مفتي فلسطين
- الصراع في مسرحية -بيجماليون- توفيق الحكيم
- بجامليون في رواية -العطر- باتريك زوسكيند
- حل المشلكة اليهودية
- الشاعر منصور الريكان وألم المخاض في قصيدة -الأماني الضائعة-
- الواقع الفلسطيني بعد أوسلو في رواية -آخر القرن- أحمد رفيق عو ...
- التجربة الأولى في ديوان -سجينيوس- جمعة الرفاعي
- إلغاء الأخر في رواية -أمهات في مدافن الأحياء- وليد الهودلي
- هيمنة الثقافة الشخصية في رواية -الشعاع القادم من الجموب- ولي ...


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الطرح الطبقي في رواية -ثم وحدك تموت- مؤيد عتيلي