أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - سوريا والعراق .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي















المزيد.....

سوريا والعراق .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 14:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوريا والعراق .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي
جعفر المظفر
حينما إنفجرت الإنتفاضة السورية ضد نظام بشار الأسد كانت أغلب المعطيات قد حتمت وقفة سريعة وواضحة مع الشعب الثائر. كان هناك فريقان متصارعان ولا ثالث معهما مما جعل أمر الإنحياز لأحدهما بسيطا. من جهة كان النظام السوري يمثل ما تبقى من الحقبة الدكتاتورية الصارمة التي تحكمت بالمنطقة العربية لعقود. لقد سبقته إلى السقوط أغلب الأنظمة التي رسمت ملامح تلك الحقبة الدكتاتورية. سقط نظام بن علي في تونس أولا وتلاه نظام حسني مبارك, وقبلهما كان قد سقط أيضا نظام صدام حسين, وظل نظام علي عبدالله صالح في اليمن يعاني سكرات الموت إلى أن تم تبديله من خلال عملية جراحية ناقصة بنظام منصور عبد ربه, وبين هذا النظام وذاك كان نظام القذافي يصارع من أجل البقاء غير أن ريح الربيع كانت عاتية جدا فقلعته من الجذور تاركة ليبيا رهن التقاتل والإرهاب والتقسيم.
سوريا لم تكن إستثناء. ويوم صرح الأسد أن دمشق ليست كما ليبيا وإنه ليس كالقذافي فقد كان ذلك إشارة إلى أن أن دمشق قد اصبحت في نفس حقل الرماية.
في فترة السنة الأولى من عمر الثورة ضده كان شعار التظاهرات : سلمية سلمية, واجزم أن قوتها الأخلاقية كانت في سلميتها, ورغم أن طريقها إلى النصر كان مكلفا لكنه لم يكن أكثر كلفة من الطريق الذي سلكته بعد ذلك. ودائما دائما كنا نقول, ما قيمة أن تنجح العملية ويموت المريض, وهو قول ليس لنا بكل تأكيد لكن إستعارته كانت في محلها, وهذه الإستعارة لم نحصل عليها مجانا, وإنما كان ثمن الحصول عليها باهضا, فيوم وصل مريضنا العراقي إلى الحد الذي تطلب التداخل الجراحي لم يكن مبضع الإحتلال بارعا في تجاوز الأعضاء الحيوية من دماغ ونخاع وقلب فامات المريض بدلا من أن يحييه, أو فلنقل عوَقَّه وأقعده.
أما العملية الثانية فقد قلنا عنها أنها من النوع الذي تأتي في خدمة المحتل وهي تتوهم القتال ضده. لقد كانت مقاومة المحتل عملا إنسانيا مشروعا من الناحيتين الأخلاقية والقانونية, غير أن كثيرا من المقاومين كانوا ضربوا العراق ومحتليه بحجر واحد, وكانت فعلتهم كفعلة الدب الذي أراد أن يبعد الذبابة عن وجه طفله النائم فضربه بحجر أمات الإثنين معا, دبدوبه والذبابة .. وتلك حكاية قرأناها صغارا ونسيناها كبارا.
سألني أحد الأصدقاء, مع اي من المعسكرين أنت, معسكر الإحتلال أم معسكر المقاومة. أجبته بدون تردد أنا ضد الإحتلال بطبيعة الحال لكني لست مع مقاومة تتسبب في نهاية الأمر بضرر للوطن ولا يقتصر ضررها على الإحتلال وحده. الإحتلال من ناحيته أوجد عراقا مريضا, لكن المقاومة الملوثة برد الفعل الطائفي تحاول قتله. إن الذين عاشوا في العراق سنتي ألفين وستة وألفين وسبعة يعلمون جيدا ما أقول, فلقد إندلعت الحرب الطائفية, ونعرف أن لا وجود حقيقي للعراق حينما يكون طائفيا, لذلك لم يكن صعبا علينا أن نكون ضد مقاومة تساهم بنحر العراق طائفيا, ويوم أكون أحد أولئك الذين تصدوا للطائفية, وفي المقام الأول الطائفية التي هي من طائفتهم, وأدان عمليتها السياسية, فسوف لن يكون مسموحا لأي أحد إتهامي وخاصة إذا جرى ذلك تحت غطاء الوطنية الواهم أو الكاذب. والآن فلنسأل أي منصف, سواء على الصعيد العراقي أو السوري, ماذا سيكون موقفه من مقاومة تمارس الإرهاب أو تضع يدها بيده بحجة مقتضيات العمل السياسي.
إن الذي حدث مع المقاومة العراقية هو نفسه الذي حدث مع الثورة السورية لكنه مع الأخيرة جاء مضاعفا. في العراق كنا ضد أمريكا والغرب لأنها تدخلت بالشأن العراقي كثيرا وجاءت لنا بالإحتلال وبعملائه, فلماذا صار علينا أن نقف مع أمريكا والغرب في الحالة السورية.
إن تكن ضد صدام وضد بعض أعدائه ليس صعبا بالمرة فلماذا يصير صعبا أن تكون ضد بشار وضد بعض أعدائه إعتمادا على القواعد ذاتها.
والآن أضف على الجرح السوري ملعقة من الملح السعودي وأخرى من الملح القطري وثالثة من الملح التركي ثم إملئ كلتا يديك بملح الإرهاب أو سُمِّه, مع كيلة كبيرة من سم الطائفية, وليكن مسموحا لك أن تُبْقي إسرائيل بعيدة عن الصورة لكي لا نُتَّهم بموالاتنا لنظرية المؤامرة, وحاول الآن أن تعثر على الفوارق في الصورتين, صورة الثورة السورية في سنتها الأولى وصورتها في سنتها الرابعة فكم من الفوارق سوف تلقى. مهما كان العدد فالصورة التي أمامك سوف تنبئك أنك لم تعد أمام ثورة وإنما أمام حرب دولية وإقليمية تتقدمها دول كنت أنت في مقدمة أعدائها بالأمس يوم ساهَمَت مع المحتل بضرب العراق وإحتلاله ويوم كنت تقول بحق السعودية كذا وكذا وبحق قطر كذات وكذات, علما أنه ليس عليك أن تتخلى عن موقفك المعادي لإيران ومخططها الطائفي لتمزيق العراق وتحويله إلى ضيعة من ضياع الولي الفقيه, فأن تكره أردوغان لا يوجب عليك أن تحب خامنئي.
في السنة الأولى من عمر الثورة السورية كنتُ من أشد أنصارها. يومها كنت كتبت إحدى مقالاتي في الموقف منها تحت عنوان (كيف تكره الأسد بدون أن تحب حَمَدْ), وفيها رد على أولئك الذين يؤكدون على أن كراهية الأسد تصب تلقائيا في صالح حمد. و (حَمَد) هذا معروف للجميع كونه كان حاكم قطر السابق الذي قَطَرَه إبنه حاكم الإمارة الحالي. أما اليوم فقد صار بإمكاني أن أكتب نفس المقالة ولكن مع تغيير طفيف على العنوان بحيث يصبح (كيف تكره حمد بدون أن تحب الأسد), فالأمور في منطقتنا رغم تداخلها المعقد إلا أنها تصبح سهلة الفهم حال التفكيك, ويكفيك أن تبعد الطائفية عن الصورة لكي يهون عليك مبدئيا أمر التقييم والإستدلال والأحكام, دون أن تترك لإختلاف بعض التفاصيل ان تتسبب بضبابية الصورة.
نعم ليس مطلوبا منا أن نحب الأسد حينما نكره حمد. وهو نفس موقفنا من صدام, إذ لم يكن مطلوبا منا أن نحبه لكي نكره الإحتلال. ليس مطلوبا منا ونحن نكره الأسد أن نحب الموقف السعودي أو التركي أو القطري أو الأوروبي أو الأمريكي. هل المعادلة صعبة حقا ؟! نعم هي ستكون كذلك حينما ندخل عليها من خلال بوابات طائفية, فنحب هؤلاء جميعا, حتى الخليفة أبو بكر البغدادي, بحجة أن بشار هو طائفي علوي, كما كانت حجة الطائفيين من الشيعة العراقيين الذين تعاونوا مع الإحتلال ضد صدام بحجة أنه كان طائفيا سنيا.
الصورة السورية تكاد تكون نسخة طبق الأصل للصورة العراقية مع فارق جهة النظر إليها يمينا أو يسارا. ولو سألني أحد كيف سننتصر على حكم بشار إن لم نكن سياسيين واقعيين براغماتيين فسوف أطلب منه النظر ولو سريعا لصورة النصر الذي حققته (المعارضة العراقية) ضد صدام حسين وسيعلم صاحبي أن ذلك النصر لم يكن في حقيقته ضد صدام وحده وإنما كان نصرا على العراق : الدولة والوطن.
كيف تنتصر على النظام السياسي دون أن تنتصر على الوطن. هذه المعادلة يجب أن تكون هم الثورة الأول. ويوم يكون صعبا على الثورة أن تجيب على تساؤل كهذا فلا بد أن نحسب أن الثورة قد بدأت تحفر قبرها بيدها.
في السابق كان سهلا على الثوار أن يعلنوا نجاح العملية دون أن يتطلب ذلك موت المريض. كان يكفيهم فصيلا من الجند للإستيلاء على القصر وآخر للإستيلاء على دار الإذاعة ومذيع يتكفل بقراءة البيان الأول على وقع نشيد الله أكبر.
مع مجيئ الأنظمة الدكتاتورية تغيرت معادلات الحكم وتغيرت طبيعة العلاقات بين الدولة والحاكم وحتى بين الحاكم والوطن. كذلك كان يجب أن تتغير طريقة الثورة. والإعتراف بصعوبتها لا يكفي لتبرير القيام بها بأية طريقة وبأية وسيلة, إنما ينبغي أن يكون الشرط الأول هو أن نقتل الذبابة لا الدبدوب وأن تضمن نجاح العملية دون أن يموت المريض أو يتعوق.
إن أولئك الذين كانوا مع إزاحة صدام بأي ثمن هم تماما مثل أولئك الذين يطالبون بإزاحة بشار بأي ثمن.
في الحالتين الأمر واحد على صعيد المبادئ وإن كان هناك إختلاف على صعيد التفاصيل, لكن الأمر المهم أننا بعد التجربة العراقية قد صارت لدينا دروس شاخصة, فأحمق إذن من يكرر إقتراف نفس الخطأ.
والآن هل تغير موقفنا من الثورة السورية عن ما كان عليه في عامها الأول ؟! الجواب (لعم), أي نعم ولا. ما تغير في الحقيقة هو الموقف السياسي وما بقي ثابتا هو الموقف المبدئي. نحن ما زلنا على موقفنا من نظام بشار ونتمنى تغييره شرط أن لا ينال التغيير تركيبة الوطن السوري ولا خارطته السياسية والإجتماعية تماما كما كانت عليه الحال مع صدام حسين يوم كرهناه وتمنينا تبديله.
الحق أن لا يتغير الموقف المبدئي لكن الباطل أن يبقى التصريف السياسي ثابتا.
والثورة التي تؤدي إلى موت الوطن أو إعاقته على طريقها لإزاحة النظام السياسي ليست ثورة وإنما هي عورة



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتحول القيصر إلى شيخ قبيلة كذلك الذي كان عندنا في بغداد
- قضية المهاجرين المسلمين إلى الغرب
- الله ليس جنرال حرب
- القضاء علىى الإرهاب بالطائرات أشبه بالقضاء على الإيدز جويا.
- شهداء باريس .. الرقم سمكة
- البكاء عند أسوار سنجار
- نقلا عن فلان
- السيدة (العاصي) الزوجة الثانية أو الثالثة للجلبي .. حروب الم ...
- الشعب .. ما هو الشعب
- معركة الجوامع لا الشوارع . عائدية الإسلام لمن : للمعتدلين أم ...
- من أجل أن لا نفشل أمام الأغراب
- غدا تبدأ الهجرة المعاكسة
- سوريا واليمن .. بين الشرعية الأخلاقية والشرعية الدستورية
- لماذا (علي بن أبي طالب والتجربة الدنماركية)
- علي بن أبي طالب والتجربة الدنماركية
- الطائفية في العراق .. فصل الخطاب
- الولاء الوطني لامحل له من الإِعرابِ بين الأَعرابْ.
- صراع الحضارات .. فخ منصوب فلا تقعوا فيه
- في سوريا .. لا تنه عن أمر تفعله في اليمن
- الناسخ والمنسوخ ... حل أم معضلة


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - سوريا والعراق .. الثابت المبدئي والمتغير السياسي