أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان العسكري - لهم تغريبة واحدة ’ وله وجود متعدد (عبدالسادة البصري) مغترب في دوامة الحضور















المزيد.....

لهم تغريبة واحدة ’ وله وجود متعدد (عبدالسادة البصري) مغترب في دوامة الحضور


احسان العسكري

الحوار المتمدن-العدد: 4997 - 2015 / 11 / 26 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


" يقال ان الشاعر لسان حال شعبه ومرآة جيله وانعطافة بعاطفة في مسيرة حياة الشعوب , ونرى العديد من الشعراء يبدعون كثيراً في صياغة واقع الحال ومنهم من يبدع في نقل الواقع عبر مرايا الخيال ومنهم من يستنبط الأحكام من ويقاضي المستقبل بجدارة ومنهم من يصوغ وجع الايام بلغته الخاصة , إن عظمة الشعر تتلخص في أن الشاعر هو القادر الوحيد على ان يؤرخ للجمال ويجمل الاشياء ويغوص في بحار التأمل بلا معين ولا أريد ان اقول كل الشعراء مبدعين ولكن الغالبية العظمى منهم كذلك , فإذا كان الشاعر مبدعاً في وصف وتجميل وتأريخ وتوعية وتنقية غيره بجدارة فكيف اذا فعل هذا مع ذاته ؟
( الشاعر عبد السادة البصري ) شاعر له وجود متعدد وإن كان للناس تغريبة واحدة وان كانوا هم :
الحاملون صلبانهم,, لباسهم الرماد"
لأغنياتهم طعم المراثي
والشمس لاتنام الا في قلوبهم !!
ينظرون الأسى,, ويقتاتون التسكع
ينادمون قصائد نيرودا
ويسمرون مع أوكتافيوباث
يقصون أشعارهم كالحكواتي,,
ويعلكون الريح"
* كم هو راقٍ هذا التصوير الذي ينقل القاريء الى مكان بعيد حيث تلتقي الصحراء بأفق الرحيل .. هنالك صفٌ من الناس يكاد التراب ان يخلق اعصاراً في افواههم , هل هو الذهول ؟ ام هي حيرة انتجها واقعٌ عانوه لعقود ؟ هؤلاء الحاملون صلبانهم على اكتاف الزمن متشحون بالرماد . فلا حزنهم اسود ولا فرحهم ابيض ولا لحيرتهم لونٌ يذكر , افراحهم المآتم ومآتمهم الحزن وقهقهاتهم بكاء بصمت وغضبهم تناول لوجعهم بشراهة , مظلمة ايامهم وداكنٌ مستقبلهم وان اشرقت الشمس في قلوبهم .
التسكع الذي يقصده الشاعر هنا هو تسكع الأرواح والحيرة في المصير المجهول ولعل استشهاده بـ (بابلو نيرودا (1) ) يجمع بين انهم اشتركوا جميعاً بهذا وإنهم نقضوا عهداً كان لهم مع تأريخٍ ما , واعتقد البصري يريد ان يقول أنا خير من يكتب الحزن في كل عصر تدعون فيه الفرح ايها القصاصون لاشعاركم في مقاهي البؤس و (درابين) الضياع .. من هم يا شاعرنا الكبير عبد السادة البصري : أنا اعرفهم ولكن سأتأسى بقول نديمهم :
“ميت هو ذاك الذي يصبح عبدا لعاداته
مكررا نفسه كل يوم.
ذاك الذي لا يغيّر ماركة ملابسه
ولا طريق ذهابه الى العمل
ولا لون نظراته عند المغيب"”
نيردوا هو نديم الحالم بالتغيير الراقص على وجعه بألحان التشفي ومخالفٌ لمايسترو العبودية لأن سيمفونية الحزن التي تعزف على اوتارها بكل هذا الابداع لماتزل تملأُ جلابيب الذكريات عبر عقود من البكاء والتجريح فهم قصون حكايا التأريخ عبر حضورٍ غير مبرر أبداً
تتعدد الإتجاهات في هذا النص ولا تنتهي في مسار واحد كما يعتقد غالباً من يقرأ النص قراءةً اعتيادية ’ لاشك ان البصري وضع نفسه هنا موضعاً هو ارده وإلا فأن الشاعر عندما يجمل فكره بمعارضة اجيال تتلوها اجيال جُبلتْ على منادمة الأنين هذا يعد تحدياً سيما وأنه ذكرَ الشاعر المكسيكي ( أوكتافيوباث )(2) عدو الفاشية الأول وهنا تكون نقطة تحول جديدة في مسار النص ان الشاعر هنا أكد انه يوازن بين ذاته ومجتمع أجبر على ان يعيشه ويكون صوته , ومن يعرف عبد السادة البصري صاحب الكلمة البصرية الجميلة (حبوبي) فهو من النوع الذي لا تملك الا تعشق روحه وتتمنى انك لو كنت صديقه المقرب ففهو شاعر لايعلك الريح ولا يقع في مطبات المجاملة ولا يساوق العادة بل يسامق نخيل البصرة تفرداً وتألقا.

الحاملون صلبانهم ,, عيونهم الأمل"
بيوتهم أحلام
والفرح لعبتهم القاتلة !!!
لكي يصافحوا النجوم ,,يفترشون الليل
ولكي يصاحبوا التجوال ,,يقتعدون الرصيف " !!!
* ان الشعراء اذا حملوا الوطن قضية والناس هوية تجدهم متألمون منقادون رغماً عنهم صوب شواطيء الوجع وهذه اسمى انطلاقاتهم نحو الانسانية فبعضهم صار رمزاً محبوباً اكثر من السياسي بـمليون مرة وبدرجات تفاوت تكاد تخفي السياسي ورجل الدين من على خارطة المصير الذي يرون ان الشاعر خير من يوجد الحلول له ولمحنهم دونما أجر بل ان الشاعر عبد السادة البصري في نصه القصير هذا الكبير في مضامينه واتجاهاته اعلن إنه كان يمثل بعدا مشرقا من ابعاد الوطنية المتعددة مستمراً في خلود فكره وعطاء قلمه فالفرح : تلك الللعبة القاتلة عند من يعاصرهم كان نتيجة حتمية لحمل الصلبان بأمل يكاد يخرج من العيون ليعلن عن وجوده بتقدمية وانعتاق من كلي الا من التراب الذي ينتمون اليه لذا تجدهم يفترشون الرصيف كانطلاقة مصيرية نحو البحث عن خلاص , مروءة البصري الهمته انه مسؤول عن هؤلاء الذين يصافحون النجوم بفرحة مصطنعة فهم من افترشوا الليل للتأمل وناموا على وسائد من جوع ولم يقبلوا بخضوعِ المنتمي حد الهلاك وأنه (البصري) ذلك الفارس الذي وضعوه نصب اعينهم  أكبر والذي امتطى الجمال براقاً لا يكفيه إلا أن يحلق به ماسحاً جبين الكواكب بأجنحة من عطاء وعطرٍ من الحرية التي قُتلت وحُبست بين اطلال الروايات وأحاديث الشاشات الصفراء وإن الشجاعة الحقيقة هي في أن يواجه المبدع جمهوره ويبين لهم انكساراتهم ويخرجهم من تجميل الواعظ لصورة الخراب بأسم الدين أو تحت عنوان الفردوس الموعود او ان الصلاح في ذات الانسان لا بكرسي الواعظ لأن الخير لم يطعمهم سوى الوهم ولم يشفِ غليلهم بغير البكاء ولم يأخذ بثأرهم الا منهم وهو يغرد لتطاير قطرات دمائهم عبر مجالات الفضاء المكتض اصلاً باسلافٍ كانوا غارقين بهلوس الوعض ولم يبنو لمستقبلهم غير فاشيةٍ دينية خُدِّرت بها اعصابهم التي طالما نجدها ضاقت ذرعاً حتى بأحبتهم وذويهم انهم :
الحاملون صلبانهم ,,,قمصانهم الرمل
وشاهدة قبورهم ,,, أزهار برية"
* عبد السادة البصري يثب في كل نص له انه مفكر متمكمن وشاعر كبير وقبل كل هذا هو انسان حالم طموح محب لللإنسانية وهو لمن يعرفه خير صديق ورفيق عمر وغير ذلك فهو مناظل من الطراز الأول و (حبوب) من الطراز المنقرض
----------------------------------------------------
(1) بابلو نيرودا : شاعر تشيلي الجنسية . سياسي شيوعي يميني حاز على جائزة نوبل في الآداب عام 1971وحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب من جامعة أوكسفورد وقد قيل عنه هو الشاعر السابق لعصره بعقود . ترشح لرئاسة تشيلي ولم يترأسها
(2)أكتافيو باث : شاعر وسياسي وهو أول اديب مكسيكي حصل على جائز نوبل حيث حصدها عام 1990 وهو من اشهر اعداء الفاشية



#احسان_العسكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هو وجع يمشي..وبلاده وجع تمشي .. ورغم ذلك فهو عنوان الراحة (ه ...
- (ألفُ انكسار) وخلود واحد معادلة اوجدت لها د. راوية الشاعر حل ...
- مهند طالب هاشم كاتبٌ بشاعرية العاشق وشاعرٌ بخيال الكاتب قرا ...
- من اوقد جمرات الراكض ومن ركض على جراحه ؟ قراءة في جمرات الش ...
- مزاولة التذكر بين هاجس الابتعاد وحلمُ القرب قراءة في ملحمة ...
- ارجوحة الصياد بين الثبات والانتقاء والتقاط الندى قراءة في خط ...
- ارجوحة الصياد بين الثبات والانتقاء والتقاط الندى قراءة في خط ...
- قالوا سنغرق في الوجل ( إشگد عسل وآشگد فشل )
- حلم (باسم فرات) البوليفاري يتصدر الاعمال الفائزة بجائزة جواد ...
- العربانة فليم سينمائي ام ملحمة شعرية ؟
- القمر العجوز ...بريقٌ على وجنة قراءة في لوحة سومرية ل حيدر ...
- الشاعر عامر ضايف السلمان بين عشق العزلة وانطلاقة المنتصر ... ...
- قراءة في اصداءُ القلق. الشاعر عامر ضايف السلمان بين عشق العز ...
- قمر أور يسكن قلب الشاعر ذو الجناحان الذهبيان اطلالة على بستا ...
- التناص مع الخيال والقبول بواقع مغاير -الشاعر علي مجبل - والح ...
- شاعرة الفرح المستنير القا تكتب بمداد الحزن السومري
- على الحدود المتاخمة ل (جمهورية البرتقال) الشاعر ابراهيم الخي ...
- الصعود اللامتناهي في شعر عباس ريسان ( دهشة العطور ) وخطوات ن ...
- إفتراءاتٌ لم تفضح بَعدُ
- النص الغنائي بين التماهي مع الذكرى ومحاولات انعاشه , نصوص ال ...


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان العسكري - لهم تغريبة واحدة ’ وله وجود متعدد (عبدالسادة البصري) مغترب في دوامة الحضور