أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيرم ناجي - الجبهة الشّعبيّة التونسيّة : نحو سياسة و تنظيم جديدين .















المزيد.....



الجبهة الشّعبيّة التونسيّة : نحو سياسة و تنظيم جديدين .


بيرم ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 4994 - 2015 / 11 / 23 - 22:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تقديم:

كثر الحديث في الأشهر الأخيرة من قبل الجبهاويين و نقّاّدهم عن أزمة الجبهة الشعبيّة السّياسية و التّنظيمية و أعطيت تفاسير سياسية و تنظيمية مختلفة لذلك من قبل الأنصار و الخصوم و الأعداء كلّ من منطلقه.أنا من الجبهاويين الذين يقرّون بوجود هذه الأزمة فعليّا و لكنّني لن أتعرّض في هذه الورقة القصيرة لا الى أسباب الأزمة و لا الى مظاهرها و لا الى انعاكساتها وقد حاولت فعل ذلك في الماضي من خلال مقالات عديدة في موقع الحوار المتمدّن آخرها كان في مقال بعنوان " الجبهة الشعبية التونسية و الندوة الوطنية الثالثة : امّا صدمة الاحياء الجذرية و امّا الموت البطيء" بتاريخ 22-04- 2015.(1)
ما يهمّني اليوم هو اقتراحات محدّدة للخروج من الأزمة و سأقسمها الى صنفين: صنف سياسي حول الرّؤية السياسية العامّة وصنف تنظيمي حول الهيكلة. وستكون هذه المقترحات غير مختصرة نسبيّا رغم انّه كثيرا ما اشتكى بعض الرّفاق و الاخوة و الأصدقاء من طول مقالاتي الالكترونيّة و اسهابها الى درجة تجنّب قراءتها من قبل عدد من الماضلين قليلي الصّبر في المطالعة الالكترونية والّذين أتفهّمهم لأنّ ذلك يحدث معي أحيانا أيضا.

أوّلا- سياسيّا:

اقتراح سياسي بخصوص ما يمكن أن يكون النّداء الثاني للجبهة الشعبيّة بعد نداء7 أكتوبر 2012.

" أيّتها التّونسيّات، أيها التونسيون،
مرّ أكثر من سنة على تولّي الرّباعي الحاكم الحالي المتكوّن من أحزاب نداء تونس و حركة النهضة و الوطني الحرّ و آفاق تونس السلطة اثر الانتخابات التشريعيّة ألأخيرة.
لقد مرّت البلاد من حكم الترويكا المتكوّنة من أحزاب النهضة و المؤتمر و التكتل الى ائتلاف الرباعي الحالي في ظلّ أوضاع اتّسمت بالتناقض في الواقع :
فمن ناحية أولى تدهورت الأوضاع الدّاخليّة الاقتصادية و الأمنية خاصة و ازدادت المخاطر الخارجية بسبب الوضع الليبي أكثر من غيره. ومن ناحية ثانية استطاعت البلاد الوصول الى توافق حول الدستور وأجرت انتخابات حرة رغم ما شابها من نفوذ مالي و اعلامي لبعض الأطراف واستطاعت رغم التهديد الارهابي المتواصل أن تحافظ على مناخ الحرّية السياسية و الفكرية و الاعلامية الواسع.
كما انها من ناحية أخرى حقّقت منعرجا في خطّها السياسي باطاحتها بالترويكا التي تقودها حركة النهضة و اضعاف ضلعين من مثلثها و لكنها من ناحية أخرى أعادت حركة النهضة الى السلطة بارادة حزب نداء تونس الذي تراجع عن وعوده الانتخابية و السياسية لناخبيه و للشعب التونسي عموما ونسائه على وجه الخصوص.

انّ مسار الالتفاف على الثورة و أهدافها الرئيسية يتواصل اذن من خلال المؤشرات التالية:
- تواصل مسار الارتهان للخارج من خلال سياسة التداين من ناحية و من خلال القبول بالتدخل الدولي المفضوح أحيانا في الشؤو ن الوطنية.
- مواصلة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنهل من نمط تنوي ثبت فشله و من خلال تواصل التفاوت الجهوي و بطالة الشباب و استفحال خطر المافيات الاقتصادية التي أصبحت تتدخل بالمكشوف في تحديد مصير الأحزاب السياسية و بالتالي مصير البلاد.
- تواصل الأزمة الاجتماعية اذ حّتى لو ان النّسيج الاجتماعي استعاد المبادرة نسبيّا فخفّت محاولة تغييره الكبرى التي انتهجتها الترويكا بقيادة النهضة و لكن دون أن تغيب المخاطر ليس فقط بسبب التحاق النهضة المنهزمة برباعي الحكم الجديد بل بسبب تواصل الضغط السياسي-الديني النهضاوي و الحزب-تحريري و السلفي على قاع المجتمع من داخل و خارج مؤسسات الدولة، فان الأزمة الاجتماعية متواصلة بشكل حادّ جدّا كما تؤشر عليها التحركات الاحتجاجية مثلا.
- استمرار الأزمة النفسية-الثقافية في البلاد و تدلّ على ذلك عمليات الانتحار و الهجرة السرية و العلنية و غيرها و مواصة سياسة تهميش دور الثقافة في المجتمع من خلال تغييب خيرة العلماء و الأكاديميين و المبدعين التونسيين و اغراق البلاد في أشدّ أشكال الثقافة هبوطا من خلال وسائل الاعلام التي انحدر مستواها بشكل مقرف و مفزع رغم صمود بعض من أحرار مثقفينا و مبدعينا و صحفيينا في وجه هذا التيار الجارف.
- ووحده هامش الحرية السياسية و النقابية و المدنية بقي صامدا الى حدّ الآن رغم محاولات التضييق عليه من خلال قانون الطوارئ طورا و قانون مكافحة الارهاب تارة و رغم تردّي السياسة الاعلامية الرسمية و شبه الرسمية الى مستوى هو غاية في السوء في المرحلة الأخيرة.
ولئن تمكّنت الجمهورية من الصمود كجمهورية ديمقراطية و مدنية فانّ النضال من أجل تثبيت ذلك بعد مكسب الدستور لا يزال مفتوحا على احتمالات عديدة كما بينت ذلك محاولة تدجين المحكمة الدستورية و كما بينته معركة برنامج المصالحة الوطنية التي لم تنته و التي ليس لها فقط انعكاسات مالية بل كذلك سياسية على الانتقال الديمقراطي في علاقة بالفساد و الاستبداد .
أيتها التونسيات ،ايها التونسيون،
لقد انطلق المسار الثوري التونسي و تواصل شعبيا و ديمقراطيا و سلميا رغم محاولة السّلط اغراقه في الدّم من خلال القنّاصة الذين لا أحد من السلط المتتالية يريد تفسير قصّتهم الى اليوم و رغم الاغتيالات الكبرى التي وقعت في عهد التّرويكا و على رأسها اغتيال الرفيق شكري بلعيد و الأخ محمد البراهمي و رغم تكرر العمليات الارهابية التي تكتنفها في بعض الحالات ملابسات خطيرة لم تتضح بعد.
ان المسار الثوري ارتبط بالمسار الانتقالي الديمقراطي و الجبهة الشعبية هي جبهة شعبية ديمقراطية وسلمية تعمل على التقدّم في اتجاه تحقيق مطالب و أهداف الثورة كتنظيم ديمقراطي سلمي و تعترف بنتائج الانتخابات السابقة و تسعى للتغيير عبر الوسائل القانونية السلمية من خلال النضالات القانونية و السلمية المختلفة و التي منها التظاهر و الاضراب و النضال البرلماني و من خلال الانتخابات الرئاسية و التشريعية و البلدية.
انّ الجبهة الشعبية تتعامل مع مختلف مكونات الخارطة السياسية التونسية تعاملا ديمقراطيا في اطار المنافسة الديمقراطية و التحالف الديمقراطي و التمايز الديمقراطي مع الاعتراف بحق كل القوى السياسية القانونية في النشاط السياسي مهما كانت الاختلافات معها.فلا مجال لاتهامها بسياسة الاستئصال التي هي من أكبر ضحاياها كما دلّ على ذلك اغتيال قيادييها شكري بلعيد و محمد البراهمي.
من هذه المنطلقات تعلن الجبهة و بشكل واضح أمام الشعب التونسي انها لا تهدف لا الى استئصال خصومها مهما كانت اختلافاتها معهم ولا الى اقصاء منافسيها مهما اشتدّ الاختلاف و التنافس معهم ولا الى تجاهل من يتموقع في الوسط أو يختار الاستقلالية و انها ستسعى بالعكس الى الانفتاح على أكثر ما يمكن ممن يقترب منها من خلال الاستعداد الى قطع منتصف الطريق باتجاههم كلّما رأت انّ ذلك سيخدم مصلحة الوطن و الشعب.
اننا سنسعى الى ذلك تحت قبّة البرلمان وخارجه مع الكتل البرلمانية و الأحزاب و المنظمات المهنية و النقابية و الحقوقية و غيرها و الجمعيات و المثقفين و المناضلين و المواطنين أجمعين.
انّنا سنتعامل من خلال التشاور و ثمّ التنسيق و التحالف و النضال على قاعدتين أساسيتين:
- العمل على دفع العلاقات نحو التحالف بين اليسار و الوسط الديمقراطي الاجتماعي طالما ان المسار الثوري يتطلب ذلك فعلا لتحقيق شعار الشعب الأساسي "الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية " في جمهورية وطنية ومدنية و ديمقراطية اجتماعية من ناحية مع محافظتنا على هويّتنا الخاصة و لكن مع استعدادنا لتوسيع تحالفنا اذا تم الاتفاق على أرضيّة مشتركة تثبت في الدفاع عن الآهداف المذكورة.
- العمل على التنسيق الوقتي و الموضعي حالة بحالة مع كل من يرغب في ذلك كلما كان هنالك محطة نضالية محدّدة في البرلمان أو خارجه كما فعلنا في جبهة الانقاذ و كما فعلنا مع بعض من الكتلة الديمقراطية الاجتماعية أثناء النضال ضدّ قانون المصالحة الاقتصادية و كما فعلنا مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية نفسه في اطار النضال من أجل تركيبة سليمة للمحكمة الدستورية.
انّ تحالفنا مع القسم الأول من القوى السياسية و تنسيقنا و تقاطعنا مع القسم الثاني لن يمنعنا من نقد الحليف الدائم أو الوقتي في أخطائه السابقة أو الحالية أو القادمة و لن يجعلنا نرفض نقده لنا أيضا. انّنا سنهدف من ذلك النقد الى التمايز و لكن ليس بهدف التمايز في حدّ ذاته بل بهدف جعل المواقف تصبّ في اتجاه مصلحة الوطن و الشعب كما نراها ولذلك يمكن للتحالف أن يضعف ليصبح مجرّد تنسيق أو يندثر و للتنسيق أن يقوى ليصبح تحالفا أو أن ينتهي حتى كمجرّد تنسيق. انّ بوصلتنا هنا ليست انتخابوية بل سياسية و هدفنا ليس أن يقال اننا وحدنا الثوريون الأنقياء بل أن تكبر صفوف أصدقائنا و أصدقاء الشعب و تضعف صفوف أعدائنا و أعدائه و يلتزم خصومنا بالتنافس من أجل خدمته في اطار ديمقراطي وسلمي و ينخرط المتردّدون و المستقلّون كلّ حسب قدراته و ميولاته في خدمة البلاد و الشعب.
أيّتها التونسيات ،أيّها التونسيّون:
اننا مقتنعون ان وجود نا في الجبهة الشعبية هو مكسب كبير للشعب التونسي و هدفنا هو المحافظة على هذا المكسب السياسي التنظيمي وتعزيزه و تطويره و انفتاحه على كلّ القوى السياسية التي تعمل من أجل تحقيق أهدافه و مصالحه.
كما انّنا نؤمن انه رغم النقائص ،التي لا يخلو منها أي نشاط انساني و سياسي، فانه يمكن الاستمرار و الاصلاح ليس فقط بنقدكم لنا بل بنقدنا الذّاتي لأنفسنا و قد قمنا حتما بأخطاء مثل موقفنا الخارجي من انقلاب السّيسي في مصر في ظرف كان يوحي باحتمال مجزرة كانت يمكن أن تعرفها مصر بسبب التوتر في الأوضاع المصرية بسبب خروج الملايين ضدّ محمد مرسي و تحالف الاخوان و السلفيين و عنادهما الأرعن هنالك مما جعل البعض يتصوّر خطأ اننا ندعو الى انقلاب عسكري مماثل في تونس.
حصل نفس الشيء في موقفنا الدّاخي وسط جبهة الانقاذ حيث لم نقدر على توضيح نقاط التّمايز بيننا و بين حلفائنا بشكل جيّد مما جعل قوى كانت داخل الجبهة تغادرها و أخرى خارجها تتصوّرنا تابعين لغيرنا في حين اننا نحن من نادى بها لهدف محدّد هو انهاء المرحلة الانتقالية الأولى التي تجاوزت أجلها القانوني و السياسي و انحدرت الى أسوء درجاتها سياسيا و أخلاقيا من خلال التغطية على سوء علاقات تونس الدولية و علاقاتها مع محور معيّن من الدّول كقطر و تركيا و غيرها و سوء وضعها داخليّا من خلال التغطية على خطر الارهاب و الأسلمة السلفيين للبلاد بسبب محاولة قوى سياسية داخلية لعب تلك الورقة للضغط الداخلي على الخصم دون حسبان عواقب انفلات المارد على من توهّم انّه قادر على ترويضه . اننا لم نوضّح ربّما بما فيه الكفاية ذلك ولكن كان من الممكن الانتباه اليه لمن كانت نيّته حسنة بالتفريق بين مستوى التحالف بين الاتحاد من أجل تونس من ناحية و جبهة الانقاذ من ناحية ثانية.
كما انّنا فوّتنا على أنفسنا، وبالتالي على الشعب، فرصة التحلّق الجماهيري و السياسي الهامّ حولنا أثناء الانتخابات التشريعية و الرئاسية ولم نستطع ايجاد صيغة مرنة تسمح بتواصل ذلك النفس السياسي و تحويله الى مشروع سياسي و تنظيمي أكثر نجاعة و شعبية ممّا كانت عليه الجبهة قبل الانتخابات و مما أصبحت عليه بعدها.
و قد ساهم موقفنا في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية و موقف قطع الطريق على الدكتور منصف المرزوقي في تشويه موقفنا الذي كان موجّها ضدّ مشروع أخونة تونس من خلال استعمال حزب نحن كنّا نحسب انّ برامجه هي أقرب الى الوسط القومي – العروبي و العلماني الديمقراطي والاجتماعي و لكن أخطاء قيادته هي التي جعلتنا نقف ضدّه مثلما وقفنا ضدّ حزب التكتّل من الترويكا و مثلما انتقدنا الحزب الجمهوري و حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي عندما كنّا نرى انها أحزاب تبتعد حتى عما يفترض انه برنامجها و خطها السياسي لتصبح ملاحق بالنهضة أو بنداء تونس. وان قسوتنا –التي قد تكون ظهرت فيها مبالغة ما أحيانا بسبب معاج استعملها بعض شبابنا خاصّة - كانت بسبب تقييمنا ان المعسكر الوطني و الديمقراطي و الاجتماعي يخسر أحزابا كان من المفروض أن تلعب أدوار أكثر نضالية مما قامت به .
انّ الجميع يعرف ان مرشحنا في الانتخابات الرئاسية تلقى تزكيتين من عضوين في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بل و عضو من حزب النهضة. وهذا ان دلّ على شيء فانما يدلّ على وجود بعض الاختلافات في التقييم عندنا هي ليست خافية على أحد. وكان من الممكن – كما اقترح عديد من مناضلينا- اتخاذ نفس الموقف الضبابي الذي اتخذته حركة النهضة في العلن - و لكن ليس في الواقع و لا حتى في السّرّ . و لكنّنا كنا نعرف انّ أغلبية مناضلينا و أنصارنا يرفضون ذلك و كنّا نريد أ نكون واضحين في موقفنا و نحن لسنا نادمين على ذلك لأنّ تلك المرحلة كانت تقتضي فعلا انهاء عهد الترويكا الذي تتحكم فيه النهضة و تذلّ فيه حتّى حزبي المؤتمر و التكتل و دليل ذلك مصيرهما في الانتخابات التشريعية و بعد الانتخابات الرئاسية حيث كانت حركة النهضة أول من تنكّر لهما و الجميع يذكر موقف عبد الفتاح مورو من منصف المرزوقي و فكرة حراك شعب المواطنين و حكاية افساد أبناء النهضة بسبب مخالطتهم أبناء حزب المؤتمر.
لقد وضعتنا الضغوطات السياسية و أخطاء غيرنا أحيانا في مواقع لا نحسد عليها و دفعتنا الى اتخاذ مواقف لم نكن نرغب فيها نظريّا تجاه السيد أحد نجيب الشابي ( منذ مشاركته في حكومة محمد الغنوشي) و السيدة ميّة الجريبي و حزبهما الجمهوري و السيد أحمد بن ابراهيم ثمّ السيد سميربالطّيب و حركة التجديد ثم حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي و حركة الشّعب و التحالف الدّيمقراطي وغيرها من التنظيمات التي كنا نريد لو اقتربنا من بعضنا منذ البداية لما فيه خير تونس ولكنّ تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن أحيانا.

أيّتها التّونسيّات ، أيّها التّونسيّون:
انّنا نعتبر وجود الجبهة الشعبية مكسبا تنظيميّا و سياسيا نتمسّك به و لكنه يستحقّ التقييم و الاصلاح و التطوير و الانفتاح على القوى السياسية الوطنية القريبة منه داخليا و على القوى التقدّمية دوليّا بالتأكيد .
انّنا ندعو عمّال تونس و فلاّحيها الفقراء و المتوسّطين و طبقاتها الوسطى و نساءها و شبابها و رجال و نساء أعمالها الوطنيين و مثقفيها و مبدعيها أن يثقوا بها و أن يدعموها بأن ينصروها على نفسها ان أخطأت و على غيرها ان أصابت.
و انّنا لا بدّ أن نفتح مرحلة جديدة معا داخل الجبهة و خارجها من خلال اعادة صياغة أرضيّتها السياسية على ضوء الجديد من المتغيرات السياسية و اعادة هيكلتها التنظيمية بما يوفر المزيد من تنظيمها و دمقرطتها و تمويلها و تطويرها و تجذيرها شعبيا و نضاليّا مع انفتاحها على كل قوى الشعب الحيّة ونخبه الوطنية و التقدّمية والديمقراطية ندعوها الى تقييم نزيه لسياساتها السابقة و الحالية و مراجعتها عسانا نلتقي في البرلمان و في ساحات الوطن ولم لا في أجهزة دولته التنفيذية و البلديّة حول ما فيه خير الانتقال الديمقراطي ومصلحة الوطن و الشعب .
انّ الجبهة الشّعبيّة تطمح الى احداث نقلة نوعية في الوطن و في داخلها في نفس الوقت .و هي تدعو جميع مناضليها و أصدقائها الى مساندتها بما في ذلك بالنقد البنّاء . بل و تدعو حتّى منافسيها و خصومها – من الصّادقين- أن يفعلوا مثلها بتقييم برامجهم و تكتيكاتهم و سلوكاتهم حتى نشارك جميعا في الارتقاء بالحياة السياسية الحزبية والجبهوية و بتونس كي تكون كما أرادها خيرة ابناء الشّعب ممن عملوا وماتوا من أجلها منذ مرحلة الاستعمار مرورا بسنوات الاستبداد وصولا الى الثورة و حتّى اليوم حتى تكون دولة و طنية متقدّمة و ديمقراطية و اجتماعية تضمن لجميع أبنائها حق العيش الكريم و امكانية التعايش و التنافس في اطار ديمقراطي و سلمي من أجل خدمتها مهما اختلفوا و مهما أصابوا و أيضا مهما أخطأوا ، حتّي لا يتمّ عزل سوى من خانها للخارج أو سلبها وأرهبها من الخارج و الدّاخل خاصّة ونحن نعيش مرحلة قد تكون الأخطر على البلاد وشعبها في تاريخها الحديث و المعاصر بسبب الخطر الارهابي المحدق الذي قد يأتي على الأخضر و اليابس لأنّه يعتبر الجميع عدوّه تقريبا ولو بدرجات.

هذا نداء لأنفسنا ولغيرنا...فهل من مجيب؟
---
عاشت الجبهة الشعبية التونسية وفيّة و مجدّدة
المجد والخلود لكلّ شهيدات وشهداء تونس
الصحّة و العافية لجريحاتها و جرحاها
الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية لأبنائها
و تحيا تونس وعاش شعبها . "


ثانيا : اقتراح رؤية تنظيمية

هنالك خمسة أصناف من المشاكل التنظيمية بالنسبة للجبهة الشعبية حاليّا وهي مشاكل تختلف من حيث المحتوى و الشكل و درجة التعقيد و قابلية الحلّ،الخ. وهي :
- بين الجبهة و بعض الأحزاب و الائتلافات الأخرى.
- داخل بعض أحزاب الجبهة.
- بين بعض أحزاب الجبهة نفسها.
- بين بعض متحزّبي الجبهة و بعض المستقلّين فيها.
- بين قيادة الجبهة وقواعدها.

لن أتعرّض للمشكل الأوّل و أعتقد انّ ما كتبته أعلاه في شكل نداء يمكن ،ربّما، أن يساعد على تلمّس طريق و طريقة حلّه. كما لن أتعرّض للمشكل الثاني الموجود داخل الأحزاب ،رغم انعكاسه على عمل الجبهة،لأنني مستقل عنها جميعا و لا أعلم تفاصيله و أحترم خصوصية كل حزب و حقه في ادارة مشاكله الداخلية لوحده.
ما يهمّني ،اذن، هي المشاكل الثلاثة الأخيرة. و كما قلت في المقدّمة و فعلت أعلاه في الجزء الأوّل " لن أتعرّض في هذه الورقة القصيرة لا الى أسباب الأزمة و لا الى مظاهرها و لا الى انعاكساتها ( ...) ما يهمّني اليوم هو اقتراحات محدّدة للخروج من الأزمة...". و على عكس الجزء الأوّل حيث اقترحت مسوّدة نداء جديد باسم الجبهة لن اقترح نظاما داخليّا جاهزا بل رؤية لحلّ المسألة لا غير.
ان المسألة الرئيسية التي يجب حلّها هي التالية : كيف نوفّق بين تصورين للجبهة بوصفها جبهة أحزاب من ناحية و جبهة مناضلين أفرادا من ناحية ثانية و لكن أيضا بوصفها تنظيما يتطلّب وجود علاقة موحدة ومستقرة ومتماسكة بين القيادة والقاعدة نعطيها هيكلا تنظيميّا يضمن ذلك من ناحية ثالثة؟
أعتقد انه لفعل ذلك لا يمكن الا أن نكون ، بمعنى ما، توفيقيين. فلا سبيل حسب رأيي الى المعارضة بين جبهة الأحزاب ( التي يناصرها بعض المتحزّبين) وجبهة المناضلين ( التي يناصرها بعض المستقلين خاصة) و لا سبيل الى المعارضة بين القاعدة و القيادة. ان نقد التصوّر الكارتيلي للجبهة من قبل بعض المستقلين،بوصفها كارتيل أحزاب يهمل المثقفين والمناضلين المستقلين ،مهمّ جدّا ضدّ تصوّر جبهة الأحزاب الذي يناصره بعض المتحزّبين. و لكن نقد ذلك التصوّر لا يجب أن يكون متطرفا و لا يجب أن يوصل الى تصوّر مناقض له تمام بالقفز فوق الواقع الحزبي هكذا دفعة واحدة و نحن،كما ذكرنا أعلاه، نعرف ان المشاكل موجودة حتى داخل الأحزاب نفسها ناهيك عن المشاكل بينها.
لا بدّ اذن من تصوّر وسطي ،بمعنى ما ، يكبح جماح مغالاة النّزعات الحزبوية و الاستقلالوية المتطرّفة في نفس الوقت.و لذلك أقترح الآتي:

- أوّلا : حلّ مسألة العضوية نهائيا على قاعدة الانخراط الفردي لكل مناضل متحزّب أو مستقلّ داخل الجبهة.
- ثانيا: القبول بواقع كون الجبهة هي في جزء كبير منها جبهة أحزاب و العمل على المحافظة على بقاء تلك الأحزاب داخل الجبهة بل و دعوة أخرى للالتحاق بوصفها أحزابا سياسية أوتنظيمات أو مجموعات،الخ.
- ثالثا: العمل على التوفيق بين الانتماء الفردي و الانتماء الحزبي داخل الجبهة وذلك لن يتمّ بشكل ديمقراطي واقعي حاليا الا برؤية تنظيمية جديدة طالما ان القديمة أوصلت الى أزمة ولكن دون الذهاب الى الحدّ الأقصى المقابل الذي قد يسبب أزمة من نوع آخر.
كيف يمكن القيام بذلك؟
أقترح ما يلي:

أولا:
يتمّ توزيع الانخراطات الفردية على المناضلين في كل معتمدية و يقع مؤتمر محلّي عامّ يتمّ فيه انتخاب التنسيقية المحلّية عبر الترشح الفردي لا غير بحيث يمكن للأغلبية مهما كان لونها السياسي أو المستقل أن تكون هي التي تفوز بمكتب التنسيقية المحلية.هذا اجراء ديمقراطي قاعدي و سيعطي تمثيلية على قاعدة الوزن الديمغرافي للأطراف التي ستكون حزبية أو مستقلة أو مختلطة.
ثانيا:
يتم اجتماع كلّ أعضاء التنسيقيات المحلية في مؤتمر جهوي يقع داخله انتخاب أعضاء التنسيقية الجهوية بمعدل ممثل عن كل معتمدية وجوبا مما سيعكس تمثيلية محلية جيدة على مستوى الولاية. ولمن فاز بأغلبية الأصوات داخل معتمديته الأولوية في أن يكون ممثلا عنها قانونا الا اذا حصل وفاق على ترشيح مناضل آخر من قبل مكتب التنسيقية المحلية.
ثالثا:
يتكوّن مكتب التنسيقية الولائي من ممثلي المعتمديات ( واحد عن كل معتمدية) و للفائز الأوّل أثناء المؤتمر الجهوي أن يكون المنسق الجهوي قانونا الا اذا تم التوافق على انتخاب مناضل آخر من بين أعضاء مكتب تنسيقية الولاية داخل جلسة المؤتمر نفسها . وان لم يتم ذلك يطبق القانون آليّا حتى لا تتعطل الأعمال.
رابعا:
تنعقد النّدوة الوطنية ( التي ستصبح في مقام مؤتمر وطني) بحضور نائب عن كل ولاية على الأقلّ ( أو دائرة أجنية في الخارج من المستحسن تقسيمها حسب الدوائر الانتخابية التشريعية و الرئاسية) و مجلس الأمناء العامّين للأحزاب و أعضاء كتلة الجبهة في البرلمان ( وأولئك وهؤلاء وحدهم لهم حق التصويت) مع امكانية حضور غيرهم كمراقبين لا غير.
خامسا:
يعتبر كلّ منسّق جهوي عن ولايته أو دائرته في الخارج وكل أمين عام حزب سياسي في الجبهة عضوا آليّا في المكتب التنفيذي للجبهة.
سادسا:
يقع انتخاب مكتب سياسي للجبهة من قبل المؤتمر بالتصويت الفردي و لا يكون فيه وجوبا الأمناء العامّون للأحزاب السياسية الجبهوية و يكون عدد أعضائه يساوي عدد الأمناء العامّين زائد واحد.
سابعا:
تتكوّن الأمانة العامة للجبهة (بالجمع بين المكتب السياسي و مجلس الأمناء العامين) و ينتخب الأمين العام للجبهة و ناطقها الرسمي أثناء المؤتمر و يجب أن يكون أحد أعضاء الهيكلين السابقين وجوبا.
ثامنا:
تعتبر الأمانة العامة بكاملها هي قيادة الجبهة العليا و يكون التصويت فيها فرديّا و قراراتها ملزمة للهياكل التي هي دونها من تنسيقيات و أحزاب على حدّ السّواء.
تاسعا:
يعتبر مجلس الأمناء ( الذي هو جزء من الأمانة العامة ) بمثابة لجنة حكماء في القيادة – التي هيّ الأمانة العامة - مهمّته البحث عن التوافقات في حالة ما اذا هدّدت قرارات الأمانة العامة مجتمعة بأزمة قد يكون من نتائجها انسحاب حزب من الجبهة . و في تلك الحالة فقط و لا غيرها يتمتّع مجلس الأمناء بحق الفيتو حفاظا على وحدة أحزاب الجبهة.
عاشرا:
الأمناء العامّون الذين هم في نفس الوقت أعضاء في مجلس النوّاب يحضرون بصفة شخصيّة واحدة و لا يحق لهم التصويت المزدوج أو انابة شخص عنهم لا في المؤتمر ( الندوة الوطنية) و لا داخل الأمانة العامّة فلكل فرد صوت واحد مهما تعدّدت مسؤوليّاته داخل الجبهة.
---

بهذه الطّريقة يمكن ضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد:
- ضمان الديمقراطية من القاعدة الى القمّة دون هضم دور المناضلين والجهات والأحزاب.
- تمثيل المناضلين بشكل فردي من القاعدة الى القمّة بقطع النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو المستقلّة.
- ضمان وزن الأحزاب السياسية في الجبهة و بقائها فيها مهما كان حجمها من خلال دور مجلس الأمناء.

هل سيكون هذا على حساب شخص أو مجموعة أو حزب ما؟
بالتأكيد،و لكن سيكون ذلك لصالح دمقرطة الجبهة و اخراجها من الأزمة من ناحية و سيخفف الحمل عن بعض الأمناء العامّين الذي هم في نفس الوقت أمناء عامّون لأحزابهم و أعضاء في مجلس الأمناء و في مجلس النوّاب.
بالتوازي مع هذا لا بدّ من تطوير لجان مختصّة على شاكلة مجلس الخبراء و خلق منبر اعلامي -أقترح أن يكون موقعا الكترونيا محترما في البداية- يكون على ذمّة مثقفي و مبدعي الجبهة حتّى ينشروا فيه مساهماتهم في كل ما يخص شأن الجبهة و الوطن و الفكر و الابداع عموما حتى يكون ذلك متاحا لكل المواطنين و لكلّ عضو من أعضائها و للهياكل المحلية و الجهوية و الوطنية تستأنس به في نقاشاتها وقراراتها.

---

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=464913 (1)-

بيرم ناجي
23-11-2015.



#بيرم_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب و العقل في تونس اليوم : أسئلة منهجية الى العقلاء .
- ما العمل الآن في تونس؟ نحو تحالف يسار- وسط .
- القرآن و العلم و الانسان : رسالة لا أدريّة و انسانية الى صدي ...
- الجبهة الشعبية التونسية و الندوة الوطنية الثالثة : امّا صدمة ...
- سورة القرد َفَلَتْ : نصّ شتائمي على إيقاع الوحش الدّاعشي .
- 14 جانفي2015 : نداء من أجل حزب يساري تونسي موحد و جديد.
- الأستاذ عادل اللطيفي ، التاريخ و الثورة و الاسلام السياسي: ر ...
- الصديق عادل اللطيفي و - الاشارات اليسارية-.
- الأستاذ عادل اللطيفي، الجبهة الشعبية و الموقع و المشروع.... ...
- الجبهة الشعبية التونسية، الدورة الثانية من الرئاسية و الحكوم ...
- رسالة الى الشعب التونسي : انتخبوا حمة الهمامي -ولد الشعب- رق ...
- تونس و يسارها الجديدين: من- التاريخ الانتخابي- الى -الانتخاب ...
- الانتخابات التونسية و مستقبل تونس: قراءة اجتماعية- سياسية و ...
- من الجبهة الشعبية إلى حزب -نداء تونس-: أ تريدون فعلا تحالف - ...
- الى الجبهة الشعبية: نداء من القلب الى كل يساريي و قوميي و تق ...
- إلى الجبهة الشعبية و برلمانييها القادمين: برقية سريعة.
- تونس بين الانتخاب و الإرهاب: نحو تحالف قوى اليسار و الوسط ال ...
- تونس : رسالة سياسية- انتخابية شخصية إلى الشيخ راشد الغنوشي .
- اليسار و الوسط التونسي في غياب الوحدة الانتخابية: مازال من ا ...
- الجبهة الشعبية التونسية و معادلاتها الانتخابية و السياسية :ر ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيرم ناجي - الجبهة الشّعبيّة التونسيّة : نحو سياسة و تنظيم جديدين .