أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد البورقادي - متناقضات العالم المعاصر ..














المزيد.....

متناقضات العالم المعاصر ..


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 4994 - 2015 / 11 / 23 - 19:29
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في عصر الإتصال والمعلوميات ..في زمن التكنولوجيات الحديثة والشبكات الرقمية التي تربط أقصى الأرض بأدناها ..
في زمن الإمتداد اللانهائي ..الإمتداد الرقمي الذي حول المجال الجغرافي إلى رقعة واحدة مندمجة أطرافها ومرتبطة بمركز واحد ..
إنها خيوط الشبكة المنسوجة في كل مكان ..إنها بوادر الإستعمار الجديد ..استعمار للعقل وتكبيل للحس وقولبة لأنماط السلوك وانتقال من الواقعي إلى الإفتراضي ..ومن حدود الزمن إلى اللازمن ..ومن حدود الفضاء إلى لا محدودية الفضاء ..وإدماج للحس في المادة ..والتقاء الرمزي مع المادي في قالب محبك التنظيم ..
إننا نعيش زمن اللامرئي ..زمن الخيال في مواجهة الواقع ..بل الخيال هو من يؤسس الواقع ويتحكم في مجرياته وأحداثه وصياغته وتدبيره وقيادته ..
لقد صرنا عبيدا للتكنولوجيا وعبيدا للتقنية ..لقد استعبدتنا بعد أن كنا أحرارا ..واستعمرتنا بأجهزة تنتصر للإفتراضي والخيالي ..وتؤسس لغير المباشر عوض المباشر ..
لديك أموال في حساب بنكي لامرئي ولا محسوس ..حساب فايسبوك ..مكالمات لا سلكية لا ترى منها شيئا تصلك موجاتها في الهواء ويتلقفها جهازك وأنت غافل عن كل هذا ..
رنين مغناطيسي وأشعة سكانير تخترق المادة ولا تبصر من ذلك شيئا ..حواسيب تتحكم في آلات عملاقة وتدير العالم بضغطة زر ..هواتف تنقلك من عالم إلى عالم آخر ومن مزاج إلى آخر بكبسة أصبع فقط ..طائرات بدون طيار ..صواريخ بعيدة المدى ..تلفزات ذكية تأتي بالعالم راكعا إليك وأنت في عقر دارك ..رادارات تراقب نشاط السفن في قلب البحار ..أقمار اصطناعية تعقب دبيب النمل ..محطات إذاعية تلتقط البعيد قبل القريب ..كاميرات رقمية تلتقط التفاصيل الدقيقة التي لا تحيط بها عيناك ..ميكروسكوبات تخترق أصغر الذرات وتيلسكوبات تبصر أبعد المجرات ..
إنه عصر التقنية والعلم ..حيث بلغ الإنسان الذروة والقمة في كل شيء ..تسهيل ومرونة ..جودة ودقة ..سرعة وإثقان ..إبداع وجمال ..قوة وذكاء ومهارة ..
فهل استفاد الإنسان من هذا التطور حقا ؟ وما مدى الإستفادة من هذه الطفرة والثروة اللامحدودة ؟
لقد أصبحنا نصنع السلاح لنحارب بعضنا البعض ..شعوبا تباد وأراض تسحق ومنازل تهدم ..بل ومدن بكاملها تسقط على وقع القنابل النووية ..والقادم أدهى وأمر ..
وعدنا نصنع السيوف لنقتل بعضنا البعض ..ونشاهد التلفاز لنزداد عنفا وشراسة ..
أصبحنا نعقد مؤتمرات السلام بين البلدان ونحن في عدوان دائم ..
ندافع عن حقوق الإنسان وعن حقوق الأقليات ونرفع شعارات المساواة والكرامة والعدالة والديموقراطية ..ونحن نسب بعضنا البعض ونكره بعضنا البعض ونؤذي ونتفنن في إيذاء بعضنا البعض ..ونكيد للآخر ..ونحتقر الآخر ..ونسرق الآخر ..ونكذب على الآخر ..ونحتال على الآخر باسم القانون ..باسم الديموقراطية.. باسم حقوق الإنسان !!
أصبحنا متفرقين لا متحدين ..منفصلين لا مجتمعين ..
آه لو كان الهواء بيد القوي منا لاحتكره لنفسه ..ووضعه في علب ليبيعه بأغلى الأثمان للضعيف .!! وقس على ذلك المطر وغيره مما يقوم به الإنسان ويحيا ..
فالحمد لله الذي جعل مقومات الحياة بيده وحده ولم يخلفها أحدا من خلقه .
رغم ما وصلنا إليه من تقدم في كل المجالات ..ومن تحرير للعقل ونبوغ للفكر.. ومن اختراعات ..رغم ما حققناه بعقولنا وعلومنا ..فإن ذلك لم ينعكس على أخلاقنا وقيمنا ..لم نرى له صدى في أفعالنا وممارساتنا ..لم نجد له وقعا على تمثلاتنا للواقع الجديد ..
فما جدوى العلوم والإكتشاف إن لم يؤثر ذلك في نفوسنا وفي سلوكنا ..إن لم يحيي ضمائرنا ويغذيها وينعشها ..ما جدوى التقدم إن انحطت مقوماته وفشلت مسبباته ..وهي النفس والعقل ..عن الصعود والإرتقاء ..وعن التغيير للأحسن والأفضل..
أصبحنا ننسج اللباس للتعري أكثر وليس للتستر ..عدنا نتعرى أكثر باسم الموضة والحداثة !
لدينا شهادات عليا..ومراكز وأدوار اجتماعية عالية ..وليس لدينا حكمة !
لقد وصلنا للقمر وقطعنا الأرض ولا نكلف أنفسنا عناء زيارة جار لنا ..أو صلة رحم ..أو عيادة مريض ..
لقد أنفقنا أكثر واستهلكنا أكثر ..ولم نتصدّق بدرهم واحد ..
لدينا أطباء أكثر من أي وقت مضى..وأدوية وأجهزة طبية متطورة أكثر من أي زمن ولى ..ورغم ذلك لدينا مرضى كثر ..
لدينا الوقت للسفر عبر العالم ..لممارسة الرياضة ..للتجول في الشوارع ..وليس لدينا وقت للصلاة !
أصبحنا نبدع في كسب رزقنا ولكن لم نتعلم كيف نحيا ..كيف نعيش عيشا كريما ..
لدينا حواسيب وشبكات اتصال أكثر ..وليس لدينا اندماج وتقارب واتحاد ..لدينا فائض في الكم ونقص في الكيف !
لدينا منازل ..وليس لدينا بيوت ..
لدينا دخول مرتفعة.. وليس لدينا أخلاق ومبادئ..
لدينا وقت فراغ ..وليس لدينا استثمار ..
لدينا علم وليس لدينا معرفة ..
أصبحنا نرضي مجتمعنا ولا نرضي أنفسنا ..
نلوم الآخر ولا نلوم أنفسنا ..
أصبحنا نعيش في عصر الترف ..عصر الرغد والرفاه ..الكل متوفر وفي المتناول ..ولكن أصبحنا محتاجين أكثر ..متطلبين أكثر ..أصبحنا أكثر تدمرا ..واكتئابا .
ننفتح على الأنترنت ولا ننفتح على العائلة ..على الأصدقاء ...نتقرب ونحابي الخيال ..ونجتنب ونبتعد من الواقع !
أصبحنا أكثر قلقا ..أكثر تعصبا ..زاد احتقاننا ..زادت وساوسنا ..قل أمننا وسلامنا ..قل أماننا وسكينتنا ..
نؤسس لاستقرار العالم ولا نؤسس لاستقرار ذواتنا وأنفسنا ..
قوات الأمن..على الحدود ..في الشارع .. في كل مكان ..لكننا نرهب كثيرا ..ونخاف كثيرا .



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش وجاهلية القرن الواحد والعشرين ..
- دور التربية في صناعة النشء
- لماذا فشلت المنظومة التعليمية بالمغرب ؟
- داعش لم تُخْلَق من فراغ ..والعنف يولِّد العنف ..
- حقيقة الحياة الدنيا والإستعداد للرحيل..
- نظرة في الحياة الدنيا..
- لا إكراه في الإسلام وإنما عليك البلاغ فقط ..
- الإسلام ينسخ غيره من الأديان السماوية وغيره من الأديان كفر . ...
- في المراد من الزواج..
- المشهد الإنتخابي زمن الإنتخابات..
- داعش والفكر التطرفي ..
- الإسلام.. الدين الحق
- نظرة في دواعي انتشار الجريمة :.مدينة فاس نموذجا
- مطالب الحريات الفردية..
- غشاء البكارة وتمثلات المجتمع ..
- إباحة الإجهاض وتسوية حضوض الميرات..
- الإشاعة ودَوْرُ دُور النشر..
- مسألة التثليث عند المسيحيين ..
- تأملات في عالم الحياة ...
- في العزوف عن الزواج ..


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد البورقادي - متناقضات العالم المعاصر ..