أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم فرات - كانت حياتها حفرًا معرفيًّا .. في رحيل الباحثة فاطمة المرنيسي














المزيد.....

كانت حياتها حفرًا معرفيًّا .. في رحيل الباحثة فاطمة المرنيسي


باسم فرات

الحوار المتمدن-العدد: 5002 - 2015 / 12 / 1 - 10:26
المحور: الادب والفن
    


كان أول وصولي إلى العاصمة الأردنية، عمان، مليئًا بقطوف الثقافة، فمنظر الكتب في كل مكان، الكتب التي لم نرها في العراق إلا مُخبأة في الحقائب أو تحت صحيفة يومية، نحرص أن تكون صفحاتها التي "نُجلّد" فيها هذه الكتب لا تحوي صورة من صور الرئيس التي تملأ الصحف أنذاك، تثير شهيتي وتخفف عليّ أولى أيام الغربة التي كنت على يقين أنها ستطول كثيرًا.
كنتُ محظوظًا بتعرفي على بائع كتب، انتبه لي وأنا منهمك أقلّب كتبًا بعينها، وفي الوجه ترتسم حسرات الفقر الذي يحول دون شراء هذه الكتب، سألني تفاصيل عن خصوصياتي ابتدأت بالأسم ولم تنته بالاهتمامات، كانت أسئلته تنم عن قلبٍ محب حقًّا، فأصبح يزودني بالكتب، وكان كتاب فاطمة المرنيسي "الحريم السياسي، النبيّ والنساء" أول كتاب استعيره منه وأول كتاب أقرأه للباحثة فاطمة المرنيسي، هذا الكتاب حفزني للتعرف على قراءة كتبها الأخرى.
لم تتغير ذائقتي فيما يخص كتاباتها، بعد القراءة مباشرة أو بعد سنوات طويلة، أنا الذي لطالما تقلبت ذائقتي مع الكُتّاب، فكلما تتعمق قراءاتي للتراث ولتاريخنا العربي وعمقه الطويل الذي سبق الإسلام، أكتشف ثمة أَهواء تتحكم بعدد كبير ممن تناول هذا التاريخ "نقدًا وتمحيصًا"، أيديولوجية سلبية تبرز مساوئه حتى لِيُخَيّل لي أن المسلمين العرب لم يبنوا مدينة قط ولا مدرسة ولم يفتحوا قناة ولا ترعة ولم ينجزوا أدبًا ولا عمارة، أو نرى النقيض أيديولوجية تُنزّه هذا التاريخ وكأن لا دماء سُفكت ولا كعبة قُصفت ولا مدينة استبيحت، ولا قصور مُلِأت جورًا وجواريَ.
في كتابها "الحريم السياسي، النبي والنساء" والذي من غرائب الصدف أنه ليس أول كتاب قرأته لها وأول كتاب قرأته في المنفى الذي ابتدأ في نيسان 1993فقط، بل وأكثر كتبها رسوخًا في ذاكرتي، هو كتابها الوحيد الذي يحضر بتفاصيل عديدة أكثر من بقية كتبها التي قرأتها بعد ذلك في الأردن، أو التي أوصيت أصدقاء مغاربة جلبوها لي من المغرب سنوات كنتُ في نيوزلندا، لتبقى هناك تحت رحمة الرطوبة العالية وأنا في رحلة بحثي عن اللا استقرار في هذا العالم.
كان اعتراضي الوحيد على كتابها الأول الذي قرأته أنها لم تعتمد في مصادرها إلاّ على أمّهات الكتب الرسمية (الكتب السنية) فسمعتُ قولاً واعيًا من شعراء عراقيين ضمتنا تلك الجلسة في مقهى العاصمة مقابل البنك العربي ومجاور مركز شرطة وسط البلد في عَمّان، أفقت على أثر قولهم بأن هذه المصادر التي اعتمدتها الباحثة مُعتمدة من قبل جميع الأطراف والملل والنحل الإسلامية، فأنا ابن مدينة تتنوع فيها الأعراق لكنها أحادية الدين والمذهب، عكس هؤلاء الذين كانوا من مدن مختلطة وعاشوا فترة طويلة في بغداد، فكان ذلك النقاش درسًا منهم ساهمت فيه فاطمة المرنيسي.
حين أذكر فاطمة المرنيسي، يحضر عدد كبير ممن أصبحوا أعلامًا في البحث التاريخي - الإسلامي، لكن قلة من هؤلاء درسوا تاريخنا بلا أفكار مسبقة تتحكم بالنتائج. فاطمة المرنيسي من هؤلاء القلّة - الهائلة، التي تترك أثرها في قارئها ولا يغادرها القارئ المعجب والمتابع لكتاباتها بعد تنامي وعيه وتعمّق كشوفاته المعرفية وازدياد تنوع تجاربه القرائية، بل يزداد اعتزازًا بما قدمته للبحث العلمي، ويعدّها (وهنا أتحدث عن نفسي بصورة أدقّ) ركيزة أساسية من ركائز بنائه الثقافي، فعلى سبيل المثال في تناولها لشخصية هارون الرشيد في الذاكرة الأوربية، وصورة محمد الفاتح العثماني الذي سيطر على القسطنطينية (اسطنبول)، مَهّدَت لي الطريق إلى قراءة الكثير من الأحداث التاريخية، ليس مثلما وصلتنا بل في سياقها التاريخي الأقرب إلى الصحة، كاشطًا ما أسبغه المؤرخون كل بحسب دوافعه ومرجعياته.
فاطمة المرنيسي، كانت حياتها حفرًا معرفيًّا من دون عواطف جيّاشة تتلاشى بعد القراءة، بل ضوابط البحث العلمي أدوات تبني بها مع زملائها مجتمعًا يعيد الاحترام إلى المرأة، ويُبعد عن ثقافتنا تلك الرياح التي هبّت على قصور العباسيين قادمة من الشمال فغيرت الأوضاع، وقَدمَ الحريم والحجاب مع الجاريات الفارسيات واليونانيات اللاتي كنَّ محظيات للخلفاء وأمهات لأولادهم. وكان أن حرمت المرأة العربية من مكانتها الرفيعة في المجتمع وقيدت حرياتها حين سيطرت على المجتمع العادات الفارسية القديمة، بحسب زيغريد هونكه في شمس العرب تسطع على الغرب.



#باسم_فرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كريم راهي .. عرفته في أبي غريب
- لماذا لم نستلهم تراث بابل؟
- ديوان إلى لغة الضوء
- حُلمٌ فادح
- كشف أقنعة الاستشراق
- انتباهةُ طفل
- الذكرى الحادية والعشرون لخروجي من العراق
- البدايات
- عرض لكتاب ثورة العشرين: قراءة جديدة في ضوء الوثائق التاريخية ...
- قراءة في كتاب الحمس والطُّلْس والحِلَّة للباحث زكريا محمد
- بالمطر أغسل ذاكرتي
- ثلاث قصائد حب
- قراءة في كتاب ينابيع اللغة الأولى لسعيد الغانمي
- ديوان بلوغ النهر
- سُكّان أصليّون ... سكّان طارئون
- تلاميذ ُ هُندوري
- تقريظ باشو
- العراق .. الجغرافيا المُغَيّبَة 7
- العراق .. الجغرافيا المُغَيّبَة 6
- العراق .. الجغرافيا المُغَيّبَة 5


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم فرات - كانت حياتها حفرًا معرفيًّا .. في رحيل الباحثة فاطمة المرنيسي