أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الحائك والمدينة














المزيد.....

الحائك والمدينة


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


الحائك والمدينة
سعد محمد موسى

في ذاكرة مدينة الغبار والنهر كانت اهازيج
الصبيان تنتظر امام بوابة المدينة قدوم قوافل الابل ونحن نحتفي بقدومها باهازيج الطفولة التي تتعقب
رطين حادي العيس مع رغاء الابل الممزوجة برائحة البادية والوبر والشعير.

اما اكثر قوافل الابل التي كانت تدهشني وانا انتظر قدومها كل ربيع في سنوات الطفولة والصبا فكانت مجيء قافلة تحمل البدو الرحل الذين يقطنون اطراف الصحراء او ربما هم كانو غجراً يمتهنون مهن اخرى ومن ضمنها كانت حياكة السجاد والبسط.
فتنيخ حينها ابلهم المحملة بالاصواف وادوات حياكة الغزل والسجاد الخشبية مع زواداتهم على قارعة شارع عشرين في مدينة الناصرية . ثم تغادر الابل بعد استراحة الفجر وبعدها يتبضع عراب القافلة بما يحتاجه في اسواق المدينة فيحث الخطى نحو البوادي البعيدة مع جماله السعيدة.
يبقى الشيخ والحائك "نصر" مع زوجته "صلبية" وهم ينصبون خيمتهم المنسوجة من وبر الابل قرب دارنا المتاخمة لخربة "سيد عبد الله" .. اما بقية القادمين من القافلة والتي بالكاد اتذكر اسماء اصحابها مثل الحائك "ماضي" وابنته الجميلة "ملكة" والتي وقع بغرامها فيما بعد احد صبيان المدينة وايضا من ضمن العائلة كان اخيه " حاضر" والذي كان محترفا بصبغ الغزل وشاطرا ببيع البسط في اسواق المدينة فنصبوا خيامهم هم الاخرين في عرصة التاجر "سيد علي " مع اولادهم وبناتهم وزوجاتهم بصحبة حصان ادهم ووحيد كان برفقتهم .
وبعد ان شيد الحائك الغجري نصر ماكنة نسيج السجاد فوق حفرة من الارض ..كان ثمة فضول يدفعني وانا اراقب هذا الشيخ الغريب عن المدينة وهو منهمكا بالحياكة .. كنت اتامل الاصواف الملونة التي تغزلها زوجته بالمنوال طيلة النهار دون كلل.. فتستوقفني النقوش والرموز والوحدات البصرية المنسوجة على سطح البسط والسجاد .
كثيرا ما كنت اظن ان سجاد الحائك هي اولى القصص الملونة التي استفزت موهبتي للرسم في سنوات الطفولة.
ثم اعود للبيت متاثراً بما نقشه الحائك فاحاكي على ورق الرسم بصريات الغجري بما نسجه فوق السجاد من رسوم كانت تمثل طيور وحيوانات واشكال هندسية لاسيما ايحاءات لشكل المثلث والذي كان يمثل قدسية دينية وشعبية ورمز مستوحى من الحضارات القديمة اضافة الى قيمته الجمالية في التصميم.
يبقى النساجون في المدينة يعملون طيلة النهار مثل خلايا النحل اثناء اقامتهم لمدة ثلاثة اشهر . وفي الايام الاخيرة لفصل الربيع تجيء قافلة الابل مرة اخرى لتنقل حائكي السجاد مع عوائلهم الى البادية .. بعد ان يجتمع بهم اهالي المدينة لتوديعهم ومنحهم الطعام لرحلتهم او لتسديد ما تبقى عليهم من ديون من حياكة المنسوجات.
رحل البدو او الغجر في المرة الاخيرة عن المدينة بعد ان تركوا ارثا كبيراً من السجاد والبسط وحكايات الترحال والصحراء ولم يرجعوا اليها مرة اخرى.
ثم شيدت فيما بعد دار فوق خربة سيد عبد الله وعمارة سكنية اخرى مكونة من ثلاث طوابق فوق عرصة سيد علي.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار السلحفاة مع الفراشة
- ترانيم المساءات الاخيرة
- عراب الارصفة
- ترنيمة في تضاريس ذاكرة
- حوار مع ظل
- كوابيس تتعقب احلام هاربة
- حكاية معتقل ومحاكمة حلم
- ثلاث حكايات قصيرة عن الحرب
- حكاية اخرى من يوميات جندي معاقب
- فلورينا المقعدة وكلبتها -بالا-
- الحارس واسرار الليل
- الدهشة الاولى
- السرقات النبيلة
- حفلة في غابة
- الغراب وشجرة الصمغ الاحمر
- تجليات الفانوس
- يوميات الارصفة والمقاهي
- حكايات البخلاء
- قراءة الكاتب رضا الاعرجي حول تجاربي الفنية
- ليس للمقامر مايخسره


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الحائك والمدينة