أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - قلب العقرب














المزيد.....

قلب العقرب


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 12:32
المحور: الادب والفن
    


(قلب العقرب) سيرة شعر محمد حلمي الريشة
بقلم: دينا سليم حنحن
.............................
العمل قيم والعنوان مستفز، فاختيار العنوان (قلب العقرب) - سيرة شعر – معناه أن شهريار الشاعر - يعلن عن وجوده فألف صفحة لن تكفي للسرد.
يخرج إلى العلن ويشكو لنفسه وللآخرين هموم الشاعر، بل هموم المثقف المجتمعة داخل شيء اسمه ثقافة التجاهل، أو بالأحرى سقوط الكاتب (شاعرا أو أديبا) في براثم عدم القبول، أو سلب حقه في الوجود عندما يُبدأ النبش داخل محظوراته القيمة دون الولوج إليها أدبيا، لكنني أضيف هنا أننا لا نقرأ كثيرا لبعضنا البعض لكي ننعم برأي غير منحاز.
يبنى الشاعر عالما يخصه عندما يختل توازنه فتتملك منه القصيدة مجددا لتغوص به إلى الجحر مجددا، هذا الجحر هو القصر المحصن الذي يرقد داخله آمنا منتهزا فرصة الخروج وهو يرفرف بجناحي قصيدة جديدة.
لقد تألق الشاعر الريشة بهذا المنجز الصعب لأنه استطاع ولو بشيء بسيط من اطفاء الحريق الذي لا تستطيع أن تطفئه القصيدة، بل تؤجج أكثر ما تخمده، فقلب العقرب هنا أو "ألفا العقرب" بالانجليزية"Antares" هو ذلك النجم الأحمر العملاق الذي يبعد مقدار 600 سنة ضوئية من نظامنا الشمسي، لكن قدره ليس ثابتا وذلك لأنه نجم متغير ثنائي. إن قلب العقرب وبقية النجوم التي تشكل هذا البرج، تقع ظاهريا - أي بالنسبة للمراقب من الأرض - قرب مركز المجرة، ومن ثم فإن المنطقة التي يغطيها هذا البرج تبدو غنية جدا بالسدم والنجوم.
لذلك بدأت الحكاية بالتسلسل التدريجي، حكاية طويلة محملة باستعارات لغوية باهرة. هذا المؤلف الذي يحوي عشرات الصفحات، رغم أنها صفحات شيقة وممتعة جدا، ما هو إلا المماطلة بطقوس النهاية، خشية من الانطفاء أو فقدان العطاء، أو الاختفاء فترة، هو عيب وخشية تتملكان من المبدع، أي التوقف عن العطاء، أو غياب الإلهام فجأة والانطفاء.
ويحتوي ألما آخر أكثر واقعية عندما يتحدث الريشة عن حقيقة مرة، وهي عندما يلزم المبدع نفسه وبقسوة الخروج من جحره ليكمل عمله من أجل لقمة العيش أولا، ومن أجل الخروج بشيء مشرف يزيد إلى سعادته سعادة أخرى في خدمة الآخر بينما هو منكب على الجهاز ساعات طويلة، هذه الحقيقة المرة التي تعذب أثرياء العطاء، والذين يتمنون التفرغ كليا للكتابة، وأنا شخصيا واحدة منهم.
السؤال العظيم هو هل يستطيع الشاعر كتابة سيرته الذاتية دون السقوط في مزاجيات التخيل وتداعيات الحاضر بانغماسه في الماضي الذي يثري دفة التنبؤ أو العكس، فما الشاعر إلا نبيّ قابع في جحر قصائده أو في سماء احتجابه. أستشهد ببعض ما قاله في قصيدته التي دونها سنة 1990 ( عندما أبدو سماويا، طريقا في انفجار النار في صدر النشيد) خير مثال على ما أسلفت وقلته!
وفي سيرته الذاتية يدون لنا بأسلوب نثري جميل بعض الأحداث التي مرت على حياته، الأماكن التي تومض الذاكرة، والشخصيات التي التقى بها، حتى لو بالإطالة، خاصة في مصر الحبيبة، (فالنيل يبللني لأظمأ ثانية...النيل يشربني لأقرأ صوته...) وحرقه لبعض القصائد، فقدانه لأحد أنامله، وارتباطه الوثيق بمعلميه، تأثير المجريات السياسية ونضاله من أجل الوطن، والممرات التي مر فيها في قراءة أعظم المؤلفات وأقدرها على صهر موهبته، ولقاءاته الأدبية ومشاركته في ورشات ثقافية وتماهيه مع بعض شخصيات القصيدة، مستمدا بعض قوته مما كتبه العظماء، مؤشرا بنواحي غرامه للحياة واطلاعنا على أهم الأقوال التي قيلت والتي قادته إلى مسيرته الشعرية، وكذلك تطرقه لفكرة الموت أو المرض المبكر، أمثال الشعراء العظام والذين ذكرهم بالاسماء واحدا تلو الآخر، ما هو إلا الخوف من توقف العطاء، حتى أنه شكر الموت بمطلع قصيدة ( شكرا لموت لم يجيء بعد...أقبلها الحياة) وأنهاها بـ (شكرا لموت لا يرى...بالعين...أبقى لي عيوني كالنوافذ كي أطلّ على الغدير..).

أنا شخصيا أحببت هذا العمل وأثني عليه، عمل متجدد وراق – هو هنا كما أخبرنا (يكتب سيرته الشعرية وليست الذاتية) لكنه لا يدري بذلك أنه يكشف عن ذاته أولا، ولو بالقليل، فهو انسان صادق مع نفسه كثيرا، وأخبرنا أنه ليس روائيا ويخشى من خوض هذه التجربة العقيمة، لكنه فعل وكان الصبر حليفه، هو شاعر لا يتحايل على القصيدة بل يخشى عليها ويعيد التجربة رغم أنه يعلم جيدا أنها ربما ستفشل لكنه حاول ونجح فقصائده تلتئم لها الجراح وتهيم بها الأحاسيس الخفاقة.
الشعر جزء كبير من جنونه الأليف، والقصيدة إن لم تكن مجنونة تذهب بمهب الريح، وهذا العمل أضاف للقاريء بأن يكون أهم مرجع للقراءة والتثقف والتنوير، ويذكرني أنا شخصيا ببعض القراءات التي يجب أن أعيد قراءاتها مجددا.
القصيدة عند الريشة هي المحبوبة، شعرزاد، الحبيبة والعشيقة المتيم بها ويحترق بها ويقوم من أجلها مجددا من مؤدة الاحتراق لكي يكمل مسيرته ليطعمها بناره وبحسه وبكيانه، ولكي يكمل مسيرته غير العادية، والمرأة في حياته تلزم الشاعر داخله، والإنسان الطبيعي البحث عن حب عظيم يتغذى عليه لكي يكمل سرّ القصيدة دون أن يحلّ رموزها، فقصيدة دون حبيبة تكون عادة قصيدة مشروخة، فحسب رأيي أيضا عشق واحد لا يلّم ما يشعره القلب لكي يستمر في الخفقان، العشق حتى إن طرق باب الشاعر، وهما أو متخيلا، يكون دائما حاضرا في أهم القصائد التي قرأتها، لا أخص هنا الريشة بالذات، لكني أقصد أهم الشعراء الذين تحدثوا عن العشق في بحبوحة لم أجدها في هذا المؤلف، هل هو الخوف، أم الخجل، أم العوامل الاجتماعية الصارمة التي تطغى علينا في مجتمعاتنا الضيقة، أو ربما لم أقرأه جيدا؟.
مبارك لك هذا العطاء المثمر زميلي محمد حلمي الريشة.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأس الذئب
- ثلاث مشاهدات وربع
- المدينة هيكل من ملح
- جارة حاقدة أيام الطفولة
- دينا سليم في رواية (جدار الصمت)
- الحرية نبيّ قادم
- عندما يصبح عالمنا بلا خرائط
- قصص قصيرة
- تغطية احتفال توقيع
- أحلام ملفقة
- شجرة الجوز والطوفان
- مستحيل يا غسان
- على هامش (جدار الصمت) القسم الثالث
- على هامش (جدار الصمت) القسم الثاني - رفعت زيتون
- على هامش سيرة رواية (جدار الصمت) للروائية دينا سليم
- وحيدة
- جميلة المحيا لكنها لئيمة
- الهبوط
- آآه... نسيت تهنئة المرأة يوم عيد العمال، خاصة المُدرسات
- اعلان عن اصدار


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - قلب العقرب